القيادة الرياضية بين الغاية والوسيلة

إبراهيم وزنه

أمّا وقد أطلّ موسم الانتخابات للاتحادات الرياضيّة في لبنان، وهو المقرّر خلال فترة ثلاثة أشهر تلي إسدال الستارة على فعاليّات الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة، لا بدّ في هذا المجال من تبيان عدّة أمور أمام المعنيّين بالرياضة وواقعها، كيف تتشكل الاتحادات وكيف تفرض التوليفة المتوافق عليها سياسياًَ وطائفياً ومناطقياً على القطاع الرياضي، فتغيب البرامج والمنحاسبة معاً، فمن يصدّق بأنّ أحدهم مستعدّ لدفع المال وتضييع الوقت للفوز بموقع ريادي في صميم الحياة الرياضيّة؟ فمن يقول بأنّه يسعى من وراء ذلك إلى خدمة وطنه وشعبه عن طريق حماية الناشئة من الانزلاق إلى أتون الموبقات فهو يضحك على نفسه قبل سائله! ومن يبرّر اندفاعه إلى تلك المواقع من منطلق حبّه بالبقاء في ساحات كان قد أمضى فيها أحلى أيامه، لاعباً مجلياً، فهو يقول نصف الحقيقة!

يا أهل الرياضة في لبنان، إليكم خلاصة ما استنتجته جرّاء متابعتي الميدانيّة لحركة وصول الكثيرين إلى المواقع الرياضيّة على مدى سنوات خلت، وهنا لا بدّ من تصنيف الساعين للقبض على المواقع الرياضيّة، فلكلٍ دوافعه وطموحاته. بداية، دعوني أقدّم لكم بعض النماذج من دون تسمية، وهذه الحقيقة المرّة وليست «بنت عمها»، حيث السياسة والطائفيّة والمذهبيّة والمناطقيّة تتحكّم بتوزيع المناصب والمواقع، وهذا الجو الذي لا يشبه الرياضة بشيء، هو من ارتدادات الجو السياسي والجيوسياسي، ما يعني بأنّنا في الرياضة أيضاً، نعيش حرباً للاستيلاء على مواقع أو إجراء تبادل أو تمرير صفقة أو إحلال هدنة أو القيام باكتساح شامل عندما تسنح الظروف.

فماذا نقرأ في توصيفات معظم الذين يقودون الاتحادات الرياضيّة والجمعيّات؟

ـ هناك من أوصلتهم الصدفة، حيث ناموا غير معنيّين واستفاقوا مسؤولين رياضيّين للعبة ما أو أعضاء في اتحاد ما، وهنا للعلاقات والقدرات الشخصيّة دوراً بارزاً في كسب نعمة التسمية أو الاختيار.

ـ الكثيرون أوصلتهم السياسة، وبمعنى أوضح، أحزابهم وتيّاراتهم، مع الاتّكال على المؤسّسات الدائرة في الفلك السياسي الداعم، والتي تهتمّ بتوفير الرعاية الماديّة لتيسير الأمور بعد الوصول.

ـ شراء المواقع بالمال، وهؤلاء على قلّتهم أيضاً، فهم يقدّمون غاياتهم الشخصيّة على كل الغايات، ودائماً يجتهدون لتلميع صورهم وإبرازها بصورة أسطوريّة، وبعض هؤلاء لا يخفي سعيه للوصول إلى ما هو أعلى نائب أو وزير .

ـ الوصول لتفعيل العمل الخاص، وخصوصاً في مجالات الدعاية والرعاية والإعلان والتسويق، ودور هؤلاء مشكور فيما لو تحقّقت النقلة النوعيّة واستقطبت الرياضة الجماهير الإضافيّة.

كثيرون يطمحون للوصول إلى مراكز رياضيّة متقدّمة، وعند وصولهم لا يقدّمون شيئاً في خدمة الرياضة وتطويرها، ربما تضيع برامجهم المعلنة عند الانتخابات في متاهات الانقسامات وتغليب المصالح، المهم الثابت في مسيرتنا الرياضيّة أنّ الغاية تبرّر الوسيلة، وسيبقى هناك من يجاهد للوصول إلى سدّة القرار الرياضي عبر غشٍّ فاضح أو سمسرة تافهة أو نفوذ حزبي وعائلي ومناطقي، وطالما سيبقى الوضع على ما هو عليه .. فمرحبا رياضة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى