سورية وأرمينيا… علاقات صداقة وتعاون متجذّرة بين البلدين
تجذّرت العلاقات بين سورية وأرمينيا على مدى السنوات الماضية لتشكل نموذجاً للعلاقات بين الدول، حيث تعمقت أواصر التعاون والصداقة بين الشعبين لما فيه المصلحة المشتركة والعليا في البلدين.
وتقوم مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين على أسس الاحترام المتبادل المبنيّة على أهداف ميثاق هيئة الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وصون السلم والأمن الدوليين واستمرار المشاورات والتنسيق المستمر لمواقفهما السياسية في المحافل الدولية في ما يتعلق بالمسائل والقضايا الإقليمية والدولية.
وسعت سورية وأرمينيا إلى تطوير علاقاتهما وأنماط التعاون المشتركة منذ استقلال أرمينيا عام 1991 وتوقيع الاتفاقية الدبلوماسية وإقامة العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1992. حيث أشار سفير جمهورية أرمينيا في دمشق الدكتور آرشاك بولاديان إلى قِدم العلاقات السورية ـ الأرمينية التي بدأت عقب اعتراف سورية المباشر باستقلال أرمينيا، وتبعته زيارات رفيعة المستوى بين الجانبين وفي جميع المجالات.
ويقول السفير بولاديان في لقاء مع مندوب «سانا»، إن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى أرمينيا عام 2009 وزيارة رئيس جمهورية أرمينيا سيرج ساركسيان مع وفد رفيع المستوى إلى سورية عام 2010، منحتا زخماً قوياً وإضافياً للعلاقات بين الجانبين. مشيراً إلى توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية حينذاك بين البلدين تضمنت شتى المجالات.
ورغم التأثير السلبي للأزمة الراهنة في سورية على تعزيز التعاون السوري ـ الأرميني، فإن التواصل بين البلدين لم ينقطع وهو موجود على المستويين السياسي والثقافي وتبادل الزيارات وفق ما يوضّح السفير بولاديان الذي يشير أيضاً إلى أن أعمال سفارة أرمينيا في دمشق والقنصلية العامة في حلب ما زالت تؤدّي أعمالها رغم الظروف الصعبة.
وحول الأزمة في سورية، يؤكد السفير بولاديان أن بلاده قيادة وشعباً تابعت عن كثب التطورات الجارية خلالها واتخذت مواقف واضحة من خلال إدانة الإرهاب الغاشم بكل أنواعه الذي يجري في سورية الى جانب دعوتها إلى إيجاد حل سياسي للأزمة فيها.
وعن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، يلفت سفير جمهورية أرمينيا في دمشق إلى وضع القاعدة الشرعية للتعاون الاقتصادي خلال السنوات الماضية وتشكيل لجان حكومية رسمية اقتصادية تهتم بهذا الشأن. إلا ان التبادل التجاري تراجع بسبب الأزمة الراهنة. مبيّناً أن مجلس الأعمال السوري الأرميني يُجري مباحثات ومفاوضات ولقاءات في خصوص تعميق العلاقات الاقتصادية وتوسيع مروحة التعاون إضافة إلى تنظيم المعارض ليتعرف الجانبان إلى إمكانياتهما.
ويوضح بولاديان أن الوجود الأرميني في سورية يرجع إلى عام 1915 خلال الإبادة العثمانية للشعب الأرميني، حيث وجد أبناء الأرمن الهاربون من مجازر ومذابح وتنكيل العثمانيين الملجأ والموئل لهم في سورية التي احتضنتهم كغيرهم من أبنائها، ليكونوا فيها أحد مكوّنات المجتمع البنّاءة وجزءاً لا يتجزّأ من النسيج السوري بتنوّعه واندماجه الحضاري والثقافي.
ويشير السفير بولاديان إلى أنّ الأرمن باتوا اليوم جزءاً لا يتجزّأ من الفسيفساء السوري، واندمجوا في شتى جوانب الحياة وخدموا ويخدمون في كل أنحاء سورية التي يعتبرونها وطناً لهم. موضحاَ أنّ نحو 20 ألف أرميني هاجروا إلى أرمينيا من جرّاء الأزمة الراهنة في سورية، وهم بفارغ الصبر للعودة إلى منازلهم في سورية.
وفي ما يخصّ الجانب التعليمي يوضح السفير بولاديان أن أرمينيا قدّمت وتقدّم عدة مقاعد في جامعتها كمنح عالية جداً في درجتي الماجستير والدكتوراه للطلاب السوريين.
ويختم السفير بولاديان حديثه بالتمنّي أن يعمّ السلام ربوع سورية، وأن يتغلب شعبها ببطولاته على هذه المحنة. مؤكّداً أن أرمينيا كدولة صديقة ستشارك في عملية إعادة الإعمار. إذ إن وزيرة الثقافة الأرمينية قدّمت رسالة في خصوص مشاركة الخبراء الأرمن في إعادة إعمار معالم سورية، وفي الدرجة الأولى آثار تدمر ومعالمها.
وتُحْيي جمهورية أرمينيا اليوم عيد استقلالها الـ25 الذي حصلت عليه بموجب استفتاء شعبي عام في شأن خروجها من الاتحاد السوفياتي السابق.
وأرمينيا بلد جبليّ غير ساحليّ، يقع في القوقاز من أوراسيا حيث يتوضع عند ملتقى غرب آسيا وشرق أوروبا. تبلغ مساحته نحو 30 ألف كيلومتر مربع وعدد السكان نحو 2.3 ملايين.