اليمن وفوهة البركان المنفجرة بوجه السعودي
هشام الهبيشان
اليوم يجمع ويدرك معظم الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة «الإصلاح الإخوانية» وأنصار هادي، والمتحالفين مع السعودية، طبيعة ومسار الحرب العدوانية التي فرضتها السعودية وحلفاؤها على الدولة اليمنية، التي تستهدف اليمن، كلّ اليمن. فمعظم صنّاع القرار اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، يعون اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى، أنّ اليمن أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات التي ستشمل، بالإضافة إلى الحرب الخارجية، حرباً داخلية مدعومة من دول وقوى خارجية، تتمثل بسلسلة اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهايية، خصوصاً، أنّ المناخ العام في الداخل اليمني المرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح، إلى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان، قد تنفجر تحت ضغط الخارج لتفجر الإقليم بكامله.
لكن هنا بالتحديد، عند الحديث عن الداخل اليمني، يجب الإشارة إلى ملاحظة هامة، خصوصاً بعد مرور ما يزيد على عام ونصف العام على هذه الحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية، هنا يمكننا القول أنّ اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة الحرب السعودية، وهم بالفعل، أثبتوا أنهم قادرون على الردّ. وما زالوا يعملون إلى اليوم، على بناء وتجهيز إطار عام للردّ على مسار هذه الحرب العدوانية.
اليوم وعلى أرض الواقع، ما زال السعوديون يستميتون في معركتهم العدوانية على اليمن، مرتكزين على قاعدة حلفهم «الخليجي»، فهم اليوم ما زالوا يفتحون وبشكل واسع، معارك كبرى في الداخل اليمني وعلى جبهات ومحاور مختلفة مع أنّ السعوديين يعلمون جيداً مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات التي ستفرزها هذه المعارك. وبالأحرى، يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي في هذه المعركة، على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً. ومع كلّ هذا وذاك، قرّر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، لعلهم يستطيعون أن يحققوا انتصاراً، حتى وإنْ كان إعلامياً، أو على حساب جثث أطفال ونساء الشعب العربي اليمني، لعلّ هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل، بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.
على الصعيد الدولي والإقليمي، تدرك القوى الإقليمية والدولية أنّ استمرار مغامرة السعوديين الأخيرة، على حدودهم الجنوبية، وإشعال فتيل حروب وصراعات جديدة في المنطقة، ستكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب. فاليوم، مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية، بات يحمل الكثير من المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار هذا العدوان، لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية. ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً، وستكون لهذه النتائج الكلمة الفصل، وفق ما هو منتظر، في أيّ حديث قادم عن تسويات للحرب السعودية على الدولة اليمنية، وفي معظم الملفات الإقليمية العالقة، وتغيير كامل ومطلق في شروط التفاوض. فالمرحلة المقبلة، من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهّنات والتساؤلات حول مستقبل ونتائج كلّ ما يجري بالاقليم بمجموعه.
ختاماً، إنّ مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية، بعد مرور عام ونصف العام، يقودنا إلى طرح سؤال رئيسي يشتق من نمطية وتراتبية مسار حروب الدولة السعودية، بالاقليم ككلّ، وهو: ما هي الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها، من تداعيات هذه الحرب الشعواء، التي تشنّ اليوم على اليمن أو غيره؟ فالنظام السعودي منغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية، وليس انتهاء بانغماسه المباشر في حرب في اليمن! يستطيع النظام السعودي تقديم مئات المبرّرات والحجج الواهية لأسباب حروبه في المنطقة على تعدّد أشكالها، لكن الواضح اليوم، أنّ كلّ الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة، باءت بالفشل. فالسعوديون يدركون حقيقة هزائمهم في ميادين عدة مؤخراً، خصوصاً في الميدان السوري. والواضح أنهم يسيرون بمسار واضح وهو تلقي المزيد من الهزائم والانتكاسات سياسياً وعسكرياً والأخطر إقتصادياً ومجتمعياً.
كاتب وناشط سياسي ـ الأردن
hesham.habeshan yhoo.com