أردوغان.. وردّ انقلاب المساومة صاعَيْن

لؤي خليل

منذ أن اتخذ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، القرار الإنقلابي ضدّ حلف المقاومة، بالإنخراط «الإخواني» المتطرف، والسعي لتدمير دول عدة في المنطقة، سعياً وراء أكثر من مكسب سياسي وعسكري، ظناً منه أنه سيظهر بمرآة الأمم والدول الغربية، القائد السياسي الأول، في منطقة أنهكتها الأزمات السياسية والحروب العسكرية.

لكن المنتج السيّئ، الذي أنتجته الحرب الأخيرة في سورية، الذي لعب فيه أردوغان ونظامه، دور رأس الحربة ضدّ الشعب السوري، أنتج عنصراً «إخوانياً وهابياً لقيطاً» من رحم الاستخبارات الصهيونية، والفكر «الوهابي». هذا العنصر الذي بدأ يفرز إلى سطح الأزمة، في المنطقة، عناصر أخرى متطرفة، في وجهه وفي وجه الدولة التركية، أدخلت لعبة السياسة في العسكر لتنضج محاولات انقلاب داخلية سياسية، وحروب عدة في الداخل التركي ودول الجوار.

فالانخراط التركي في وجه الحلف المقاوم وداعميه، في روسيا، حجّم التدخل التركي في مناطق عدة، خصوصا اقتصادياً. فخسر الرهان مرات عدة. وترك، في أول معاركه مع القيصر الروسي، وحيداً غير قادر على التقاط أنفاس الهزيمة.

كلّ ما نسرده ليس إلا مقدمة لبدء خطوط التراجع التركي، أمام خذلانه من قبل أقوى حلفائه في الولايات المتحدة. وليتضح، في ما بعد، أنّ معايير الدعم الأميركي انقلبت محاولات تحجيم للاندفاعة التركية، في المعادلة السورية، عن طريق محاولة انقلاب انخرطت فيها دول عدة، ومعادلات لتغيير موازين اللعب السياسي الداخلي والعسكري الخارجي.

هكذا، يجد رأس النظام التركي نفسه، أمام معادلة مجهولة العناصر، تحتاج ألى تفكيك الخلايا الإرهابية، التي انغرست في قلب العنصر البشري التركي ومواجهة اللعب السياسي الخارجي، في معادلات الأحزاب والمؤسسة العسكرية التركية. فما حدث أنّ أردوغان اصطدم «بصاعي» الإنقلاب والتحجيم الروسي لتحركه في المحيط الجغرافي والسياسي.

بعد كلّ ما تقدّم، يطرح التغيّر الأردوغاني الكبير، باتجاه رسم معادلات سياسية، بعيداً عن حزب العدالة والتنمية «الإخواني». والإنقلاب الجديد على نفسه، في مواجهة حلفائه في واشنطن، بعد كلّ «صاع» تعرّض له وزعزع نظام حكمه. فهل بدأ أردوغان بالإنقلاب على ذاته، رداً على الإنقلاب؟ فبدأ يغيّر في معادلات التدخل السوري، ويحاول التقرّب من المحور الروسي – الإيراني في الأزمة السورية، ليزجّ بقواته في الحدود السورية، ويرسم خطوط تعاون جوي مع موسكو، في ضرب معاقل التنظيم «الداعشي»، حيث لا يخفى على أحد، من كان والد هذا «اللقيط الإخواني الداعشي»! ومن سهّل وموّل وأعدّ، للأمس القريب، خطط ضرب المدن السورية.

فـ»صاع» أردوغان الأول، بدأ تغييراً سياسياً وتدخلاً عسكرياً مباشراً. والثاني، أخذ أبعاد تغيير معادلات السياسة، ورسم مراحل مبدئية مع الحكومات السورية والإيرانية، تتخطى الحلف المساوم وداعميه في الخليج والغرب. وسينسحب، هذا التغيير في الموقف التركي، على الحلفاء المساومين، نقاط ضعف لا تسمح لهم سوى بهامش ضعيف في المناورة على محور الأزمة السورية. فأردوغان، الذي تمرّس الانقلاب على أقرب الحلفاء، مقابل التغني بأنه محور اللعب السياسي، ربما يفكر بردّ صاع الانقلاب «صاعين»، ويغرّد خارج تيار «الوهابية»، ويرسم طريق العودة إلى الاقتصاد الشرق أوسطي، ويلبّي طموحاته من بحر قزوين إلى المتوسط. فالمعادلات التي تفتح ازدواجية امتهنها النظام التركي، ربما ستجد منفذها عبر البوابة الروسية، من جديد. لتغيّر أسهم الفرق المتحاربة، ربما. وتزيد حواجز التدفق «الوهابي» إلى الأرض السورية. وربما بدأت تركيا تدفع فاتورة «الصاعين» اللذين وجها لها مرتين، عبر الغرب، ورهانهم الخاسر. فهل يبتعد أردوغان، أكثر، بغربته عن الأطلسي. ويسافر في بحر قزوين باحثاً عن الربان الروسي، للإنقاذ من سفينة «آل وهاب» الغارقة في بحر دماء البلدان. هل فعلاً يفكر أردوغان بردّ الصاع صاعين؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى