زلماي خليل زاد: مسؤول سعوديّ يقول إن الرياض لا تعتبر «إسرائيل» عدوّاً
كتب الدبلوماسي الأميركي السابق المعروف زلماي خليل زاد مقالاً نشرته مجلة «Politico» الأميركية منذ أيام، تناول فيه زيارةً قام بها هو وعدد من المسؤولين الأميركيين السابقين إلى السعودية.
وقال الكاتب الذي يعدّ من أبرز شخصيات تيار «المحافظين الجدد» إنه سمع اعترافات مذهلة خلال زيارته، موضحاً أنّ أحد المسؤولين السعوديين اعترف له بأن الرياض ضلّلت واشنطن.
وتابع أنّ المسؤول السعودي هذا شرح كيف أن الدعم السعودي للتطرّف الإسلامي بدأ في أوائل الستينات من القرن الماضي ضدّ جمال عبد الناصر، وهو ما أدّى إلى حرب على الحدود اليمنية.
وبحسب الكاتب، فإنّ المسوؤل السعودي المذكور أشار إلى نجاح هذه الاستراتيجية ضدّ عبد الناصر، وبالتالي توصّل السعوديون إلى استنتاج بأنه يمكن استخدام الإسلاموية بفاعلية.
كما أضاف الكاتب أنّ القيادة السعودية شرحت له أنّ الدعم السعودي للتطرّف كان سبيلاً من أجل التصدي للاتحاد السوفياتي، عادة بالتعاون مع الولايات المتحدة في أماكن مثل أفغانستان. ونقل عن المسؤولين السعوديين قولهم إنّ الاستراتيجية هذه نجحت مع الاتحاد السوفياتي أيضاً، وأنه تم استخدامها أيضاً ضدّ «الحركات الشيعية التي تدعمها إيران» في إطار التنافس الجيوسياسي بين طهران والرياض.
ووفقاً للكاتب فإن المسؤولين السعوديين قالوا إن دعمهم التطرّف انقلب عليهم وتحوّل إلى تهديد حقيقي للمملكة وللغرب أيضاً. ونقل عن المسؤول السعودي الرفيع المستوى أنّ القيادة السعودية لم تعترف بدعمها التطرّف بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، لأنها كانت تخشى أن تتخلى أميركا عنها أو تعاملها كعدوّ، وبالتالي «كنّا في حالة إنكار»، حسبما نقل عن هذا المسؤول.
الكاتب سأل عن سبب هذه الصراحة الجديدة من السعودية. كما تساءل عن مدى بُعد هذه السياسة الجديدة، مشيراً إلى وجود تساؤلات عمّا إذا كانت جماعات متطرّفة مثل «جبهة النصرة» لا تزال تحصل على المال السعودي. غير أنّه نقل عن المسؤولين السعوديين أيضاً أنّ مقاربتهم الجديدة هي جزء من المساعي الهادفة إلى بناء مستقبل جديد لبلدهم، بما في ذلك برنامج إصلاحات اقتصادية واسع.
كذلك، لفت الكاتب إلى أنّ السعوديين يعتبرون أنّ التطرّف الإسلامي أحد التهديدين الاثنين الكبيرين اللذين تواجههما الرياض، وأن التهديد الثاني يتمثل بإيران. وقال إن القيادة السعودية الجديدة الملك سلمان تحمّل إيران مسؤولية عدم الاستقرار الإقليمي والنزاعات التي تدور في المنطقة.
الكاتب قال إنّ القيادة السعودية الجديدة يبدو أنها تحدّ من دور الايديولوجيا لصالح التجديد، لكنه تساءل أيضاً عن فرص النجاح في بلد لا يزال يُدار بشكل استبداديّ من قِبل آل سعود. كما تساءل عمّا إذا كانت القيادة السعودية موحّدة خلف البرنامج الجديد وعن محاولات قد يلجأ إليها المستفيدون من النظام القديم لعرقلة أجندة الإصلاحات وبالتالي زعزعة استقرار البلاد. كذلك أشار إلى أنّ المؤسسة الدينية الوهابية قد تعارض التجديد أيضاً.
وتابع الكاتب أنّ برامج الإصلاحات السابقة التي أعلن عنها في السعودية لم تنفّذ، مضيفاً أنّ التجديد يقوّض الركيزتين الاثنتين للشرعية السياسية السعودية، وهي تأييد المؤسسة الدينية الوهابية والتقليدية التي تدعم أيّ حكومة ملكية. كذلك حذّر من أن التجديد قد يؤدّي إلى اضطراب سياسيّ بسبب مواقف المستفيدين من النظام الحالي، وعن مدى استعداد الشعب السعودي علمياً للتنافس في الاقتصاد العالمي.
وقال الكاتب: يبدو أنّ من نتائج التركيز السعودي على «داعش» وإيران تغيّر موقف الرياض تجاه «إسرائيل». وتابع أن كل من «إسرائيل» والسعودية تعتبران أنّ إيران و«داعش» هما التهديد على حدّ تعبيره، وأنّ ما سمّاه «العِداء القديم» بين «إسرائيل» والسعودية لا يمنع المزيد من التعاون بين الجانبين في المستقبل. كما كشف أن السعوديين قالوا له صراحة إنهم لا يعتبرون «إسرائيل» العدوّ، وإنّ المملكة لا تضع أيّ خطط طوارئ عسكرية ضدّ «إسرائيل».
وتابع الكاتب أنّ إمكانية إجراء إصلاحات في السعودية أكثر واعدة في السعودية مما هي في مناطق أخرى في الشرق الأوسط. كما قال انه أصبح مقتنعاً بعد زيارته بأن هناك قطاعات رئيسة في القيادة السعودية التي هي جادة في خطط التجديد ويسعون إلى تنفيذ هذا المشروع بِحِرفية على حدّ قوله.
وأضاف الكاتب أنّ السعودية ستصبح أقوى من السابق في حال نجح مشروع الإصلاحات، وأنّ النجاح هذا سيمكنها من لعب دور أكبر حتى في المنطقة، بما في ذلك مواجهة إيران، ولعب دور في المفاوضات الهادفة إلى إنهاء الحروب الأهلية في المنقطة، على حدّ قوله.
كما أضاف أنّ تغيّراً حقيقياً في سياسة الرياض في دعم المتطرّفين سيكون نقطة تحوّل في المساعي الهادفة إلى هزيمة المتطرّفين. وزعم أنّ النجاح السعودي قد يشكّل نموذجاً لباقي «العالم السنّي العربي والإسلامي» حول كيفية النجاح في تنفيذ الإصلاحات. وأشار إلى أنّ ذلك قد يساعد في تنفيذ الإصلاحات على صعيد أوسع.
وختم الكاتب قائلاً إنّ المنطقة معنية بنجاح السعودية، وبالتالي يجب القيام بكل ما هو ممكن من أجل تشجيع القيادة السعودية ودعمها في هذا المسار.