قمة العشرين بعيون الجغرافيا الاقتصادية والعسكرية والتنافس الدولي: الصين صارت على المتوسط وأميركا التي كنا نعرفها تغيَّرت

زياد حافظ

ليس من الصدف، أن تعقد قمة دول العشرين في الصين. كما ليس من الصدف، أن تعقد في مدينة هانغ زوو الصناعية. فالصين أصبحت أكبر دولة صناعية في العالم. أما مدينة هانغ زوو، فهي رابع المدن الكبرى في الصين، وصاحبة اقتصاد متنوّع بالصناعة والخدمات والزراعة، ناهيك عن أنها مركز سياحي مميّز. كما كانت عاصمة سلالة الصونغ، التي حكمت الصين في القرنين الثاني والثالث عشر، وتعدّ من أجمل المدن الصينية. وهي تاريخياً، مركز «بيت الحرير». لكن ما يميّز المدينة، تصدّرها المدن الصينية في العلوم المعلوماتية. أضف إلى ذلك، تقارب الإنفاق مع الولايات المتحدة في البحوث العلمية، حيث وصل إنفاق الصين إلى 2،4 بالمائة، من الناتج الداخلي. فالتفوّق الأميركي التقليدي، في البحوث والعلوم، لم يعد حكراً عليها. والصين من بين الدول التي تنافسها، بشدة، في ذلك المجال. واختيار تلك المدينة، هو إشارة من الحكومة الصينية، لرغبتها في التواصل العالمي، خصوصا في الميدان الاقتصادي والعلمي. علما أنّ العرب في عصرهم الذهبي، وصلوا إلى الصين، ومنهم الرحّالة إبن بطوطة، عام 1348 ميلادي.

تغيير موازين القوة

توافدت قيادات الدول الغنية إلى الصين، قبل موعد الانعقاد الرسمي، لإجراء لقاءات ثنائية مع قادتها. أول من وصل إلى الصين، كان ولي ولي العهد في بلاد الحرمين، محمد بن سلمان. والملفّات التي نوقشت متعدّدة، سياسية واقتصادية وأمنية. وأهمية الصين، تبرز كلّ يوم، مع أخبار عن الصين لم تكن مألوفة لمن درس تاريخها. فالوجود الصيني في البحر المتوسط، والقاعدة البحرية المرتقبة لها في ميناء طرطوس، والكلام الصادر عن إنشاء قاعدة بحرية عسكرية في جيبوتي، ملاصقة للقاعدة الأميركية، والزيارة الرفيعة المستوى من وزارة الدفاع الصينية لدمشق، جميعها إشارات للعالم، بأنها أصبحت لاعباً أساسياً في المعادلات الدولية. وقيمة هذه التحرّكات، أنها غير مألوفة بالنسبة للصين. مصدر دبلوماسي عربي وأستاذ في العلاقات العربية الصينية، في إحدى الجامعات الأميركية، يقول: إنّ من يدرس تاريخ الصين، يعلم أنّ الصين لم تكن راغبة، في تاريخها، أن تكون لها امتدادات سياسية خارج حدودها. فالمزاج الصيني العام، يختلف عن المزاج الأميركي أو البريطاني، اللذين لا يستطيعان الحفاظ على مكانتهما، إلاّ عبر التمدّد الجغرافي وإنْ كان على حساب الدول والشعوب. غير أنّ ذلك تغيّر بشكل جوهري. فلم تكتف الصين بإنشاء قاعدة عسكرية لها في جزيرة اصطناعية، خارج حدودها، في جنوب بحر الصين، بل تريد التواجد في أفريقيا بعد أن ثبّتت وجودها الاقتصادي في العديد من الدول الأفريقية، خلال العقدين الماضيين . والآن، تثبّت مواقعها جنوب غرب آسيا، وعلى شواطئ البحر المتوسط، الذي لم يعد حكراً على الأسطول الأميركي، بل أصبح يضمّ الأسطولين الروسي والصيني أيضاً، وربما غداً، الأسطول الإيراني. كلّ ذلك، يعني أنّ موازين القوة في العالم تغيّرت، من دون أن تستطيع الدول الكبرى، التقليدية، كالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو فرنسا أو ألمانيا، أو حتى اليابان، فرض أيّ تعديل، على ذلك المنحى في التغيير.

قمة دول العشرين، التي عقدت في هانغ زوو، قمة جيوسياسية وجيواقتصادية بامتياز، أوضحت للعالم أنّ هناك مشروعين مختلفين يتنافسان على كسب العالم. المشروع الغربي بقيادة الولايات المتحدة، يريد الحفاظ على الوضع القائم، ويتبع سياسة «فرّق تسد» في كلّ أنحاء العالم، لإخضاع الدول للمشيئة الأميركية، وإنْ كان على حساب الشعوب. أما المشروع المنافس، بقيادة الصين، المتحالفة مع الاتحاد الروسي، فيعرض شيئاً آخر، يهدف إلى تحقيق النمو والتنمية للعالم. ويأخذ مصالح الشعوب بعين الاعتبار. في مرحلة سابقة، لم تكن بعيدة، كان الهدف المشترك لتلك الدولتين ومعهما البرازيل وجنوب أفريقيا والهند، أيّ دول «بريكس»، التصدّي لمشاريع الهيمنة الأميركية، ورفض التبعية لها. بالمناسبة، عقدت مجموعة دول «بريكس» اجتماعاً قبل انعقاد قمة العشرين، مما يدلّ على تماسك المجموعة، رغم الأحداث والتطوّرات في كلّ من البرازيل وجنوب أفريقيا. هذا الموقف الرافض للهيمنة الأميركية، طابعه سلبي. أما اليوم، فهناك مشروع طابعه إيجابي، يصعب على الولايات المتحدة إفشاله، ومن يقف معها من الدول المضلّلة إقليمياً وعالمياً، والتي فقدت القدرة على قراءة التحوّلات الدولية. فذلك المشروع، هو مشروع «طريق الحرير» أو مشروع «حزام واحد وطريق واحد».

مشروع «طريق الحرير»

ما هو ذلك المشروع؟ من خلال معرفة معالمه، نفهم أكثر مغزى عقد القمة في مدينة هانغ زوو. هو المشروع الأوراسي، الذي يربط أوروبا بآسيا. والذي يخلق سوقاً عشرة أضعاف حجم السوق الأميركي، خلال عقدين من الزمن. المراكز والمواقع الآسيوية والروسية، والمحللون كبيبي اسكوبار، يشرحون بالتفصيل معالمه، وهو ما يغيّبه الإعلام الغربي وحتى العربي. فنرى مدى تفوّقهم في الرؤية والتحليل والموضوعية، على أرباب الإعلام والتحليل الغربي! والسوق المرتقبة تتميّز بالتواصل الكبير، أو المبالغ به هيبر كونكتيفتي . هذا هو مستقبل العولمة، التي قتلها جشع النخب المالية في العالم، بينما مشروع الترابط والتواصل، الذي تروّجه الصين، قد يصحّح الانحرافات التي أوجدتها العولمة غير المنضبطة، وغير المهتمة بمصالح الشعوب. فهذا السوق الأوراسي، يحمل في طيّاته مشاريع عديدة تقدّر بـ 1،4 تريليون دولار، تشمل 64 دولة و4،4 مليار نسمة وتشكّل 40 بالمائة من الاقتصاد العالمي. وهذه المشاريع، ستخلق طرقاً جديدة، مترابطة، جامعة ومبدعة، في التجارة والصناعة والتواصل، مما يجعل جميع المشاركين، دولاً وشعوباً، في موقع الرابح.

في هذا السياق، نشير إلى أنّ مجموعة دول جنوب شرق آسيا، أو آسيان ASEAN ، التي تضمّ 16 دولة وتشكّل 16 بالمائة من التجارة الدولية، تفكّر، جدّياً، بالالتحاق بمشروع الشراكة الشاملة الإقليمية، المنافسة لمشروع الشراكة عبر المحيط الهادي، بقيادة الولايات المتحدة. والجدير بالذكر، أنّ مجموعة تلك الدول، تعتبر الحديقة الآسيوية للولايات المتحدة، مما يدلّ على مدى تراجع موقع الولايات المتحدة، عند تلك الدول. للعلم، أظهر الإعلام، مؤخراً، الشتائم التي قذف بها رئيس الفيليبين رودريغو دوترتة، على سفير الولايات المتحدة في الفيليبين، وحتى على الرئيس الأميركي ذاته، مما أدّى إلى إلغاء اللقاء الثنائي بين الرئيسين، على هامش قمة الآسيان، المنعقدة في اللاوس. ومن يعلم مدى ارتباط الفيليبين بالولايات المتحدة، يعي مدى الهوة التي بدأت تظهر. تذكرنا تلك الهوة، بتلك التي نراها، يوماً بعد يوم، بين الولايات المتحدة وتركيا. أما سنغافورة وماليزيا، فحجم الجالية الصينية فيهما، يجعل من الصعب تجاهل دور الصين ونفوذها في البلدين. أما استراليا، فباشرت التبادل التجاري مع الصين، والدفع بالعملة الصينية للصادرات الصينية، مما يدلّ على خروج الدولار الأميركي، كوسيلة الدفع بين البلدين. كلّّ ذلك، على سبيل المثال وليس الحصر. فالمستقبل إذن، هو للشرق وليس للغرب، الذي يشيخ وتقوده نخب رديئة في العلم والفهم والأخلاق.

نذكر، بشكل سريع، بعض هذه المشاريع التي ستغيّر الأمور. فبعضها تمّ إنجازه، والباقي قيد الإنجاز أو التخطيط. فهناك منظمة شانغهاي للتعاون الأمني والاقتصادي. وهناك البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية برأسمال 100 مليار دولار. وهناك الصندوق الملازم له. كما لا بدّ من التذكير بصفقة الغاز التاريخية بين الصين وروسيا بقيمة 400 مليار دولار، التي أبرمت عام 2014. أما بنك التنمية لدول «بريكس»، برأسمال 100 مليار دولار، أيضاً، فستكون الصين المموّل الأكبر له.

تفيد المعلومات، في الصحف والمواقع الالكترونية الصينية والآسيوية، أنّ شركات الدولة الصينية، تستثمر في المرافئ وشركات التكنولوجيا في أوروبا، خصوصا في اليونان، لدعم التكامل الأوراسي. كما أنّ الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، يصبّ في دعم مصداقية منظمة شانغهاي، بقيمة 46 مليار دولار. أما مجموعة المشاريع في «الحزام الواحد، الطريق الواحد»، فقد تصل إلى ما يوازي 250 مليار دولار. هذا بعض ما تمّ رصده، وهناك المزيد.

في المقابل، تتعثر جهود الولايات المتحدة، داخلياً وخارجياً، في إطلاق المشاركة عبر المحيط الهادي تي، بي، بي . والجدير بالذكر، أنّ عدداً من دول مجموعة «آسيان»، تفكّر، جدّياً، بالمشروع الأوراسي، وتتجاوب مع العروض الصينية، مما يثير قلق وغضب الإدارة الأميركية، التي لا تستطيع أن تغيّر شيئاً في الموضوع، أو التقليل منه. فـ «طريق الحرير» أصبح مرتبطاً بمنظمة شانغهاي, وهذه حقيقة لها تداعيات جيوسياسية في غاية الأهمية.

بين الرديء والأكثر رداءة

في المقابل، نجد أنّ القيادات الأميركية، في الإدارة وخارجها، في حالة إنكار. يتجلّى ذلك من الخطاب السياسي لمسؤولي الإدارة، وللمرشحين الديمقراطي والجمهوري. يعكس ذلك الخطاب، حالة الإنكار حول تراجع مكانة الولايات المتحدة، وإنْ كان عنوان الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري، دونالد ترامب «لنجعل أميركا عظيمة مرة ثانية»، يشكّل إقراراً ضمنياً بالتراجع. وهذا ما ترفضه منافسته، المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي ما زالت تعتبر الولايات المتحدة الدولة الاستثنائية!

لن نخوض في أسباب التراجع الذي تكلّمنا عنه في مقالات عديدة. المهمّ أنّ بعض العقول الباردة في الولايات المتحدة، تقرّ بمحدودية قدرات الولايات المتحدة على فرض إرادتها على العالم. هذا ما أتى به زبغنيو برجنسكي، المستشار السابق للأمن القومي في عهد كارتر، والمستشار للرئيس باراك أوباما. ففي مقال هامّ، في العدد الأخير لمجلّة «أميركان انترست» المصلحة الأميركية المحافظة، عنوانه «نحو إعادة اصطفاف صفوف شامل»، يقرّ برجنسكي، بأنّ الولايات المتحدة لم تعد إمبراطورية شاملة. وسبب هذا التراجع بنظره، هو صعود روسيا والصين، وضعف أوروبا، والصحوة السياسية العنيفة في الدول الإسلامية، التي سبّبها ظلم السياسات الدولية والأنظمة المسلمة الحاكمة، المتحالفة مع الولايات المتحدة والغرب عموماً. هذا إقرار غير بسيط، وإنْ لم يصبح متن الخطاب السياسي للنخب الحاكمة. لكن أن يصدر عن شخصية مرموقة كبرجنسكي، فذلك يدلّ على مدى الإرباك الحاصل بين النخب في الولايات المتحدة. للإنصاف، ليس برجنسكي متفرّداً بهذا التقييم. فهناك العديد من العقول المستاءة من الرؤوس الحامية التي تتحكّم بمفاصل السلطة. لكن الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تبشّر بأيّ تغيير جذري، أو حتى جزئي، بغضّ النظر عمن سيفوز. فالخيار هو بين الرديء والأكثر رداءة.

الخطر الذي يخشاه برجنسكي، ليس فقط توثيق العلاقات بين روسيا والصين، بل المؤسسات التي أوجدتها مجموعة «بريكس»، والتي ستوجد نظاماً مالياً موازياً للنظام الحالي، الذي يسيطر عليه الدولار. فالدولار هو السلاح الفعّال للهيمنة الأميركية. والتهديد بإنهاء هيمنته، يعني نهاية الإمبراطورية الأميركية، إلى ما لا نهاية. فأسلوب التبادل النقدي بين مجموعة دول «بريكس»، والدول في شرق آسيا، وحتى استراليا، الذي يعمّم تدريجياً، يمهّد لإقامة نظام نقدي ومالي عالمي، غير خاضع لهيمنة الدولار.

حكمة الصين وروسيا، في قمة العشرين، في هانغ زوو، هي التأكيد على ضرورة إصلاح صندوق النقد الدولي، أيّ ليس هناك رغبة فورية في إنهاء النظام المالي القائم. النظام المالي الموازي، الذي بدأ العمل به بين الدول المتعاقدة مع كلّ من الصين وروسيا، والمرتكز على أن يجري التبادل التجاري بالعملات الوطنية للدول المعنية، بدلاً من الدولار، سيفرض الإصلاح المطلوب في المؤسسات المالية الدولية، كالصندوق والبنك الدوليين، حيث دور الاقتصادات والأسواق النامية، سيكون أكثر فعّالية. وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة بقياداتها الحالية والمقبلة.

لكن مراكز الأبحاث والمواقع الغربية، تشنّ حملات مركّزة على كلّ من الصين وروسيا، مشكّكة في إمكانية الوقوف والتصدّي للقرارات الأميركية. فمن يقرأ مواقع معهد «بروكنز»، أو مجلّة «فورين بوليسي»، يجد قدراً كبيراً من الاستهتار في قدرات التحالف الصيني- الروسي. والتحليلات التي يبرزونها طابعها رغبوي، يعكس مدى التخبّط وحالة الإنكار السائدة. فهذه المراكز، أصبحت أبواقاً للشركات ومجموعات الضغط، التي تهيمن على القرار الأميركي، ولا تحاكي مصالح الشعب الأميركي. فالانفصام مع الواقع يتعمّم في هذه المراكز.

مفهوم العلاقة الجيوسياسية

على هامش القمة، جرت بعض الأحداث، لها دلالات جديرة بالانتباه. فضيف الشرف في تلك القمة، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حاولت الولايات المتحدة «خربطة» المزاج، فافتعلت أزمة بروتوكولية لدى وصول الرئيس الأميركي، عندما حاولت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الأميركي، خرق حزام الإعلام في المطار، فكان الموقف الصيني حازماً وأجبرها على احترام الإجراءات الأمنية، التي أعدّتها لاستقبال رؤساء الوفود. وعناد الموقف الأميركي، حرم الرئيس أوباما من أن يُستقبل على السجّاد الأحمر، المُعدّ لاستقبال الرؤساء. قلّل الوفد الرسمي الأميركي من الصفعة البروتوكولية، التي ذكّرتنا بوقوف الرئيس الأميركي في الصورة التذكارية على الطرف، بدلاً من التصدّر مع الرئيس الصيني، وذلك في قمة بكين عام 2014 لدول المحيط الهادي.

من جهة أخرى، كانت الصورة التذكارية معبّرة، لما أبرزت دقّة التحضيرات والتقييمات الصينية. فعلى يمين الرئيس الصيني، كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وعلى يساره الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان. هذه الصورة تعكس المزاج الصيني، في مفهومها للعلاقة الجيوسياسية، في الكتلة الأوراسية. فتكنولوجيا الغرب تمثّلها ألمانيا، والأمن القومي الصيني في آسيا الوسطى، تؤثّر به تركيا. أما تموضع الرئيسين، الروسي والأميركي، من الرئيس الصيني، فكان متناظراً، أيّ على مسافة واحدة، يميناً ويساراً. اللافت للنظر، هو وقوف رئيس وزراء اليابان في الصف الثاني، ما يدلّ على مدى الجفاف في العلاقات بين الصين واليابان. وإذا تعمّق المرء في دراسة التموضع في تلك الصورة، يفهم سلّم التقارب أو التباعد من الصين.

في آخر المطاف، استطاعت الصين، مرّة أخرى، بعد قمة 2014، أن تظهر كدولة عظمى بكلّ معنى الكلمة. فقمة دول العشرين في هانغ زوو، كرّست ذلك الدور. كما أوضحت لمن لم يستوعب التغيّرات الدولية والإقليمية، بأنّ المستقبل أصبح في الشرق. فهل يتّعظ الحكام العرب والنخب التي تدور في فلكهم؟

الأمين العام للمؤتمر القومي العربي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى