إبداع أمة بين الطفولة والشباب

معن بشور

أتاحت لي فرصة ملازمة الفراش على إثر وعكة صحية، أن أتابع برنامجاً تلفزيونياً عنوانه «أصوات الصغار»، وهو صيغة عربية لبرنامج إعلامي أميركي، لإجراء منافسة بين أطفال يغنّون بإشراف مدرّبين وفنّانين عرب كبار، ويشترك فيه أطفال تتراوح أعمارهم ما بين سبع سنوات و14 سنة.

أعجبني في البرنامج هذا المستوى العالي من الغناء، صوتاً وأداء، لدى أطفال من كل أقطار العالم العربي .

في اليوم ذاته، اتصل بي القياديّ الفلسطيني البارز ماهر الطاهر ليحدّثني عن مستوى الوعي العالي لدى الشباب القومي العربي الذين حاورهم في مخيم الشباب القومي العربي الخامس والعشرين في تونس، من ضمن نخبة من أبرز الشخصيات الفكرية والسياسية العربية، وقال: «إنه جيل يبشّر بالخير لأمّتنا».

في فلسطين، قبلة النضال العربي، يقدّم الشبّان والشابات أروع ملاحم المقاومة وبأكثر أساليبها شجاعة وذكاء، بما يؤكّد أنّنا أمام شعب لا يعرف الهزيمة مهما كبرت التضحيات. وهو أمر أكّد عليه شباب المقاومة البواسل في العراق ولبنان.

في الشعر والأدب والثقافة والفنون التشكيلية، يخرج مبدعون شباب مذهلون كتميم البرغوثي وهشام الجخ شعراً وأيمن بعلبكي رسماً وهيفاء البيطار أدباً وأحمد كامل وهزرجي بن جلول وربيع بركات تحليلاً سياسياً ، والآلاف غيرهم ممّن تمتلئ بإبداعاتهم منابر الثقافة والإعلام، بما يؤكّد على المخزون الهائل من الطاقات الإبداعية لدى شباب الأمة وشاباتها.

في الجامعات العربية، وفي دول العالم، تحمل لنا الأنباء كلّ يوم أخباراً عن متفوقّين عرب يبرزون كلّ سنة في ميادين العلوم التطبيقية والإنسانية متحدّين كلّ العوائق الموجودة أمامهم. لا سيما من متخرّجي الجامعات السورية والعراقية والمصرية والمغاربية واللبنانية.

في دول العالم، لا سيما دول الغرب، يلعب الشباب العربي، خصوصاً الشباب الفلسطينيّ، أدواراً رائعة في تعبئة الرأي العام العالمي لصالح فلسطين ومقاطعة العدوّ. ولقد جاءت الرياضة الذهنية كالشطرنج والرياضة البدنية كالأولمبياد في البرازيل، والطريقة التي يجري فيها «استقبال» الفرق الرياضية «الإسرائيلية» وآخرها في اسكتلندا وفرنسا وغيرهما، والتي لعب فيها شباب الأمة دوراً فاعلاً، لتظهر إبداعاً في ربط الحقّ الفلسطيني والعربي بأكثر الفعاليات شعبية.

المؤلم في كلّ هذا، أن يكون شباب الأمة المهدّد بالبطالة والهجرة والسجون والمخدّرات زاخراً بكلّ هذه الطاقات المذهلة والعابقة بروح الوحدة والتحرّر، فيما بلادنا رازحة تحت أنظمة لا تجيد سوى الحروب بينها، وفي تحكّم قوى ظلامية لا تجيد سوى الذبح والنحر وتنفيذ إرادة كلّ من يريد إطفاء جذوة الحياة في هذه الأمة، أو إرباك من حمل إرادة المقاومة فيها .

أمة فيها هذه الطفولة الرائعة والشباب المتّقد حيوية وإبداعاً، أمة لن تموت مهما طال الزمن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى