المشنوق: ضوء لبناني في ظلّ العتمة المحيطة بنا إبراهيم: قضايا الإنسان وحقوقه في طليعة أولوياتنا
رعى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في حضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، حفل تدشين المبنى الجديد لـ«مركز التوقيف الاحتياطي» التابع لدائرة التحقيق والإجراء في المديرية، في منطقة ساعة العبد ـ التحويطة، في حضور ديبلوماسي وأمني وعسكري وأممي وممثلي القيادات العسكرية والأمنية ورؤساء مكاتب الهيئات الدولية والإنسانية وتلك التابعة للأمم المتحدة ووفود من المنظمات الإنسانية المحلية المتخصصة في شؤون العمالة الأجنبية بوجوهها الإنسانية والإجتماعية التي ساهمت في بناء المركز، وتشارك في إدارته وخدمة الموقوفين عبر خبرائها بموجب اتفاقات بينها وبين المديرية العامة للأمن العام.
بعد النشيدين الوطني ونشيد الأمن العام عرض فيلم وثائقي عن المركز القديم والجديد، فصل المهمات التي يقوم بها والعناية التي يلقاها الموقوفون الأجانب وغيرهم قيد التحقيق والظروف التي رافقت بناء المركز والأهداف التي تراعي المواثيق الدولية والأممية أسوة بالدول المتطورة واحتراماً من لبنان لحقوق الإنسان.
بعد ذلك تحدث اللواء ابراهيم فأكد «أنّ الأمن في زمننا المعاصر لم يعد يتوسل العنف والشدة، بل أصبح ثقافة يتعين على كلّ الأجهزة اتباعها من خلال القراءة الجيدة للأحداث ورصد حركة المجتمع، واستباق الحالات المريبة التي تفضي إلى فتن تدمر الوطن والمجتمع والانسان، وتقوض أساساتهم، وغالباً ما يكون الإنسان هو ضحيتها الأولى».
أضاف: «من هذا المنطلق، ومنذ تسلمنا قيادة الأمن العام، وضعنا نصب أعيننا إيلاء قضايا الإنسان وحقوقه كلّ الاهتمام الذي يستحق، فليست كلّ مظاهر الاعتراض وأشكالها المختلفة هي مظاهر تدميرية، توجب صدها بالقوة، والتعامل معها وكأنها تحمل في طياتها بذور التخريب والإرهاب».
وأضاف: «إنّ القوانين روح قبل أن تكون نصاً. ونحن، وإن لم نتنكر يوماً لنصوصها، فإننا نطبقها بروح إنسانية شفافة، حتى قبل نشوء هذا المركز المجهز بأحدث الوسائل والتقنيات التي تشعر جميع الموقوفين من دون استثناء بأنهم بشر، يستحقون الرعاية التي توصينا بها السنن والشرائع الإلهية والقوانين الوضعية».
ولفت إلى «أنّ هذا المركز يتولاه خيرة الضباط والعناصر الذين تأهلوا وتدربوا ليكونوا رعاة صالحين لهؤلاء الموقوفين. فتحت سقف هذا المركز يعيش عسكريو الأمن العام مع أولئك الذين قضت الظروف بأن يكونوا هنا، ولو بصورة موقتة، وبالتالي فإنّ «علاقة ما إنسانية» تنشأ بين الطرفين، ما يستوجب سلوكاً حضارياً من هؤلاء العسكريين ينسجم مع تاريخ لبنان الثقافي وقيمه، والمعايير الانسانية المعتمدة دولياً».
ثم ألقى المشنوق كلمة شدّد فيها على أهمية هذا الإنجاز باعتبار أنه يشكل «ضوءاً لبنانياً مميزاً في ظل عتمة المنطقة، نفتخر به، كما أنه يقدم نموذجاً وصورة مشرقة عن الدولة ومؤسساتها رغم الظروف الصعبة».
وقال: «هذا ليس أول إنجاز للأمن العام، يوجد العديد من الإنجازات على طريق العصرنة، تمت في فترة الثلاثين شهراً الماضية، منها جواز السفر البيومتري ووثيقة السفر والإقامة الممكننة. إنّ هذا العمل يعد أعز إنجاز بالنسبة إلي، أعز من أي إنجاز آخر للأمن العام أو لأي مؤسسة أمنية أخرى. أذكر أنني اتصلت بالعميد البيسري عشرات المرات من أجل سؤاله عن تطور العمل في بناء هذا المركز وتجهيزه».
وأضاف: «هذا أعز إنجاز لأننا في منطقة تحترق وتدمر ويسقط فيها آلاف الناس. ولكن لبنان دائماً دولة مفاجأة، ففي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن ضعف الدولة اللبنانية وعن مشاكلها وعن أزمتها السياسية الكبرى، جئنا لنقدم نموذجاً مختلفاً عن المنطقة وعن صورة الدولة اللبنانية التي تعيش أياما صعبة».
وتابع: «جئنا في هذه الظروف الصعبة وفي المنطقة التي ليس فيها أي اعتراف بحقوق الإنسان، نقدم نموذجاً لبنانياً في الأمن العام نقول فيه إنّ كرامة الإنسان في لبنان تحديداً محفوظة، وهو حاصل على حقوقه القانونية، وهناك مراعاة للجانب الإنساني الى أقصى الدرجات التي تراعى فيها حقوق الإنسان».
وقال: «لقد زرت هذ المركز في أيلول الماضي، واليوم بعد سنة، رأيت كيف تم تجهيزه وإعداده، والأهم من كلّ ذلك أنّ الضباط والعناصر الموجودين فيه خضعوا لتدريبات خاصة مع الحالات التي تقع بين أيديهم وبتصرف يراعي المعايير الدولية الجدية بحقوق الإنسان».
وختم المشنوق: «شكراً لكلّ المؤسسات ولكل المنظمات الإنسانية التي ساهمت في هذا الموضوع، وشكراً خصوصاً لشباب الأمن العام الذين بتدريباتهم وعملهم يعطون صورة جديدة عن لبنان المفاجأة، في الوقت التي تنطفئ فيه كلّ الأضواء، نقوم بإضاءة شيء نفتخر به، على حجمه وصغره. هذا ضوء لبناني في ظلّ عتمة محيطة بنا من كل جانب بحقوق الإنسان والبشر وبأدنى حقوق الإنسان، وشكراً أيضاً للجهات وللهيئات وللمنظمات التي ساعدت. وأهنئ أخيراً الأمن العام على هذا الإنجاز، في انتظار إنجاز جديد».
وفي نهاية الاحتفال جال المشنوق وابراهيم والمدعوون في المركز بأقسامه المختلفة الخاصة بالرجال والنساء، وتفقدوا التجهيزات التي وضعت بتصرف إدارته والموقوفين.
وشارك الجميع في حفل كوكتيل أُقيم في المناسبة.