الطبخة الأميركية الروسية في جنيف والاحتفال بالتذوّق في بكين 4 أيلول بري للصدر: للحفاظ على ما تبقى والانطلاق لحوار الممكن… والعونيون للتصعيد
كتب المحرّر السياسي
يبدأ غداً شهر أيلول الذي تنتهي مع أسبوعه الأول فرصة التوصل للتسويات، في الحروب المتعدّدة الأطراف والأهداف المشتعلة، بين الخصوم والحلفاء في سورية. وهذه الفرصة التي قال عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنها طالت كثيراً وتتوقف على استعداد واشنطن للتعاون. وقال فيها مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما إنها نافذة توشك أن تغلق، في تجاذب وصفه المراقبون باللعبة التفاوضية في لحظات لعب الأوراق الأخيرة فيما يصيغ الخبراء الجمل المنتقاة لترجمة التفاهمات، التي تبدو وفقاً لمصادر متابعة قدراً لا مفرّ منه للفريقين لملاقاة الاحتياجات المتبادلة في شرق أوسط لا يحتمل الانتظار، وفراغ مقبل في أفغانستان لا يناسب واشنطن تركه ملعباً روسياً صينياً إيرانياً مفتوحاً، يصل للبحر المتوسط عبر البوابة السورية من دون التوصل لتفاهمات ترعى المصالح المتبادلة، بينما ترك التشكيلات الإرهابية التي تجمع تحت لوائها عشرات آلاف المسلحين من أنحاء العالم في سورية والعراق، لتشكيل قاعدة عالمية تهدّد ما هو أبعد بكثير من الجغرافيا السورية والعراقية، ولا يحتمل العالم إدارة الصراع معها بانقسام أميركي روسي تتقن هذه الجماعات التلاعب بين ثناياه، بواسطة تحالفات نجحت بإقامتها تحت العباءة الأميركية.
الموعد المرتقب لصعود الدخان الأبيض من جنيف هو الثالث من أيلول، عشية انعقاد قمة العشرين في بكين، حيث ينتظر أن يلتقي قادة الدول الرئيسية المنخرطة في الحرب السورية، وخصوصاً موسكو وواشنطن وأنقرة، حيث في شمال سورية تبدو تركيا مسكونة بهاجس التخلص من الوجود الكردي حتى لو أدّى ذلك إلى توتير علاقتها بواشنطن، وتبدو واشنطن بحاجة لنصر على داعش. بينما تضع موسكو باسم الحلف الذي تشكل أبرز أطرافه ويضمّ إيران وسورية، شرطاً لتلبية الممكن من التفاهمات مع انقرة وواشنطن، شراكتهما في الحرب على جبهة النصرة، وما يستدعيه ذلك من تحضير لفصل من تعتبرهما واشنطن وأنقرة جماعتهما في التشكيلات المسلحة عن مواقع النصرة، عبر بوابة الانخراط في الحرب على داعش، كما فعلت أنقرة في معركة جرابلس، بينما تتعاون موسكو وواشنطن لتخفيض السقف التركي نحو الأكراد بحدود جرابلس، ودمج المكون الكردي في العملية السياسية التي يفترض أن تضم كل أطياف الجماعات السورية مع ممثلي الحكومة في جنيف، بعدما بلغ التخاطب التركي الأميركي لغة متوترة خلال الساعات الماضية، رغم الإعلان عن لقاء الرئيس التركي رجب أردوغان بالرئيس الأميركي باراك أوباما في بكين الرابع من أيلول.
لبنانياً، يشكل الاحتفال الذي تقيمه حركة امل في ذكرى إخفاء مؤسسها الإمام السيد موسى الصدر، ويتحدث فيه رئيسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحدث الأبرز، خصوصاً لما ينتظر أن تتضمّنه كلمة الرئيس بري الذي اعتاد في مثل هذه المناسبة ان يقدّم أمام الإمام الصدر كشف حساب في الوطن يضمّنه رؤيته للأزمات الضاغطة، ويرسم عبرها بفكر الإمام ومفرداته المخارج والمبادرات. وتوقعت مصادر متابعة لمواقف رئيس المجلس النيابي أن تكون كلمته بمستوى الانسداد الذي يعيشه لبنان في مواجهة كلّ الاستحقاقات الداهمة، ودرجة الراحة المعاكسة لمقتضيات اللحظة، التي يتصرف عبرها القادة والساسة مع القضايا الراهنة، لدرجة تقارب الترف في زمن لم يتبق فيه للبنانيين من مقومات الوطن ما يتيح لهم هذا الترف الفكري والسياسي، وهم يقامرون باقتصادهم وأمنهم كآخر المقتنيات المعروضة للرهن تخديماً للعبة مقامرة مجنونة. وقالت المصادر إنّ الرئيس بري سيدعو أمام جمهور الإمام الصدر القادة واللبنانيين، للضغط من أجل الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات، وفي طليعتها الحكومة ومجلس النواب والجيش والمؤسسات الأمنية، بعيداً عن حسابات المكاسب والخسائر، وأن تسود لغة تفهّم البعض للبعض الآخر بلغة ميثاقية تنطلق من إدراك أنّ أسلوب التهميش والإقصاء والاستفراد والاستسلام لمنطق ميزان القوى، لعبة لحس للمبرد، رابح اليوم فيها هو خاسر غداً، بينما اللغة الميثاقية تحفظ الجميع. ومن هذا المنطلق توقعت المصادر أن يطلق الرئيس بري مبادرته لحوار الممكن من أجل تفعيل المؤسسات الباقية إن استعصى الإفراج عن المؤسسات المعطلة، كمؤسسة رئاسة الجمهورية، حتى يرتفع منسوب التفاهمات ويتيح تلقف الفرص السانحة لإنجاز تفاهمات أعلى ورفع سقف التفاهم تدريجاً، وإلا سقوط الهيكل، مستعيداً ما قاله الإمام الصدر للبنانيين وقادتهم في زمن الحرب عن الميثاقية، وفي زمن ما قبلها عن الإصلاح والعدالة.
كل الوسائل متاحة في الرابية
تتّجه الأنظار الى الرابية اليوم، حيث يُعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً يناقش فيه ما آلت إليه الأوضاع في لبنان لا سيما على صعيد الحكومة، ومن المتوقع أن يخرج بقرارات تصعيدية تبدأ بالطعن في مجلس شورى الدولة في التمديد للقادة الأمنيين ولا تنتهي بالعصيان المدني. وأشار مصدر قيادي في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن «كل الاحتمالات مفتوحة وجميع الوسائل الديمقراطية السلمية متاحة أمامنا لمواجهة الذين ينتهكون الدستور والقوانين من الوسائل القضائية من خلال اللجوء الى مجلس شورى الدولة الى الاعتصام في الشوارع وصولاً الى العصيان المدني». وشدّد على أن «كل هذه الخيارات ستبحث خلال اجتماع التكتل اليوم الذي سيكون حاسماً ومفصلياً في تحديد وجهة التحرك، لكن لم يحسم شيء حتى الآن إلا أن ما يمكن تأكيده أن لا رجعة الى الوراء في ظل استمرار الطرف الآخر في انتهاك القوانين». ولفت المصدر إلى أنه «إذا استطاع هذا الفريق استيعاب مقاطعة أحد المكونات الرئيسية للحكومة وتحمل نتائجها السلبية على البلد فليحملها، لكن لن نسمح باستنزاف البلد طويلاً».
.. ولا استقالة من الحكومة
ونفى المصدر احتمال استقالة وزراء التكتل من الحكومة لأي اعتبار كان «لوجود تجربة مريرة مع الفريق الآخر، عندما لم يتحرك جفن رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة عندما خرج الوزراء الشيعة من الحكومة، واعتبر أنها ميثاقية واتخذ قرارات ووقع مراسيم وكأن شيئاً لم يكن». وحول تنسيق «التيار» مع حلفائه أكد المصدر نفسه أن «التنسيق والتواصل مستمران مع جميع الحلفاء وعلى رأسهم حزب الله الذي نقدّر موقفه على الصعيد الحكومي، لكننا ندفع نحن وإياه سوياً أثماناً باهظة نتيجة تغطيتنا للممارسات الرعناء التي تنتهك القوانين والاعراف».
حريصون على العلاقة مع بري
وحول العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري شدّد المصدر على حرص التيار وقيادته على العلاقة مع بري ورهان التيار الدائم هو على حس الرئيس بري الميثاقي. فالميثاقية لا تختصر بأي وزير مسيحي يدّعي التمثيل الوازن للمسيحيين الذي لا يمكن أن يتأمن إلا بـ «التيار» و «القوات» و «الكتائب». ولفت المصدر الى أن «التيار ضد التمديد وكل فريق له رأيه ونظرته وحساباته في هذا الملف، لكن رفضنا للتمديد ينطلق من أمرين الأول أن أي تمديد يحرم الضباط الآخرين من فرصة الوصول الى هذا المنصب، وبالتالي يخالف الدستور ويضرب مبدأ المساواة، والثاني أن التمديد يحوّل الضابط من قائد الى رهينة لدى السياسيين الذين مدّدوا له، أما المعين في مجلس الوزراء فبقوة القانون ولا يخضع لأحد». وختم المصدر «تحركنا سيكون بشكل تدريجي وتحت سقف القانون».
متى تسقط الحكومة؟
وقال مصدر وزاري لـ «البناء» إن «لا اتصالات لتهدئة الأجواء وإنهاء مقاطعة التغيير والإصلاح لجلسات مجلس الوزراء»، لكنه طمأن الى أن «الحكومة باقية رغم الشلل الذي تعاني منه، موضحاً أن سقوط الحكومة قرار خارجي وليس داخلياً، وهي شكلت بقرار دولي عربي ولا تسقط الا بحالتين: ازالة الغطاء الدولي الإقليمي عن لبنان، واما انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو المطلب الاول والمدخل الرئيسي لانتظام المؤسسات».
مبادرة بري مازالت قائمة
بينما تترقب الأوساط السياسية الكلمة التي سيلقيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم غدٍ في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، وما إذا كانت ستتضمّن مبادرة جديدة في ضوء الأزمة الحكومية أم لا. وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» إن «الرئيس بري سيجري جولة أفق على واقع الحال في لبنان والمنطقة وسيحث الفرقاء على العمل لإيجاد الحل للأزمة نظراً لحساسة ودقة الظروف المحيطة بلبنان. وسيشدد على مخاطر تعطيل عمل المؤسسات لا سيما مجلسي النواب والحكومة». ولفتت المصادر الى أن «ليس لدى بري أي مبادرة جديدة بمعنى مبادرة إذا لا جديد أو تطورات تقتضي أن يطرح مبادرة جديدة، فهناك مبادرة مطروحة وموجودة على طاولة الحوار الوطني لم تستنزف وقتها بعد. وهناك أمل كبير في إحداث خرق ما في جلسة 5 أيلول المقبل في السلة التي طرحها بري على المتحاورين»، مشيرة الى أن أي مبادرة جديدة يمكن أن يقدّمها بري في خطابه ستكون من وحي ما قدمه في جلسات طاولة الحوار».
وأوضحت أن «صيغة مجلسي الشيوخ والنواب والإصلاحات التي طرحت في الحوار تحتاج الى عمل تحضيري ربما يدوم سنوات، وبالتالي يجب الإسراع بالاتفاق على السلة التي طرحها بري والتي تتضمّن انتخاب رئيس والتوافق على قانون انتخاب وتشكيل حكومة جديدة».
محاولات لعودة المياه إلى مجاريها
واستبعدت المصادر أن «تحمل إحالة وزير المال علي حسن خليل الموازنة الى مجلس الوزراء أية رسائل سياسية أو إحراج لوزراء تكتل التغيير والإصلاح، مشددة على أن بقاء البلاد من دون موازنة سيؤدي الى كارثة اقتصادية، وبالتالي وزير المال قام بواجباته كوزير للمال وأحال الموازنة الى مجلس الوزراء ليكون له متسع من الوقت لدراستها وتحويلها الى المجلس النيابي ليدرسها بدوره ويقرّها». وشددت على أن بري «يجري اتصالات مع جميع الأطراف لإعادة المياه الى مجاريها على الصعيد الحكومي. وهو يراهن على جلسة الحوار الوطني المقبلة التي تسبق جلسة الحكومة لتحقيق هذا الهدف».
لجنة المال حول النفايات
على صعيد ملف النفايات حاولت لجنة المال والموازنة في جلستها أمس، البحث عن مخرج للأزمة المستجدة، وحمل الوزير المكلف رسمياً معالجة الملف أكرم شهيب إلى الجلسة جدولاً بتجارب الدول الأوروبية في هذا المجال وطرق المعالجة طالباً التدقيق فيه».
وعلمت «البناء» من مصادر مشاركة في الجلسة أن «اتحاد بلديات المتن واتحاد بلديات برج حمود توصلا الى حل، وسيتم طرح هذه الحلول في اجتماع الأربعاء المقبل، وفي حال التوصل الى حلول لمنطقتي المتن وكسروان بالتالي تحل 90 في المئة من أزمة النفايات». وأوضحت أن «هذا الحل ليس سحرياً بل يحتاج من 8 شهور حتى السنة مع العلم أن المشكلة بدأت منذ العام 2014 وخطة الحكومة التي أقرتها الحكومة على 4 سنوات تبين أن المطامر المعتمدة لن تستمر باستقبال النفايات أكثر من سنة عدا عن الطمر العشوائي الذي يشوّه البحر، خصوصاً أن الوزير شهيب اعترف بوصول جبال النفايات في المنطقة البحرية الى 15 متراً في وجه سكان المنطقة».
دي فريج: مناقصات لزيادة كمية الفرز
وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج لـ»البناء» إن «خطة الحكومة التي أقرتها في آذار الماضي على مرحلتين: الاولى لـ 4 سنوات لمعالجة النفايات تأهيل مطمرين في الكوستبرافا وبرج حمود وخلال الـ4 سنوات نعطي المجال لكل بلدية أن تجهز مشاريع لمعالجة النفايات وترسلها الى اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف لدرس مشروع كل بلدية ومدى ملاءمتها للشروط البيئية والمعايير الدولية مع تقديم المساعدات المالية الكاملة للبلديات من الدولة، موضحاً أن اللامركزية هي أساس الخطة المستدامة لكنها تحتاج الى وقت طويل، فأولاً على البلدية ان تجد عقاراً ضمن نطاق نفوذها ثم إجراء الدراسة اللازمة للأثر البيئي، وإذا كانت صالحة تستملك الارض ثم إيجاد مطمر مجاور لفرز وطمر العوادم بطريقة صحية».
وعن سبب تأخير الحكومة في تكليف البلديات ملف النفايات، أشار الى «أننا طالبنا مرات عدة في مجلس الوزراء بأن تتولى البلديات إيجاد مطامر لكل منها لطمر النفايات كحل مؤقت، لكن هذا الحل ايضاً يحتاج الى وقت. ونسأل بلدية برج حمود: لماذا عادت النفايات الى الشوارع؟ وماذا حصل لكي يتم ايجاد مواقع لمكبات ومطامر للنفايات في المتن وكسروان ولم يتم إيجادها خلال السنوات او الاشهر الماضية في ذروة ازمة النفايات؟».
وشدد دي فريج على أن «الحكومة لم تتخلَّ عن وعودها التي قطعتها لبلديات الشويفات وبرج حمود التي عليها ان تقدم هي المشاريع الواردة في الخطة الى الحكومة، وليست مهمة الحكومة أن تقدمها وخطة الحكومة تضمّنت كمرحلة اولى اعتماد معامل الفرز في العمروسية والكرنتينا. وتطرح اليوم زيادة نسبة الفرز. وهذا يحتاج الى دفتر شروط جديد وأجهزة وآلات ضخمة ومتطورة من الخارج تستطيع فرز أضعاف الكمية التي تفرزها اليوم»، مؤكداً أن مناقصات استيراد هذه الآلات ستطلق الأسبوع المقبل، الا أنه لفت إلى أن «المشكلة الرئيسية هي كيف نزيل النفايات من الشوارع خلال هذه الأشهر، مضيفاً: إذا اطلقت الحكومة المناقصات قامت القيامة واتهمت بالفساد وإذا لم تجر مناقصات تتهم بالتباطؤ».
سعادة: الحل المستدام هو الأفضل
وقال عضو اللجنة النائب سامر سعادة لـ «البناء» إننا «طرحنا في الاجتماع كيفية معالجة الدول الاخرى للنفايات واعتماده في لبنان، وتجاوب رئيس اللجنة الذي اتفق على دعوة اتحاد بلديات كسروان وبرج حمود والجديدة الى اجتماع الأربعاء لكون المشكلة هناك هي الأكثر تعقيداً».
واوضح سعادة أن «وزراء الكتائب وافقوا على خطة شهيب الاولى التي تعتمد اللامركزية في معالجة النفايات، لكن للاسف الحكومة أهملت وقصرت وبات الحل اعتماد مطامر فوق البحر في مناطق مكتظة بالسكان، ومن دون دراسة الأثر البيئي ما يشكل خطراً على صحة آلاف المواطنين في المناطق». ولفت الى أن «شهيب يسعى للحل، لكنه لا يملك الحل السحري. فالحكومة التي فرضت الحل المؤقت على اهل المناطق بالقوة، كان الأحرى بها أن تفرض الحل المستدام بالقوة منذ سنتين، لكنا أنهينا الازمة».
وقال رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان إثر الجلسة «لا نريد أن يتحول ساحل المتن مكباً ولا نريد أن تتحول شوارعنا أيضاً مكباً. نحن منفتحون على كل الحلول، وعلى الحكومة أن تنفذ ما وعدت به، وتقرر دعوة اتحادات البلديات المعنية الى اجتماع الأربعاء المقبل سنحاول خلاله تقسيم الرؤية وسنسأل في المرحلة الأولى: ماذا بعد الخطة الانتقالية؟».