معرض دمشق الدولي للكتاب الثامن والعشرين يختتم فعالياته اليوم والعين على نجاحات مقبلة
لورا محمود ورانيا مشوّح
تُسدل الستارة اليوم السبت على النسخة الثامنة من معرض دمشق الدوليّ للكتاب، الذي نُظّم في مكتبة الأسد بعد خمس سنوات من التوقف القسريّ بسبب الحرب الكونية الظلامية التي تُشنّ على سورية، والتي تستهدف، لا تدميرها من حيث الدولة والبنية التحتية فقط، بل إلى إطفاء جذوة الثقافة والفنّ والحضارة فيها، لتضحي ركاماً لا يصلح إلا بيئة لرعاع الفوضى.
مرّة أخرى أثبتت دمشق أنّها ولّادة الثقافة، وأثبتت أقدم مدينة ما زالت مأهولة في التاريخ، أنّها لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس، وأنّها تقوم من تحت الدمار لتعلن ولادةً جديدة ملؤها حضارةً وخيراً وجمالاً.
وبالعودة إلى المعرض الذي استمرّ أكثر من أسبوع، وشاركت فيه أكثر من سبعين دار نشر ومؤسسة ثقافية من عشرات الدول العربية والأجنبية، فقد شهد إقبالاً كثيفاً من المواطنين، وحركةَ بيع كتب مقبولة جدّاً رغم الأسعار التي اعتبرها البعض مرتفعة نسبياً.
كما شهد المعرض عدداً من الفعاليات الموازية، كيوم القصة القصيرة والرواية، وعدداً من تواقيع الكتب، التي تنوّعت ما بين السياسية والأكاديمية والعلمية والأدبية والشعرية.
في تقريرنا التالي، نسلّط الضوء على حدثين هامين شهدهما المعرض الخميس، ويتمثلان بتوقيع كتابين، الأول للإعلامي الكاتب رفيق نصر الله، والثاني للكاتب الباحث أنيس النقاش.
رفيق نصر الله
إن الأزمة التي تمر بها سورية، أعادت اكتشاف عدد من القامات العربية ممن يحملون قيماً وطنية عالية، من كتّاب ومثقّفين وصحافيين، أعادوا إلينا كلّ ما نسيناه من حضور عربيّ لأشخاص يحملون لسورية حبّاً وعشقاً من نوع آخر. ورفيق نصر الله المناضل والمفكّر بقي تحت عاشقاً لدمشق، وهو القائل إنّ من يخرج من عباءة دمشق يتعرّى وأنا أردت البقاء تحت عباءة دمشق. لذلك تمنّى الانتماء إلى اسم سورية عندما طلب الجنسية السورية، كي لا يبقى يدافع عن سورية ويتهمه البعض أنه يذود عن وطن لا ينتمي إليه.
ضمن فعاليات معرض دمشق الدولي للكتاب الثامن والعشرين، استضافت مكتبة الأسد الوطنية في دمشق حفل توقيع كتاب «ميديا الحرب الناعمة وفنّ السطوة على الرأي العام» للكاتب والإعلامي اللبناني ومدير المركز الدولي للإعلام والدراسات رفيق نصر الله، وقد سبقت توقيع الكتاب ندوة سياسية تناول نصر الله خلالها مستجدات الحرب الإرهابية على سورية والتغيّرات السياسية في المنطقة العربية، وتحدّث عن أن هناك من رسم خرائطنا على الأوراق ووضعنا فيها واليوم ندافع عنها بالدم، فنحن نعيش ما يمكن اعتباره قتال الخرائط، وقد تكون هذه الخرائط داخل الخرائط بكلّ ما تضجّ به من انفعالات وطموحات وثقافة أقليات وعرقيات.
وأضاف أن الحرب الناعمة سعت إلى إسقاط مفهوم الدولة مهما كان شكلها. فأولاً ضربت الجيوش كمقدّمة في هذه الدول حتى تتحرّك وتقوم الفوضى، ولكن من رسم ملامح الفوضى الخلاقة بدأ يواجه تداعيات هذه الفوضى، ويكاد العالم أن يصل إلى لحظة الجنون.
ونوّه نصر الله إلى ضرورة أن نحصن مجتمعنا خصوصاً فئات الشباب. فاليوم لدينا انحلال ثقافي واجتماعي ونفتقد في عواصمنا العربية للإنتاج الثقافي، وعالمنا كله أصبح افتراضياً، وهذا جزء من الحرب الناعمة التي تغزو رؤوسنا.
أما عن كتابه «ميديا الحرب الناعمة وفنّ السطوة على الرأي العام» الصادر عن «بيسان للنشر والتوزيع ـ لبنا»، فقد شرح نصر الله كيفية سطوة البلدان الغربية على رأي الشعوب وتحريكها عبر منظومات إعلامية ضخمة ومؤثرة ومدعومة برأس مال كبير وبكادر بشري خبير وبتقنيات متطورة. فأسرار «الحرب الناعمة» التي تنتهجها وسائل إعلامية غربية هدفت إلى تغيير المعتقدات لدى الجمهور واستبدالها بأفكار تناسب مصالح الدول الغربية والأثر الكبير الذي حققته هذه الوسائل لدى اندلاع ما سمي «الربيع العربي» الذي هدف إلى ضرب الهويات الوطنية والقومية، مع تقديم أمثلة وأدلة حول أساليب الخداع والتزييف التي تستخدمها.
وفي تصريح أدلى به إلى «البناء»، قال نصر الله إن الكتاب يعدّ محاولة لقراءة كل الأساليب التي استخدمتها الحرب الناعمة خلال السنوات العشر الماضية، ورؤية لما يجب أن نكون عليه في المرحلة المقبلة.
وردّاً على سؤال حول ما ينقص الإعلام السوري اليوم ليواجه الحرب الافتراضية التي يقودها أعداء سورية باستخدام الميديا وكلّ وسائل الاتصال المتاحة قال نصر الله: ينقص الإعلام السوري اليوم المنظومة الجديدة والمتجددة القادرة على التعاطي مع الإعلام بطريقة مختلفة عن الطريقة القديمة واللغة القديمة. فنحن بحاجة إلى بناء مؤسسات جديدة من خلال إعلاميين جدد يستطيعون أن يستخدموا هذه اللغة الجديدة التي نستطيع من خلالها المواجهة. فقد كان من المفترض إنشاء منظومة محطات داخل سورية وخارجها حتى نستطيع المواجهة باللغة نفسها والأدوات نفسها، وأن نملك الإمكانيات. فالإعلام هو امتلاك إمكانيات مادية وتقنية وإذا لم نمتلكها لا نستطيع المواجهة. يجب أن نملك نوعاً من الوضوح في الرؤية باتجاه تجديد المصطلحات القديمة التي ما زلنا نستخدمها.
وأشار نصر الله إلى إننا نملك الإمكانيات التي يملكها الآخر، ولكننا للأسف لا نعلم كيف نظهرها كي نستطيع إعادة تأسيس هذه المظومة الإعلامية. فنحن بحاجة إلى إعلاميين جدد وشبكة تواصل اجتماعي جديدة وصحف جديدة كي نخوض المعركة على كلّ الاتجاهات.
وأكد نصر الله أن الكتاب يبين كيف استبدل الغرب الغزو العسكري والحرب المباشرة ضد الآخرين بالحرب الناعمة التي تستهدف عقولنا وموروثاتنا ومعتقداتنا وتهدّد الأمن العربي وتسعى إلى إشعال صراعات وحروب هامشية مستنزفة.
ولفت إلى أن الكتاب يتناول كل الوسائل التي استخدمت من قبل الآخر ضد المجتمعات والدول العربية، ومهّد لما يسمى «الفوضى الخلاقة» من خلال تدمير الجيوش والمدن والقرى والانفلات الديني والمذهبي وصناعة أوهام تغذي الرأي العام العربي الذي أصبح أسيراً لهذه الحرب. شارحاً أنه حاول من خلال كتابه تفنيد هذه الاحداث والبحث في استغلال البعد الديني لتأجيج الأوضاع في المنطقة والأساليب التي يجب أن نتبعها لتحصين أنفسنا.
وقال نصر الله: الحرب الناعمة جزء من هذا المشهد التوحشي الذي نراه على الشاشات وأمامنا حتى أصبحت مشاهد المجازر والإعدام الجماعي وقطع الرؤوس أمراً مألوفاً لدى الجمهور العربي مع إيهامه بأنها واجب ديني. مؤكداً أن هذه الحرب تفوق في خطورتها العدوان العسكري لأنها تستهدف جملة من القيم التي تربط أفراد المجتمع مع بعضهم وتساعد في قيامه وازدهاره.
وعن استضافة الكاتب نصر الله في دمشق لتوقيع كتابه، خصّ الدكتورعماد فوزي الشعيبي رئيس «مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية في دمشق» «البناء» بحديث قال فيه: إن الاستاذ رفيق نصر الله لا يعتبر قامة من قامات هذه الأمة فقط، بل هو تكوين نقيّ، لا بل أبلغ درجات النقاء. لأنه شخص يحمل مشروعاً من داخله، وهو أيضاً من القوميين العرب الذين لم يحيدوا قيد أنملة عن خطّه.
وأضاف الشعيبي أنّ نصر الله هو باختصار ملح الأرض كما يقول عنهم السيد المسيح «هؤلاء الرجال ملح الأرض. فإذا غاب الملح فبماذا ستستملحون»، فهذا النوع من الرجال يعطي للأرض نكهتها، وبالتالي عندما يكرّم بهذه الطريقة في دمشق ويوقّع كتابه ونرى هذا العدد الكبير من الذين يأتون من أجل رفيق نصر الله نشعر أن الدنيا ما زالت بخير.
يشار إلى أن كتاب «الحرب الناعمة… فنّ السطوة على الرأي العام» صادر عن «بيسان للتوزيع والنشر» ـ لبنان، ويقع في 220 صفحة . أما الكاتب رفيق نصر الله، فهو من مواليد 25 كانون الأول عام 1950، من بلدة حولا الجنوبية، حاصل على ماجستير في التاريخ، وأيضاً على دبلوم دراسات عليا في التاريخ. يشغل حالياً مدير المركز الدولي للإعلام والدراسات في بيروت، ومدير مركز التدريب والتأهيل، وسابقاً شغل منصب مدير لمكتب بيروت لجريدة «الاتحاد» الإماراتية، ومديراً لمكتب بيروت التابع لقناة «أبو ظبي»، وكان عضواً في مجلس إدارة تلفزيون لبنان، ومستشاراً إعلامياً سابقاً في وزارتَي الخارجية والدفاع اللبنانيتين، ويحاضر في عدد من الجامعات اللبنانية والعربية في شؤون الإعلام والسياسة.
أنيس النقاش
كما شهد معرض دمشق الدولي للكتاب، توقيع كتاب «الكونفدرالية المشرقية… صراع الهويات والسياسات»، للكاتب والباحث اللبناني أنيس النقاش.
وتناول الكتاب الصادر عن «بيسان للنشر والتوزيع» ـ لبنان، تصوير الصراع بين المكوّنات الدينية والقومية الموجّهة لخدمة الصراعات السياسية في المنطقة. وعن مشاركته ورأيه في إقامة معرض الكتاب في دمشق في ظلّ الظروف الراهنة، تحدّث النقاش إلى «البناء» قائلاً: هذه التظاهرة الثقافية هي تحدّ لكلّ الأفكار الظلامية، ولكل المؤامرات التي حيكت ضدّ سورية. ونحن هنا مجدّداً نلتقي في معرض الكتاب، ونفتخر بأنّ الجمهور يأتي كلّ يوم ليتزوّد بآخر الكتب والإصدارات، ويثبت أن الشعب السوري متشوّق لكلّ أنواع الثقافات وكلّ أنواع الأفكار. وبالتالي، هذه التظاهرة الثقافية الراقية، هي أفضل جواب على كلّ ما حيك ضدّ سورية، وجواب على التآمر عليها، وهي الجواب الواضح في وجه كلّ الأفكار الظلامية التي تحاول تكفير العالم وتحاول بسطوة الدم أن تحدّد مستقبلنا. ونحن نقول لها في العلم والثقافة والأفكار المستنيرة سنبني هذا البلد .
وعن رسالته من داخل دمشق إلى العالم قال النقاش: رسالتي أن نصمد بالفكر السليم ونبحث عن الحلول والأفكار السليمة لكلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وهذا لا نجده إلا من خلال الاطّلاع الكامل على الأفكار الجيدة وتجارب الشعوب الأخرى كي نبني بلدنا بأفضل الوسائل والنتائج .
كما حدّثنا النقاش عن الأفكار التي نقلها وقدمها في كتابه قائلاً: رسالتي في كتاب «الكونفدرالية المشرقية»، تبدأ من خلال دراسة معمقة لكيفية تشكيل أقطار المنطقة وخرائطها الاقتصادية والثقافية ودراسة مشكلاتها الاجتماعية المرتكزة إلى الهويات إن كانت دينية أو إثنية أو عرقية أو قومية، والبحث عن حلّ للخروج من أزمة كلّ دول المنطقة من خلال الخروج من صراع الهويات إلى صراع السياسات، لأن صراع الهويات صراع مدمّر للجماعات كلّها، في حين أن صراع السياسات هو انتخاب وارتقاء في أفضل أنواع السياسات، لنختار وننتقي منها الأفضل لمستقبل شعوبنا .
وبالعودة إلى الكتاب، نجد النقاش يقارب إحدى أهم المسائل في الشرق الأوسط: تفسير أرضية الصراع الخصبة. ويشرح في تمهيد الكتاب الأسباب التي تجعل «الكونفدرالية المشرقية» استراتيجية بنّاءة معاكسة لاستراتيجية الفوضى الخلّاقة التي تنفّذها الولايات المتحدة الأميركية وأعوانها في المنطقة.
الكتاب المقسم على أربعة فصول، يبدأ من «صراع الاستراتيجيات» حيث بتنا اليوم أمام سقوطٍ للقومية كفكرةٍ وهوية «جامعة» وأمام حروب التناقضات الثانوية بين مكوّنات الشعوب العربية والمشرقية ضمناً . ويقول النقاش: وحده المشروع السياسي البديل واضح المعالم، كفيل بالتصدّي للدوامة التي وضع في أتونها إقليمنا وأوطاننا وشعوبنا. وأنّ المشروع يجب أن يتصدّى للكيان الصهيوني، وأن ينتقل سكان بلاد الشام من التنسيق البسيط إلى المأسسة الجامعة كي لا يبقى مجال للاختراق السياسي مصرّاً على أنَّ المعركة في سورية اليوم لن تنتهي إلا على جبهة الجولان وموطن التحدّي في المعركة الكبرى مع العدوّ الصهيوني.
أما الفصل الثاني «الإقليم وصراعاته»، فيقول فيه النقاش: إنه الأقليم الذي قُسِّم في «سايكس ـ بيكو» ورسمت دولٌ مركّبة ومصطنعة مكانه. شارحاً كيفية تأسيس الدول العربية المعروفة حالياً، بادئاً بلبنان، مروراً بسورية، العراق، الأردن، إلى تركيا وصولاً إلى إيران.
ويطرح النقاش في الفصل الثالث الحلول للمشكلات التي أوردها الفصلان السابقان من خلال عنوانه «الطريق إلى الكونفدرالية المشرقية»، وذلك من خلال صوغ وعي جمعيّ في الإقليم لمفهوم الهوية الجامعة، مركّزاً على التعاون بين شعوبه أساساً لأيّ حراك.
أما الفصل الرابع الأخير، فجاء تحت عنوان «حِكم مشرقية»، وفيه يتحدّث النقاش عن استراتيجية تصحيح المسار وما إلى ذلك.
يذكر أنّ كتاب الكونفدرالية المشرقية»، يقع في 488 صفحة من القطع الكبير.
أحوش
وتحدّث إلى «البناء»، صاحب الناشر عيسى أحوش، مدير «بيسان للنشر والتوزيع» عن مشاركة الدار في معرض الكتاب في دمشق، وعن حفل التوقيع قائلاً: جئنا من بيروت الحبيبة لنقدّم رسالة مفادها أنّ المعرض المقام في ظلّ هذه الأحداث، إنما يدلّ على حيوية المعرض وحيوية هذا المواطن. ولولا هذا المواطن لم نكن لنأتي. شاركنا بكتب منوّعة من سياسة وأدب وتاريخ وفكر، وتم توقيع كتاب للأستاذ رفيق نصر الله رافقته ندوة فكرية، وبمشاركة ثانية مع الكاتب والباحث أنيس النقاش لتوقيع كتابه أيضاً، على أمل أن نقدّم الأفضل دائماً لهذا الشعب الذي نتقاسم معه التاريخ والأرض والمستقبل.
كتب أخرى
كما شهد معرض دمشق الدولي للكتاب عدداً من حفلات توقيع الكتب، وسط حضور كثيف من الزوّار والمدعوّين. إذ استضاف جناح الهيئة العامة السورية للكتاب توقيع أربعة كتب صادرة عن الهيئة، لمجموعة من الشعراء والأدباء والتي اختلفت في مواضيعها وأجناسها الأدبية.
ووقّع الشاعر توفيق أحمد أعماله الشعرية الكاملة التي تضمنت مجموعاته الصادرة في سنوات مختلفة، وهي «أكسر الوقت وأمشي» و«لو تعرفين» و«نشيد لم يكتمل» و«لا هدنة للماء» و«جبال الريح» و«حرير للفضاء العاري»، والتي تنوّعت بين شعر الشطرين والتفعيلة والنثر واختلفت بين المواضيع الاجتماعية والوطنية والعاطفية والإنسانية، وذيّلت بآراء عدد من النقاد والكتّاب السوريين والعرب.
كما وقع الأديب حسن حميد روايته الصادرة عن الهيئة بعنوان «مدينة الله» التي ترصد مأساة الشعب الفلسطيني بعد الاحتلال الصهيوني، والفساد القائم من أولئك الذين جاؤوا من المجهول، وأهمية القدس ومكانتها الحضارية والإنسانية، وذلك على شكل رسائل تحمل عاطفة إنسانية عارمة تنبعث من قلب ينبض بحبّ الوطن وتحمل مدّاً أدبياً عالياً فضلاً عن كونها رواية تاريخية.
في حين وقّع الشاعر بديع صقور ديوانه «دعوا الحمام يطير» الذي تضمّن نصوصاً نثرية معبأة بالمشاعر والإحساس الشعري الصادق، وجاءت بعد الحرب على سورية، وحملت فنّاً بنيوياً منوّعاً في الصورة والرمز والدلالة، وتضمّنت الشهيد وقيمته العالية على مستوى الوطن والتاريخ والإنسان ومدى أهمية تضحيته من أجل أهله وأبناء وطنه.
واحتوت المجموعة كثيراً من القضايا الاجتماعية والمآسي الإنسانية التي حدثت بعد الحرب على سورية متضمّنة رؤى الشاعر ووصاياه من أجل الوقوف والتصدّي لأولئك القتلة الذين أمعنوا في إرهابهم ضدّ الشعب السوري.
ووقّع الأديب مالك صقور كتابه «الأبعاد الثقافية للحرب على سورية» رصد فيه أبعاد التآمر الصهيوني وذيوله في المنطقة مع أميركا والغرب في الحرب الإرهابية على سورية وما تسببوا به للشعب السوري من ويلات.
حاول الأديب صقور في كتابه أن يذهب إلى منهج علميّ ربط بين مفاصله بعاطفة وطنية أدّت إلى كتاب فيه كثير من الدلالات على أن الشعب السوري قادر على الدفاع عن نفسه وإثبات وجوده وحماية شخصيته.
كما استضاف جناح هيئة الكتّاب في المعرض حفلين، الاول لتوقيع كتابَي «حين مررت هناك» و«أنا المعري رهين المحابس» للأديب سمير عدنان المطرود، والثاني لتوقيع كتب «شهب عابرة للزمن» للمؤلف وفيق يوسف، و«فارس وتخوم» إعداد وتوثيق مرهف زينو ومراجعة وتدقيق عمر جمعة، و«حبر العيون» للمؤلف ديب علي حسن.
يوم القصة القصيرة والرواية
ور كّزت فعاليات أيام القصة القصيرة السورية في يومها الثاني على آثار الحرب الإرهابية على سورية وقضايا اجتماعية أفرزتها الأزمة التي تمر بها البلاد.
وشارك في فعاليات أيام القصة التي نظّمتها وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب في مكتبة الأسد الوطنية ضمن برنامج النشاط الثقافي الموازي لمعرض دمشق الدولي للكتاب الـ28، عدد من القاصّين والأدباء والنقّاد.
في قصته «انتقام»، دعا غسان كامل ونّوس بأسلوب رمزيّ إلى التصدّي للاعتداءات الإرهابية المسلّحة على الشعب السوري.
كما قرأ عماد نداف مجموعة من القصص القصيرة جداً التي تنوّعت وصيغت ببراعة واحتوت مجموعة من اللوحات عكست عدداً من القضايا الاجتماعية والإنسانية.
أما عدنان كنفاني، فقدّم في قصته «الخرافة» الموروث العريق للقضية الفلسطينية ومدينة القدس المحتلة، والتداعيات السلبية من جرّاء تعرّضها للاحتلال الصهيوني.
وعن القصص الثلاث، قال الناقد نذير جعفر: تعدّدت أشكال القصّ والفنّ والتقنيات، فمنها ما تقمّص أسلوب المتكلّم واهتمّ بتجربته الذاتية والأنا السردية، ومنهم من ربط وقائع جرت في مجتمعات أخرى، وصولاً إلينا. وثمة نمط آخر عند ونوس الذي ربط بين الماضي والحاضر ليصل الجميع إلى خدمة الوطن والمجتمع.
وتلت القراءات الثلاث مجموعة ثانية من الكتّاب بدأها الأديب سهيل الذيب بقراءة قصته «نفق» تحدّث فيها عن الحقد والكراهية الذي يمارسه الإرهابيون ضدّ المواطنين العزّل، وإجرامهم ضد الشعب السوري.
كما قرأ الأديب حسين الرفاعي قصة بعنوان «النسر» تحدّث فيها عن تداعيات الحرب الإرهابية على المجتمع السوري، بأسلوب سرديّ قريب من الرواية.
كما قرأ الأديب علي المزعل قصة بعنوان «أرصفة الانتظار» تطرّق فيها إلى ظاهرة بيع الكتب على الأرصفة، والتخلّف والإرهاب، وذلك بأسلوب قريب من الرواية. في حين رأى يوسف جاد الحقّ في قصته «الوليمة» أنّ المجتمع الذي لا يحافظ على نفسه، قد يعاني القهر. فيجب العمل على التطوّر، والحذر.
كما ألقى الأديب حسن حميد قصة بعنوان «الحرب» امتلأت بالهمّ الوطني والاجتماعي والقومي وفق بنية سردية اهتم خلالها باللغة.
وفي النصوص الفنية الثلاثة التي ألقاها الدكتور الأديب نضال الصالح، كانت حلب الهمّ الأكبر التي حرص من خلالها أن يعلن انتماءه الوطني الشديد ويقدّم الصفات الحضارية العريقة لحلب ومجتمعها.
وعن قراءته النقدية لهذه القصص، قال الناقد الدكتور اسماعيل مروة: تدلّ قصة «نفق» لسهيل الذيب على مهارة لغوية واهتمام بالحدث واعتماد على الوصف. أما «النسر» لحسين رفاعي فظهر فيها الوصف أكثر من الأسس القصصية الأخرى، بينما جاءت قصة حسن حميد غاية في التركيز على حدث لم تخرج منه، فهي تحمل صورة جميلة للبحث عن الحياة.
وأضاف مروة: من المآخذ على قصة يوسف جاد الحق، السرد الطويل لموضوع القصة. وعلى نقيض ذلك قصة «الانتظار» لعلي المزعل التي كانت محاولة لاختصار سنوات طويلة دارت فيها إرهاصات اجتماعية كثيرة، ودخل فيها بعض الحشو.
واعتبر مروة أن النصوص التي ألقاها الدكتور الصالح احتوت شغفاً كبيراً وحبّاً لمدينة حلب، وحملت عدداً من الشخصيات الأدبية والتاريخية مثل المتنبي وسيف الدولة الحمداني، وضمّت كلّ الأطياف الاجتماعية. كما اهتم فيها المؤلف بالحدث والعاطفة والتكوين النفسي الدالّ على أهمية الانتماء الوطني.