موسكو تدعو واشنطن لإجراء تحقيق في غاراتها على دير الزور
شهدت جلسة مجلس الأمن، التي عقدت على خلفية الغارة الاميركية على دير الزور واستشهاد جنود سوريين، تبادل إتهامات وانتقادات شديدة بين الجانبين الروسي والأميركي.
وسارعت ممثلة الولايات المتحدة، لدى الأمم المتحدة، سامانتا باور، لوصف دعوة روسيا مجلس الأمن للانعقاد، بالعمل «المنافق». فيما أكد ممثل روسيا لدى المنظمة الأممية، فيتالي تشوركين، أن تصرفات الممثلة الأميركية غريبة. وقال للصحافيين: حين اجتمعنا للتشاور ورحت أعبر عن قلقي لأعضاء المجلس، تبين أنها خرجت إلى الصحافة ومن دون أن تسمعني راحت تنتقد وتشتم روسيا. وانتقدتنا، حتى على دعوتنا للاجتماع».
أضاف تشوركين، إن باور دخلت قاعة المشاورات بعد أن أنهى مداخلته. وأعلنت أنها غير معنية بالاستماع إليه. وأن هذا مجرد خدعة. وتابع: في هذه الظروف، لم أعد أنا معني بالاستماع لاتهاماتها لنا بكل الخطايا، فخرجت، لكن وفدنا بقي.
وأعلن تشوركين عقب انتهاء الاجتماع، أن موسكو تنتظر من واشنطن أن تبرهن لروسيا وشركائها الآخرين، على التزامها بحل سياسي في سورية، بعد غارات دير الزور. وردا على سؤال حول إمكانية التحدث عن نهاية الاتفاق بين موسكو وواشنطن، قال: لا، هنا علامة استفهام كبيرة.
ووفق المندوب الروسي، فإن أميركا بضربها القوات السورية، خرقت نظام وقف إطلاق النار المتبع في سورية، منذ شباط. وانتهكت التعهدات التي قدمتها لدمشق، حين بدأت حملتها العسكرية في سورية. مشيراً إلى أن توقيت الضربة وجوانب أخرى، تدل على أن هذا العمل ربما كان استفزازا. وحذر من أن هذا السلوك الأميركي يعرّض للخطر تنفيذ الصفقة بشأن سورية.
إلى ذلك، قالت باور للصحافيين: يجب أن تخجل المتحدثة باسم الخارجية الروسية من تصريحها بأن الولايات المتحدة تدافع عن مقاتلي «داعش». وأضافت: هذه المجموعة قطعت رؤوس مواطنين أميركيين، ونحن نرأس تحالفا من 67 بلدا للقضاء على هذه المجموعة، وفقد «داعش» 40 في المئة من أراضيه. هذا ليس لعبة، ولذلك يجب أن يخجل المتحدث الذي عبّر عن الاعتقاد أننا نتعاون مع «داعش».
من جهتها، دعت الناطقة الروسية، ماريا زاخاروفا، المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة «لزيارة سورية، لترى بعينها كيف يعيش الناس في ظروف الحرب ولتعرف معنى الخجل».
وكتبت زاخاروفا على صفحتها في «الفيسبوك»: عزيزتي سامانتا باور، لمعرفة معنى كلمة الخجل، أنصحك بالذهاب إلى سورية والالتقاء مع الناس هناك. ليس مع «النصرة»، ولا مع «المعارضة المعتدلة» التي يقلق واشنطن إيصال المساعدات الإنسانية إليها، ولا مع مناضلي المستقبل النير المقيمين في الغرب، بل مع الناس الذين يعيشون هناك رغم ست سنوات من الاختبار الدموي الذي يجرب في بلدهم، بمشاركة نشطة من واشنطن.
ولفتت زاخاروفا، إلى أنها تلتقي بالسوريين كثيرا، بممثلي المعارضة من المدن السورية وبأطفال يتامى يأتون إلى روسيا للراحة أو العلاج، وبالصحافيين. وتعهدت زاخاروفا بتحمل نفقات سفر باور إلى سورية كاملة. وقالت: لا تخافي. معي لن يلمسك أحد، إلا إذا ضرب طيرانكم مرة أخرى بالخطأ. ستجدين فيما بعد ما يمكن تذكره، وتعرفين معنى كلمة خجل.
في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الروسية في بيان، أنّ تحركات طياري التحالف الأميركي تندرج بين الإهمال الجنائي والتآمر المباشر مع إرهابيي «داعش». داعيةً واشنطن إلى إجراء تحقيق شامل في الغارات الأميركية على الجيش السوري في دير الزور.
أضافت: أنّ ما جرى في سورية هو نتيجة «الرفض المتعنت من جانب أميركا، للتعاون مع موسكو في مواجهة الإرهابيين». مشيرةً الى أنّ واشنطن رفضت التعاون من أجل محاربة «داعش والنصرة» وجماعات إرهابية أخرى.
وختم البيان: من جديد ومرة أخرى، نحث واشنطن على ممارسة الضغط اللازم على الجماعات المسلحة غير المشروعة، الخاضعة لها، لكي تنفذ، بشكل لا تشوبه شائبة، اتفاق وقف القتال، وإلا فالعكس، قد يهدد مجمل الاتفاقات الروسية الأميركية التي تم التوصل إليها مؤخرا في جنيف، ما يتعارض مع مصالح كل الأسرة الدولية».
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: إنّ تزامن الهجوم الجوي الأميركي مع هجمات «داعش» في دير الزور، دليل على أن المجموعات الإرهابية تحظى بالدعم الأميركي.
قاسمي، أضاف: إنّ الهجوم الأميركي على مواقع الجيش السوري، لا يساعد على محاربة الإرهاب وإعادة الاستقرار ويشكل تهديداً للهدنة. كما يهيئ الأرضية لتقوية المجموعات الإرهابية ويخالف كل المعايير الدولية وتعهدات ودور أعضاء الأمم المتحدة، خصوصا بالنسبة لدولة عضو في مجلس الأمن الدولي.
وفي السياق، أفاد مصدر عسكري سوري، بتدمير تحصينات وآليات لتنظيم «داعش» ومقتل العشرات من عناصره، في قصف جوي سوري – روسي لمحيط جبل الثردة بدير الزور. وأنّ الجيش السوري استعاد، مساء السبت، مواقعه التي قصفها طيران التحالف الدولي، في محيط مطار دير الزور، التي أدت إلى ارتقاء عشرات الشهداء من الجنود وإصابة أكثر من مائة جريح.
وأكد الاعلام الحربي المركزي، التابع لحزب الله في سورية، أن وحدات الجيش السوري المنتشرة في دير الزور، استهدفت بالمضادات الارضية طائرات استطلاع تابعة للتحالف الاميركي. جاء ذلك في وقت، قال التلفزيون السوري، أمس، إن طائرة حربية سورية سقطت واستشهد قائدها، أثناء تنفيذها مهمة حربية في دير الزور.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن الفصائل المسلحة تستخدم أيام الهدنة لإعادة تجميع قواها، استعدادا لهجمات واسعة في حلب. مؤكداً أنه على مدى ستة أيام من سريان الهدنة في سورية، وحده الجيش السوري أظهر التزاما حقيقيا بها، بخلاف فصائل «المعارضة المعتدلة»، إذ «فشل الجانب الأميركي في التأثير عليها ولم يقدم بيانات دقيقة حول أي منها، أو عن مدى التزامها بوقف إطلاق النار».
وفي شأن متصل، حلقت طائرة دورية أميركية من طراز P-8A – بوسيدون، من جديد، أمس، بالقرب من قاعدة حميميم الروسية ومن مركز الدعم المادي التقني الروسي، في طرطوس.
وهذا هو التحليق الرابع لطائرات الاستطلاع الأميركية فوق الساحل السوري، خلال أسبوع، بعد أن كانت حلّقت صباح السبت أيضاً، لمدة ساعة بشكل دائري قبالة الساحل السوري، قبل ساعات من الغارات الأميركية على موقع الجيش السوري، في محيط مطار دير الزور.
والمستجد في حركة الطائرة، التي صنع منها حتى الساعة 21 نسخة فقط، هو تحليقها صباح الأحد بموازاة الساحل اللبناني، بعد أن انحصر نشاطها سابقاً قبالة الساحل السوري. حيث يرى مراقبون أن هذه الطائرات تتابع تحركات الجيش السوري والقوة العسكرية الروسية في المنطقة.