مزارعو التفاح من المناشدات إلى رفع الصوت: البرادات امتلأت ونصف الموسم على الأغصان

راشيا شبلي أبو عاصي

يلازم المزارعون اللبنانيون، منذ عشرات السنين، قلقاً كبيراً على مصيرهم، حاضراً ومستقبلاً، إذ لا اهتمام من المسؤولين في الدولة بمطالبهم والمشاكل التي تعترضهم، ولا بدعمهم والتعويض عن الخسائر التي تصيب مواسمهم.

واليوم، ارتفعت صرخات مزارعي التفاح، بعد أن بحّت أصواتهم من مناشدة المعنيين في الدولة، خصوصاً وزارة الزراعة، لإيجاد حلول ومخارج لمواسمهم، خصوصاً الموسم الوفير هذا العام، الذي فاق التوقعات ولم تعد البرادات تتسع لكمياته، ولا الأسواق المحلية تكفي لتصريفها.

آلاف الأطنان من التفاح في البقاع الغربي وراشيا، ما تزال على الاغصان على أمه ، من دون قطاف، تتساقط بحزن تحت الأشجار وتصاب بالاهتراء.

جولة ميدانية على بساتين التفاح، في هذه المنطقة، تصيب بالذهول والدهشة، فعلامات القلق بادية على وجوه المزارعين، هم لا يدرون ماذا يفعلون والحيرة تتآكلهم، فنصف الموسم من دون قطاف والبرادات امتلأت حتى طفحت بما فيها.

يقول المزارع ملحم الزرزور، من بلدة خربة قنافار: السوق المحلية اللبنانية لا تستوعب أكثر من 20 في المئة من موسم التفاح هذا العام. كنا، في الماضي، نصدّر إنتاجنا عبر سورية إلى العراق وباقي الدول العربية. وعندما تمّ إقفال خط لبنان الشام، بدأت الأزمة تكبر وتتوسع واقتصر التصدير إلى مصر فقط، عبر الخط البحري وإنما بكلفة عالية جداً، لأنّ التجار يتحكّمون بالسوق، حيث أجبرونا على بيعهم قفص التفاح، بما بين أربعة آلاف وستة آلاف ليرة تحكّموا بالسعر . فكان أن تمرّد المزارعون على هذا الواقع، وحوّلوا قطاف موسمهم إلى البرادات، لكنها لم تعد تتسع لهذه الكميات الكبيرة.

يضيف: كنا نأمل من وزير الزراعة أكرم شهيب، معالجة هذه الأزمة، لكن لمن الشكوى، طالما أكثر من نصف الموسم ما زال من دون قطاف، يتساقط تحت الأشجار.

ويتابع: مثلما عالجوا أزمة أعلاف الأبقار، والتعويضات على التبغ والقمح، يجب أن ينشئوا خلية أزمة ويسرعوا في إيجاد حلول لتصريف موسمنا، أو التعويض علينا. لأننا زرعنا بساتين التفاح واهتمّينا بهذه الشجرة المباركة، منذ عشرات السنين، ولسنا قادرين اليوم على اقتلاعها، لأنها رفيقة عمرنا.

ويختم الزرزور: صرخة وجع من مزارعي التفاح نطلقها ونحن قادمون على فصل الشتاء ولوازمه من مونة شتوية وتدفئة، والمدارس فتحت أبوابها بأقساطها المرتفعة. ولسنا قادرين، أيضاً، على تسديد ثمن الأدوية الزراعية والأسمدة وأقفاص البلاستيك. مع العلم أنّ تشحيل دونم التفاح يكلف 360.000 ل.ل. ما عدا أجر العمال وكلفة المازوت للريّ، أيّ أنّ خسارة المزارع بالدونم الواحد تزيد عن مليون ل.ل.

ويلفت المزارع حبيب عون، وهو صاحب براد، أيضاً، إلى أنّ الموسم، هذا العام، غزير جداً، لكن المشكلة في التصريف والسوق المحلية لا تكفي، فيضطر المزارع لتخزين إنتاجه في البرادات، التي لم تعد تتسع.

يضيف: هناك ملايين من صناديق التفاح، هذا العام. وقد فاقت الكميات التوقعات، أما دولتنا والوزراء المعنيون، فعاجزون عن إيجاد حلول، هم فقط يفلحون ببيع أدوية زراعية وأسمدة مغشوشة، تحت إشراف الوزارة.

يؤكد المزارعون الذين التقيناهم، أنّ هناك أكثر من مليوني صندوق تفاح ستاركن أحمر وغولدن أبيض وزن كلّ صندوق 20 كيلو غراماً، من إنتاج بساتين البقاع الغربي وراشيا هذا العام، تنتظر التسويق. فهل نحن أمام أزمة تقضي على الزراعة وتهجّر المزارعين، من الريف الى المدينة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى