رسائل شكر من مواطن عربي إلى الساسة العرب
جمال العفلق
اقتربنا من نهاية السنة الرابعة لربيع كنا نعتقد أنه عربي الهوى وعربي الهدف وعربي الصناعة. لربيع صنعه الإعلام وكتبت حروفه الأولى في عواصم أوربية. حالة من التنقل السريع وعواجل نشرات الأخبار لا تنتهي تونس مصر ليبيا اليمن سورية وتتوقف الأخبار هنا لا آخرين في هذا العرس العربي كما قالوا عنه وكأن ما تبقى يعيشون الربيع بكل ألوانه.
قطر تنفرد بالجامعة العربية ويسطع نجم وزير خارجيتها السابق الجامعة العربية تشارك الشعوب العربية للمرة الأولى بتاريخها، لكن هذه المرة تشارك من أجل قتل الشعوب العربية التي تدعي أنها تمثلها ضوء عربي هو تحصيل حاصل لمجلس الأمن لضرب ليبيا.
تدويل الأزمة السورية وخرق كل قرارات الجامعة العربية والمواثيق الثنائية فرض قرارات بالجملة على العراق وسورية، مؤتمرات إعمار ومؤتمرات أصدقاء ومؤتمرات معارضة وتلويح بالفصل السابع وتضييق إعلامي وقطع إرسال المحطات الوطنية والقصة تطول.
فأين يجب أن نشكر الساسة العرب؟
بعد أربع سنوات أو أقل بقليل نقدم كشف حساب يبدأ من تونس التي أصبحت مصدراً رئيسياً لتصدير المجاهدين والمجاهدات وسيطرة السلفيين عليها، والانجاز المذكور لتونس أنها أعادت قوانين الشريعة في ما يخص تعدد الزوجات وطبعاً تنصيب المنصف المرزوقي رئيساً لها.
مصر تعطل الدستور وصراع على السلطة والنتيجة عودة العسكر إلى الحكم، أما الحالة المعيشية والاقتصادية يقول المصريون إنها أصبحت أسوأ من الأول. وعلى رغم أن الحكومة الجديدة في بداية الطريق إلا أن تراكم الأزمات من عهد مبارك وما حدث أثناء تولي محمد مرسي وعصابته للحكم زاد الأمور تعقيداً، وأثقل الشعب المصري بديون جديدة وانكشفت أوراق المساعدات الأميركية التي أبقت الشعب المصري قرابة الربع قرن تحت رحمتها.
أما ليبيا التي ضاعت في صحراء المغرب العربي بين جماعات متشددة وتدخل خارجي وبترول يسرق وحكومة فقدت السيطرة على كل مراكزها، وتمسك المجموعات المسلحة بشريعة الغاب واقترابها من التقسيم لتتحول في ما بعد إلى أرض ميليشيات، أرضها ليبية ولكن عيونها على الجزائر والمغرب ومصر. وبهذا تكون السياسة العربية ومجلس الأمن أوجدا مركزاً للجماعات المتشددة ونقطة اتصال لوجيستي لإكمال مشروع برنارد ليفي في تقسيم الشرق الأوسط. وقريباً سنسمع صوت شعوب المغرب من الأمازيغ والطوارق الذين يشكلون نسبة عالية هناك في مطالبهم بالاستقلال ورفضهم للاحتلال السلفي الأصولي الجدي لبلادهم.
وليس اليمن بأفضل حال من الآخرين على رغم تنحي الرئيس صالح وتشكيل حكومة جديدة، إلا أن الحلول بنيت في ذلك الوقت بوساطة قطرية حيث كانت كل الحلول رماداً فوق جمر اشتعل اليوم من جديد.
ولسورية والعراق حصة أكبر في شكر العرب والساسة العرب، فالأرقام المدفوعة في سبيل تدميرهما لا يقبلها عقل الإنسان. والمليارات التي صرفت في سبيل تغيير جغرافية السكان وجغرافية الأرض لا نبالغ إذا قلنا إنها تطعم العالم بأسره لأربع سنوات.
وحتى اليوم لم يقدّم أتباع الربيع العربي أي برنامج يخص الشعوب ولا يحاكي آلام الفقراء ولكنه ربيع من أجل الاستئثار بالحكم وتقسيم المقسم وإخراج الانتماء الوطني من عقول وقلوب الناس، وتصفية كل من قال لا للصهيونية من أجل من قالوا نعم.
وبعد هذه النقاط ألا يستحق الساسة العرب الشكر على مواقفهم وهي ليست بالغريبة عنهم ولكنهم هذه المرة نفذوا ما كان يخشاه الشهيد ناجي العلي عندما كتب على إحدى لوحاته أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة مجرد وجهة نظر. واليوم أصبحت كذلك بالفعل.