التيار الوطني الحر: «الودّ» موجود بين عون وبري والأخير رجل وفاق!
روزانا رمَّال
نجح حراك الحريري بنثر الغبار على المشهد العالق منذ أسابيع حول جلسات رئاسة مجلس الوزراء والتفسيرات القانونية و«العرفية» والتباساتها حول التمثيل السياسي الطائفي والميثاقية وفتاويها والتمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الذي يشارف تمديده الثاني على البت في الساعات المقبلة.
التيار الوطني الحر الذي كان منزعجاً من الأداء الحكومي والذي بحث في كيفية تعطيل عمل الحكومة، اذا ما استمرت بتجاهله كمكوّن مسيحي اساسي ينشغل اليوم بطروحات الحريري الجدية. وهو بالتالي غير قادر على التلويح بنفحة التصعيد او اللعب بكامل أوراقه تحسّباً من ان يكون الحريري جاداً في طروحاته وتحسباً أيضاً من ان يكون قد عاد من الرياض مع أجواء نهائية بالملف الرئاسي تتقابل مع التعاون «المفترض» الروسي – الأميركي في المنطقة الذي لا بدّ من ان ينتهي بآخر الطريق بورقة واضحة المعالم للتنفيذ.
أصرّ حزب المستقبل منذ أسابيع على طرح ملف التعيينات الأمنية وعقَد الازمة وأجّج الخلاف الحكومي ما اخذ التيار نحو خيارات تصعيدية بدءاً من تعليق مشاركة وزرائه مرورا باحتمالات الانسحاب وصولاً للنزول إلى الشارع، كما وعد قبل عودة الحريري.
السؤال اليوم عن مصير الحديث عن الميثاقية وعن التصعيد العوني، بعد ان اجّل رئيس مجلس النواب جلسة انتخاب الرئيس الى 31 تشرين الأول، فهل هذا يعني أنّ التيار الوطني الحر ماضٍ بخياراته؟ هل ستعقد الحكومة ام انّ المراوحة ستسود المشهد بانتظار ايّ نتيجة لحراك الحريري الرئاسي؟ هل سيفرمل التيار تحركاته إفساحاً للمجال لإنجاح المهمة؟ فهل أحدث الحريري ارباكاً داخل التيار العوني؟
يؤكد مصدر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أنّ التيار ليس مرتبكاً بعد عودة الحريري ومساعيه تجاه تحريك الملف الرئاسي نحو الرابية، لا بل انّ التيار يراقب عن كثب هذا الحراك، وقد قسّم المرحلة المقبلة الى جزءين اساسيين، حسب المصدر قائلاً: «لدينا فترة مفصلية تمتدّ منذ اليوم حتى 13 تشرين، وهو يوم مقدس بالنسبة الينا، ففيه ذكرى شهداء نجلهم، فإما ان ينزل التيار في ذلك النهار الى الشارع محتفلاً بوصول عون للرئاسة، وإما يكون موعداً للمرحلة الثانية وهي بداية التصعيد. يؤكد المصدر أنّ حراك الحريري جدي وانّ الأجواء إيجابية حتى الساعة، فالتيار يستبعد ان تكون توجهات الحريري بعيدة عن التنسيق الدولي بهذا الامر.
وعن موقف الرئيس بري وما كان قد روّج عن رفضه لوصول عون للرئاسة والعلاقة السيئة بين عين التينة والرابية يقول المصدر: «أستطيع أن أؤكد أنّ كلّ الأجواء السلبية التي تشاع عن بري نحونا ليست موجودة وهناك «مودة» بين الرئيس بري والعماد عون، رغم وجود بعض الالتباسات والتحفظات على مسائل معينة، لكن هذا لا يفسد في الودّ قضية ولا يشكل «عداوة». الرئيس بري بالنسبة الى التيار الوطني الحر وكلّ اللبنانيين هو رجل وفاق، وهو لا يمكن ألا يحترم الارادة الوطنية للسواد الأعظم من المسيحيين، وكذلك الارادة الوطنية اللبنانية، كما أننا نتفهّم المنطق الكامل للرئيس بري بهذا الإطار، يختم المصدر.
الرئيس نبيه بري الذي يشكل العقدة الأساسية بالنسبة لحسابات التيار الوطني الحر القادرة على تحريك العملية برمّتها، يؤكد من جهته، بعد جلسة امس، «انّ الاتفاق على جملة التفاهمات هو المعبر للحلّ المتكامل الذي يبدأ برئاسة الجمهورية»، وهو ما يعني إقراره انّ ثمة حراكاً رئاسياً جدياً يجب تلقفه، رغم عدم تعليقه على حركة الحريري بشكل واضح. فالتفاهمات هي الاساس عند بري وإنّ شيئاً لن يكتفي بالاتفاق على اسم «الرئيس» وحده، فايّ اتفاق بالبلاد على الرئيس ليس الا البداية لحلحلة باقي الاستحقاقات الاساسية.
بري القارئ الممتاز للاجواء الدولية لن يتقدّم نحو أي عرقلة لايّ مبادرة ولن يرحب فيها بطبيعة الحال، الا اذا كانت واضحة المعالم والخواتيم، وهو على ما يبدو مستعد لتقريب موعد جلسة انتخاب الرئيس الى ما قبل 30 من تشرين الاول الموعد المقرّر، اذا ما توصّل الأفرقاء لاتفاق قبل هذا التاريخ على انتخاب رئيس للجمهورية. وبهذا الوقت يستكمل بري لقاءاته ومتابعاته طالباً من الحريري اللقاء به بعد الانتهاء من جولته على الأطراف كافة.
بالانتظار تبدو الملفات مفتوحة على مصراعيها بشكل يجعل من التوصل لانتخاب رئيس، اذا صحت النيات في أقرب وقت ممكن أمراً متاحاً. فملف قانون الانتخاب والوزارات السيادية ومصير مجلس النواب بين تمديد آخر وإجراء انتخابات كلها موضوعة على طاولة البحث وكلها ملفات يرعاها الرئيس بري بشكل متقن بين الأفرقاء، حيث يبدو ان الجميع متحمّس للخروج من عنق الزجاجة ليبقى الأهمّ مراقبة تقاطع الرغبة المحلية مع الرغبة الدولية القادرة على اخذ البلاد نحو نقلة أخيرة خلال الشهر المقبل تفتتح معها المنطقة برمّتها مرحلة جديدة من عمرها.