التنسيق مع سورية ضروريّ وملحّ إذا ما أرادت الحكومة اللبنانية تحرير أسرى الجيش من قبضة «داعش»
إذا كان المتنبي قد ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره، فإنّ «داعش» يشكّل في هذه الأيام شغل العالم الشاغل، وشتّان ما بين عظيمٍ قدّم شعراً خالداً، وبين تنظيمٍ احترف الذبح وقطع الرؤوس وما إلى ذلك من الأفعال التي تعيد البشرية إلى ما قبل قبل الجاهلية.
إنّه «داعش»، الخطر المستجدّ الذي اعترفت بخطورته دول العالم قاطبةً، من أميركا إلى أوروبا وحتّى جزر الواق واق. وبغضّ النظر عن ظروف نشأة هذا التنظيم، وسواء صدقت هيلاري كلينتون أو لم تصدق بادّعائها أنّ واشنطن هي من اخترعت «داعش»، فإنّ ما «أبدعت» أيادي عناصر «داعش» إلى الآن، يفي بأنّ الخطر داهم، ولن يوفّر عدوّاً ولا صديقاً، ولا حتّى من اخترعه.
ربما تكون حبوب الكبتاغون قد فعلت فعلها في أدمغة عناصر «داعش»، إلى جانب التلقين الديني «اللاديني»، فأحالهم وحوشاً لا يرون في الرقاب إلا الدماء السائلة، ويجدون في أيّ أمرٍ لا يروقهم أو يروق «خليفتهم» حلالاً لبتّه بحدّ السيف.
وإذا كان «داعش» الخطر الداهم على العالم أجمع، فإن غالبية البرامج الحوارية على القنوات المحلية والفضائية، العربية والعالمية، ركّزت على هذا الخطر. وفي هذا السياق، تبرز إلى الواجهة قضيّة الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش» في جرود عرسال، والمدّ والجزر اللذان يحكمان هذه القضيّة. فالدولة، وإن كانت واقعةً بين مطرقة التفاوض مع «داعش» وسندان الهيبة، فإنّ من الضروري والملحّ أن تنسّق مع الحكومة السورية في هذا الملف. فمحاصرة عناصر «داعش» الخاطفين وقطع الإمدادات عنهم، يدفعانهم إلى التنازل شيئاً فشيئاً عن مطالبهم. وبالتالي يطلقون سراح الجنود المخطوفين.
أما على الصعيد العالمي، فإنّ التنسيق مع سورية لمحاربة هذا التنظيم الإرهابيّ ضروريّ وملحّ أيضاً، وإلّا، فليتحضر الغرب للزائر الجديد، خصوصاً أنّ آلاف المقاتلين في صفوف «داعش»، يحملون جوازات سفر أميركية وأوروبية.
وفي الشأن السياسي اللبناني، فإن ملفّ رئاسة الجمهورية يراوح مكانه، في ظلّ التجاذبات بين المكوّنات السياسية، والمقترحات التي تُقبل من طرف وتُرفض من آخر، فيما المجلس النيابي لا يؤمّن حضور الثلثين، وهو الحضور الضروريّ والقانونيّ للبتّ في أيّ ملف.