من ذاكرة التدريس
يكتبها الياس عشّي
في أثناء شرحي عن أدباء المهجر، وعن الأسباب التي تدفع الناس إلى ترك وطنهم، والعيش في الغربة، قال لي أحد الطلاب إنّ السبب الرئيس للهجرة يكمن في مساحة الحبّ. سألته: وكيف يكون ذلك؟
عندها حدثني عن أرملة تعيش مع ابنها المراهق في بيت نقّال على سيارة قديمة. وذات يوم هرب أحد رفقاء ابنها من بيت أهله الجميل والفسيح، فسألت الأمّ ابنها: لماذا فعل ذلك؟ إنّ لديه كلّ ما يتمناه. أجابها ابنها: لدى رفيقي فسحة وافرة وقليل من الحب ، أمّا أنا فلديّ فسحة ضيقة وكثير من الحبّ».
صحيح هذا الكلام.. فالإنسان لا يترك راغباً «صباح بلاده الأخضر» كما يقول نزار، إذا حضنه الناس، وأدفأوا لياليه الباردة، وأشعروه بالأمان. تذكّروا ما قاله الإمام علي «الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن».