معادلة 14 آذار: أسقطنا عون بجعجع ونسقط فرنجية بعون مصادر ديبلوماسية: أوكرانيا واليمن قبل الشرق الأوسط

كتب المحرر السياسي

يلخص مصدر ديبلوماسي في بيروت المشهد الإقليمي تتابع المراحل في ترتيب الأوراق، بتسلسل فرض نفسه على الأميركيين بعد محاولات حثيثة لتفاديه، ويكشف المصدر عن معلومات مؤكدة حول أن المواجهة الروسية الأميركية في ذروتها، حول أوكرانيا، ومثل هذه الحالة يستحيل أن تشكل فرصة لصناعة التسويات في أي ملف على الساحة الدولية، لأن إرادة روسيا بالتصرف كدولة عظمى لن تتغير مهما كان الثمن، ومحاولات تهميشها عن ساحة الشرق الأوسط بعد أزمة أوكرانيا قد باءت بالفشل، فقد كانت الخطة الأميركية معاملة روسيا كدولة إقليمية فاعلة في شرق أوروبا وشمال آسيا، تتطلع لدور دولي يكفي تهديدها في الجوار الإقليمي لتنكفئ. وقال المصدر إن موسكو كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الاجتماع التقليدي، الذي يعقد كل سنتين للديبلوماسيين الروس وعقد قبل شهر تقريباً، إن الكرملين بقيادته يخوض حرباً أشرس من الحرب العالمية الثانية لحماية مكانة روسيا، التي تتعرض لأشرس استهداف داخلي وخارجي لكنها لن تتراجع.

يتوقف المصدر الديبلوماسي، أمام القول بأن الخطة الأميركية كانت، كما لخصها مارتن أنديك أحد مهندسي السياسة الدولية لواشنطن، دخلنا المسرح وعدونا إيران ومهمتنا تحييد روسيا وها نحن نخرج والعدو روسيا والمطلوب تحييد إيران.

يعتبر المصدر أن الأميركيين فشلوا في المرتين، واكتشفوا أن إيران قوة إقليمية لا تتجاوزها موسكو بصفقات منفردة، وكان وقوف موسكو مع سورية والملف النووي الإيراني نموذجاً عن كيفية تعامل موسكو مع حلفائها في المنطقة، على رغم كل الإغراءات الخليجية المالية والغربية السياسية والعسكرية، والتهديدات بالشأنين المالي والسياسي، وبالمقابل فعلى رغم كل ما يجري ترويجه عن تفاهمات إيرانية – أميركية وأميركية – سعودية، يعتبر المصدر أن لا تفاهمات عميقة قد تمت بعد، وأن حالة الطوارئ العراقية فرضت تنسيقاً موضعياً لا يتعدى حدود التعاون السياسي

والعسكري، لحماية بغداد وأربيل من خطر مفاجئ اسمه داعش.

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحرك نحو أوروبا والأولوية أوكرانيا، ووزير خارجيته جون كيري نحو المنطقة والأولوية اليمن وفقاً للمصدر، فاليمن هو الأمن السعودي وعبره التفاهم مع إيران، يمكن أن يفتح الباب لتفاهمات أكبر نحو سورية والعراق ولبنان، بعد التفاهم الروسي الأميركي الأوروبي حول أوكرانيا.

يختم المصدر كلامه بالقول إن التجاذب سيكون عنيفاً وقاسياً في شهر أيلول، لنشهد ربما في الخريف بدايات التسويات في ملفي اليمن وأوكرانيا وبعدها ينفتح الباب الأوسع.

ترتيب الأوراق يبقى هو العنوان للقوى الممسكة بساحاتها وأوراق قوتها، كما هي حال سورية التي يسجل جيشها نجاحات باهرة في أطراف دمشق، وخصوصاً حي جوبر الذي يشكل مفتاح العاصمة وأمنها، ويفتح الباب للمعركة الأهم في دوما، وكذلك حال العراق حيث الجيش يسجل نجاحات بارزة نحو تكريت، ومعنوياته ترتفع وقادته يتحدثون عن وضع الخطط لدخول الموصل بعد تكريت.

أما الذين يضيعون أوراق قوتهم كحال الحكومة اللبنانية، التي ضيعتها قوى الرابع عشر من آذار بالتذاكي التفاوضي مع جبهة النصرة وداعش، حول المخطوفين العسكريين من موقع التهاون بهيبة الدولة وسيادتها، فإلى المزيد من الضياع، وملء الوقت الضائع بالمناورات، جلسة رئاسية انتخابية بلا نصاب كعادة سابقاتها، ومبادرة رئاسية لقوى الرابع عشر من آذار في مواصلة التذاكي بالحديث عن سحب متواز للمرشحين سمير جعجع وميشال عون، فيتحقق هدف ترشيح جعجع، والتلميح بأن لا فيتو على ترشيح سليمان فرنجية، لتفجير علاقات قوى الثامن من آذار بإغراء الترشيح. وكما قال أحد قادة الرابع عشر من آذار في مجلس خاص، أسقطنا ترشيح عون بجعجع وبعون نسقط ترشيح فرنجية، لندخل في أسماء الشخصيات التي لا تتعب.

«14آذار»: إصرار على التعطيل

وفيما بقي مصير العسكريين المخطوفين غير واضح نظراً للصعوبات التي تواجه إجراء صفقة التبادل بين بعض الحكومة والمجموعات الإرهابية، خصوصاً أن الشروط التي يضعها الإرهابيون شبه مستحيلة، عاد إلى الواجهة ملف الاستحقاق الرئاسي من بوابة التعطيل الذي يصر عليه فريق 14 آذار وهو ما تكشّف من جديد بما سمي المبادرة التي أطلقها هذا الفريق أمس من مجلس النواب ومضمونها انسحاب متزامن لكل من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وإلا الاستمرار في تبني ترشيح الأخير ما يعني المضي في سياسة التعطيل ليس فقط للاستحقاق الرئاسي بل أيضاً لكل مؤسسات الدولة.

ردود لبري وتكتل التغيير

وقد رد سريعاً تكتل التغيير والإصلاح على التعطيل المتمادي للدولة، مؤكداً بعد اجتماعه عصر أمس أن كل طرح خارج مبادرة عون هو طرح تمويهي لإضاعة الوقت. وقال: «المطلوب رئيس ميثاقي والعماد عون ما زال يطرح مبادرته ونريد أجوبة على ذلك».

وأكدت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن التكتل لا يمانع الاجتماع مع اللجنة التي سيكلفها فريق 14 آذار بالاتصال مع قيادات 8 آذار في شأن مبادرته شرط أن يكون الطرح منطقياً ولا يقصي الشخصية المارونية الأقوى على الساحة المسيحية. وأشارت المصادر إلى أن المبادرة تؤكد إصرار رئيس حزب القوات على الترشح للانتخابات الرئاسية وفقاً لمقولة «أنا أو لا أحد من 14 آذار».

وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره مساء أمس «إن مبادرة 14 آذار ليست جديدة وسبق وطرحها جعجع»، لافتاً إلى أن الجديد فيها هو تأليف لجنة لمتابعتها. وعن تحركه مع النائب وليد جنبلاط في الملف الرئاسي قال بري: «أوقفنا الحراك لنرى ماذا سيفعلون».

وكررت مصادر 8 آذار في حديث إلى «البناء» دعوة 14 آذار إلى دراسة خيار العماد عون رئيساً للجمهورية، أو التوجه إلى الرابية لمحاورته ويعود إليه قرار العدول عن تقديم ترشحه والتحول إلى ناخب لمرشح يسميه.

وقالت مصادر نيابية في 8 آذار إن عودة الفريق الآخر إلى نغمة وضع جعجع في مقابل عون يُراد منها الوصول إلى شخصية للرئاسة تلتقي مع طروحات 14 آذار تحت شعار الرئيس التوافقي. وأضافت: «إن إصرار تيار المستقبل على إفشال الحوار مع العماد عون من خلال العودة إلى الطروحات التعطيلية نفسها هو تأكيد على أن لا ضوء أخضر سعودياً لتمرير الاستحقاق الرئاسي». وأوضحت أنه «لو كانت هناك جدية لدى هذا الفريق في الخروج من الأزمة الرئاسية لكان أعلن في الحد الأدنى سحب جعجع من السباق الرئاسي إفساحاً في المجال أمام إطلاق الحوار للاتفاق على مرشح توافقي». واعتبرت «أن المقصود من هذا الطرح اليوم هو ضرب مبادرة عون الأخيرة حول انتخاب الرئيس من الشعب وأيضاً محاولة إحراج عون لتصويره على أنه المعرقل للوصول إلى رئيس توافقي». كما لاحظت المصادر أن مبادرة 14 آذار موجهة أيضاً ضد جنبلاط بهدف إفشال ما يسعى إليه من مخارج للملف الرئاسي.

وكما كان متوقعاً فلم يكتمل نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية أمس ما دفع الرئيس بري إلى تأجيلها إلى 23 الشهر الجاري.

إلى ذلك، يترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي عاد أمس من روما، اجتماع مجلس المطارنة الموارنة. وأكدت مصادر بكركي لـ»البناء» أن البيان الذي سيصدر عقب الاجتماع سيكون عالي النبرة، وسيتطرق إلى الإهمال الحاصل في إجراء الانتخابات الرئاسية. وسيؤكد ضرورة أن تحافظ الدولة في تفاوضها لإطلاق سراح العسكريين المختطفين على كرامة الجيش وهيبة الدولة.

في سياق آخر، غادر جنبلاط إلى القاهرة يرافقه الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور والنائبان غازي العريضي وعلاء الدين ترو ونائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي للشؤون الخارجية دريد ياغي .

وأكدت مصادر الحزب لـ»البناء» أن جنبلاط سيلتقي في زيارته الرسمية التي تستمر يومين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدداً من المسؤولين المصريين.

«شدّ حبال» حول صفقة التبادل

أما في شأن الصفقة لإجراء تبادل بين الحكومة والمجموعات الإرهابية، لإطلاق سراح العسكريين مقابل موقوفين في سجن رومية، فلم يتم البحث بالملف خلال جلسة مجلس الوزراء أمس وترك الوضع الأمني بما في ذلك عملية التبادل إلى جلسة يوم غد الخميس. إلا أن مصادر عليمة كشفت أن هناك من يسعى لتمرير صفقة التبادل من دون العودة إلى مجلس الوزراء من خلال الضغط على الأجهزة القضائية لإيجاد الإخراج القضائي لإطلاق سراح بعض الموقوفين الذين ليس عليهم ادعاءات قضائية ومن غير الرؤوس الكبيرة من الموقوفين. إلا أن المصادر أشارت إلى أن عملية الإفراج عنهم قد تتطلب بعض الوقت. ولاحظت المصادر أن الأداء الذي لجأ إليه البعض في الحكومة منذ غزوة عرسال هو الذي ورّط الدولة ووضعها بين كماشة ابتزاز الإرهابيين وبين سندان عدم التحرّك لإطلاق العسكريين المخطوفين. وأضافت: «إن عملية إطلاق العسكريين أصبحت اليوم مكلفة أكثر مما كان عليه الأمر خلال محاصرة المسلحين في عرسال».

مراجع كبيرة ترفض الصفقة

كذلك لاحظت مراجع سياسية أن الجماعات المتطرفة نجحت في تحويل ملف العسكريين إلى رهينة بدل أن يتوحد اللبنانيون حوله، مشيرة إلى أن الضغوط لإجراء المبادلة تخدم الإرهابيين أولاً وتعمل لإثارة الفتنة ثانياً. وتساءلت المراجع: أين الدولة ولماذا لم يصدر عن مجلس الوزراء أمس أي موقف بهذا الخصوص؟ مؤكدة أنه من غير المقبول إطلاق إرهابيين مارسوا أبشع أنواع القتل ضد الجيش واللبنانيين.

وأمس أكد تكتل التغيير والإصلاح أن لا مساومة بين الإرهاب التكفيري والمعتدى عليهم. وقال: «إن من يتفاوض مع تنظيم إرهابي عليه التنبّه إلى أن التفاوض يتم مع دول»، مؤكداً أن المساواة بين «داعش» والمقاومة عيب وطني.

فيما دعت كتلة «المستقبل» إلى إيلاء الحكومة ورئيسها الثقة في بت ما يريانه مناسباً في مسألة تحرير العسكريين.

وفي سياق متصل، وبعد طول تلكؤ أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عقب لقائه ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز أن «عقد تزويد الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية بقيمة 3 مليارات دولار سيبدأ تنفيذه قريباً، والبلدان في صدد وضع اللمسات الأخيرة عليه، فيما تبقى بعض العناصر التقنية ضرورية لإنجازه».

في هذا الوقت، هدد «داعش» بذبح جندي ثان في الجيش اللبناني، على ما قال في شريط فيديو شخص يدعى «أبو مصعب حفيد البغدادي»، والمعروف بانتمائه إلى «داعش» في القلمون «ليعود ويكتب بصيغة تهديدية الدولة الإسلامية سنت السكين لتذبح أحدهم… هل ستفاوضون أم لا»؟، في إشارة إلى تهديده بقتل عسكري آخر.

وكان أهالي العسكريين المخطوفين واصلوا قطع الطرق في عدد من المناطق البقاعية والشمالية، فيما تبلغ النائب خالد زهرمان نتائج فحص الـ»دي أن أي» التي أظهرت أنها تعود للرقيب علي السيد.

وواصلت العناصر الإرهابية المتخفية بوجوه مختلفة محاولة إثارة الفتن والقلق لدى أهالي طرابلس، حيث عمد هؤلاء أمس إلى كتابة عبارات تحريض وتهديد مذهبية وطائفية على كنيسة مار الياس في الميناء وتقوم الأجهزة الأمنية بالعمل على ملاحقة بعض المشتبه بهم في التورّط بمحاولة إشعال الفتنة.

ومساء أمس تعقبت دورية للجيش اللبناني مجموعة من المهربين في منطقة سموقة، بين راشيا الوادي وعيحا، عند السفوح الغربية لجبل الشيخ واشتبكت معها بالأسلحة الرشاشة. وقد فرت المجموعة في تلك المنطقة الجبلية وضبط الجيش إثر ذلك كمية كبيرة من الذخائر ومماشط الأسلحة الأوتوماتيكية التي أودعها المهربون في نقطة محددة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى