شعبان: أدوات من الداخل العربي هي مَن تنفّذ المشروع الصهيوني السيّد: المجرمون الصهاينة هم مَن نقلوا الإرهاب التكفيريّ إلى سورية
لورا محمود
سعت «إسرائيل» منذ نشوئها إلى إنشاء وطن قوميّ تاريخي لليهود في فلسطين، واتخاذ القدس الكبرى كمشروع تاريخي لـ«إسرائيل»، وبناء الهيكل اليهودي الثالث على أنقاض المسجد الأقصى. ولعلّ أخطر أهداف خطة تهويد القدس، هو ما يتعلّق بالمسجد الأقصى الذي يعتبر مَعْلماً دينياً يقع في أكثر البقاع عرضة للتنكيل والتهويد.
وإحياءً للذكرى السابعة والأربعين لإحراق القدس، أقامت «مؤسسة القدس الدولية» ـ فرع سورية، ملتقى بعنوان «الأقصى بين الإحراق والتهويد… مسؤولية أمة» ضمن يوم القدس الثقافي الذي تقيمه المؤسسة دورياً في الأربعاء الأخير من كلّ شهر، وذلك في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق.
شعبان
وتضمّن الملتقى كلمة للمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية ورئيسة مجلس أمناء «مؤسسة القدس الدولية» ـ فرع سورية الدكتورة بثينة شعبان، التي قالت إنه لم يعد خافياً على أحد اليوم أن ما يجري فى مختلف البلدان العربية، هو لخدمة الصهيونية ومشاريعها الاستيطانية، ليس في فلسطين فقط، إنما في العالم العربي بكامله.
وأشارت شعبان إلى أن سبع دورٍ للبحث في الولايات المتحدة الأميركية أصدرت عام 1997 بحثاً مهماً عنوانه «الاختراق النظيف… الطريقة المثلى لاحتلال هذا الفضاء»، أي فضاء الشرق الأوسط. مبيّنة أن الاختراق النظيف في مجمله كان أن تتبنّى الصهيونية وأدواتها أيادٍ من الداخل العربي لتنفيذ المشروع الصهيوني، وألّا تضطر لاستقدام جنود أو محاربين، بل تستخدم أدواتها وتغدق عليهم الوعود والأموال كي يكونوا رأس حربتها في هذا المشروع.
وأضافت شعبان: يجب ألّا نتردّد أبداً بأن نصف الخائن بالخيانة حتى وإن نطق باللغة العربية. فلا مكان اليوم للمناطق الرمادية، ويجب ألّا نقبل على الإطلاق أن تكون الخيانة وجهة نظر. فلا يمكن لعربيّ حقيقيّ أصيل أن يقبل بما يجري في فلسطين أو في سورية أو العراق واليمن. ومهما كانت هذه الأدوات ومهما كان لسانها، فهي صهيونية. موضحة أنه يجب تسمية العصابات الإرهابية التكفيرية بالعصابات الصهيونية، لأنها قائمة لخدمة مشروع الكيان الصهيوني.
ولفتت شعبان إلى أنّ الكيان الصهيوني سعى في أحد أهدافه إلى تشويه صورة الإسلام في العالم كي يوصَف «المسلمون» بأنهم إرهابيون. مبيّنة أن كل هذه الأمور بحاجة إلى إعادة نظر حقيقية وجذرية.
ونوّهت شعبان ببطولات الأسرى في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» ورفضهم ممارسات هذا الكيان بأمعاء خاوية أمام صمت المتخاذلين من العرب.
ووجّهت شعبان التحية إلى الجيش العربي السوري ودولتَي روسيا وإيران الصديقتين، والمقاومة الوطنية اللبنانية، وكل من وقف إلى جانب سورية. وقالت: لا شك في أننا منتصرون لأن الحقّ ينتصر دائماً على الباطل.
السيد
بدوره، أكد وزير الأوقاف السوري الدكتور محمد عبد الستار السيد أن المؤامرة على بلادنا منبعها المجرمون الصهاينة الذين أفرزوا الإرهاب التكفيري وكلّ الحركات الإرهابية التكفيرية، لينقلوا عبرها ما جرى من إجرام وإرهاب في فلسطين إلى سورية.
وأشار السيد إلى أنّ الإرهاب الذي أحرق المسجد الأقصى في فلسطين، هو ذاته الذي أحرق المسجد الأموي في حلب والكنائس والمساجد والحضارة التي بناها السوريون. مؤكداً أن المسجد الأقصى لا يعود إلا بالتضحيات وبالدماء الطاهرة على طريق القدس، وأن الشعبين السوري والفلسطيني في خندق نضال واحد ضدّ الإرهاب.
باحث
وفي حديث إلى «البناء»، قال مدير عام «مؤسّسة القدس الدولية» الدكتور وائل باحث، إن ذكرى إحراق المسجد الأقصى ذكرى أليمة، لكن الواقع المعاصر والمعاش بشكل تفصيليّ يخبرنا عن ممارسات ممنهجة ضدّ مقدّساتنا وفي مقدّمها المسجد الأقصى والكنائس المسيحية. فـ«إسرائيل» لديها أجندة واضحة وصريحة بالتعدّي السافر على المقدّسات والمدنيين، ولديها طريقة محكمة في الدلالة على الأمور وترويج الباطل، وستبقى متعدّية وطائفية وصهيونية بامتياز حتى تنال من حقوق العرب والمسلمين.
ناجي
من جهته، أكّد طلال ناجي الأمين العام المساعد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، أن ما يجري في المنطقة، لا سيما في سورية، يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. ولفت إلى أن عمليات التهويد وتشريد الشعب الفلسطيني مستمرة في القدس بهدف إتمام المشروع الصهيوني وزراعة كيانه الغاصب في قلب العالم العربي. مشدّداً على أن هذه المشاريع مصيرها الفشل بفضل القوة الحية لدى الشعب الفلسطيني.
أبو صالح
أما الإعلامي سمير أبو صالح، فقال لـ«البناء»: لا شك في أنّ حريق المسجد الأقصى يعتبر بمثابة العدوان الذي خطّطت له السلطات «الإسرائيلية»، وهو يوم لا ينسى. لكن هذا الحريق لم يؤثر بالمعنى النضالي على نضال هذه الأمة، فهو نضال مستمرّ منذ بناء المسجد الأقصى إلى الآن.
وأضاف أن للذكرى السابعة والأربعين لحريق الأقصى شجوناً وآلاماً نتذكرها دائماً، ونحن نحْيي أيام القدس ونشعر بأننا على موعد مع النصر الآتي عاجلاً أم آجلاً.
وعن انعكاس النصر في سورية على القضية الفلسطينية قال أبز صالح: لقد هدف العدوّ إلى إحباط الهمم والتأثير على خطّ المقاومة من خلال دعمه المجموعات المسلّحة الإرهابية، لكن كل هذا لم يجدِ نفعاً.
وأشار أبو صالح إلى أنّ العدوّ «الإسرائيلي» مهما عمل لن يمنعنا عن هذا الخطّ المقاوم. والدليل على ذلك أن شعبنا الفلسطيني في القدس وفي أراضي 1948 وفي أراضي 1967 وفي الشتات، يعمل جاهداً من أجل أن يصل لتحقيق أهدافه التي يأتي في مقدّمها تحرير فلسطين كاملةً، لا المسجد الأقصى والقدس فقط. ونحن كشعب سوري وكمقاومة عربية وفي مقدّمها المقاومة اللبنانية، نعمل جميعاً في خطّ واحد من أجل الاستمرار في هذا النضال حتى ننال حقوقنا ونستعيد مقدّساتنا.
خلايلي
بدوره، قال الباحث في التاريخ، الدكتور ابراهيم خلايلي: نحْيي هذه الذكرى للتذكير بالإجرام الصهيوني، فهو مرتبط بعقيدة القتل التوراتية التي تريد إبادة كلّ مَعْلم حضاريّ في المنطقة لإثبات وجود اليهود الوهميّ، النابع فقط من روايات التوراة.
ويندرج إحراق الأقصى ضمن سياسة إحراق كلّ المعالم الحضارية التي تثبت عكس ما يدّعيه يهود العالم، لذلك يحرقون الأدلّة الثقافية والأثرية التي تثبت عدم وجودهم ضمن وثائق تاريخنا.
حنّا
وأوضح رئيس أساقفة سبسطية الروم الأرثوذكس المطران حنا أن من يسعون إلى تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع مع الاحتلال ويزوّرون الأرض المقدّسة، هم ذاتهم من يغذّون الإرهاب والعنف الذي استهدف الدولة السورية.
كسواني
وفي رسالة مسجّلة من القدس المحتلة، دعا مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر كسواني العالم العربي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه المسجد الأقصى، وأن يكون ردّه على قدر الحدث العظيم. مؤكداً أن صمود أهل المقدس سيبدّد كلّ المخطّطات والمشاريع التي تسعى إلى تهويد المنطقة القديمة والقدس.
يذكر أنه في 21 آب من عام 1969، أقدم المجرم اليهودي الأسترالي مايكل دينس روهان على إحراق المسجد الأقصى ومحتوياته، وقد أتت النار على منبره الخشبي القديم المتميز الذي صنع في مدينة حلب وأهداه القائد صلاح الدين الأيوبي للقدس.