رندة برّي: يجب أن تكون المرأة حاضرة بقوّة في آليات صنع القرار السياسي

أكدت نائب رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عقيلة رئيس مجلس النواب رندة عاصي برّي، أن أخطر التحدّيات التي تواجه المرأة النازحة وأسرتها، تحدّي الهوية والانتماء. متسائلةً عن سبب تغييب الحديث عن حقّ عودة النازحين إلى وطنهم عن كلّ المنتديات التي تناقش أزمات منطقتنا، خصوصاً الأزمة السورية، مستغربةً الهمس المرتفع في الكواليس عن توطين النازحين في أماكن إقامتهم أو أماكن نزوحهم؟ مؤكدة أن التوطين من الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.

وتحدّثت برّي في المؤتمر الوزاري الأول الذي عقد في القاهرة، بدعوة من الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة تحت عنوان «مؤتمر المرأة وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة العربية».

وشدّدت برّي في كلمتها على ضرورة أن يساهم المؤتمر من خلال توصياته ومقرارته باتجاه تكريس حق المجتمع بأن تكون المرأة شريكة أساسية في صنع القرار السياسي. لافتة إلى أن حضور المرأة في ميادين الثقافة والفكر والأدب والفن والاقتصاد لا يكفي، مؤكدة أن المطلوب ان تكون المرأة حاضرة بقوّة في آليات صنع القرار السياسي بمفاصله كلّها، لافتة إلى أنّ تمكين المرأة سياسياً يجعلها شريكة ومسؤولة بالمستوى نفسه مع الآخر في تحقيق الأمن والسلام ومواجهة العنف الذي يستهدف الأرض والإنسان.

وتساءلت برّي: هل القرارات المدوّنة على الورق والمؤرخة بأرقام وتواريخ وأزمنة وأمكنة كفيلة بتحقيق الأمن والسلام ومنع الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية بحقّ المرأة والطفل وبحق الإنسان وأمنه واستقراره؟

وأشارت إلى القرارات الدولية على أهميتها كإطار قانوني للتعامل بها في ما بيننا كدول ومنظمات، لكنها لم تشكل رادعاً لمنع حصول الانتهاكات والارتكابات المخالفة أبسط قواعد حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، ابتداء من إرهاب الدولة الذي مارسته ولا تزال تمارسه «إسرائيل» في الجولان وفلسطين ولبنان، وهي، أي القرارات، لم تقلّص من حجم الانتهاكات والارتكابات التي تطاول النساء والأطفال والفتيات.

وحول التزام لبنان بالقرار الأممي رقم 1325 الخاص بمكافحة العنف ضدّ المرأة ومشاركتها في صنع السلام، قالت برّي: إننا في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبناني نؤكد التزامنا بالقرار 1325 وبكلّ القرارات المتمّمة له، ونرى أن الحاجة ملحّة لهذا القرار وللقرار الأممي 2242 المكمّل له باعتباره يتضمّن إجراءات تنفيذية للقرار الأول، ويركز على ضرورة وأهمية مشاركة المرأة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين من خلال المشاركة في عمليات درء النزاعات المسلحة وحلّها، إضافة إلى مناهضة العنف ضدّ النساء والفتيات أثناء النزاعات، خصوصاً من قبل الجماعات الإرهابية المتطرّفة، فضلاً عن تضمّنه خارطة طريق واضحة وطموحة في شأن المرأة والسلام والأمن، وشموله عدداً من الإجراءات الضامنة تنفيذ القرار 1325 وهي بنود تضيّق الهوّة بين القرار والواقع.

وعن قضية النازحين وعدم التزام الدول بوعودها والتزاماتها في مساعدة الدول التي تستضيف نازحين وفي مقدّمها لبنان، أكّدت برّي: إن الحاجة أيضاً أكثر من ضرورية إلى إصدار قرارات وإجراءات تلزم الدول القادرة اقتصادياً ومالياً وسياسياً للوفاء بالتزاماتها وتنفيذ وعودها بمساعدة البلدان التي تستضيف ملايين النازحين معظمهم من الأطفال والنساء، لا سيما لبنان. فأزمة النزوح وما يترتب عليها من تداعيات تشكل أرضية خصبة لتنامي حالات العنف ضدّ المرأة والفتاة. مثلاً، لبنان الذي لي شرف تمثيله في هذا المؤتمر، صار يشكّل النازحون واللاجئون فيه ما يزيد عن نصف عدد سكانه اللبنانيين، وهو أصلاً ينوء تحت ثقل الأزمات الاقتصادية والسياسية، كيف لهذا البلد أن يقارب التداعيات والتحديات الناجمة عن أكبر أزمة إنسانية عرفتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية وهي أزمة النزوح السوري بكلّ جوانبها الصحية، التربوية، الاجتماعية، المعيشية، الإنسانية، الأخلاقية، الأمنية والقومية.

وأكدت برّي أنّ أبشع عنف يمكن أن يواجه المرأة في منطقتنا، محاولة سلخها عن وطنها وعن أرضها، ومنحها هوية لاجئة بدل هويتها الأصلية، ومحو ذاكرتها الوطنية والقومية والثقافية.

وقالت برّي: فليكن لسان حالنا في كلّ لقاءاتنا، خصوصاً في هذا المؤتمر، رفض أيّ محاولة لتوطين النازحين، أيّاً تكن هوية النازح أو اللاجئ، سوريّاً كان أم عراقياً أم فلسطينياً أم ليبياً أم يمنياً أم لبنانياً.

وختمت برّي كلمتها بالتأكيد على أن أقصر الطرق لتحقيق الأمن والسلام وأقلّها كلفة يتمثل بوقف الحرب.

وتضمنت كلمة برّي بِاسم الهيئة الوطنية لشؤون المراة اللبنانية جملة توصيات، آملة أن تكون جزءاً من البيان الختامي ومن توصيات المؤتمر أبرزها:

التأكيد على أن الإرهاب الذي يطال الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، سواء جاء من إرهاب دولة تمثل «إسرائيل» رأس حربته أو من إرهاب تكفيري، كله إرهاب مُدان ويجب ملاحقة مرتكبيه وهو لا يعبّر عن القيم السمحاء للرسالات السماوية، وهو ما يستوجب الوصول إلى تعريف موحّد للإرهاب.

إدانة أيّ محاولة للتطاول على الإسلام والرسالات السماوية تحت حجة مقاومة الإرهاب، وفي الوقت نفسه إدانة أيّ محاولة لاستخدام الدين لارتكاب أعمال إرهابية بحق الإنسان والمرأة في أيّ مكان وتحت أيّ ظرف.

وكان المؤتمر قد افتتح أعماله في صالة القاهرة في فندق «كارلتون ريتز» في العاصمة المصرية، بحضور أمين عام جامعة دول العربية أحمد أبو الغيط، رئيسة الدورة الحالية للجنة المرأة العربية وزيرة الدولة في الإمارات العربية المتحدة ميثاء الشامسي، مديرة البرامج في هيئة الأمم المتحدة ماريا نويل، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية السفيرة ميرفت التلاوي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف في حالات النزاع زينب بانجورا، ممثل الحكومة اليابانية السفير الياباني في مصر تاكيهيرو كاجوا، وحشد من وزراء الدول العربية، كما حضر ممثّلون عن منظمات نسائية وجمعيات ومنظمات دولية.

واستهلّت أعمال المؤتمر بكلمة أبو الغيط تحدّث فيها عن الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية ومدى انعكاساتها على الإنسان العربي عموماً والمرأة خصوصاً.

كما ألقت السفيرة التلاوي كلمة تطرّقت فيها إلى المخاطر الناجمة عن تفاقم أزمة النزوح واللجوء والهجرة وانعكاستها على المرأة العربية.

ثم ألقت كل من نويل والشامسي و بانجورا كلمات شدّدت على أهمية منح المرأة دورها في المجتمع والدولة.

لقاءات

وعلى هامش مشاركتها في المؤتمر، التقت برّي، مديرة البرامج في الأمم المتحدة ماريا نويل، وزيرة الدولة الإماراتية ميثاء الشامسي، وزيرة التنمية الاجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية خولة العرموطي، وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية هيفاء الآغا، مديرة منظمة المرأة العربية ميرفت التلاوي، وممثلين عن الوفود المشاركة في المؤتمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى