الغرب أوجد الإرهاب ولا يكافحه إلا إذا هدّد مصالحه مباشرة
نور الدين الجمال
تؤكد مصادر سياسية أن الولايات المتحدة الأميركية والغرب بصورة عامة لا يملكان استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب في ظل تنامي تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وتمددها في أكثر من دولة عربية وتحديداً في سورية والعراق وصولاً إلى جمهورية مصر العربية واليمن وحتى إلى بعض دول الخليج العربي وما إلقاء القبض على 88 شخصاً في المملكة العربية السعودية في الأسبوع الماضي كخلايا نائمة وعلى تواصل مع تنظيمات «القاعدة» إلا دليل واضح على خطورة انتشار هذه التنظيمات في المنطقة العربية وصولاً في مراحل لاحقة إلى الدول الأوروبية وحتى إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وترى المصادر السياسية أن مكافحة الإرهاب بالنسبة للولايات المتحدة والدول الأوروبية ما زالت حتى الآن مجرد عناوين، خصوصاً أن المكون الأساسي للجماعات الإرهابية في هذه المرحلة وهو تنظيم «داعش» هو من صنع الاستخبارات الأميركية باعتراف حتى بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية التي عملت على دعم ومساندة القوى «الإسلاموية»، بعدما اتخذ الرئيس الأميركي أوباما قراراً بعدم دخول الولايات المتحدة حروباً خارج أراضيها إلا إذا تعرض أمنها القومي فعلياً للتهديد، والتنسيق الأميركي مع مثل هذه التنظيمات ينطلق أولاً من تقاطع المصالح في ما بينها، وثانياً طالما أن هذه التنظيمات ملتزمة بتنفيذ الأجندة الأميركية ـ الصهيونية فهي ستبقى تلقى الدعم الكامل باعتبارها تشكل العصا الغليظة في يد الاستخبارات الأميركية في وجه الدول التي تعارض وتواجه السياسة الأميركية ولا ترضخ لإرادتها.
وتضيف المصادر السياسية، أن الغرب يكافح الإرهاب عندما يجد أن مصالحه باتت في خطر حقيقي ولو كان على أيدي المجموعات التي أوجدها ومنها تنظيم «داعش» في هذه المرحلة، فعنوان مكافحة الإرهاب في أفغانستان وباكستان وأحداث 11 أيلول كان تنظيم «القاعدة» ولكن عندما استهلك هذا العنوان أوجدوا عنواناً آخر هو تنظيم «داعش» ومن ثم «جبهة النصرة» مع العلم أن جميع هذه المجموعات الإرهابية والتكفيرية ولدت من منبع واحد اسمه الاستخبارات المركزية الأميركية. والغرب عندما يحارب الإرهاب بصورة جدية فهذا الأمر ليس كرمى للعراق أو سورية أو أي بلد آخر، والمثال الصارخ والحي على مصداقية هذه المعطيات هو إقليم كردستان الذي يشكل قاعدة استخباراتية مهمة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني وقاعدة اقتصادية مهمة على صعيد النفط.
وتقول المصادر السياسية إن التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي حول ضرورة محاربة «داعش» باعتباره أصبح يشكل خطراً ليس على العراق فقط بل على دول المنطقة، لا تتسم بالجدية بل هي موجهة للرأي العام الأميركي والبدء بتحضيره لمرحلة مقبلة قد تكون فيها الولايات المتحدة مضطرة لقيادة تحالف دولي لمكافحة الإرهاب. ولا يمكن أن يتكلل بالنجاح إذا لم تكن سورية الضلع الأساسي فيه، لأن الجيش العربي السوري أثبت على مدى السنوات الثلاث الماضية بأنه الجيش الأقوى والأقدر على دحر المجموعات الإرهابية، خصوصاً الإنجازات التي حققها في الفترة الأخيرة في أكثر من منطقة على الأرض السورية.
الولايات المتحدة باعتبارها هي التي ترعى مثل هذه التنظيمات الإرهابية «الإسلاموية» تعرف تماماً من هي الدول التي تموّل هذه المجموعات ومن هي الدول التي تفتح حدودها أمام جحافل الإرهابيين المرتزقة وعلى وجه الخصوص تركيا أردوغان وأردن الملك عبدالله، وهذه الدول هي ليست حليفة للولايات المتحدة بل هي تابعة لها وتخضع لإرادتها، ولذلك فإن محاربة الإرهاب الحقيقية تبدأ من تجفيف منابعه المالية واللوجستية والتسليح وإرسال الإرهابيين من جميع دول العالم للقتال في سورية والعراق، كما أن الإدارة الأميركية يجب أن تبدأ بنفسها في وقف جميع أشكال الدعم الاستخباراتي والتدريبي والتسليحي وبعدها يمكن القول إن نسبة نجاح مكافحة الإرهاب هي مئة في المئة، وإلا فإن الغرب الذي لا يملك استراتيجية واضحة لمكافحة الإرهاب فهو يتقصد استراتيجية إدارة الإرهاب.