دمشق تدين التدخل العسكري التركي: المجازر التي يرتكبها تشكل جرائم ضد الإنسانية

دانت الخارجية السورية التدخل العسكري التركي في شمال سورية، وقالت إنَّ ما يجري من «خروق واعتداءات ومجازر النظام التركي في غزو الأراضي السورية، تشكل جرائم ضد الانسانية».

وقالت الخارجية السورية «ندين بشدة الجرائم والخروق والاعتداءات والمجازر المتكررة، التي يرتكبها النظام التركي في سورية». ورأت أنَّ «استمرار فرنسا وأميركا وبريطانيا والسعودية وقطر بــ «دعم النظام التركي هو دعم صريح للإرهاب».

جاء ذلك في وقت، قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش، أمس، إنَّ تركيا لم تشن حرباً من خلال توغلها في شمال سورية ولا تعتزم البقاء هناك، مؤكداً أنَّ «كل الأطراف المعنية بما في ذلك حكومة دمشق كانت تعلم بعملية درع الفرات. روسيا أبلغتها نحن على ثقة من ذلك».

وأوضح المسؤول التركي في ذات السياق أن «هدف العملية هو تطهير المنطقة من تنظيم «داعش» ومنع وحدات حماية الشعب الكردي من إقامة ممر من جهة إلى أخرى، ما يمكن أن يقسم سورية».

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إنّ عناصر تنظيم «ب ي د» ستكون مٌستهدفة في حال لم تنسحب بأسرع وقت إلى شرق نهر الفرات في سورية، عملاً بالوعود الأميركية، وإعلان التنظيم الانسحاب في وقت سابق.

الوزير التركي أوضح أنّ الهدف الرئيسي من عملية «درع الفرات» التي أطلقتها قوات «الجيش الحر» بمساندة من تركيا وقوات التحالف الدولي في مدينة جرابلس ومحيطها، هو تطهير المنطقة من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، لافتاً أنّ الأخير لا يستطيع الصمود ويلوذ بالفرار تاركاً خلفه المناطق التي كان يسيطر عليها.

وتابع «كنّا نشدد منذ سنين على عدم إمكانية التغلب على تنظيم «داعش»، من خلال الاكتفاء بالغارات الجوية، فمن خلال العمليات البريَّة الفعّالة يمكننا تطهير سورية والعراق من هذا التنظيم الإرهابي، وبغضّ النظر عن الدول الـ 65 المشاركة في التحالف الدولي، فلو قررت 5 أو 6 دول التحرك بريَّاً لما بقي إلى هذا التنظيم حتى اليوم في هاتين الدولتين».

وأردف جاويش أوغلو «المنطقة التي نطلق عليها اسم جيب منبج التي تشهد حالياً اشتباكات، يقطنها غالبية من العرب، ومعظم أفراد الفصائل التي تدعمها تركيا هم من أبناء تلك المنطقة، ويجب إعادة السكان الأصليين الذين أُجبروا على الرحيل إلى هذه المنطقة، لكن تنظيم ب ي د لا يهدف لهذا، بل يعمل على تهجير عرقي ضدّ كل من لا يتوافق معهم في الأفكار والتطلعات داخل المناطق التي يسيطرون عليها بما في ذلك الأكراد، فالتنظيم الذي يدّعي محاربة داعش ، لماذا ينزعج من العمليات العسكرية التي تقوم بها قوى أخرى ضدّ التنظيم نفسه ما دام الهدف واحداً؟».

من جهته، وصفت واشنطن الاشتباكات التي اندلعت في شمال سورية بين القوات التركية المتوغلة وبعض الفصائل المدعومة من قبل الولايات المتحدة، بأنها غير مقبولة.

وكتب بريت مكغورك مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون محاربة «داعش»، فى حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، نقلاً عن بيان للبنتاغون «نريد أن نوضح أننا نرى هذه الاشتباكات، في المناطق التي لا وجود لتنظيم «داعش» فيها، غير مقبولة ومبعث قلق بالغ»، داعياً كافة الأطراف التي انجرت للاشتباكات، إلى الكف عنها والتركيز على قتال تنظيم «داعش».

واستطرد قائلاً «ندعو كل الأطراف المسلحة إلى التوقف… الولايات المتحدة منخرطة بنشاط في تسهيل تفكيك هذه النزاعات وتوحيد التركيز على «داعش» الذي ما زال يمثل تهديداً خطيراً على الجميع».

بدورها، أفادت وكالة «رويترز»، نقلاً عن بيان «البنتاغون»، بأنَّ غياب التنسيق في عمليات محاربة «داعش» شمال سورية يتيح لمسلحي التنظيم فرصاً إضافية للعثور على ملجأ والتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية في أراضي تركيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول. وجددت الوزارة مطالبتها بانسحاب وحدات حماية الشعب الكردية إلى شرق نهر الفرات.

كما أكَّد «البنتاغون» أنه سيواصل العمل باتصال وثيق مع حليفتها في الناتو تركيا ومع الفصائل المدعومة من قبل التحالف الدولي شمال سورية، بهدف التخفيف من حدة التوتر في المنطقة.

وفي السياق، قال المتحدث باسم قوات «وحدات حماية الشعب» الكردية ريدور خليل، أمس، إنَّ المزاعم التركية بقتال الوحدات غربي الفرات غير صحيحة واصفاً إيَّاها بأنها «حجج لتوسيع احتلالها لأراض سورية».

وأكَّد خليل «أنَّ الوحدات لا تقوم بأي تعزيزات عسكرية اتجاه منبج نهائيا، مشددا على أن «الادعاءات التركية» بمحاربة الوحدات غرب الفرات لا أساس لها من الصحة.

هذا وأكد المتحدث باسم «منطقة الحكم الذاتي الكردية» استقدام تعزيزات لمنبج وجرابلس لكنه نفى أن تكون وحدات حماية الشعب هي التي تقوم بذلك. وقال إبراهيم إبراهيم رئيس المكتب الإعلامي لمنطقة الحكم الذاتي الكردية «روج افا» «هناك تعزيز ولكن ليس لوحدات حماية الشعب لأن وحدات حماية الشعب في شرق الفرات وليست في منبج ولا في جرابلس».

إلى ذلك، أصدرت مجموعة من الفصائل المنضويَّة تحت لواء «الجيش الحر» بياناً دانت فيها المجازر المرتكبة في شمال سورية في أعقاب التوغل التركي، فيما نفَّت أنقرة كافة الاتهامات بقتل المدنيين.

وفي بيان مصور نشر على موقع «يوتيوب» أمس، أعربت فصائل من «الجيش الحر» عن دعمها للمجلس العسكري لجرابلس التابع للأكراد، وإنها تدين «تدخل القوات التركية في احتلال جزء من الأراضي السورية في جرابلس، وقصفها المتعمد من قبل الطيران الحربي على بلدة الصريصات وبئر كوسا، وارتكابها المجازر الوحشية بحق المدنيين العزل من شيوخ وأطفال ونساء، راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى» .

الفصائل التي شاركت في صياغة البيان هي جيش الثوار، واللواء 99 مشاة، ولواء السلاجقة، وقوات جبهة الأكراد، ولواء مغاوير حمص، ولواء الشمال الديمقراطي، ولواء الحمزة، وقوات العشائر بريف حلب، ولواء المهام الخاصة، وكتائب ثوار أرواد.

وتابع الموقعون على البيان «ندين ونستنكر بأشد العبارات دعم الأتراك للفصائل المتطرفة، والصمت الدولي تجاه ما يحدث في الشمال السوري، ونقف في خندق واحد إلى جانب مجلس جرابلس العسكري وأهلنا المدنيين في جرابلس وريفها لمواجهة الاعتداءات التي حصلت في الأيام الأخيرة».

وفي شأن متصل، أكد مصدر في الخارجية الروسية أن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن سورية «يعتمد على استعداد الجانب الأميركي للتعاون».

ونقل عن المصدر قوله أنَّ «موسكو تأمل في أن تتمكن روسيا والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق بشأن سورية على أساس اجتماع الخبراء الفنيين الروسيين والأميركيين المقرر عقده في جنيف خلال الأيام القليلة المقبلة»، معتبراً أنَّ هذه الخطوة «مسألة معقدة وتعتمد على درجة استعداد الجانب الأميركي للتعاون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى