قانصو: الشام هي نقطة الارتكاز للوضع العام في الأمة وكلّ مصيرنا القومي مرتبط بما ستؤول إليه أوضاعها

عقد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو اجتماعاً في قاعة الشهيد خالد علوان لهيئات المنفذيات في لبنان، بحضور نائب رئيس الحزب رئيس مجلس العمد الدكتور وليد زيتوني وعدد من أعضاء مجلس العمد.

استهلّ قانصو الاجتماع بالإشارة إلى أنّ قيادة الحزب ستعتمد نهجاً ميدانياً، يترجَم بزيارة المناطق الحزبية للتفاعل بينها وبين الفروع، وأنّ غرض الاجتماع هو وضع الهيئات المسؤولة في صورة الأوضاع والتطورات والأولويات.

وتحدث قانصو عن الأزمة السياسية في لبنان، والتداعيات التي قد تنتج عن انسداد الحلول السياسية، فأكد أهمية استمرار طاولة الحوار والرهان على دورها في إنتاج تفاهمات وطنية، وقال: إنّ مسؤولية الجميع إيجاد مخارج للأزمة القائمة، وسلوك طريق مغادرة المسائل الخلافية، بالتفاهم على السلة الكاملة التي تتضمّن في أساسياتها انتخاب رئيس للجمهورية وقانون انتخابات نيابية على أساس الدائرة الواحدة والنسبية ومن خارج القيد الطائفي، والحكومة.

وحذّر قانصو من أنّ تداعيات استمرار الأزمة السياسية ستكون كارثية على لبنان واللبنانيين، فهي ستفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والخدمية والبيئية وغير ذلك من الأمور التي تثقل كاهل الناس وتزيد من حجم معاناتهم، كما أنّ تداعيات استمرار الأزمة السياسية ستزيد من اهتراء المؤسسات وغيابها عن الاهتمام بمصالح الناس، وستزيد من استشراء الفساد، ومن حدة الخطاب الطائفي والمذهبي الذي يخدم مشاريع التفتيت والفتنة.

ودعا قانصو الحكومة اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها، وإعطاء الأولوية للاهتمام بقضايا الناس وحلّ المشكلات القائمة على أكثر من صعيد، بما يخفف من الأعباء والمعاناة، في هذه الظروف الصعبة.

وأكد قانصو أنّ حرص الحزب السوري القومي الاجتماعي على ضرورة إنتاج حلّ سياسي للأزمة القائمة في لبنان بمشاركة كلّ الأطراف اللبنانية، ينطلق من حرصه على تحصين لبنان بثوابته وخياراته ووحدته، ومعادلته الذهبية المتمثلة بثالوث الجيش والشعب والمقاومة. لافتاً إلى أنّ الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالإمكانيات المحدودة يبذلون جهوداً جبارة في محاربة الإرهاب ودفع الأخطار عن لبنان.

وقال قانصو إنّ الشام هي نقطة الارتكاز للوضع القومي العام، وكلّ مصيرنا القومي اليوم مرتبط بما ستؤول إليه الأوضاع في الشام، فلسطين مشدودة إلى هذه الأوضاع والعراق أيضاً، ولبنان لا يقدر أن يخرج من أزمته قبل استقرار أوضاع الشام، والأردن ينجو بمصيره، بنجاة الشام.

أضاف: على ضوء مصير الشام يتقرّر مصير الأمة، وإنّ من رسم المخطط ضدّ الشام كان في غاية الخبث والذكاء في آن، لأنه عرف كيف يصيب الأمة السورية في قلبها، فإذا نجح المخطط الجهنّمي في تحقيق أهدافه، المتمثلة بإسقاط النهج السياسي القومي للشام، وإسقاط دورها القومي المقاوم، وإذا نجح في تفتيتها سقطت الأمة السورية في أتون الدويلات الطائفية والمذهبية والعرقية من أقصاها إلى أقصاها، وهذا هدف «إسرائيل»، فمشروع الصهاينة التاريخي، هو كيف يحيطون فلسطين بدويلات كهذه تشكل وحدها السياج الأمني الواقي للعدو، لا شيء يشكل سياجاً للعدو إلا قيام دويلات لا حول لها ولا طول تتقاتل في ما بينها إلى أبد الآبدين، وتشطب فلسطين من دائرة الاهتمام.

وأكّد قانصو أنّ شعبنا هو شعب بطل، وقد صدق أنطون سعاده يوم خاطب شعبه قائلاً: «إنّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ»، انتصرنا في حرب تموز 2006، وقبلها في إنجاز التحرير في العام 2000، وبعد 2006 حققت المقاومة في فلسطين صموداً وانتصارات، واليوم قطعت الشام على طريق السلامة شوطاً كبيراً، دمشق اليوم تضجّ بالحياة، ومثلها اللاذقية وحمص، وتدمر عادت إلى كنف الدولة، والإرهابيون في أحياء حلب الشرقية محاصرون من قبل الجيش السوري، وكلّ حلب ستعود إلى حضن الدولة.

ولفت قانصو إلى أنّ الشام اليوم في مرحلة ما قبل الحلول، وفي تقديرنا لم يعد يفصلنا عن الحلّ السياسي سوى أشهر قليلة، والأطراف المعادية لم يبق بيدها حيلة، وأيّ حلّ سياسي للشام يحدّده الميدان، لذا سنشهد في الأشهر المقبلة تكالباً من القوى المعادية على تحسين أوراقها. لقد حرك الأميركيون المجموعات المرتبطة بهم في منبج والحسكة، ودفعوا بتركيا إلى جرابلس ليضمنوا لها مشاركة في الحلول، بعد أن كانت مهمّشة، لذلك ستشهد الأشهر المقبلة كباشاً وتصعيداً، لكن الأهمّ أنّ الخطر المصيري على الشام تقلص كثيراً، وأسس الحلّ السياسي كما نراه يجب أن يقوم على الحفاظ على وحدة الشام، دولة وأرضاً وشعباً، مشدّداً على أنّ أحلام بعض القوى التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية والمنخرطة في مشروع التقسيم والفدرلة والانفصال، قد سقطت.

وأكد قانصو أنّ حزبنا، ومنذ بداية الأزمة قرأ قراءة صحيحة، عندما صنّف الحرب على الشام بأهدافها حرباً «إسرائيلية»، لا إصلاحات ولا ديمقراطية ولا حقوق إنسان، واستناداً إلى هذه القراءة أخذ الحزب مواقف صحيحة من هذه الحرب، وقراراً استراتيجياً كبيراً، وهو الانخراط في مواجهة الإرهاب، ونظمت فرق نسور الزوبعة في الحزب مشاركتها في كلّ الجبهات في الشام، وارتقى منا مئات الشهداء، ومئات الجرحى، واليوم نحن نعزز هذه المشاركة في مواجهة الإرهاب في الشام، ونذهب إلى مواقع جديدة، ونسور الزوبعة في الشام لم يتميّزوا فقط بالإقدام والشجاعة، بل تميّزوا أيضاً بالأخلاق والمناقبية، وقد مارس حزبنا هذا الدور بكلّ مسؤولية، لأنه حزب القضية القومية.

وأشار قانصو إلى ما حققه العراق من إنجازات في الحرب ضدّ الإرهاب، في الرمادي والفلوجة، وقبلها في تكريت، والآن معركة الموصل، لكن العراق لن يستقرّ إلا إذا استقرّ الوضع في الشام، فوضع العراق متلازم مع وضع الشام، والوضع في الأردن مقلق بانتظار جلاء الموقف في الشام، الوضع في فلسطين في حال ستاتيكو، الفلسطينيون ينتظرون مآل الأوضاع في الشام والمقاومة الفلسطينية باقية على خياراتها، وأنتم تعلمون كيف انطلقت في المرحلة الأخيرة ثورة السكاكين، وقبلها ثورة الحجارة، وقبلها ثورة السلاح، ونحن على ثقة بأنّ أبناء شعبنا في فلسطين لا يمكن أن يستكينوا، ولا يمكن أن يقبلوا أن تبقى فلسطين تحت الاحتلال، ونحن في الأساس نقول لا فلسطين معركة فلسطينية، ولا الشام معركة شامية، ولا العراق معركة عراقية، هذه المعارك تندرج تحت إطار واحد هو مسؤولية الأمة جمعاء في مواجهة الأخطار التي تتهدّد قضيتنا القومية.

وحدّد قانصو أولويات ثلاث على المستوى القومي: الأولى تعزيز مشاركتنا في مواجهة الإرهاب، مهما كلف ذلك من أثمان، وهذا قرار لا عودة عنه، وسنسير به قدماً.

أما الأولوية الثانية، فهي التصدي للعصبيات المذهبية والطائفية والاتنية التي أوجدتها المجموعات الإرهابية، بهدف تخريب الثقافة القومية التي تميّزت بها الشام ورعتها القيادة السورية. لذلك، سنكرّس كلّ الجهود لمواجهة هذه العصبيات المذهبية والطائفية والولاءات الكيانية بالثقافة القومية، وبمبادئ الوحدة القومية. وبنموذج حزبنا الذي يستطيع أنّ يواجه كلّ هذا الخراب الثقافي، بثقافة الإنسان المجتمع، وبثقافة الأمة مجتمع واحد، وبمبدأ فصل الدين عن الدولة، وإزالة الحواجز بين الطوائف والمذاهب.

إنّ ثقافة الانتماء القومي هي الردّ على ثقافة التفتيت والتقسيم. ونحن سنطلق برامج ثقافية إذاعية على مستوى كلّ المتحدات بدءاً من الشام مروراً بلبنان إلى الأردن والعراق وكلّ بلادنا. لأنّ ثقافتنا هي ثقافة حياة ونهضة بوجه ثقافة الموت والإلغاء والتفتيت التي ينشرها الإرهاب.

وحدّد قانصو الأولوية الثالثة بتأكيده أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو ردّ على التجزئة الاجتماعية، وهو ردّ على التجزئة السياسية الناتجة عن «سايكس بيكو»، لذلك فهو سيدفع بقوة باتجاه إخراج الحكومات في بلادنا من دائرة الكيانية والقطرية المميتة إلى دائرة التنسيق والتكامل، ونحن طرحنا مشروع إقامة مجلس التعاون المشرقي، وسنستمرّ في طرح هذه الصيغة ومتابعتها، وطرح صيغة السوق القومية المشتركة، وأيّ صيغة أخرى تؤدّي إلى هذا التنسيق والتفاعل بين كيانات الأمة، وهذا هدف نضالي للحزب على المستوى القومي، لأنّ أنطون سعاده أسّس الحزب أداة لانتصار القضية القومية.

وأكد قانصو أنّ هذه الأولويات الثلاثة، ترتكز على قرارنا لـ«حزب أقوى ودور أفعل» ولن يستطيع أحد تعطيل دور الحزب على المسرح القومي، لأنّ موقع الحزب في الساحة القومية، هو في ميادين الصراع، فعندما اجتاح العدو «الإسرائيلي» لبنان، أخذ حزبنا دوره وعزز صورته من خلال مقاومته وشهدائه، وحزبنا حريص على السيادة القومية والقضية القومية، ولن يتوانى عن ممارسة حقه في المقاومة على كلّ أرضنا القومية، فكما كانت مقاومتنا ضدّ العدو الصهيوني على أرض لبنان، واليوم ضدّ الإرهاب على أرض الشام وعلى تخوم أرضنا السليبة في لواء الاسكندرون وكيليكيا وغداً على أرض الجولان سنكون في طليعة المقاومين، لأن لا خيار آخر أمام حزبنا إلا خيار المقاومة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى