أوباما «يشدّ براغي ماكينته» لتطبيق التفاهم… وتزامن التنفيذ بغطاء دولي الإثنين الحريري يغطي تشقق كتلته في الخيارات الرئاسية بلعبة أسماء المرشحين مجدّداً

كتب المحرّر السياسي

تتبادل موسكو وواشنطن الاتهامات في التباطؤ بتنفيذ الالتزامات المتبادلة وفقاً لأحكام التفاهم الموقع بينهما، فتعلن واشنطن عدم الاستعداد للبدء بالتعاون العسكري مع الاقتراب من اكتمال الأسبوع الذي نص التفاهم بعد انقضائه على البدء بالتعاون العسكري في ضربات جوية مشتركة روسية أميركية ضدّ تنظيم داعش وجبهة النصرة، وتردّ موسكو أنّ واشنطن لم تسلّم خرائط صالحة للعمل المشترك حول مواقع المعارضة ومقابلها مواقع النصرة المفترض أن تتولى واشنطن الفصل بينهما قبل حلول موعد التعاون العسكري، وأنّ ما تسلّمته مجرد إحداثيات لمواقع لمسلحين تابعين لواشنطن لتجنّب إصابتهم في الغارات الروسية. وبينما تربط واشنطن بدء التعاون العسكري ضدّ داعش والنصرة بدخول المساعدات إلى الأحياء الشرقية في حلب، والذي أعقبته بشرط انسحاب الجيش السوري من الكاستيلو لعدم ربط المهام الإنسانية بالمكاسب السياسية، ردّت موسكو أنّ سورية وافقت وباشرت الانسحاب، لكن عدم قيام المسلحين بتنفيذ انسحاب موازٍ من كلّ مناطق الكاستيلو المقابلة ومن مسار قوافل المساعدات منعاً للتوظيف السياسي للمساعدات الإنسانية عطل تنفيذ إدخال المساعدات، كما عطل انسحاب الجيش السوري.

لا يصل النظر نحو هذه التجاذبات في كلّ من موسكو وواشنطن حدّ القلق على مصير التفاهم، الذي تبدو السعودية و«إسرائيل» ومعهما العديد من عناوين جماعات المعارضة والمجموعات المسلحة، على ضفة فعل المستحيل لإسقاطه، وزرع العراقيل في طريق تطبيق بنوده، ففي واشنطن جمع الرئيس الأميركي باراك اوباما أركان حكمه في اجتماع لمجلس الأمن القومي، بحضور وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر، لشدّ براغي الماكينة الأميركية استعداداً للسير بالتفاهم ضمن اشتراطات وضوابط يفترض أن يضعها المجتمعون، كما حدث في بيان وزارة الدفاع الأميركية الذي قال إنّ التعاون العسكري لن يتمّ ما لم تدخل المساعدات إلى أحياء حلب الشرقية، بينما كان الموقف مع بدء تطبيق التفاهم وتوقع دخول المساعدات التي لم يظهر أنّ هناك ما يحول دون دخولها يومها، أن لا ثقة بروسيا وجيشها ليتمّ التعاون مع الجيش الروسي، ولا ثقة بجدوى ونتائج استهداف النصرة، ومنح الدولة السورية ورئيسها هدية بهذا الحجم، كما قالت مصادر البنتاغون لخبراء أميركيين تحدثوا للأندبندنت أمس.

التموضع الأميركي مع خيار التطبيق مقابل التلويح الروسي والضغط نحو نشر التفاهم وبنوده، ورفض منح واشنطن تقديمات مجانية، يتزامن مع مناقشات أن يجريها مجلس الأمن حول التفاهم بعد تأجيلها من مساء أمس، بشراكة أميركية روسية في الدفاع عن بنوده وأهدافه ومندرجاته فيما توقعت مصادر إعلامية روسية أن تعقد خلال المدة الفاصلة عن صبيحة الإثنين، ليتمّ الإقلاع بالتزامن في تطبيق التفاهمات حول المساعدات والتعاون العسكري ونيل التفاهم الغطاء القانوني من مجلس الأمن الدولي، بعد ترتيب التفاهمات التنفيذية بين الفريقين الروسي والأميركي، يفترض أن يتضمّنها القرار المتوقع إقراره الأربعاء.

لبنانياً، لا يزال الوضع الداخلي المأزوم لتيار المستقبل وتشقق كتلته النيابية حول الخيارات الرئاسية، بعد الانحيازات المتباعدة بين مجموعة تسير بخيار النائب سليمان فرنجية وكتلة تدعو لمرشح توافقي ثالث غير فرنجية والعماد ميشال عون وأقلية تدعو للسير بخيار العماد عون، ويسعى الرئيس سعد الحريري لإشغال القوى السياسية والرأي العام، بخيارات قيد الدرس يقوم الحريري بتقييمها والتحضير لمبادرات باتجاهها وتسريب أخبار وسحبها أو نفيها، للتغطية على ما وصفه حليفه النائب وليد جنبلاط، بالضعف المتمادي والمتزايد الذي يسبّب الحزن «لحليفي الأقوى سعد الحريري».

التفاوض مع الحريري لن يقدّم جديداً

بغض النظر عن صحته، خرق خبر اتصال مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري بالعماد ميشال عون وإبلاغه استعداد الرئيس الحريري انتخابه لرئاسة الجمهورية، الجمود الرئاسي لساعات قليلة، سرعان ما تبدّد مع نفي كلٍّ من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر على حدة صحة المعلومات، وإن كانت أوساط سياسية توقفت عند خبر التسريب وعند نفي الطرفين للاتصال ومدى دقة النفي. لكن الأكيد أن التسريبات استدعت لقاء على عجل بين مستشار الرئيس الحريري غطاس خوري ووزير الثقافة روني عريجي، وتأكيد خوري في حديث لـ «او تي في» ان «القرار النهائي حول اسم المرشح للرئاسة يعود للرئيس الحريري».

وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن الاتصالات الجارية مع التيار الوطني الحر من قبل قوى سياسية عدة لم تصل الى نتائج جدية حتى الآن، مشيرة الى ان «العماد ميشال عون منفتح على حلّ يحقق الشراكة لكن إذا كانت هذه الاتصالات للمواربة وتضييع الوقت فلن تؤثر على القرار المتخذ بالتصعيد». ولفتت الى أن «التفاوض مع الحريري لن يقدّم جديداً لأن الأخير لم يطرح شيئاً جدياً»، متسائلة: هل الحريري قادر على اتخاذ القرار داخلياً من دون تدخل قوى خارجية؟ وشككت المصادر بـ «التصريحات المتضاربة والوضع الهشّ داخل تيار المستقبل».

وحول احتمال لقاء مرتقب بين الحريري وعون، لم تستبعِد المصادر هذا اللقاء «إذا توفرت ظروف انعقاده مشككة بقدرة الحريري على التحرّر من التبعية للخارج لا سيما لمرجعيته السعودية التي لا تزال ترفض انتخاب عون والتي يبدو أنها أيضاً لم تتخذ قرار انتخاب رئيس في لبنان».

الوحي الرئاسي بعد 28 أيلول خارج الرابية وبنشعي

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ «البناء» ان «لا صحة لا من قريب ولا من بعيد لما أشيع عن اتصال نادر الحريري بالعماد عون». وقالت «يبدو أن الأمور ذاهبة إلى مرشح خارج الإسمين العماد عون والنائب فرنجية فلا إمكانية لوصولهما إلى سدة الرئاسة في الوقت الرهن». وشددت المصادر على «أن لا رئاسة في الافق المنظور، فالتوافق السياسي غير متوفر حتى الآن، وربما ينزل الوحي الرئاسي بعد جلسة 28 أيلول لكن نزوله، لن يكون لا في الرابية ولا في بنشعي».

وفي ملف قانون الانتخاب، أشارت المصادر إلى «أن الأقرب الى المنطق هو الاقتراح المختلط، فالاختلافات البسيطة بين الاقتراح المقدم من الرئيس نبيه بري والصيغة الثلاثية ممكن إيجاد حل لها، ونحن متفقون مع القوات على قانون المختلط، لكن للأسف من علّق جلسات الحوار علّق البحث بقانون الانتخاب وفي الوقت نفسه لا يريد التيار الوطني الحر إجراء انتخابات وفق القانون النافذ، وبالتالي نحن ذاهبون الى حائط مسدود حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً». واكدت المصادر «ان تيار المستقبل لن ينجرّ الى الشارع مقابل شارع التيار الوطني الحر».

الشارع لحين تحقيق المطالب

ونفت مصادر نيابية بارزة في التيار الوطني الحر لـ «البناء» ما تردّد عن اتصال مستشار الرئيس الحريري بالعماد عون مضيفة: «في حال كان ذلك صحيحاً، لكان تغيّر موعد جلسة انتخاب الرئيس من 28 إلى موعد قريب لانتخاب عون». وقالت المصادر «إن كل أشكال التحرك في المحطتين الفاصلتين اللتين حدّدهما التيار الوطني في 28 الحالي و13 تشرين واردة وغير مقيدة بسقف أو موقع جغرافي أو مدة زمنية، ويمكن أن تطال المناطق اللبنانية كافة وفق نهج تدريجي». وتحدثت عن مزاج عام يسود أوساط التيار بأن لا تنتهي التحركات الشعبية إلا بعد تحقيق المطالب التي باتت معروفة لدى الجميع»، موضحة أن «شكل التحرّكات الاعتراضية لم تحسم بعد، لكن سيتخللها خطاب مفصلي للعماد ميشال عون».

وأوضحت المصادر أنه بمعزل عن النتائج التي سنحققها، لكن الأهم هو الموقف، موضحة أن «المعطيات الإقليمية تختلف عن التي كانت سائدة إبان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الذي لم يرفّ له جفن إزاء مليون ونصف مليون لبناني في الشارع، رغم مخالفته الدستور والميثاق». وأضافت «اليوم الوضع مختلف لقد وصلنا الى مرحلة حساسة تتعلق بالترابط الداخلي والوحدة الوطنية والعدالة بين اللبنانيين وانتهاك الدستور والقوانين والميثاقية».

وشدّدت على «أن رئاسة الجمهورية ليست مسألة مقايضة بوظيفة بل أزمة حقوق وتوازن في العلاقات بين اللبنانيين وشراكة وطنية فعلية في الحكم ومسألة سلوك، فقبل التمديد لقائد الجيش العام الماضي كانت الذريعة أن عون يريد تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، أما اليوم فما هي الذريعة للتمديد الذي لا نزال نرفضه وأصبح فاضحاً»، مضيفة «رفضُنا لا يرتبط بمجرد اختيارنا لمركز ما بل بتحرير مفاصل الدولة ومؤسساتها من قبضة فئة معروفة ممسكة بها، فالعميد روكز أُحيل على التقاعد، فلماذا لا يختار مجلس الوزراء أحد الضباط لهذا المنصب وفي الجيش ضباط كثر أكفاء؟». وحذرت المصادر من تكرار وزير الدفاع سمير مقبل خطيئة التمديد مرة أخرى ومخالفة القانون حيث لا مرجع قضائي يحاسب».

اتصال ودّي بين جنبلاط وعون

وتناول رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، في اتصال هاتفي جرى في الساعات الماضية وصف بالودّي، ما يجري على الساحة اللبنانية والإقليمية، اضافة الى موضوع رئاسة الجمهورية. وكان جنبلاط اعتبر في تصريح له أن «بعض المسيحيين أو بعض الزعماء في الطائفة المارونية غافلون عن أنه قد يتم تعديل الدستور بما يتعارض مع مصالحهم. ربما البعض مستعدّون للقبول بهذا الأمر، على غرار العماد عون. لكن ذلك يتوقّف على المكاسب العسكرية للجيش السوري وحلفائه». وأكد جنبلاط أن «حليفه الأقوى الرئيس سعد الحريري يزداد ضعفاً باضطّراد، وهذا محزن»، موضحاً أنه «لا يرى انتخاب رئيس للجمهورية بالمستقبل المنظور».

بكركي: الرئيس قبل نهاية العام

وأكدت مصادر بكركي لـ «البناء» ان رئيس الجمهورية سينتخب قبل نهاية العام كأقصى حدّ». ووضعت المصادر لقاءات البطريرك الماروني مع القوى السياسية المارونية الوزير فرنجية، الرئيس أمين الجميل، النائب سامي الجميل والوزير بطرس حرب في إطار العمل على حلّ المشاكل، بعد تمني الفاتيكان على البطريرك العمل لإيجاد مخرج يفضي الى الى انتخاب رئيس، من منطلق الحرص على الوجود المسيحي المشرقي والعيش المسيحي – المسلم». وأبدت المصادر شكوكاً في «عقد أي لقاء بين البطريرك والعماد عون الذاهب الى أقصى الحدود من منطلق أن الحل عنده يكمن في انتخابه».

سلام إلى نيويورك اليوم ودعم لبنان في ملف النازحين

يغادر رئيس الحكومة تمام سلام وفريق عمله مساء اليوم الى نيويورك، للمشاركة في مؤتمرين عن النازحين في نيويورك في 19 و20 الحالي، على هامش اجتماعات الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة وتشكل المشاركة، بحسب مصادر وزارية، مناسبة لطرح القضايا والملفات اللبنانية لجهة دعم لبنان في ملف النازحين، خصوصاً بعد إرجاء مؤتمر مجموعة الدعم الدولي للبنان.

وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ «البناء» إن «الرئيس سلام سيكرر موقفه الثابت والدائم حول أزمة النازحين خلال كلمته في الأمم المتحدة»، وسيشدد على أن «لبنان استقبل النازحين السوريين خلال سنوات، لكن طالت مدة وجودهم أكثر من المتوقع والعبء فاق قدرة لبنان على التحمل والمساعدات الدولية أقل من المستوى المطلوب بكثير»، مشيرة الى أن «التفاهم الاميركي – الروسي على وقف إطلاق النار سيسهل العودة الآمنة للاجئين السوريين الى بلادهم من دول عدة»، ورأت المصادر أن «الأهم من المطالبة بالحصة المالية المخصصة للبنان من المساعدات الدولية هو توحيد الموقف اللبناني الذي يعيش تجاذباً تجاه الموضوع السوري»، موضحة أن «سلام سيشدد على أن التوطين ليس وارداً كما أن العودة الطوعية لن يقبل بها لبنان بل يريد العودة الآمنة والمؤكدة»، وسيؤكد ضرورة استغلال قرار وقف إطلاق النار لتسهيل عودة السوريين وإقامة مناطق آمنة على الحدود داخل الأراضي السورية كحلّ مؤقت».

وعما إذا كان هذا الحل يحتاج الى تنسيق مع الحكومة السورية قالت المصادر «إذا كان لدى السلطات السورية خطة لإعادتهم فالحكومة اللبنانية ستسهّل وتتعاون، لكن إذا كان الامر إستدراج للحكومة اللبنانية لإقامة علاقات رسمية مع الحكومة السورية بذريعة وجود اتفاقات ما بين البلدين بهدف نقل المشكلة الى لبنان، فلن نقبل بذلك».

وأكدت المصادر نفسها أن «رئيس الحكومة يردّد في كل زياراته الخارجية ولقاءاته والمؤتمرات التي يشارك فيها رفض لبنان التوطين، وأبلغ السفراء الأجانب الذين زاروه أول من أمس أن لبنان يرفض أي شكل من أشكال التوطين تحت أي ذريعة، كما أن السفراء أبلغوه بدورهم تقديرهم لموقفه ورفض بلادهم التوطين وأنهم سيقدمون كل الدعم لعودتهم الى بلدهم»، مرجّحة ان «تصدر عن اجتماعات نيويورك قرارات جديدة بتقديم مساعدات مالية من الدول المانحة والمنظمات الدولية الخاصة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى