الفوضى اليمنية
حميدي العبدالله
كاتب سعودي معروف بصلاته مع صنّاع القرار في المملكة العربية السعودية، نشر مقالاً في صحيفة «الحياة» أكد فيه أنّ «رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي يعيّن وزراء ومحافظين لا يطيق بعضهم بعضاً»، ويضيف «تدعم السعودية اجتماعاً لعلماء وفقهاء اليمن، فيخرج وزير الدولة هاني بن بريك، الذي بات أقوى زعيم متنفّذ في عدن، له رجاله ومسلحوه خارج إطار الدولة، فيهاجم اجتماع الرياض ويتهم الموقعين عليه، بأنهم دعاة إرهاب، منهم من أفتى بالالتحاق بالقاعدة وأفتى بالعمليات الانتحارية»، ويستطرد قائلاً: «تصريحات غريبة تنشر في صحيفة تطبع في عدن لوزير يتمنّى استمرار الحرب في الشمال حتى نستطيع ترتيب أوضاعنا في الجنوب». ويختم «التلاسن وتبادل الاتهامات والتشكيك طال الجميع في صف المقاومة»، و«يزيد الطين بله كثرة التعيينات للمحافظين ووكلاء الوزارات والسفارات وكأنها عملية محاصصة».
لا شك أنّ هذه المقتطفات التي جاءت حرفياً في مقال الكاتب السعودي تشي بالحال القائم الآن في اليمن، فإذا كانت هذه هي الحال في عدن وهي المدينة الوحيدة التي سيطر عليها «التحالف العربي» فكيف هي حال اليمن في شماله وجنوبه، حيث ليست هناك مدينة كبرى لا تشملها فوضى السلاح والقتال بين الأطراف المتصارعة، وتضارب المصالح حتى بين أطراف الصف الواحد.
الكاتب السعودي تحدث عن صراعات الطرف الواحد، أو ما أسماه الصراعات في «صفوف المقاومة» لكن ليس هذا هو الصراع الوحيد الذي ينشر الفوضى في أجزاء واسعة من اليمن ويحيل حياة اليمنيين إلى جحيم. تنظيم القاعدة ينشط بقوة في بعض المحافظات الجنوبية بما في ذلك عدن، ويقوم بأعمال تفجير مستمرة يذهب ضحيتها العشرات. تنظيم داعش هو الآخر له وجود فعلي في الساحة اليمنية، هذا إضافةً إلى الحرب الكبرى بين المعسكرين الأساسيين، المعسكر الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والمعسكر الذي يضمّ تحالف «حركة أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي» بزعامة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
صحيح أنّ مناطق واسعة في اليمن، وهي الخاضعة لسيطرة تحالف أنصار الله والمؤتمر الشعبي لا تشهد فوضى السلاح، ولكنها تعاني أيضاً جراء القصف الجوي من قبل «التحالف العربي» الذي يستهدف أحياناً المواطنين الآمنين ويحيل حياتهم إلى جحيم.
بهذا المعنى معاناة اليمنيين بسبب الفوضى والحرب معاناة شاملة ولا حلّ لها إلا من خلال تسوية تعكس بأمانة مستوى التمثيل الفعلي لكلّ أطياف الشعب اليمني السياسية، لكن يبدو أنّ دون بلوغ هذه الغاية الكثير من الدماء والخراب.