سقلاوي: لخلق مساحات تعاون وتبادل الخبرات
استضافت إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» في مقرها في الحدث أمس، الاجتماع الأول لمؤسسات التبغ الوطنية في كل من لبنان وسورية ومصر وتونس، ضم المديرين العامين لمؤسسات التبغ الوطنية في الدول الأربع.
وأوضحت «الريجي» أنّ «الاجتماع عقد انطلاقا من الجوامع المشتركة بين هذه البلدان، وإدراكاً منها لخطورة التهديدات التي تحدق بهذا القطاع المدعوم من الدولة»، مشيرة إلى أنّ «الهدف من اجتماع المؤسسات الأربع «مناقشة مصالحها المشتركة واخذ موقف موحد حول مستقبل هذا القطاع».
وأصدر المجتمعون بياناً بعنوان «إعلان بيروت»، أكدوا فيه «الحاجة إلى تشريعات معتدلة، تأخذ في الاعتبار إنتاج التبغ، وسلسلة التوريد، والمساهمة المالية للقطاع في الاقتصاد المحلي للبلاد، وتوفير فرص العمل، من خلال عائدات الضرائب التي تشكل عنصرا أساسيا لاستدامة دعم الخزينة الوطنية» في دولهم».
وإذ حذر المجتمعون من «الآثار المحتملة ذات النتائج العكسية، التي يمكن أن تنشأ عن التجارة غير الشرعية للتبغ بما في ذلك التقليد والتهريب، والتي قد تسهم في تمويل ودعم الارهاب»، ذكروا بأن «إنتاج التبغ وتجارته لعبا دورا في غاية الأهمية في تطوير اقتصاد العديد من الدول في العالم»، ومن بينها دولهم، «ولديهما القدرة على الاستمرار في أداء الدور نفسه».
ورأوا أنّ «زراعة التبغ تساهم في تنمية المجتمعات الزراعية، وفي التخفيف من وطأة الفقر، وثتبيت الناس في أرضهم»، هي زراعة «قانونية ومشروعة وبالتالي لا تترتب عليها أية إدانة أو عزل أو منع تقديم الدعم مقارنة بغيرها من الزراعات الأخرى».
وحذروا «من التداعيات السلبية في حال استبعاد قطاع التبغ من اتفاقيات التجارة والاستثمار الدولية»، معتبرين أن «استبعاد أي قطاع من نطاق اتفاقيات التجارة والاستثمار الدولية لن يؤتي ثماره بتحقيق الأهداف المرجوة، بل سيخلق سابقة سلبية لاستبعاد منتجات وقطاعات أخرى من اتفاقيات التجارة».
وشدّد المجتمعون على أنّ «فرض المزيد من القيود على التجارة القانونية المشروعة لمنتجات التبغ سيخلق دوافع للتجارة غير المشروعة لتلك المنتجات، والذي سوف يؤدي بدوره إلى إنخفاض كبير في الرسوم الجمركية وعائدات الضرائب التي يتم تحصيلها حاليا من منتجات التبغ القانونية المشروعة».
مدير عام الريجي
وكان الاجتماع استهل بكلمة لرئيس مجلس ادارة «الريجي» مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي، الذي قال إن «الريجي» سعت إلى «صنع النجاح والتميز»، وإلى أن تكون «أولى مرافق الدولة تمايزاً وجودة، وخصوصاً أنها تحتفل هذه السنة بعيدها الثمانين».
وأضاف: «لقد تجاوزت إدارتنا حدود عملها الروتيني، من خلال أنشطة تجارية وصناعية ومالية وادارية، وأدت دوراً وطنياً كبيراً في مقاومة الاحتلال من خلال توفير الدعم الاقتصادي للمناطق التي كانت محتلة من العدو الإسرائيلي».
وإذ أقر بأنّ «مستقبل قطاع التبغ لن يكون سهلاً كونها «سلعة ضارة بالصحة»، قال: «نحن ندير احتكارات تشكل مناجم ذهب للدولة، إذ أنّ إيراداتها الضخمة هي لصالح الدولة وليست لصالح شركة أو فرد».
وتطرق إلى ما وصفه بـ»المطالبات والضغوط التي تدفع بإتجاه تكبيل هذا القطاع بهدف تصفيته، وظاهر الهدف نبيل ألا وهو الحفاظ على صحة المواطنين»، فدعا إلى «تصحيح البوصلة بإعادة بناء الحقائق تبعاً للشروط الموضوعية» للدول المعنية وبما يراعي خصوصية الدول».
وقال: «إن التشابه بين مؤسساتنا الوطنية في كل من مصر وسورية وتونس ولبنان، حيث الدولة تحتكر أنشطة التبغ، يشجعنا على السعي من أجل تعزيز الجوامع المشتركة لخلق مساحات تعاون اقتصادي ومعلوماتي بما في ذلك تبادل الخبرات».
ولاحظ أنّ «فكرة الاحتكار أعطت نتائج جيدة في معظم الدول التي طبقتها». وإذ أشار إلى أنّ «معظم احتكارات التبغ ألغيت ولم يبق سوى عدد ضئيل منها»، رأى أنّ «التجارب أثبتت أنّ فكرة الإلغاء لم تكن قراراً حكيماً، بدليل نشوء شركات صغيرة يصعب ضبط سلوك منتجاتها، وزيادة نسب التهريب، وعدم ضبط الأسواق، والانخفاض الحاد لمداخيل قطاع التبغ».
أضاف: «لهذا كله فإن مسؤولية كبرى تقع علينا وهي ان نثبت لدولنا جدوى إمساك الدولة بهذا القطاع. من أجل هذا توجب علينا توحيد مواقف بلداننا على كل المواضيع المطروحة أمام هذا القطاع». واعتبر أنّ «أية قرارات لا تأخذ في الاعتبار خصوصية كل بلد، محكوم عليها بالفشل أو على الأقل بالضرر على البلدان التي تلتزم بها». وشدّد على أنّ «أفضل الطرق لمكافحة التدخين، بالإضافة لتعزيز الوعي، هي في زيادة أسعار البيع أو زيادة الضرائب، وهي من حيث المبدأ لا تضر بعائدات الدولة بل تزيدها. ولكن ماذا عن هذا الاقتراح في بلد حدوده مفتوحة وغير ممسوكة، حتما ستنخفض ايرادات الدولة وتزيد أرباح شبكات التهريب».
وتابع:»في مجتمعات زراعية كلبنان، ماذا عن إلغاء الدعم عن الزراعة أو الغاء الزراعة، من دون تأمين البدائل التي أوصت المقررات بايجادها. ما العمل إذا كانت بعض هذه الدول عاجزة عن تأمين بدائل؟ هل نضع مصير عشرات الآلاف أمام المجهول؟» .
وختم: «لهذا كله توجب علينا أن نمتلك رؤية نطرحها أمام حكوماتنا لتكوين موقف وطني واضح، وهذا اللقاء فرصة أكيدة لدرس إمكانات التعاون في كلّ المجالات».
ممثل تونس
ثم تحدث ممثّل تونس عماد عطية عن قطاع التبغ في بلده، فأشار إلى أنّ أرباهة تقّر بـ12 بالمئة من موازنة الدولة»، وتحدث عن «برامج استثمار طموحة تتعلق بتأهيل وحدات الإنتاج لتلبية حاجات السوق التونسية».
ممثل مصر
وعن وضع القطاع في مصر تحدث نصر عبد العزيز عبد الرحمن، فقال إنّ «نحو 240 مليار جنيه سنوياً تؤول إلى الدولة من الضرائب المختلفة المتعلقة بالتبغ»، مشيراً إلى أنّ «قطاع التبغ هو من القطاعات الأكثر تمويلاً للخزانة المصرية بعد قناة السويس». وشدّد على ضرورة «التصدي لعمليات التهريب التي تسمح عائداتها بتمويل العمليات الإرهابية في مختلف أنحاء العالم العربي».
ممثل سورية
وكانت كلمة كذلك لممثل سورية نادر عبدالله الذي قال إنّ «مؤسسة التبغ في سورية من أوائل المؤسسات التي تدعم الاقتصاد الوطني والخزينة العامة»، مشيراً إلى أنها تضم 16 ألف عامل، أربعة آلاف منهم موسميون، وثمة نحو 60 ألف مزارع».
اسكندر
وبعد عرض شريط فيديو عن تجربة «الريجي» وأهم أنشطتها وإنجازاتها، كانت محاضرة للخبير الاقتصادي الدكتور مروان اسكندر عرض فيها التأثير والدور الاقتصادي لاحتكارات التبغ والتحديات الرئيسية التي تواجهها.
وشدّد اسكندر على «أهمية الدور الذي تؤديه مؤسسات التبغ الوطنية أو احتكارات التبغ، في التحقق من عمليات التهريب ومكافحتها وتحديد الأسعار الرسمية وفرض الالتزام بها». وأشار إلى أنّ «التهريب يطغى في الدول التي لا تتوافر فيها هيئات تتحقق من التهريب أو تفرض الأسعار المحددة من الدولة».
ووصف «الاحتكارات أو مؤسسات التبغ الوطنية بأنها أدوات مهمة لفرض الأسعار والتأكد من كيفية الاستهلاك»، مشيراً إلى «أنّ 7,5 في المئة من إيرادات الدولة في لبنان مصدره الضرائب والرسوم المفروضة على التبغ، وبالتالي إذا غابت إيرادات التبغ يرتفع عجز الموازنة نحو سبع نقاط، وهذا ما لا يحتمله لبنان المقبل على زيادة الرواتب».
وحذر من أنّ «أي رفع لأسعار التبغ سيؤدي إلى تعزيز التهريب، وسيؤدي إلى حرمان الدولة المداخيل من دون أن يؤدي ذلك إلى توقف الناس عن التدخين، إذ أنهم سيواصلون التدخين في كل الأحوال».
ورشة عمل
ثم عقدت ورشة عمل بعنوان «السياق الدولي: التحديات الرئيسية لقطاع التبغ» برئاسة رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيض بساط.