تفاصيل صغيرة
قصة قصيرة من كتب «الزن Zen»:
ذات يوم عاصف، جاء أحد الساموراي إلى المعبد وأخذ يستغيث بالكاهن قائلاً: «إني فقير ومريض، والجوع يكاد يقضي على عائلتي. فأرجو المساعدة يا سيدي».
كان الكاهن في أثناء ذلك يتوكأ على حافة النافذة ولم يكن لديه شيء ليعطيه، وفكر بطرد الساموراي. لكنه تذكر صورة بوذا، فأسرع واقتطع جزءاً من الهالة الذهبية المحيطة بها وأعطاها للساموراي قائلاً: «بِع هذه، قد تعينك». فما كان من الساموراي اليائس إلا أن أخذ ما أعطاه الكاهن له ومضى.
لكن أحد أتباع الكاهن صاح: «هذا تدنيس، فكيف فعلته؟».
تدنيس؟ تساءل الكاهن. ومضى يقول لتلميذه: «إني لعلى ثقة تامة أن بوذا كان سيقتطع له شيئاً من لحم ذراعه ويعطيه له ولن يردّه خائباً».
هذه القصة البسيطة تجسّد عبرة عظيمة هي فكرة العطاء، العطاء الذي هو في حقيقته متعة روحية عظيمة لصاحبه أكثر بكثير من كونه خدمة أو فعلَ خير نقدّمه للآخرين.
لكن العطاء يحتاج إلى شجاعة، خصوصاً عندما يكون العطاء منزّهاً عن الغايات وعن الشوفنة والتباهي، حينئذ تكون السعادة الحقيقية العميقة التي أعنيها والتي يعرفها تماماً كلّ من مرّ بتجربة مماثلة. والأهم أن ندرك أن العطاء ليس مادياً فقط بل لعل أسهل العطاءات تلك التي نقدّمها من جيوبنا أو حقائبنا. الأسمى هو عطاء نقدّمه من أرواحنا علّه يلامس ويضمّد جراح أرواح أخرى لا تصل إليها الضمادات ولا ترممها الأدوية والمراهم. عطاء لا ننتظر له مقابلاً. فالحقيقة البسيطة التي لا يدركها الكثيرون أن سعادة العطاء أعظم بكثير من متعة الأخذ.
اِمنح من قلبك ولا تخشَ، فكلّ حبّ تقدّمه سيجوب الكون ويعود إليك مضاعفاً… وللحديث تتمة!
منى عبد الكريم