مشعل من رئيس المكتب السياسي إلى التجارة الحرة…

روزانا رمّال

انتهت حرب غزة، سكتت المدافع وجاء وقت السياسة، ولا بدّ للقيادات الفلسطينية من إعلان الانتصار رسمياً، وعقد مؤتمرات صحافية من أجل توضيح ما جرى، ووضع النقاط على الحروف، والانحناء أمام تضحيات الفلسطينيين، وإعلان مرحلة جديدة من فجر الهزيمة الاسرائيلية المذلة.

ها هو خالد مشعل يخرج على الناس بمؤتمر حضر فيه مستعرضاً شاكراً هنا ومشيداً هناك، كأنه يشكر كلّ من شرّفه في حضور حفل «زفاف»! مقللاً من شأن أهل المقاومة الحقيقيّين، حاصراً الشكر بأناس دون غيرهم، متاجراً بالنصر حق تجارة لصالح مختلف دول وممثلي حركة «الإخوان المسلمين» في المنطقة التي أخذت مشاريعها بالانهزام علّه «يبيعهم» نصر غزة فيستعيدون شيئاً من أوراقهم المتهالكة…

شكر أردوغان بحرارة، فهو الذي لم يتأخر عن متابعة ما يجري في غزة، حسب مشعل، «رغم انشغالاته في ببيته الداخلي»، كثر الله من امثالك يا أردوغان…! لكن الفلسطينيّين لم يعرفوا حتى الساعة أيها المشعل بماذا ساعد أردوغان الغزيّين لكي يتصدّر لائحة الشكر لكل من حضر الزفاف؟

ماذا فعل أردوغان؟ ماذا فعل المنصف المرزوقي؟ ماذا عن «شجاعة» أمير قطر؟ هل أوقف إطلاق النار بعلاقاته وأزال الممثلية الإسرائيلية من الدوحة حفظاً لمعنويات الشعب الفلسطيني؟ أقله خلال الازمة؟ ثم ماذا يعني أن تكون إيران في عداد الدول المتضامنة؟ إذا كنت خرجت لإقناع عدوّك فإنّ عدوّك لم يقتنع بهذا الجزء… أليست الصواريخ إيرانية؟ هذا عدا عن أنّ حزب الله وسورية في عداد المفقودين ومفهوم السبب.

بأيّ حال ليس مصادفة أنّ كلّ من تمّ شكرهم هم أولاً من عائلة مشعل «الإخوانية»، وليست مصادفة أنّ تجارة مشعل لم تعد تحمل أدنى شكّ أنّ المصلحة الفلسطينية لا تعلو على المصلحة «الإخوانية» مهما كلف الأمر، ولو كانت المتاجرة فيها ما فيها من تبخيس لنصر عظيم جليل مؤزّر صاف نقيّ جاء من يلوّثه بلعبة سياسية خسيسة.

لا خجل ولا حرج يحيط بخالد مشعل، لا حفظ جميل ولا عزيز ولا صديق يحرّك فيه ساكناً، وعليه لا يجب أن يعتب أحد على تغيّر مزاج القوميّين والعروبيّين والجزء الأكبر من الفلسطنيين وأصدقاء مشعل السابقين، ولا أن يبدوا امتعاضاً أو لوماً على سلوك خالد مشعل الذي يبدو أنه يجول في خاطره أن فلسطين هي لـ»الإخوان المسلمين» او لحلفائه من التجار العرب.

أيها «المشعل»… فلسطين ليست لكم فلسطين، إنها لسواعد المقاومين، لمحمد ضيف، للشهيد الجعبري، لسميح القاسم، للإمام الخميني، للمطران عطالله حنا، لشافيز، لكبار القادة الأحياء والشهداء ولبناتهم وأبنائهم ومستقبلهم.

مواقف مشعل أصبحت عبئاً على هيبة العساكر والقيادة العسكرية، حبّذا لو تتخذ القيادة البطلة موقفاً من هذا «المشعل» الذي لم ير أيّ ضوء أو مشعل لحريات أو صدق إعلام حتى أو زخة عرق مراسل شريف، فدرّة الإعلام عند مشعل قناة «الجزيرة» دون سواها!؟ حبّذا لو أنّ روح محمد الدرة تحكي، لربما حصل خطأ بين أنواع الدرر عند مشعل…

أيها «المشعل»… إنّ شمس وأمل الفلسطينيين والعرب، وبلسم الجراح لم تكن سوى قناة «الميادين» بين القنوات التلفزيونية العربية.

حتى في شكرك للإعلام تاجرت أيها «المشعل»، إذا كنت تودّ الشكر فلماذا لم تعدّل وتوزع شكرك للإعلام بعدل وإنصاف؟ هل يفسد في الودّ قضية شكر الجميع؟ هل يفسد في الودّ قضية العدل والإنصاف؟ هل تقصد في تقصدك التجاهل انّ العلاقة بين حماس وإيران وسورية وحزب الله سيئة؟

هل تبادر إلى ذهنك أنه بإمكانك فك الارتباط بين مقاومي لبنان ومقاومي فلسطين بمجرّد التجاهل؟ و كانك تعمّم توجيهاً سياسياً عليهم؟ هل يصدق أحد انّ كلامك هذا سيوقف ما تتشاركه أرواح المقاومين اينما حلوا؟ حبّذا لو نعرف ماذا تقصد؟ بالله عليك ماذا تقصد؟

لم تنصف لكننا ننصف… لم تعدل لكننا نعدل…

نعدل بحق فلسطين التي لا تستحق سوى مواقف العزة والتبريك.

مبارك عليكم شرف نصر خالص من عبق دماء وطهر جثامين وقبضات أمهات طاهرات، فمن لا يشكر «كلّ» الناس لا يشكر الله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى