تقنيات القرصنة المتطوّرة تهدّد الإجراءات الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة

احتفلت الولايات المتحدة، رسمياً وشعبياً، بعطلة نهاية أسبوع مطوّلة بمناسبة العيد السنوي ليوم العمال تصرّ على تسميته يوم العمل ، تخللتها التجاذبات السياسية المعتادة بين مرشحي الرئاسة أبرزها «خطوة تراجعية» أقدم عليها المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي لبّى دعوة رسمية للقاء رئيس المكسيك، انريكيه بينيا نياتو، وقد استمرت الزيارة ساعات معدودة. وما لبث ترامب أن مضى في حملته المعتادة بتصريحات تنضح بالعنصرية ضدّ أهالي المكسيك المتواجدين داخل أراضي الولايات المتحدة، جاءت بردود عكسية واصطفافات أشدّ وضوحاً داخل صفوف «المهاجرين» بشكل خاص.

أيضاً، تستمرّ واشنطن الرسمية تبادل الاتهامات حول مسألة محاولات قرصنة مستمرة، آخرها استهدف مواقع الكترونية وبيانات انتخابية تخصّ سجلات محلية في عدد من الولايات، عرف منها اثنتين، وتداعياتها المباشرة على حسم النتائج الانتخابية. بالطبع، وجهت الاتهامات سريعاً إلى روسيا كدولة ومؤسسات بأنها تقف وراء القرصنة، في سياق استمرار إحياء أجواء الحرب الباردة. سيعيد قسم التحليل تركيز الأنظار على التقنيات المتجدّدة في عمل القرصنة والجهود الرسمية، الأميركية بشكل خاص، لتسخير تقنية الهواتف المحمولة في تعقب مناوئيها، وسبل التغلب عليها والوقاية من شرورها.

ثغرات الأجهزة الاستخبارية

خضعت هيكلية وأداء الأجهزة الاستخباراتية الأميركية إلى إعادة ترتيب و«تقويم» عقب سلسلة أزمات، لا سيما بعد هجمات أيلول 2001. وأعربت مؤسسة هاريتاج انّ البنية الاستخباراتية، بشكل عام، لا زالت بحاجة الى تعديلات بنيوية «على الرغم من إنشاء منصب مدير الأجهزة الاستخباراتية الوطنية وأيضاً المركز الوطني لمكافحة الإرهاب». واستدركت بالقول انّ ما تنوي طرحه من توصيات «لا ينبغي أن يصنف ضمن طروحات جديدة… بيد انّ سيل التحذيرات من داخل الأجهزة الأمنية وخبراء من خارجها استمرّ بالتدفق للدلالة على قصور القوانين السارية للتجاوب مع التهديدات التي تواجه الأجهزة الأمنية بأكملها». وأوضحت المؤسسة أنّ محطات النقص في الأداء تشير إلى «الوضع الشاذ لمنصب مدير الأمن الوطني، إهمال مضمون التحليلات الاستراتيجية، الاتهامات الموجهة بتسييس الأجهزة الاستخباراتية، فضلاً عن العقبات الماثلة أمام المدير العام الناجمة عن سلسلة من الفشل واستيعاب الدروس، والتأقلم مع المتغيّرات».

«التطبيع مع إسرائيل»

أعرب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن فائق غبطته لتحوّل الدول العربية إلى «تطبيع علاقاتها مع إسرائيل»، معتبراً انّ الأمر أضحى «وضعاً طبيعياً جديداً ولم يعد من المحرّمات.. بعد الزيارات السعودية والمصرية لإسرائيل ومناقشة هذه القضية بنشاط وصراحة في وسائل الإعلام العربية الكبرى، بما فيها المملكة العربية السعودية». في هذا الجانب بالتحديد، أشار وأشاد المعهد بمطبوعة «المجلة» السعودية الأسبوعية الصادرة في لندن التي استشهدت ببيانات مطولة أدلى بها السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر. وشدّد المعهد على أنّ العلاقات عينها «لها تاريخ طويل جداً في الواقع… وتعود تقريبا إلى فترة قيام دولة إسرائيل توالت بعدها اجتماعات رسمية أخرى ذات طابع سري». واستطرد المعهد باستعراض محطات التطبيع والاتفاقيات الثنائية والطويلة مع بعض الدول العربية، وأهمّها «لحظة هي من أكثر اللحظات التاريخية، تمثلت في اتفاق أوسلو والاعتراف الرسمي المتبادل… أعقبتها بوقت قصير سلسلة اجتماعات بين العرب وإسرائيل، من مؤتمرات اقتصادية إقليمية في الدار البيضاء وعمّان والدوحة، الى معاهدة وادي عربة ، واجتماع وزراء الخارجية في شرم الشيخ، بحضور شمعون بيريز، عام 1996… وتعهّدهم بمكافحة الإرهاب والعمل معاً من أجل السلام». كما شدّد المعهد على «عدم انقطاع مسلسل القمم الإسرائيلية الفلسطينية والإسرائيلية العربية… واللقاءات المباشرة على الصعيدين الأمني والاستخباراتي بين الإسرائيليين والمسؤولين العرب». وحث المعهد «الإدارة الأميركية المقبلة… تعديل سياساتها» في المنطقة وفق معادلة «عدو عدوي الإسرائيلي قد لا يكون صديقي، لكنه يمكن ان يصبح شريكي». يشار في هذا الصدد الى «مناورة طيران أميركية باشتراك إسرائيل والإمارات، يتدربون على هجوم إيران.. للمرة الأولى».

سورية

استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، بالتزامن مع تناول هيئة الأمم المتحدة المسألة عينها وتوجيهها اتهامات مباشرة للحكومة السورية، وأخرى خجولة لبعض المجموعات المسلحة. وأوضح المعهد أنّ سلسلة تقارير صدرت مؤخراً عن «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، التابعة للهيئة الدولية «تشير الى تنامي القلق لبعض نشاطات بالأسلحة الكيميائية في سورية والتي لم يعلن عنها مسبقاً.. مما قد يفسّر على انتهاك سورية لبنود انضمامها لمعاهدة الحدّ من الأسلحة الكيميائية». وزعم المعهد انّ تقرير الطاقم الدولي للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية «أشار الى 9 حالات استخدام مؤكدة لللأسلحة الكيميائية في سورية خلال عامي 2014 و 2015».

فنّد معهد أبحاث السياسة الخارجية ادّعاءات الرئيس أوباما العام الماضي بأنّ التدخل الروسي في سورية سيؤدّي «بها الى مستنقع» الانخراط المباشر، بل أدّى تدخلها الى «تمدّد وتعزيز مواقعها وأهدافها في سورية.. ويبدو حكم الرئيس بشار الأسد أكثر أمناً من أيّ وقت مضى». واستطرد بالقول انّ «مجلس الدوما الروسي ينظر بصدد المصادقة على اتفاقيات تتيح لروسيا إنشاء قواعد جوية دائمة في حميميم وطرطوس… وهي المرة الأولى منذ أربعين عاما ونيّف تحظى بها روسيا بقواعد ثابتة في الشرق الاوسط، في كلّ من سورية وقبرص». وأضاف انّ موسكو لا «تخفي رغبتها في الحصول على قاعدة بحرية في الاسكندرية شبيهة بالتي كانت لها في عقد السبعينيات».

اعتبر معهد الدراسات الحربية تدخل تركيا عسكرياً في سورية بمثابة خطوة في سياق «اصطفافها ضمن الدول الرئيسة المنخرطة في العمليات العسكرية المرتقبة لاستعادة مدينة الرقة». وأوضح انّ تنفيذ تركيا «لعملية درع الفرات تعدّ نقطة تحوّل في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة والحرب ضدّ تنظيم داعش وتشكل إنفاذاً لمطلب أميركي طويل الأجل بانخراط مزيد من القوات العسكرية التركية في الحرب ضدّ داعش». واستدرك بالقول انّ انخراط تركيا عسكرياً جاء على خلفية هواجسها «لوقف وتيرة تمدّد سيطرة الأكراد على مناطق حدودية مشتركة.. بيد انّ الولايات المتحدة أصدرت أمراً لقوات الحماية الشعبية الكردية بالانسحاب إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات تجاوباً مع الشروط التركية قبل بدء العملية». وأوضح انّ دخول تركيا على الخط في مدينة جرابلس».. أسهم في تأجيج الصراع المباشر بين مجموعات المعارضة المختلفة المؤيدة للولايات المتحدة وأخرى مؤيدة لتركيا، من جانب، مع فصيل قوات سورية الديمقراطية».

تركيا

أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية دوافع الرئيس أوباما إرسال نائبه جو بايدن لزيارة أنقرة بدلاً من وزير خارجيته جون كيري، الذي كانت زيارته مقرّرة مسبقاً، بأنّ ذلك يعود «لإدراكه خطورة تداعيات العلاقة الثنائية.. ولقناعة الثنائي أوباما وبايدن بأنّ تصدّر بايدن اللقاءات الرسمية مع نظرائه الأتراك ومهارته الديبلوماسية من شأنها إعادة التوازن للعلاقات الأميركية التركية». واستدرك بالقول انّ بايدن «من المرجح ألا يفلح في حلّ المسائل المدرجة على جدول أعماله.. بيد انّ إعادة الاتصال الديبلوماسي على أعلى مستوى ممكن، من شأنه تخفيف حدة التوترات بعض الشيء».

صعود «داعش» أوروبياً

نظم معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى سلسلة ندوات تناول فيها جهود مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي، ودق ناقوس الخطر أمام الأوروبيين بعد سلسلة «هجمات مدهشة» شنّها تنظيم داعش التي جدّدت «الشعور بحجم التهديدات الماثلة أمام الغرب وهي أكبر كثيراً مما كان يعتقد في السابق ولا تقتصر على تطرّف ما ينوف عن 5.000 مواطن أوروبي ممّن غادروا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق، ومؤخراً في ليبيا». وأضاف انّ جملة الهجمات الأخيرة انْ دلت على شيء فهي «تدلّ على عزم وتصميم التنظيم للتخطيط وتنفيذ هجمات ضدّ أهداف غربية أشدّ تعقيداً ودموية من فوضى العمليات الصغيرة».

ثغرات أمنية ام قرصنة للتزوير؟

تسارعت وتيرة القرصنة ضدّ مؤسسات أميركية، رسمية وتجارية، على السواء في المرحلة الراهنة، وواكبتها حملة متجدّدة لشيطنة منافسي واشنطن الدوليين: بكين وموسكو، الضحية كان المواطن العادي بإخفاء الدليل والبرهان بغية صقل وعي متجدّد يستعيد أجواء الحرب الباردة لتعزيز الصناعات العسكرية والأمنية في الولايات المتحدة.

سخرت عدة مؤسسات أميركية واخصائيين في مجال التقنية من سيل الاتهامات الرسمية غير الموثقة، عشية المؤتمر العام للحزب الديمقراطي وقرصنة سجلاته الخاصة والسرية، وما نجم عنها من إقالة وإقصاء خمسة من كبار الشخصيات النافذة، بما فيها الرئيس التنفيذي، ديبي واسرمان شولتز.

في سياق التهكّم من الادّعاءات الرسمية، نشرت يومية بوليتيكو، 5 آب، تحقيقاً بعنوان «كيف باستطاعتك قرصنة الانتخابات خلال 7 دقائق»، موضحة سعي الأستاذ في جامعة برينستون العريقة، أندرو آبل، محاكاة القرصنة عبر شرائه أجهزة مستعملة مختصة بعملية التصويت ومتوفرة تجارياً، بكلفة متدنية نحو 82 دولار، من صنع «شركة سيقويا لنظم التصويت، إنتاج عام 1997، استطاع عبرها «اختراق» أجهزة تسجيل وحفظ نتائج تصويت الناخبين بيسر بالغ لأجهزة «مسخرة للاستخدام في ولايات لويزيانا، نيو جيرسي، فرجينيا وبنسلفانيا». كلفتها الأصلية بلغت 5.200 دولاراً.

إمعاناً في السخرية من اتهامات رسمية للصين وروسيا، أوضح الأستاذ الجامعي انّ أحد معاونيه الطلبة، اليكس هالدرمان، استطاع التغلب على قفل الجهاز في سرعة قياسية «7 ثواني»، وشرع مباشرة في استبدال شرائح الذاكرة الدقيقة بشرائح أخرى من اختياره، بسهولة.

وأوضحت «مجموعة برينستون»، كما أضحت تسمّى، انّ مختلف نماذج الأجهزة المعتمدة في الانتخابات هي «أقلّ أمناً وسلامة من هواتف آبل من طراز آي فون»، خاصة في برامجها المشغلة المليئة بالثغرات. يذكر انّ نماذج الأجهزة الالكترونية المختصة بالانتخابات بلغت كلفتها الإجمالية ما ينوف عن 4 مليار دولار.

ما يضاعف احتمالات اختراق الأجهزة الموزعة على كافة الدوائر الانتخابية أنها تخضع لإشراف سلطات الولايات المحلية، وليس لهيئة مركزية بضوابط معتمدة، كما توضح وزارة الأمن الداخلي للدلالة على سهولة القرصنة والتلاعب بنتائج التصويت. كما أشارت الوزارة الى إقلاع عدد من الهيئات الانتخابية المحلية عن استخدام الأجهزة الالكترونية واستبدالها بقوائم ورقية وصناديق تمّ الإقلاع عنها لعدم القدرة على وقف حاسم للاختراقات.

اما بلورة قواعد وتدابير عامة ملزمة للجميع فهي من صلاحية «معهد المقاييس الوطني»، بإشراف لجان دوائر الانتخابات المحلية التي يبلغ تعدادها نحو 9000 دائرة.

القلق العام من التلاعب والتزوير في الانتخابات العامة دائم ومشروع، وله ما يبرّره. الخشية لا تقتصر على جهود قرصنة او اختراق «من خارج حدود الولايات المتحدة»، بل يزخر تاريخ الكيان السياسي الأميركي استخدام اساليب ضغط وإكراه لا تخلو منها ايّ دورية انتخابية تقريباً، خاصة في بعد «استبدال الصناديق بأخرى مثقلة بأوراق تصويت بديلة».

بعض أمثلة التزوير القريبة في التاريخ: السيناتور عن ولاية لويزيانا، هيوي لونغ، أمسك به متلبّساً بتزوير الصناديق عام 1932 السيناتور آنذاك عن ولاية تكساس، ليندون جونسون، قام بتزوير ما لا يقلّ عن 20.000 صوت عام 1948 التزوير المتواصل وشبه الثابت في أهمّ مدينتين: شيكاغو ونيويورك «التزوير» الشهير لبطاقات الانتخاب عام 2000 الذي قام به فريق المرشح جورج بوش الابن في ولاية فلوريدا. في أعقاب تلك الواقعة التي أسرت الشعب الأميركي والمراقبين الدوليين على مدى نحو أسبوعين، صادق الكونغرس على تمويل مشروع «مساعدة أميركا للتصويت»، عام 2000 واستثمار نحو 4 مليارات دولار في تقنية انتخابية وتعميمها على الولايات الخمسين، ثبت انّ ثغراتها لا تقلّ سوءاً عن ثغرات النظام اليدوي، ذهبت معظمها الى جيوب شركتين فقط: «ديبولد» و «اي اس آند اس».

في هذا السياق أعربت يومية «واشنطن بوست»، 2 آب، عن بالغ قلق المسؤولين الأميركيين لتجد اتهامات المرشح ترامب بأنّ نتائج الانتخابات تمّ تزويرها في حال خسر الانتخابات، ووصفتها بأنها «كارثة وطنية».

وأوضحت حجم القلق في انتخابات العام الحالي بالقول انّ انتخابات عام 2012 الرئاسية شارك فيها نحو 129 مليون مواطن أميركي. التوقعات الاولية، وفق الصحيفة، تشير الى منافسة متقاربة بشدة بين المرشحيْن، ومن شأن «التلاعب ببضع مئات آلاف الأصوات العامة تغيير نتائج الانتخابات».

من مفارقات التزوير الالكترونية حادثة عام 2003 التي عثر فيها على نحو40.000 ملف برمجة تخصّ شركة «ديبولد»، رفعت على موقع الكتروني للاطلاع العام والتصرف العام».

قرصنة ولايتين

حادثة القرصنة الأخيرة تعلقت بالسيطرة على سجلات وبيانات انتخابية لولايتي اريزونا وايلينوي، شملت مئات آلاف الناخبين، وما خفي ربما كان أعظم. الأمر الذي استدعى مكتب التحقيقات الفيدرالي اف بي آي إصدار تحذير للقائمين على كافة العمليات والأجهزة الانتخابية في عموم الولايات كما حذرت الحكومة الأميركية ووزارة الأمن الداخلي من انّ المسّ بالنظام الانتخابي يعدّ تهديداً «للبنية التحتية الحيوية» للبلاد.

شملت السجلات في ولاية ايلينوي نحو 200.000 ملف للناخبين، وما تضمّنته من معلومات خاصة، الأمر الذي استدعى السلطات المحلية إيقاف العمل بنظام تسجيل الناخبين لمدة عشرة أيام.

اما في حال ولاية أريزونا، فقد أوضحت السلطات انّ نظام التسجيل لديها تعرّض لهجمة قرصنة ببرامج ضارّة، بيد أنها لم تستشعر نسخ ايّ من بيانات الناخبين.

لم تدم حالة الاطمئنان طويلاً، فسرعان ما قفز أحد اخصائيي الأمن الالكتروني، ريتش بارجر، لاستعادة ما توصل إليه من تدقيق في ملفات أف بي آي ، قائلاً انّ أحد العناوين المميّزة، رقم بروتوكول الانترنت، سبق أن تمّ التعرّف عليه في بيان التحذير الصادر عن مكتب التحقيقات قيل انه يعود لمشتبه روسي، فضلاً عن انّ أسلوب الاختراق «يشبه أساليب سابقة» تمّ التعرّف عليها لمواطنين روس.

استدرك الخبير الأمني بالقول انه وفق الأدلة المتوفرة راهناً لا نستطيع الجزم بأنّ هناك سعياً مقصوداً للتدخل والتأثير في نتائج الانتخابات العامة، وربما كان الهدف هو التوصل لبيانات خاصة ليس إلا.

السلطات الرسمية لا تزال قلقة وفي حيرة من أمرها انْ نجح قراصنة معيّنون في اختراق أجهزة الانتخابات في ذلك اليوم مما سيسفر عن حالة فوضى واسعة. مسؤولو الدوائر الانتخابية المحليون وصفوا مذكرة التحذير الصادرة عن أف بي آي بأنها «غير مسبوقة… لم نشهد تحذيراً شاملاً من قبل».

سلسلة من الاختراقات والقرصنة طالت مؤخراً أجهزة متعدّدة وبيانات حساسة لمؤسسات تشكل العمود الفقري للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى قرصنة بيانات «مؤسسة كلينتون الخيرية». الشكوك والاتهامات الرسمية لا تزال تحوم حول ضلوع روسيا، الأمر الذي يرخي ظلالاً كثيفة من الشكوك حول صدقية ودقة الأجهزة الانتخابية المعتمدة.

القرصنة امتداد للسياسة الرسمية

برزت في الآونة الاخيرة تفاصيل قيّمة لكيفية عمل الأجهزة الأمنية الأميركية، بشكل خاص، واختراق خصوصيات مواطنيها، لا سيما أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة لتعقب ومضايقة مناوئيها السياسيين.

في إحدى الوثائق السرية التي نشرها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي، ادوارد سنودن، بثت محتواها شبكة سي بي اس للتلفزة، عام 2012، جاء فيها انّ ضباطاً في الوكالة ونظرائها الدوليين اشتركوا في سلسلة محاضرات ولجان عمل تهدف دراسة الثغرات الأمنية واختراق تقنية أجهزة الهواتف المحمولة لأهداف تجسسية، في الفترة الزمنية بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 وشباط/ فبراير 2012.

وأوضحت الوثيقة انّ المشروع بالغ السرية أطلق عليه اسم «البوق المهيّج»، لبلورة سبل اختراق والسيطرة على نشاطات حاملي الهواتف وزياراتهم المتعدّدة للمحال التجارية وزرع برامج الكترونية ضارّة، والتي من شأنها التحكّم بجمع البيانات المتعدّدة من الأجهزة دون علم أصحابها.

تداولت في الآونة الأخيرة الصحف الأميركية ضلوع دولة الإمارات العربية المتحدة في تعقب واختراق جهاز آي فون يعود لأحد مواطنيها والناشط في مجال نشر الديمقراطية، أحمد منصور. وأوضحت التقارير انّ الأجهزة الأمنية في الإمارات أرسلت له رسائل نصية متعدّدة تعد بتوفير معلومات سرية حول معتقلين في سجون الدولة، وما عليه إلا الضغط على رابط مرفق. ونظراً ليقظة السيد منصور، قام بالاتصال مع مؤسسات أمنية على وجه السرعة.

تبيّن لاحقاً انّ البرنامج الضارّ يُعرف بـ«بيغاسوس»، من إنتاج «شركة إسرائيلية» تدعى مجموعة «ان اس او»، الملحقة بالوحدة رقم 8200 في «القوات الإسرائيلية» الخاصة بالتجسّس الالكتروني. تبيّن انّ عدداً من الدول «الاقليمية» اشترت نظام «بيغاسوس».

وأوضح أحد أخصائيي الأمن الالكتروني في مؤسسة «سيتيزن لاب» انّ «بيغاسوس» عند تشغيله سيكون بمثابة جاسوس رقمي محمول باستطاعته التحكم بكاميرا الجهاز والميكروفون ايضاً للتلصص على نشاطات الجهاز عينه وتسجيل المكالمات الهاتفية، الصادرة والواردة، وكذلك المحادثات والرسائل النصية، فضلاً عن تعقب كافة الأنشطة والحركات.

في أعقاب الكشف عن «الشركة الإسرائيلية» والأضرار المحتملة، سارعت شركة آبل الأميركية لإصدار تحديث لبرنامج تشغيلها آي او اس، وطرحه مجاناً في الأسواق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى