غصن لـ«البناء»: انتخابات الاتحاد العمالي حاصلة حتماً وترشحي لم يُحسَم بعد
إنعام خرّوبي
أكد رئيس الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ـ رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أنّ الاتحاد يناضل من أجل كرامة العمال العرب والدفاع عن حقوقهم، ويقف إلى جانب شعوب المنطقة في وجه الحرب الهمجية الإرهابية التي تهدف إلى تدمير القطاعات الإنتاجية للدول لتطويعها وإخضاعها للسياسات الاقتصادية العالمية القائمة على نهب ثروات الشعوب، وخصوصاً في فلسطين المحتلة وسورية العراق.
وتطرق غصن، في حديث لـ»البناء» إلى الجولة العربية التي بدأها على رأس وفد من القيادة الجديدة، والتي استهلها بلقاء كلّ من الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس العراقي فؤاد معصوم ومسؤولين سوريين وعراقيين. وقال: «بما أننا نسعى إلى إنعاش دور الاتحاد، لا سيما أنّ المنطقة العربية تمرّ بظروف سياسية وأمنية صعبة تنعكس على الوضع الاقتصادي، وبما أننا نعمل على وحدة العمال العرب الذين يعبِّرون عن الواقع في بلادهم ويساهمون في بنائها وبناء منعتها الاقتصادية، كان لا بدّ أن نلتقي المسؤولين في هذين البلدين حاملين رؤيتنا ووجهة نظرنا ومعاناة العمال ومطالبهم المُحقة».
وأضاف: «لقد تعرّض هذان البلدان لتدمير المرافق الاقتصادية الحيوية فيهما بفعل الحرب الإرهابية التي أحدثت دماراً هائلاً في قطاعات الإنتاج على اختلافها. وقد ولّدت هذه الحرب انكماشاً اقتصادياً وخلفت أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل وهجّرت السكان الآمنين وروّعتهم».
وتابع: «نحن نبحث مع وزراء العمل العرب هذه المشاكل، كونهم أصحاب الاختصاص، وهناك تنسيق دائم بيننا، كما أننا نعمل بالشراكة مع منظمة العمل العربية التي ستعقد اجتماعاتها قريباً لعرض خطتها للسنتين المقبلتين، وسيكون لهذه الخطة بعدان: الأول له علاقة بالبطالة والفقر، والثاني يتصل بالتقديمات الاجتماعية كالضمان والتأمين وكافة الإجراءات التي توفر الأمان للعامل وتخفف عن كاهله عبء تحمُّل تكلفة هذه التقديمات».
أرقام البطالة مفزعة…
وكشف غصن عن أرقام البطالة المفزعة في المنطقة العربية، وقد وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 30 مليوناً، مرجِّحاً ارتفاع هذا الرقم إلى حدود الخمسين مليون في العام 2025. ولفت إلى أنّ النسبة الأكبر من العاطلين هم من الجيل الشاب بينهم خريجو الجامعات والمعاهد التقنية.
وقال: «الوضع العمالي في فلسطين المحتلة هو الأكثر مأساوية، وتشير بعض المعلومات والأرقام إلى أنه وبسبب الاحتلال فإنّ 2 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، 80 في المئة منهم لاجئون منذ العام 1948، على مساحة لا تزيد عن 1,3 من مساحة فلسطين التاريخية، في ظلّ حصار وبطالة وفقر بسبب الإجراءات الإسرائيلية القاسية التي تعرقل إدخال مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار والبناء، ووجود 2 مليون طن من الردم بسبب الحرب الأخيرة عام 2014 والتي تركت عشرات آلاف الأسر تعاني التشرُّد والفقر. ففي فلسطين المحتلة حوالى 320 ألف أسرة تعيش تحت خط الفقر، ونسبة البطالة في غزة ناهزت الـ40 في المئة وفي أوساط الشباب والخرّيجين أكثر من 55 في المئة وبين الشباب من سنّ 16 عاماً إلى 29 عاماً زهاء 73 في المئة. وفي المقابل، فإنّ الواردات والصادرات والمعابر، والوقود والكهرباء وبطاقات الهوية وجوازات السفر والمواد الخام، كلها بإمرة إسرائيل ولا حقّ للفلسطينيين في استخراج الغاز من شواطئهم ولا البترول من أرضهم، حتى أنهم يدفعون ثمن مياه الشرب لإسرائيل».
وأضاف: «وسط هذا الواقع الصعب، تظهر في بعض بلداننا، لبنان على سبيل المثال ، منافسة اليد العاملة الوافدة، خاصة من الدول الآسيوية وغيرها إضافة إلى النازحين السوريين. وقد طرحنا موضوع النازحين خلال لقاءاتنا مع المسؤولين السوريين وأكدنا ثبات موقفنا، كجهة لبنانية وعربية، بأنّ من صنع الحرب يتحمّل تبعاتها ويدفع كلفة الضرر الناتج عنها، وخصوصاً على المستوى الإنساني، ذلك أنّ الحروب على دول المنطقة خلقت مآسٍ اجتماعية، وسط إهمال دولي واضح بحيث لم تقم المنظمات المعنية التابعة لما يسمّى المجتمع الدولي بواجباتها ولم تفِ بالتزاماتها تجاه هؤلاء النازحين الذين لم تغدق عليهم سوى الوعود».
وتابع: «كما أكدنا رفضنا المشروع الدولي الذي يتحدث عن استيعاب النازحين في سوق العمل اللبنانية، فنحن مع عودة هؤلاء النازحين إلى المناطق الآمنة في وطنهم سورية، حيث تتولى الجهات المعنية رعايتهم حتى انتهاء الأزمة وبدء عملية إعادة إعمار سورية التي يجب أن يكون لهم دور أساسي فيها».
الخلافات السياسية تُعيق التكامل الاقتصادي
وعن خطة عمل الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بقيادته الجديدة، قال غصن: «نحن نطمح إلى تكامل اقتصادي بين الأقطار العربية ينطلق من مبدأ توزيع الثروة من دون أن يعني ذلك إعطاء العمال مكرُمات بل حقوقاً وفرصاً. وبموجب هذا التكامل تتوفر فرص العمل اللائق لجميع مواطني هذه المنطقة، وتستوعب الدول العربية التي تتوفر لديها الإمكانات دول الخليج خاصة فائض العمالة في الدول الأخرى، لكن للأسف هناك عوامل عدة تحول دون تحقيق هذا التكامل وأبرزها الخلافات السياسية التي غالباً ما تستتبع بإجراءات اقتصادية مثل إقفال الحدود أمام التنقل والحركة التجارية، ناهيك عن الإجراءات التي تُتخذ بحقّ عمال عرب في دولة عربية أخرى كالإبعاد والترحيل وغير ذلك، تحت حجج وذرائع مختلفة، فالعمال غالباً هم أول من يتلقى الضربات كونهم الحلقة الأضعف والأسهل من حيث الاستهداف».
على دول الخليج التحرّر من تبعيتها
ورداً على سؤال حول دور دول الخليج في التخفيف من أزمة البطالة في العالم العربي كونها تمتلك إمكانيات هائلة، أجاب: «هذه الدول يجب أن تدخل مرحلة الاستقلال والتحرّر من تبعيتها لدول أخرى تستغلّ طاقاتها ومقدراتها، وخصوصاً ثروتها النفطية التي تصرف في غير مكانها وموقعها. من هذه الزاوية نتحدث عن توزيع الثروة في المنطقة العربية لتتوفر الرفاهية وفرص الحياة اللائقة لكلّ مواطني هذه المنطقة. كما أننا نسعى إلى بناء حركة نقابية واسعة في الدول التي تفتقد إليها، كما نعمل على إحياء المبادئ الأساسية المتعلقة بالحريات النقابية والحق في التنظيم النقابي. هذه الأمور للأسف غير موجودة في بعض دول الخليج.
علم الاتحاد الدولي سيبقى مرفوعاً في دمشق
وتحدث غصن عن دور سورية في الدفاع عن حقوق العمال العرب وهي الدولة المقرّ للاتحاد منذ تأسيسه. وقال: «دمشق قلعة الصمود وقد أبينا منذ اللحظة الأولى لانتخابنا نقل مقرّ الاتحاد إلى أيّ بلد عربي آخر وكان هناك إصرار في المجلس المركزي والنقابات العربية على أن يبقى علم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب مرفوعاً في دمشق إلى جانب العلم السوري. نحن ندرك أنّ محاولات نقل المقرّ كانت جزءاً من خطة عزل دمشق والتي بدأت بسحب بعض الدول العربية والغربية سفراءها أو خفض مستوى التمثيل الديبلوماسي في العاصمة السورية. نحن مصرّون على البقاء في دمشق وقد استكملنا التعيينات الإدارية في الاتحاد وعقدنا اجتماعاً لأعضاء الأمانة وقد حضروا جميعهم، كما بدأنا العمل لإعادة تأهيل المعهد التابع للاتحاد وهو من أهمّ المعاهد في المنطقة العربية وقد خرّج كوادر نقابية هي اليوم في الصفوف الأولى».
انتخابات الاتحاد العمالي
وبالعودة إلى الوضع النقابي في لبنان، وخصوصاً ما يتعلق بتأجيل انتخابات الاتحاد العمالي العام الذي يترأسه منذ العام 2000، والتي كان يجب أن تجري في حزيران الماضي، أكد غصن أنّ أسباب التأخير تقنية تتعلق باستكمال الاتحادات والنقابات انتخاباتها، «حرصاً منا على ألا نحرم أحداً من المشاركة»، رافضاً ربط مصيرها بالظرف السياسي الراهن.
وإذ أكد أنه لم يحسم أمر ترشُّحه للانتخابات المقبلة، مشيراً إلى وجود كفاءات نقابية قادرة على تحمّل مسؤولية قيادة الاتحاد، أوضح غصن أن ليس هناك ما يمنع الجمع بين منصبي رئيس الاتحاد العمالي وأمين عام الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب.
وقال: «لم اتخذ قراري بعد بشأن الترشح مجدّداً لرئاسة الاتحاد العمالي العام، ولا أزال أتلمّس عبء المنصب الجديد، لكنّ الترشح حقّ لي وأمامي القدر الكافي من الوقت للتفكير بالأمر».