«مركز التعرّف على الحياة البرّية» يحْيي «ليلة الوطواط العالمية» في عاليه
أحمد طيّ
تنحني لولوة حاسبيني 7 سنوات ، قرب سلحفاة، وهي تشرح لأطفال آخرين ما تفعله السلحفاة، ثمّ تلحق بآخرين لتدلّهم على حيواناتٍ برّية أخرى، كالغرير والغزال، ابن آوى والثعلب، الدب والصقر، الوعل والنسر الأفريقي العملاق، وغيرها من الحيوانات التي يؤويها مركز التعرّف على الحياة البرّية الكائن في منطقة رأس الجبل في عاليه.
لولوة من بيروت، وهي مواظبةٌ على زيارة المركز في عاليه كل سنة في مثل هذه الأيام، أمّا المناسبة، فإحياء «ليلة الوطواط العالمية».
في هذه الحياة، حيوانات كثيرة مفيدة للإنسان وللبيئة، لكن الإنسان يؤذيها ويقتلها من دون مبرّرات. والوطواط من الحيوانات التي يجهل الإنسان منافعها، ويظنّ أنها مؤذية. ولإنها تنشط ليلاً، نسج حولها الخرافات المخيفة. كما أنّه يعمد إلى قتلها عبر الصيد العشوائي وتخريب بيوتها وحرقها.
في لبنان، ثمّة مركز للعناية بالحيوانات البرّية، يديره الدكتور منير أبي سعيد. ويحتوي المركز على خمسة وثلاثين فصيلة مختلفة من الثدييات البرّية والطيور والزواحف، المصابة واليتيمة. محاطة برعاية خاصة، وببيئة برّية ومناظر طبيعية تساعد في تحسّنها. كما أنّ هناك مكاناً خاصاً لحيوانات المَزارع.
كلّ سنة، في السبت الأخير من شهر آب، ينظّم المركز «ليلة الوطواط العالمية»، ويعتبر لبنان البلد العربي الوحيد الذي يحْيي هذه الليلة. وفي هذه الليلة، يرى الصغار والكبار الوطواط عن كثب، ويعرفون أكثر عنه من خلال الشروحات والمحاضرات التي يقدّمها المركز.
أمّا هذه السنة، فكانت «ليلة الوطواط» مميّزة، إذ ترافقت نشاطات المركز مع توزيع قصّة «صديقنا الوطواط» التي أصدرتها «دار أصالة» في الآونة الأخيرة، وهي من تأليف أحمد طيّ والرسوم للينا عبّود. تتحدّث القصّة عن فوائد الوطواط وأهميته بالنسبة إلى الإنسان والبيئة، وذلك بأسلوب شيّق وسلِس.
برعاية سفير اليابان في لبنان سييتشي أوتسوكا، أحيى مركز التعرّف على الحياة البرّية، وبدعوة من بلدية مدينة عاليه، «ليلة الوطواط العالمية» والتي تأتي في سياق أنشطة تقام بالتزامن مع بعض الدول في العالم، بهدف توعية المواطنين حول أهمية الوطواط ودوره في التوازن البيئي.
شارك في إحياء هذه الليلة رئيس بلدية عاليه وجدي مراد، الخبير البيئي الدكتور فيصل أبو عزّ الدين، وممثلون عن الجمعيات الأهلية وعناصر من الكشافة، وطلاب مدارس ومواطنون من مختلف المناطق اللبنانية.
وعرضت المهندسة ديانا أبي سعيد لأهمية الوطواط في التوازن البيئي، لا سيما لجهة القضاء على الحشرات الضارة، ودور بعض أنواعه في تلقيح الثمار، وقالت: «هذه المناسبة المميزة تقام في نهاية الأسبوع من شهر آب من كل سنة، والغرض من هذا الحدث بامتياز، المحافظة على الحياة البرّية».
وشكر أوتسوكا الدكتور منير أبي سعيد وزوجته ديانا للدعوة إلى هذا الحدث الاستثنائي. وقال: «يسعدنا أن نشارك في ليلة الوطواط الدولية، وقد أعجبت بهذا المركز منذ زيارتي اليه منذ سنتين الذي يهتم بالحفاظ على الحيوانات البرّية».
ولفت إلى أنّ لبنان بلد غنيّ بالمظاهر الطبيعية، إلّا أن الحياة البرّية مهدّدة بسبب التدمير البشري للبيئة الطبيعية، الصيد غير الشرعي، وجهل قيمة الحياة البرّية. وتمنّى من الجميع أن يتعرّفوا إلى الحياة الجميلة للحيوانات والتي لا تقدر بثمن، وكذلك التقرّب منها ولمسها برقّة. واعتبر أنّ كل النشاطات التي نراها الآن هي ثمرة جهد الدكتور منير وديانا اللذين كرّسا نفسيهما من أجل حماية الحيوانات.
وقال: «بِاسم سفارة اليابان، ننتهز هذه الفرصة بتقديم عرض بسيط لجزء من الثقافة اليابانية، يسمى أوريغامي، وبالعربية الفن الياباني عبر طيّ الورق يدوياً، وكذلك دورياكي وهي حلوى تقليدية يابانية المعروفة بالبان كيك». ورأى أنّ هذه المشاركة المتواضعة تعبّر عن دعم سفارة اليابان لهذا الحدث.
أمّا مراد فقال في كلمته المقتضبة: «لم نكن نتوقع هذا الحضور في ليلة الوطواط، لأنه في النشاطات البيئية والثقافية يكون في الغالب عدد الحضور قليلاً، ولذلك نشكر حضوركم جميعاً ونشكر سفير اليابان على حبّه البيئة وهو ينصحنا كلبنانيين كي لا ندمر بيئتنا». وأشار إلى أنّ المركز والمدرسة المجاورة قائمان في أرض للبلدية. لافتاً إلى أنّ هذا هو العمل البلدي، لا الصرف الصحي والطرقات فحسب، فالأمور البيئية والثقافية التربوية والصحية هي من مهام البلديات.
وقال: «هذا النشاط يقام في دولة عربية واحدة هي لبنان، وفي مدينة عاليه وفي هذا المركز بالذات، وما أعطى هذه الليلة غنى وتميّزاً، وجود سعادة سفير اليابان في عاليه ورعايته هذا النشاط». ثمّ عرض مراد لمشروع حديقة السفارات في عاليه كمشروع نموذجي وحضاري، وأثنى على جهود الدكتور أبي سعيد وزوجته المهندسة ديانا لأنّهما كرّسا حياتهما من أجل البيئة.
وعرض الدكتور أبي سعيد لهذا اليوم، وقال: «حيواناتنا في لبنان مهمة جدّاً، وليس بالضرورة أنه كلما أمسكنا بحيوان نقوم بتسفيره إلى الخارج لحمايته، لإنه إذا بقينا على هذه الحال، فلن يبقى هناك في لبنان لا حيوانات ولا غير حيوانات».
وأضاف: «نسمع دائما عبارة وطاويط الليل ، والمقصود منها الناس الذين يرتكبون أفعالاً ضارةً في العتمة، أما نحن فنقول إنّ الوطاويط التي نعرفها مهمّة جداً ولا تؤذي، وهي نافعة».
ثمّ قدّم أبي سعيد بِاسم المركز دروعاً تقديرية لسفير اليابان ومراد ولشيرين كريدية مديرة «دار أصالة» لإصدارها قصّة عن الوطواط.
وكانت سلسلة من المحاضرات في قاعة «الخيمة العلمية» في المركز، وأقيمت نشاطات الباحث الصغير، ومنها الإمساك بدمى على شكل وطاويط بوساطة الشِّباك، ولعبة «كُن وطواطاُ»، و«دَع الوطواط يطير»، وتذكارات من وحي المناسبة تحمل رسالة للحفاظ على الوطواط قبعات، قمصان، كرات مطاطية ، فضلاً عن إتاحة الفرصة للمشاركين لسماع صوت الوطواط عبر تقنيات سمعية متطوّرة.