موسكو: مواقف واشنطن متباينة ومبهمة بشأن سورية

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن من المهم الحيلولة دون انهيار الاتفاقات الروسية – الأميركية بشأن سورية. داعياً إلى تأمين الهدنة وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية.

الوزير الروسي، قال في حفل استقبال، أقيم في مبنى وزارة الخارجية الروسية، لمناسبة عيد رأس السنة الهجرية، أمس، إن تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف، بشكل دقيق، قد يساعد على رفع فعالية التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب.

وأكد لافروف، أن موسكو لا تسعى للاستفادة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وإلى فرض نفوذها، من خلال إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة. لافتا، إلى أن ما يحدث في المنطقة، حاليا، نتيجة مباشرة لخطوات تلك الدول، التي تحاول إسقاط نظم غير مرغوبة، بما في ذلك باستخدام القوة. مؤكداً أن روسيا معنية بتجاوز جميع النزاعات بالطرق السياسية الدبلوماسية، على الأساس المتين للقانون الدولي.

وأشار الى استعداد بلاده للتعاون مع الدول الإسلامية، في مجال مكافحة الإرهاب. مؤكدا أهمية توحيد الجهود في مواجهة التطرف وتشكيل «جبهة واسعة»، وفقا لما دعا له الرئيس فلاديمير بوتين، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، العام الماضي. وتابع: إن روسيا تعد، حاليا، مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، بهدف تعبئة المجتمع الدولي لمكافحة انتشار إيديولوجيا التطرف والإرهاب.

وفي وقت سابق، اعتبر لافروف: أنه لا داع لإصدار تعليقات رسمية على التسريبات التي نقلتها «نيويورك تايمز»، عن لقاء نظيره الأميركي جون كيري، مع ممثلين عن المعارضة السورية.

لكنه حذر، خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية الكمبودي، أمس، من أن الاتفاقات التي توصل إليها الجانبان الروسي والأميركي، باتت معلقة، بسبب موقف واشنطن المبهم من المعارضة السورية، التي ترفض هذا الاتفاق. واصفاً التصريحات الأخيرة، الصادرة عن واشنطن، والخطوات الأميركية بشأن سورية، بأنها متباينة. ودعا الإدارة الأميركية إلى التخلي عن المواربات.

وأوضح، أن موسكو تأمل في توضيح واشنطن لمواقفها، قائلا: تصريحات وخطوات الشركاء الأميركيين حول سورية، فعلا متباينة بقدر كبير. ونحن، طبعا، نأمل في إزالة أي مواقف مبهمة، لأنها تطال بصورة مباشرة تعاوننا مع الولايات المتحدة لتنفيذ الاتفاقات الروسية الأميركية، التي باتت معلقة، بسبب الغموض حول موقف واشنطن من مقاربات عدد كبير من أطياف المعارضة، بما فيها المسلحون وبعض المعارضين السياسيين لنظام الأسد، الذين يرفضون الاتفاقات الروسية الأميركية، أو يتهربون من تنفيذها.

وتابع: إن الجانب الروسي يشعر بقلق بالغ من التطورات في سورية ومن سير تنفيذ قرارات مجلس الأمن بهذا الشأن ومن محاولات بعض المشاركين في العمليات داخل وخارج سورية، الإقدام على خطوات تتعارض والقرارات الدولية المذكورة.

واستطرد قائلا: «إننا نسعى لإزالة العقبات عن طريق تنفيذ ما اتفقنا عليه، بشأن التسوية السورية». مؤكدا أنه يتحدث مع نظيره الأميركي يوميا. وذكر بأنهما أجريا السبت الماضي ثلاث مكالمات خلال يوم واحد».

واردف: فيما يخص المقال في «نيويورك تايمز»، سبق لصحافيين ومحللين سياسيين، في مختلف الدول، بما فيها روسيا، أن بدأوا بالتعليق على تلك التصريحات ولا أعتقد أن هناك داع للتعليق عليها، على المستوى الرسمي.

بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن بلاده وأميركا، دخلتا «في مرحلة خلافات حادة حول سورية»، منوهاً بأن واشنطن لم تبلغ موسكو، حتى الآن، بتعليق التعاون معها. معتبراً أن خروج واشنطن من الاتفاقات، سيكون خطأ استراتيجيا كبيرا.

وأوضح ريابكوف، أن ذلك سيتطلب من الخبراء العسكريين، الروس والأميركيين، الانخراط في التعاون الفعلي ومواصلة العمل، بين أولئك الذين يتفهمون الأمر الواقع ويقدرون على ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتكثيف محاربة التنظيمات الإرهابية واستئناف العملية السياسية.

وتابع: إن موسكو تدعو واشنطن لوضع العواطف جانبا والتركيز على مثل هذا العمل. لكنها ترى، بدلا من ذلك، نوبة هستيرية بعد نوبة، من جانب السياسيين في واشنطن. معتبراً أن الصور النمطية، الناجمة عن اعتبارات لا علاقة لها بالوضع في سورية، أو حولها، باتت مسيطرة في واشنطن وتحولت إلى عقبة حقيقية أمام عمل الخبراء المحترفين، بشأن سورية.

ريابكوف، أكد أن موسكو ما زالت تأمل في تجنيب سورية تصعيدا عسكريا جديدا. وأعرب عن ثقته بأن هناك مجالا لتطوير الاتفاقات الروسية الأميركية. لكنه أكد أن المسألة تتعلق، من حيث المبدأ، بمدى استعداد الإدارة الأميركية للسير في طريق الحل السلمي، أو ما إذا كانت إدارة أوباما تخلت عن الحل السياسي، نهائيا.

وأوضح أن واشنطن لم تعد خجولة من بعض مقارباتها غير المعلنة مسبقا، ومنها اعتبارها أنه إذا فشلت محاولاتها لفرض الوصفات على الآخرين، فالبديل لذلك، هو الحل العسكري، من أجل تحقيق الهدف القديم، أي إسقاط الرئيس الشرعي وحكومته وإعادة هيكلة التضاريس السياسية ليس في سورية، فحسب، بل وخارجها، بشكل كامل.

في غضون ذلك، أكد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن بلاده تعتبر مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن، حول سورية، أحادي الجانب ومتحيز، لاحتوائه عناصر لا علاقة لها إطلاقا بالمسألة الإنسانية، لا سيما فقرة «الكيماوي» السوري. مؤكداً أن موسكو ستعرض مشروع قرار بالشأن ذاته، خلال ترأسها مجلس الأمن، في الشهر الحالي.

وأكد غاتيلوف، أن نقاشات حادة ونشطة تجري حاليا بين روسيا والولايات المتحدة، بخصوص الشأن السوري. وأنه لم يتم التوصل إلى تفاهم حول ذلك. كاشفاً أن موسكو تحاول الاتفاق مع واشنطن حول إجراءات استئناف نظام وقف النار في سورية.

وأشار إلى أن الضربة الأميركية على دير الزور ومن ثم استهداف القافلة الإنسانية، بالقرب من حلب، جميع هذه العوامل، وضعت تحت الشك تنفيذ اتفاق 9 أيلول. وتابع: نحن نحاول حاليا الاتفاق مع الأميركيين حول ما الذي يجب فعله، لاستئناف نظام وقف العمليات العدائية.

وعبّر المسؤول الروسي عن أسف بلاده لعدم التقدم في مناقشات الشأن السوري، مشيرا إلى أن واشنطن لا تتعاون معها بشأن تحديد مواقع المجموعات المسلحة في سورية، رغم دعوات موسكو إلى ذلك. قائلا: دعت روسيا الولايات المتحدة، مرارا، إلى مقارنة الخرائط بخصوص أماكن وجود الجماعات المسلحة المختلفة، في سورية إلا أن واشنطن لا تذهب إلى التعاون في هذا الشأن.

غاتيلوف أكد أن المعارضة السورية تعزز تحالفها مع تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي. وأضاف: «أصبح واضحا لروسيا، فصائل المعارضة المسلحة يترابط بعضها مع البعض والكثير منها ينضم إلى صفوف «جبهة النصرة» وهذا، بطبيعة الحال، لا يخفف من حدة الوضع.

وأكد أن موسكو تدعو لاستئناف المفاوضات السورية، في أسرع وقت. فيما اعتبر أن واشنطن تصر على هدن لسبعة أيام، بدلا من 48 ساعة. مشيراً إلى أن «هذا ما يريده المسلحون لإعادة تجميع قواهم».

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الروسية والسورية، لم تقصف جماعات مسلحة سورية، انضمت إلى الهدنة وأبلغت بمواقعها. مشيرة إلى رصد 66 انتهاكا للهدنة من قبل المعارضة، خلال 24 ساعة. وأفاد بيان صادر عن مركز المصالحة الروسي، في حميميم، أمس، بأنه تم رصد 66 انتهاكا من قبل جماعات مسلحة غير شرعية، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، في محافظات: حلب 39 ، دمشق 18 ، اللاذقية 6 وحماة 3 وذلك باستخدام مدافع هاون ودبابات ومنصات إطلاق يدوية الصنع وأسلحة نارية.

وأكد البيان أن عدد البلدات السورية التي انضمت إلى نظام الهدنة، وصل إلى 702 بلدة. وأن 8 بلدات جديدة وقعت اتفاقات هدنة، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، في محافظات: اللاذقية 5 ، حمص 2 والقنيطرة بلدة واحدة . وأشار البيان إلى مواصلة المفاوضات مع قادة جماعات مسلحة معارضة، في محافظات دمشق وحمص وحلب والقنيطرة.

ميدانياً، استشهد شخصان وأصيب اثنا عشر آخرين، في تفجيرين إنتحاريين إرهابيين، استهدفا مبنى فرع حزب البعث، في ساحة العاصي، بمدينة حماه.

وبحسب مصدر أمني، أقدم انتحاري على تفجير حزامه الناسف، على المدخل الرئيسي للمبنى. وتبعه تفجير إرهابي إنتحاري ثان، مقابل المدخل الرئيسي الخارجي للمبنى، مما تسبب بارتفاع عدد الشهداء ووقوع أضرار مادية في المكان، في حين تمكن أمن فرع الحزب، من قتل انتحاري ثالث، قبل تفجير نفسه في المنطقة.

جاء ذلك في وقت، سيطرت وحدات الجيش السوري على تلة النكرة، غرب بلدة الشعثة وتل الأبيض، جنوب شرق بلدة خفسين، بريف حماة الشمالي الشرقي، بعد اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل عدد من الارهابيين.

وفي حلب، سيطر الجيش السوري نارياً، على دوار الجندول، شمال مدينة حلب، وسط قصف مدفعي وصاروخي متقطع، استهدف نقاط انتشار المسلحين في الأحياء الشرقية للمدينة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى