«داعش» آلهة الغرب من تمر

سعد الله الخليل

عشية قمة الناتو يعلن قائد دولة تعتبر نفسها الأعظم في تاريخ البشرية ومنقذة العالم من براثن الإرهاب والمدافعة عن الشعوب المظلومة عزمها المضي في جولة جديدة من حربها على الإرهاب لمحاربة تنظيم داعش الذي سيطر على أجزاء كبيرة من العراق وسورية، كما قال الرئيس الأميركي باراك وأباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مقال مشترك بصحيفة «ذي تايمز» البريطانية بعد قتل رهينتين أميركيين بقطع رأسيهما، ويهدد بقتل رهينة بريطاني محتجز لديه، كلام يتناغم مع جملة التصريحات التي يتناوب المسؤولون الأميركيون على إطلاقها صباح مساء والتي زادت وتيرتها عقب مقتل الصحافيين الأميركيين وفي خطوة لا بد منها لتسعير الحملة وزيادة مستوى التشويق أدرج العدو «الإسرائيلي» تنظيم «الدولة الإسلامية «على لائحة الإرهاب «الإسرائيلي» ليغدو المشهد تنظيم داعش الإرهابي ذو الإيديولوجية الإسلامية المتشددة لدرجة العنصرية على لوائح الإرهاب، والهدف الأول لحرب أميركية بريطانية «إسرائيلية».

ربما للوهلة الأولى يشعر المتابع برغبة صادقة بنشر الخير والقضاء على الشر لدى من يعلن ولو من باب الإعلان لا أكثر عن رغبة بالتعاون في مواجهة الإرهاب، إلا أن مجرد أن تلتقي هذه الثلاثية على فكرة مواجهة داعش فلا بد أن تعود للذاكرة تجاربها السابقة والحالية في صناعة الإرهاب ودعمه.

ما تقوم به الولايات المتحدة اليوم من تكثيف الحملات الإعلامية والترويج الكبير لداعش وإظهار مدى وحشيته كتنظيم يهدد العالم وأميركا ومصالحها في المنطقة والإعلان عن شن الحملات العسكرية للقضاء عليه ومحاربتها يعيد للذاكرة الحملة التي شنتها على تنظيم القاعدة والتي عقبت أحداث الحادي عشر من أيلول، فداعش الابن الشرعي للقاعدة التي لم تمت ولن تموت طالما تؤدي الدور الذي صنعت من أجله منذ عام 1988 كصناعة وتمويل وتدريب وتسليح وإدارة أميركية زرعتها الولايات المتحدة بإشراف مباشر من وكالة الاستخبارات الأميركية والموساد «الإسرائيلي» بالتعاون مع رموز النظام السعودي وأسامة بن لادن لمحاربة الاحتلال الروسي لأفغانستان بدعم أميركي صهيوني جند شباباً مسلمين دونما علم منهم بخلفية وخطورة المهمة. ومع داعش يتكرر سيناريو القاعدة من حيث التأسيس والحرب المفترضة عليها ولعل مسرحية قتل بن لادن تكشف هزلية التعاطي الأميركي مع داعش.

في المقلب الآخر تعيد المساهمة البريطانية في مواجهة داعش وخلفيتها الإسلامية لتاريخ بريطانيا في إعداد تلك التنظيمات ودورها في صناعة تنظيم الإخوان المسلمين بدأ منذ نشأتها عام 1942 سراً، ثم الصلة التي توطدت بعد ذلك مع قيام الثورة. وفي عام 1956 عندما وقع العدوان الثلاثي تطورت اتصالات بريطانيا بالإخوان كجزء من مخطط للإطاحة بعبد الناصر وحتى عهد مرسي يكشف الاستخدام البريطاني للجماعات الإسلامية في حروبها القذرة في المنطقة.

أما حرب الصهيونية المعلنة على داعش والذي لا يمكن أن يفسر في ظل دعم تل أبيب العلني لجبهة النصرة والتصريحات عقب سيطرة النصرة على معبر القنيطرة الحدودي بأن القيادة الصهيونية لا ترى خطراً في اقتراب الجماعات الإسلامية من حدودها، بل ذهبت أكثر من ذلك بالدعم المباشر والسماح لتلك الجماعات بتجاوز الحدود للتسليح والعلاج والإسناد الناري لتلك الجماعات بالقصف المدفعي «الإسرائيلي». ولعل السلوك والفكر العنصري وأسلوب ارتكاب المجازر الإرهابية للصهيونية في التصفية العرقية تتماثل مع سلوك داعش والنصرة وهو ما يبشر بصهيونية إسلامية داعشية تتوافق مع الصهيونية العالمية.

كل ما تعلنه أميركا وبريطانيا والعدو «الإسرائيلي» عن حرب على داعش لا يتعدى خدعة مكشوفة للتلاعب بمسميات ومعارك وهمية لضرب داعش يعيد للذاكرة حروب الغرب على تنظيم القاعدة وتعيد الكرة للتذكير بأن تلك التنظيمات ليست أكثر من آلهة الغرب من تمر تصنع وتعبد وتؤكل حين يجوع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى