كيف تتجسس فرنسا على مستعمرتها السابقة؟
في حزيران الماضي، حل المسؤول السابق في الاستخبارات الفرنسية، برنارد باربييه، ضيفاً على مؤتمر خاص بالاستخبارات والأمن المعلوماتي. من جملة ما كشفه معلومتان، على أهميتهما، لم تحظيا بالاهتمام الكافي: الأولى، أن الولايات المتحدة كانت وراء عملية القرصنة الإلكترونية للإليزيه عام 2012. والثانية، أن فرنسا نفسها، تقوم بالتجسس على دول عدة، من بينها الجزائر، إيران، إسبانيا، اليونان وساحل العاج.
صحيفة «لو جورنال دي ديمانش»، أعادت، في عدد صدر حديثاً، نشر ما ورد على لسان باربييه، الذي كشف أن التحقيقات التي أشرف عليها، بين جولتي الانتخابات عام 2012، بشأن اختراق إلكتروني لحواسيب مساعدين للرئيس السابق نيكولا ساركوزي، أظهرت أن مصدر الاختراق الولايات المتحدة.
وتابع باربييه، أنه حين سافر إلى الولايات المتحدة، موفداً من الرئيس الفرنسي، المنتخب حديثاً، آنذاك، فرانسوا هولاند، للقاء نظرائه الأميركيين، التقى بالمدير السابق لوكالة الأمن القومي كيث الكسندر، الذي «لم يكن سعيداً في نهاية الاجتماع». ونقل باربييه، أن الكسندر كان يشعر بخيبة أمل لاكتشاف الموضوع.
لكن، يبدو أن فرنسا، التي انزعجت من تجسس «حليفتها» عليها، هي نفسها عملت منذ العام 2009، على التجسس على دول عدة، من بينها إيران والجزائر. وقال باربييه، إن كندا أيضاً، من بين الدول التي اشتبهت بتجسس باريس عليها، لكن هذه المعلومة لم يتم تأكيدها في فرنسا.
ووفق المعلومات، فإن الكنديين تمكنوا من كشف البرنامج المستخدم في عملية التجسس واسمه «بابار». وخلصوا إلى أنه فرنسي، وقد «كان كذلك بالفعل»، كما قال ضابط الاستخبارات الفرنسي السابق.
وقال الخبير الأمني الجزائري، أحمد ميزاب: «إن هناك جملة من العوامل التي تدفع بفرنسا للتجسس على الجزائر، من بينها الدور الإقليمي الذي تلعبه في المنطقة، التي تعتبر عمقاً استراتيجياً للمصالح الفرنسية». فضلاً عن كونها شكلت «حجر عثرة أمام تحقيق الفرنسيين مآربهم في المنطقة».
أضاف ميزاب، متحدثاً لـ«الميادين»: «إن فرنسا لا تريد أن تخرج من هذا الحلم المرتبط بـ»الجزائر كأرض فرنسية. وبالتالي، هي تريد أن تكون تحت المجهر ومراقبة الجهات الفرنسية». لافتاً في الوقت نفسه، إلى ارتباط الموضوع بالتحولات والتغيرات في المحيط الإقليمي للجزائر، لجهة سقوط الأنظمة والانتشار التاريخي للإرهاب وتمدده.
وتوقع ميزاب، أن تتعامل الجزائر مع القضية كما سبق لها أن تعاملت في السابق، إذ أن مسألة التجسس ليس جديدة، من حيث فتح تحقيقات قضائية بشأنها وتوجيه رسائل دبلوماسية شديدة اللهجة.