رسالة سورية الصاروخية والانكفاء الإسرائيلي!
خليل إسماعيل رمَّال
لأول مرة في تاريخها الدموي تُثني «إسرائيل» على نفسها، لأنها «تريَّثَتْ» و»لم تنجرّ» وراء قرار القيادة السورية بتصدّيها لطائراتها الحربية المعادية وإسقاط طائرتين للعدو فوق الجولان. وللمرة الأولى تستعمل «تل أبيب» تعابير مثل «ضبط النفس» و»الامتناع عن الردّ» على الصاروخين السوريِّين! فمتى كان العدو الصهيوني يتراجع؟!
هذا التحوّل الاستراتيجي في أعقاب الرسالة السورية الصاروخية هو ثمرة من ثمرات المقاومة النبيلة التي أحيت عظام المواجهة وهي رميم. فالكيان الغاصب كان يملك قرار الحرب والسلم معاً، يستعمله متى يشاء من دون رادع ومانع لجيشه الذي كان لا يُقْهَر- إلى أنْ تحطَّمَت هذه الأسطورة الورقية تحت أقدام المقاومين المجاهدين الذين دمّروا درّة تاجه العسكري الميركاڤا مثل لعب الأطفال، وأبادوا قوة النخبة من سلاح البحرية الإسرائيلية المتخصّصة في العمليات الخاصة وحدة «شييطت 13 خلال إنزالها في قرية أنصارية قبل 19 عاماً، وأعطبوا البارجة الإسرائيلية «أحي حانيت» من طراز ساعر 5 وكانت مفخرة سلاح البحرية أيضاً.
كانت «إسرائيل» تتذرّع بأيّ ذريعة لتشنّ حرباً واسعة على العرب تستغرق أياماً عدة فقط، بعيدة عن الداخل حيث كان المغتصبون ينعمون بالهدوء والسكينة، فتقوم بفرض المعادلات وتغيير الوقائع على الأرض، كما فعلت عندما تحجَّج الثنائي المقبور بيغن – شارون بمحاولة اغتيال سفيرهما في لندن لشنّ حرب شاملة على لبنان صيف 1982 انتهت بإخراج منظمة التحرير الفلسطينية منه وبدء العصر الصهيوني.
زمن الردع «الإسرائيلي» والانتقام أو الردّ على اعتداءات الكيان ولَّى إلى غير رجعة، وبات العدو يحسب ألف حساب لأكلاف الحرب ونتائجها المدمّرة عليه وأضحى يتذاكى مثل الأنظمة العربية الرجعيَّة المتخاذلة، فيصف ضبط النفس بعنصر قوة! ما أعظم هذا الزمن المقاوم!
لقد كان العدو يستبيح الأجواء السورية متى يشاء، خصوصاً من أجل دعم وحماية الجماعات التكفيرية الإرهابية في الجولان من أجل تقسيم سورية وفرض منطقة لحديّة على غرار الشريط الحدودي في لبنان قبل التحرير مقابل منطقة آمنة للأتراك في حلب. ألم يتفاخر الناطق الإعلامي باسم الجيش الورقي أفيخاي أدرعي المستعرب مغرّداً أنّ جيشه أسعف وساعد آلاف اللاجئين السوريين، بينما يقتل يومياً أبناء الشعب الفلسطيني؟
كان هدف «تل أبيب» خلطَ أوراق المنطقة وفرضَ دور لها في الشأن السوري بعد الاتفاق الروسي الأميركي على الهدنة من دونها، خصوصاً أنها أضحت تنسّق علناً مع الأتراك والوهابيين في الرياض والدوحة لمساعدة «الدواعش»، والهدنة لن تكون في صالحها، فأرادت إمالة الكفة العسكرية لصالح القَتَلة التكفيريين عبر استهداف مواقع الجيش السوري ووسائط الدفاع الجوي. وقد أسهب العميد أمين حطيط في الحديث عن استهداف الخوارج، ليس من اليوم بل منذ بدء الثورة المزعومة، لسلاح الجو السوري من معاهد ومطارات وطيارين ومعدات ومرابض والآن تبيّن سبب هذه المؤامرة على الدفاعات الجوية السورية وهدفها وحجمها!
لكن الجيش العربي السوري الصامد بشكل أسطوري منذ خمس سنوات أثبت أنّ عزيمته لم تنكسر وأنّ سورية ستبقى قلعة الصمود والتصدّي ونقطة الثقل في محور المقاومة، وهي رغم جراحها لن تسمح للعدو بالتمادي في عدوانه خاصة، بعد أنْ فتحت جبهة الجولان للمقاومة كما أنها تحضّر المفاجآت الدفاعية الصاروخية للعدو وتجبره على الانكفاء وعدم الانجرار الى حرب مصيرية قد تهدّد كيانه هذه المرّة أيضاً، بسبب عين المقاومة الساهرة وقدرتها الردعية والهجومية الهائلة!