توجهات أصوات الجالية الآسيوية في الانتخابات الرئاسية
الانشغال الأميركي بالسباق الرئاسي بدأ يأخذ نشاطاً أكبر مع اقتراب موعد الانتخابات، وكذلك لاستئناف الكونغرس ممارسة أعماله مجدِّداً نواياه بالتعرّض وإفشال ايّ خطوة قد يتخذها الرئيس أوباما، مراهناً بذلك على نتائج الانتخابات التي يَعتقد انها ستسفر عن تعزيز دور الحزب الجمهوري وتحرّره من قيود صيغة التعاون الثنائية.
سيتناول قسم التحليل التطرق للمكونات الانتخابية في المجتمع الأميركي، وتسليط الضوء على الجالية الآسيوية التي نادراً ما تأخذ حقها من الدراسة والاهتمام، والتي تشكل نحو 4 من مجمل الجمهور الانتخابي الأميركي وتميل أغلبيتها لتأييد الحزب الديمقراطي، بيد انّ تجذّرها في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بشكل خاص جدّد الاهتمام العام بتأييدها المرشح الجمهوري بنسبة أعلى من السابق، وخاصة في ولايتي نيفادا وفرجينيا اللتين ستشهدان وتيرة تنافس عالية.
العراق
حثت مؤسسة هاريتاج الحكومة الأميركية الإعداد المكثف لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، لا سيما أنّ «هناك مخاوف هائلة من تشكل مأساة إنسانية نتيجة العملية». وأوضح أنّ عليها التقيّد ببعض الإرشادات منها «الطلب الحازم من الحكومة العراقية للحدّ من دور مشارك للميليشيات الشيعية بل ينبغي إقصاؤها كلياً عن عملية تحرير الموصل إلا إذا تمّ نشرها في مناطق تقطنها أغلبية شيعية وضمان توفر العتاد اللازم للعملية لقوات البيشمرغة… وضرورة التزام بغداد بإيصال تلك المعدات لحكومة إقليم كردستان بتوقيت مناسب».
استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأجواء السياسية لإنجاز تحرير الموصل او الرقة، معرباً عن ضيق ذرعه من الإدارة الأميركية «لفقدانها رؤية وخططاً واضحة». وحذر الحكومة الأميركية من «انّ الاستمرار في الوضع الراهن من شأنه ان يضع المناطق المحرّرة من تنظيم داعش تحت سيطرة حزب الله والقوات الإيرانية وروسيا، والآن القوات التركية التي تفرض حضورها». ومضى باتهام الإدارة الأميركية بأنها «لم تتقدّم يوماً بمقترحات لحلّ المسألة الكردية او البحث عن وسيلة ما لحماية الأقليات الأخرى في سورية في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الاسلامية». وأضاف انّ الإدارة الأميركية الراهنة «لم تواجه يوماً حقيقة انّ كافة تلك القضايا تجد انعكاسات لها في العراق… وتتغاضى عن الإقرار بضرورة إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش في كلا البلدين او تبلور خطره ليتفاقم وينتشر عبر حدود لا توفر حواجز حقيقية تعيق تنفيذ عمليات عسكرية غير نظامية».
https://www.csis.org/analysis/syria-and-iraq-what-comes-after-mosul-and-raqqa?block1=09071900
سورية
زعم معهد الدراسات الحربية انّ «تنظيم القاعدة يحقق تقدّماً في سورية… إذ شغل حيّز الفراغ الناجم عن غياب الولايات المتحدة عن المسرح بل انه ينبعث من جديد عبر العالم، مستغلاً نقاط الضعف الأميركية وأضحت سورية محور ثقله الراهن». ومضى بالقول انّ للولايات المتحدة «خيارات محدودة تستدعي قيامها بإعادة تقييم استراتيجيتها في سورية وتركيز الجهود على مواجهة خطر القاعدة». وحذر المعهد الحكومة الأميركية من «الانزلاق وراء إنشاء تحالف مع روسيا والرئيس الأسد… خشية إقلاع مجموعات القوى المعارضة عن الاصطفاف الى جانب الولايات المتحدة والتماثل مع التنظيمات المتشددة… الأمر الذي من شأنه إنهاء أيّ دور محتمل للارتكاز على شركاء من السنة ضدّ الدولة الإسلامية والقاعدة». وأوضح في تحذيره انّ ايّ ترتيبات او «إنشاء تحالف مع روسيا او الرئيس الأسد لن ينجم عنه سوى تسريع وتيرة انتصار القاعدة».
السعودية
أشار معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الى الحرب الكلامية الدائرة بين طهران والرياض، في ظلّ غياب تامّ للحجاج الإيرانيين عن أداء فريضة الحجّ لهذا العام، معتبراً تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي بأنها تشكل «تحدياً مباشراً لشرعية العائلة المالكة في السعودية…»، في حادثة إطلاق النار على الحجاج الإيرانيين في مكة. وأعرب المعهد عن ترجيحه لتصعيد السعودية من الاشتباك اللفظي في ظلّ «تولي ولي ولي العهد زمام القرار بدلاً من مقاربة تصالحية كما انه من المرجح ان تستشيط الأقلية الشيعية في السعودية غضباً من الحرب الكلامية، وهناك احتمال كبير لحدوث خطأ في التقدير، بل نشوب اشتباكات عسكرية مباشرة». وأوضح المعهد انّ التصعيد الإقليمي الراهن «يمثل انتكاسة لسياسة الولايات المتحدة» على خلفية نشوتها لتوقيع الاتفاق النووي. كما اعتبر المعهد انّ «المناورات العدوانية التي قامت بها وحدات الحرس الثوري تعزز احتمالات مواجهة مع القوات الأميركية». اما الردّ الأميركي، برأي المعهد، لتخفيف حدة التوترات «يجب ان يشمل عناصر ديبلوماسية وعسكرية… منها تعزيز الأسطول الخامس بشكل واضح».
استعرض معهد كارنيغي تدهور الأوضاع الاقتصادية في دول الخليج التي استندت في السابق على «مزيج فريد من السخاء الاقتصادي والبخل السياسي» في صيغة حكم متوازنة استطاعت بموجبها «الحفاظ على رجحان كفة الشرعية.. وتعاملت الأنظمة الخليجية مع المعارضة السلمية والاحتجاج باعتبارها تشكل تهديدات حقيقية للأمن القومي»، لا سيما في السعودية والبحرين والكويت وعُمان وقطر، كما يشير المعهد. وأوضح انّ مشاعر عدم الاستقرار «والأمان تتفاقم بسبب الوعود الحكومية بالقيام بعملية إعادة تنظيم اقتصادي جذرية، في مواجهة تراجع عائدات النفط والغاز » بيد انّ «مزيداً من المواطنين الخليجيين مستعدّون للقبول بمستويات أقلّ من الأداء الاقتصادي مقابل توفير الاستقرار… بديلاً عن الفوائد المالية التي يتوقعون الحصول عليها». واتهم المعهد الدول الخليجية «اصطناع التهديدات الداخلية والخارجية، بهدف تأجيج المخاوف الشعبية على الأمن وبالتالي خفض تكلفة» مشاركة سياسية أوسع. واستدرك بالقول انّ «حكام الخليج غير قادرين في الغالب على إدارة التوترات الاجتماعية.. وانتهى الأمر ببعضهم الى تأجيج المعارضة التي رغبوا في قمعها». ولفت المعهد الأنظار الى «الاستراتيجية الطائفية» التي تتبعها تلك الدول، لا سيما السعودية التي «أعلنت عن زيادة بنسبة 40 في اسعار الوقود.. قبل إعدام الشيخ نمر النمر بأسبوع لصرف الانتباه عن تدهور الواقع المالي وسياسات جديدة ملتبسة».
اليمن
تعثر المشروع السعودي وتعرّض بعض المدن السعودية في العمق الى قصف صاروخي يمني حفز معهد كارنيغي على التساؤل عن أهداف الرياض بعد «اصطدامها بحائط مسدود في حربها مع الحوثيين ماذا تريد السعودية من اليمن؟» معتبراً انّ ما تزعم السعودية تحقيقه هناك «لا يزال غير واضح، وما يُحتمل ان تحققه في المستقبل لا يزال ملتبساً». وعقد المعهد ندوة حوار مطوّلة أعرب فيها عن اعتقاده بأنّ بعض تبريرات الرياض «للتدخل العسكري غير المعهود.. يوجه ايضاً رسالة قوية الى إيران والولايات المتحدة والرأي العام الداخلي ونجحت في منع إيران من السيطرة على اليمن سياسياً او عسكرياً». وفي مغزى الرسالة الموجهة للداخل، أوضح المعهد أنّ «فحواها يتعلق بمليارات الدولارات التي أُنفقت على القوات العسكرية والتدريب تعود بثمارها»، وهي بمجملها تعكس «نمط التفكير الجديد والسياسة الخارجية الأكثر إثباتاً للوجود هما من بنات أفكار ولي ولي العهد». وحول مطالب السعودية، اوضح المعهد انّ جلّ ما تريده الرياض «هو استسلام الحوثيين الكامل»، متغاضية عن «إدراج وزارة الخزانة الأميركية ثلاثة أعضاء في حكومة هادي على قائمة الإرهابيين العالميين». ومضى بالقول انّ «اشتداد الفظائع واستفحال الأزمة الإنسانية، يحمّل اليمنيون إدارة أوباما مسؤولية الجزء الأكبر من معاناتهم». وعن التطورات الميدانية اليومية أقرّ المعهد بأنّ «مخاوف السعوديين تتعاظم ليس فقط بسبب اشتداد مشاعر الكراهية والعداء للسعودية، وزيادة وتيرة الهجمات في جنوب السعودية، بل أيضاً بسبب الصور ومقاطع الفيديو التي تُنشَر بصورة شبه يومية ويظهر فيها يمنيون مقاتلون حفاة الأقدام يلحقون الهزيمة بالجيش السعودي وأسلحته الأكثر تطوراً». واستدرك بالقول انّ القلق الأكبر بالنسبة للسعوديين «يتمثل في الصواريخ الباليستية التي تضرب أهدافا حيوية، مثل القواعد العسكرية والمنشآت النفطية.. وصاروخ باليستي محلي الصنع من طراز «بركان 1» على مدينة الطائف».
وخلص إلى القول انّ السعوديين «وبعد انقضاء ثمانية عشر شهراً وقعوا تحت الصدمة ولا يفقهون كيف تمكّن اليمنيون من نقل صاروخ بهذه الضخامة واطلاقه على قاعدة عسكرية… وكيف تمكنوا من تصنيعه وأين»!
مصر
أشاد صندوق مارشال الألماني بسياسة الرئيس أوباما تجاه مصر لتحليها «بالواقعية… بعيداً كلّ البعد عن توجهات سلفه بنشر الديمقراطية وتميّز إدراكه حدود ما باستطاعة الولايات المتحدة القيام به في المسائل الدولية». واستطرد بالقول انّ الرئيس أوباما «يجسّد مزيجاً من التوجهات الواقعية والليبرالية في نظرته العالمية… وفي نفس الوقت فإنّ أفعاله أو عدمها كانت عملية وحذرة قبل كلّ شيء». واضاف المعهد انّ مجمل التوجهات السياسية «تؤشر على حدوث تحوّل نحو قدر أكبر من الواقعية، او ربما التشاؤمية، في تفكير أوباما في ما يخصّ نشر الديمقراطية».
المغرب العربي
تناول معهد أبحاث السياسة الخارجية السياسة الأميركية حيال دول المغرب العربي: تونس والجزائر والمغرب، محذراً الحكومة الأميركية من «تمكّن دول المغرب من انتهاج سياسات تخدم مصالحها والتي ربما تثار على أنها ابتعاد عن محور الولايات المتحدة». واوضح انّ مجرد عقد صفقة أسلحة مع روسيا او تقرّب من الصين «لا يجوز تفسيره على انه تهرّب من قيود العلاقة مع الولايات المتحدة».
ومضى بتحذيره من اعتبار التحوّلات في تلك المنطقة على أساس أنها تدلّ على «ثنائية القطبية لانخراط دول المغرب عالمياً، بيد انّ عملاق علاقة السياسة الخارجية مع دول المغرب هو الاتحاد الاوروبي». وأشاد المعهد بركائز السياسة الأميركية التي تتعامل مع المنطقة «ليس وفق كونها كتلة واحدة بل مع كلّ دولة من دوله على حدة مما يضاعف مكانة المنطقة ككلّ في التخطيط الاستراتيجي» الأميركي.
تركيا
لقاء الرئيس أوباما بالرئيس التركي على هامش مؤتمر الدول الصناعية كان محط اهتمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، موضحاً انهما التزما لهجة إيجابية في توصيف العلاقات الثنائية. وحذّر المركز من تداعيات بدء التنفيذ في تسليم تركيا فتح الله غولن، لا سيما أنّ «آلية البت قانونياً في ذلك الطلب الرسمي ستستغرق زمناً أطول مما ترغب به أنقرة، مما يتطلب الجانبين البحث عن حلّ لتعزيز تعاونهما سوياً بالرغم مما يحوم حولها من سحابة عالقة بها». ومضى من تحذيره لما قد يعترض العلاقات الثنائية من عقبات، ومنها «انخراط الولايات المتحدة في دعم جهود الحزب الكردي الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية الكردية في الحرب ضدّ تنظيم الدولة الاسلامية».
ضمور حق التصويت
الحقيقة الصادمة في المشهد الانتخابي الأميركي انّ قلة من المهتمين والأخصائيين يدركون غياب نصّ «حق التصويت» في أهمّ وثيقيتين للكيان السياسي الأميركي: الدستور وعريضة الحقوق المدنية. سمحت الولايات الأميركية الفتية للفرد بالتصويت «شريطة توفر الملكية لديه»، وتدريجياً تمّ السماح لكافة الرجال الإدلاء بأصواتهم، اعقبه نضال وصراع مرير أثمر في نهاية الأمر على حصر الممارسة الانتخابية ببلوغ الفرد السنّ القانونية، الثامنة عشر.
وبرز هذا «الغياب» في انتخابات عام 2000، بين جورج بوش الابن وآل غور، عقب توجههما للمحكمة العليا لحسم النتائج الانتخابية. وجاء في سياق قرار المحكمة انّ «المواطن الفرد لا يتمتع بحق دستوري فيدرالي للتصويت على مرشح لرئاسة الولايات المتحدة…» استناداً للنص الدستوري.
التاريخ السياسي القريب يعيدنا الى سعي محموم للحزب الجمهوري ، تحديداً، لإعادة تعريف وتوزيع الدوائر الانتخابية بصيغة تضمن تفوّقه وإقصاء الأقليات او المشكوك بولائه للمؤسسة الحزبية.
أما تعليل غياب النص فيعيده بعض الأخصائيين في القانون الدستوري الأميركي الى عزم المؤسسة الحاكمة بقاء سيطرتها وتحكّمها بمسار السلطة وصون الامتيازات الاقتصادية وتكديس الثروة والملكية بين نخبها، وإيلاء «مسائل الانتخابات الشائكة الى سلطات الولايات المحلية».
يشار في هذا الصدد الى انّ النصوص الأصلية للوثائق الدستورية التي حصّنت الدورة الانتخابية من دخول عناصر غريبة وإبقائها ضمن دائرة ضيقة من النخب والبيض تحديداً، وحصر «حق التصويت» بأصحاب الأملاك ايّ إقصاء المرأة والرقيق منذ البدء. بل حذر جون آدامز، الرئيس الثاني للولايات المتحدة الفتية، من سعي «المرأة للمطالبة بحق التصويت.». لتبرير اصطفافه للنص الخاص بملاك الأراضي وأصحاب الثروات.
جدير بالذكر انّ دساتير دول عدة مثل «أفغانستان والعراق وسورية»، تنص بصريح العبارة وتضمن حق التصويت المقدس لكافة المواطنين دون تمييز وهي الساحات التي تعاني ويلات الحروب الأميركية «لنشر ديمقراطيتها».
سلطة المؤسسة تتراجع
استمرّ المشهد الانتخابي الأميركي واقتصاره على مشاركة البيض من الرجال وأصحاب الأملاك حصراً إلى منتصف عقد الستينيات من القرن العشرين، غير عابئ بسلسلة من القرارات ومواد التعديل الدستورية الخاصة بذلك. ودشن عهد الرئيس الأسبق ليندون جونسون المصادقة الرسمية على «قانون حق التصويت»، عام 1965، موكلاً مهمة تطبيق بنوده على جميع الولايات المكونة في عهدة الحكومة الفيدرالية والتدخل بالقوة عند الحاجة.
وعليه، دخلت الولايات المتحدة مرحلة جديدة وفريدة في انضمام مواطنيها من «الأقليات: السود والآسيويين وذوي الأصول اللاتينية» ومشاركتهم في ترجيح كفة الانتخابات، تحت سقف ثنائية تبادل السلطة بين الحزبين. بيد انّ المسألة في محصلة الأمر بقيت في يد «الهيئة الانتخابية» المكونة من اعضاء لم يتمّ انتخابهم للمصادقة على النتيجة النهائية، بل اختيروا بعناية فائقة لضمان استمرارية تمركز السلطة بيد النخب الأصلية.
الهروب الجماعي لمواطني دول أميركا اللاتينية لتلافي أخطار الحروب «التي رعتها وموّلتها الولايات المتحدة»، منذ سبعينيات القرن الماضي تحديداً، أدّى إلى تعزيز ثقل المجموعة ديموغرافيا وتحسّس «البيض» من تنامي أعدادها باضطراد. بل اعتبر البعض انّ تلك المجموعة ربما تحتلّ المرتبة الثانية من حيث العدد والنفوذ.
التحوّلات الديموغرافية في العقود الأخيرة سلطت الأضواء على حضور مكثف للجالية الآسيوية، دول شرقي آسيا تحديداً، والتي نافست الجالية اللاتينية وبلغت معدلات نموّها الأعلى بين «الأقليات» الأخرى.
تضمّ الجالية الاسيوية ستة مجموعات عرقية متباينة من: الصين، الفيليبين، الهند والباكستان، فييتنام، كوريا واليابان. الأصول العرقية تلعب دوراً حاسماً في توجهات تصويت كلّ مجموعة على حدة.
تشير الإحصائيات الرسمية الى انّ حجم الصوت الانتخابي للجالية الآسيوية يبلغ نحو 10 ملايين ونيّف، مشكلاً نحو 4 من مجمل الأصوات الانتخابية كافة ايّ ما يعادل ضعف أصوات الناخبين اليهود في أميركا.
حداثة الحضور الآسيوي الفاعل تجعل من العسير التعرّف على كنه التحوّلات والتوجهات، بيد انّ أشهر الدراسات الإحصائية وقياس الرأي العام تشير الى غلبة التأييد للحزب الديمقراطي بنسبة 2 الى 1. الانتخابات النصفية لعام 2014 دلت على انّ الحزب الجمهوري حصل على نسبة 50 تأييد من الآسيويين، مقابل 49 للحزب الديمقراطي.
سرعة التحوّل داخل الجالية الآسيوية أثارت دهشة العديد من المراقبين وأخصائيّي العملية الانتخابية. استطاع المرشح أوباما آنذاك الفوز بتأييد 62 من أصوات الآسيويين في جولة انتخابات عام 2008، وتصاعدت نسبة التأييد الى 73 في انتخابات عام 2012. التأييد الشعبي العارم للحزب الجمهوري، عام 2010، لم يترجم بتأييد مماثل من قبل الجالية الآسيوية، اذ لم يحز على أكثر من 40 من الأصوات.
من ضمن مكونات الجالية الآسيوية يبرز ذوي الأصول الفيتنامية كأكبر مجموعة تدعم مرشحي الحزب الجمهوري اذ تعود ميولهم السياسية الى امتنانهم للقوات الأميركية ابان العدوان الأميركي ومعاداة النظام الشيوعي في بلدهم الأصلي، قبل استدارة النظام في حقبة العولمة نحو واشنطن وتطبيق خططها الاقتصادية. يقطن عدد لا بأس به من تلك المجموعة في ولايات مطلة على خليج المكسيك، وأسهمت في ضمان تفوّق الحزب الجمهوري في عدد من ولايات الجنوب. كما تشير استطلاعات الرأي بانتظام الى انّ الجسم الأكبر الانتخابي المؤيد للمرشح ترامب بينها هو الجالية الفيتنامية.
وساهم تأييد الجالية الفيتنامية بأغلبية ملحوظة بفوز السيناتور الجمهوي عن ولاية تكساس، جون كورنين، في انتخابات عام 2014 وكذلك الأمر مع عضو مجلس النواب الجمهوري غريغ آبوت الذي نال 52 من أصوات الجالية.
توجهات الجاليات الآسيوية
الأدلة المادية والقرائن التي تتعلق بتوجهات سياسية تلك الجالية اما غائبة او غير ناضجة، مما يعقد مسألة التكهّن بوجهة تصويت الأغلبية في الانتخابات المقبلة. أحدث دراسة متوفرة في هذا الشأن أجرتها «الرابطة الآسيوية وجزر المحيط الهادئ» في وقت مبكر من العام الحالي، اقتصرت على تبيان نسبة التأييد لكلا المرشحين، ترامب وكلينتون، اذ نال الأول أكبر نسبة معارضة. بيد انّ التحوّلات الكبرى الجارية في معسكر الطرفين مؤخراً تحيل التكهّنات السابقة الى رؤى غير موثقة، في أفضل الأحوال، رغم ميول شعبي متزايد لتأييد الحزب الديمقراطي.
قراءة التحوّلات تتجلى بشكل أكبر في مدى تأييد الرئيس أوباما بين مكونات الجالية اذ نال أوباما تأييد 67 من عموم الجالية الآسيوية، مقابل تأييد نسبة 40 بين عموم الجسم الانتخابي. اما المكون الآتي من شبه الجزيرة الهندية فقد أعطى تأييده بأغلبية ساحقة لأوباما، بلغت 84 مقابل تأييد 56 من الناخبين الصينيين. أما أكبر نسبة عدم رضى عن أداء الرئيس أوباما فقد سجلت في صفوف الفئة العمرية من 35-64، اذ نال نسبة 29 .
تأييد أغلبية ساحقة من ذوي أصول شبه الجزيرة الهندية للرئيس أوباما يعود أيضاً لنسبة تأييدها المرتفعة للمرشحة كلينتون، وهي الأعلى بين صفوف المكونات الآسيوية الأخرى. وتحظى كلينتون بنسبة تأييد معتبرة ايضاً بين صفوف حديثي العهد الآسيويين، قدرت بنحو 43 .
من الملاحظ انّ نسبة تأييد أعلى لحديثي العهد الآسيويين ذهبت لصالح المرشح بيرني ساندرز، بأغلبية 54 ، في مرحلة الانتخابات التمهيدية. يقاس على ذلك تأييد «غريزي» لأغلبية معتبرة ليس لتوجهات الحزب الديمقراطي الليبرالية، نسبياً فحسب، بل لقناعة متجذرة بضرورة قيام الدولة المركزية بمهامها وتوسيغ نطاقها وتقديم خدمات أعلى. الحزب الجمهوري، في المقابل، ينادي بتقليص دور الدولة في المجتمع وخصخصة ما استطاع من خدمات وما يرافقه من تآكل نظام العدالة الاجتماعية.
حدّدت مؤسسات الاستطلاعات سلّم أولويات اهتمام الجالية الآسيوية بالقطاعات التالية: التربية والتعليم الرعاية الصحية الإرهاب فرص العمل وترتيبات التقاعد. نظرة فاحصة على ترتيب الأولويات تدلنا على تباينها بعض الشيء عن اهتمامات الجمهور الانتخابي العام، لا سيما في إيلائه أولوية عالية لحال الاقتصاد، الإرهاب، الرعاية الصحية، الهجرة، والتربية والتعليم في أسفل سلّم الأولويات.
كان لافتاً للمراقبين موقف الجالية الآسيوية من مسألة اقتناء السلاح الفردي: اذ أيّد نحو 50 من الفئة العمرية الأعلى، 65 فما فوق، إدراج المسألة ضمن سلّم الأولويات بينما الفئة العمرية البالغة من 18-34 عاما أيدت المسألة بنسبة 25 . الجيل الآسيوي المولود في الولايات المتحدة لا يولي مسألة اقتناء السلاح أهمية عالية، مما قد يعطي مؤشرات ادقّ حول توجهات الجيل الناشئ الأميركي بشكل عام في هذه المسألة «المفتعلة».
نفوذ الجالية الآسيوية
استناداً الى ما تقدّم لتأييد الجالية مناصفة تقريباً بين الحزبين، استناداً الى إحصائيات عام 2014، فإنّ تودّد الحزبين لنيل الكفة الراجحة من التأييد تتعاظم أهميتها لاستمالة أكبر عدد ممكن، مع إدراك الطرفين لتدني مشاركة أعضاء الجالية ضمن مناطق سكناهم، فضلاً عن الحاجز اللغوي الذي يفصل حديثي العهد عن المشاركة الفاعلة.
ديموغرافياً، تميل الجالية الآسيوية للتمركز في المدن الكبرى، التي يصنّف ولاؤها تحت لائحة الحزب الديمقراطي، مما سيقلص نية اعتماد الحزب المنافس على التحرك بحرية داخل تلك الدوائر، مع الأخذ بعين الاعتبار انخفاض مستوى المشاركة في التصويت. بيد انّ التغيّرات الأخيرة تشير الى تنامي الوجود الآسيوي في ولايتي فرجينيا ونيفادا اللتين ستشهدان منافسة قوية بين الحزبين، وبذلهما جهوداً ملحوظة لكسب ودّ القسم الأعظم من الجسم الانتخابي.
الحواجز اللغوية المتأصلة بين أبناء الجالية الآسيوية تعدّ الأعلى نسبة بين صفوف الجاليات الأخرى، اذ تشير الإحصائيات الرسمية الى نسبة متدنية لا تتعدّى 35 تتقن التخاطب باللغة الانكليزية، بينما يستخدم جمهور أكبر، 77 ، لغات أخرى غير الانكليزية للتخاطب اليومي.
تتضح الهزة اللغوية بشكل أكبر عند النظر الى مصادر الأحداث والأنباء التي تستند اليها الجالية الآسيوية، بشكل عام: 43 من الناخبين الآسيويين يعتمد على وسائل إعلام وصحف «أجنبية» كمصدر ثقافي واعلامي وتتسع الفجوة أكثر بالنسبة للجالية الصينية اذ تبلغ نسبة اعتمادها على مصادرها الأصلية نحو 60 وتقاربها الجالية الكورية بنسبة 58 وتتفوّق عليها الجالية الفيتنامية بنسبة 72 . اما الجالية القادمة من شبه الجزيرة الهندية فتنخفض نسبة اعتمادها على مصادرها الأمّ بنسبة كبيرة، 3 .
من نافل القول انّ الجيل الناشئ في صفوف الجالية يلجأ الى شبكة الانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي لتلقي مصادر معلوماته.
ميول التصويت الآسيوي
من غير المرجح ان تفلح جهود الحزب الجمهوري في التعويل على نسبة تأييد تقارب او تماثل النسب التي تمتع بها عام 2014، 50 ، في الدورة الانتخابية الجارية. يعود ذلك الى تبني المرشح ترامب وبرنامج الحزب الجمهوري موقفاً متشدّداً بل معادياً للهجرة، وقد تتحوّل تلقائياً نسبة التأييد الى المرشحة كلينتون.
الجمهور الآسيوي في ولايتي نيفادا وفرجينيا بالتحديد يميل لتأييد التوجهات المحافظة، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وربما تذهب أغلبيته للاصطفاف الى جانب المرشح ترامب مما قد يعدّل الكفة الراجحة العامة لصالحه نظراً للأهمية الاستثنائية لهاتين الولايتين في النتيجة العامة.