بيريز «يُكرَّم»..! كم «أبو رغال» بيننا؟
نظام مارديني
كلهم يصبحون صهاينة حين يكون الحدث في كيان العدو.. يصبحون صهاينة أكثر حين يدخلون الى هذا الكيان على أجساد أطفالنا الفلسطينيين!
في ضوء هذا الألم شكلت مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في وداع المقبور شمعون بيريز، قمة السقوط الأخلاقي والوطني والقومي، فهي مشاركة جاءت لتكريم أحد مؤسسي كيان العدو والقاتل وصاحب المجازر، على حساب دماء وشهداء شعبنا في فلسطين ولبنان وسورية، حتى كاد المقبور أن يفتح عينيه وينظر إلى هذا الحضور الفلسطيني والعربي ولسان حاله يردّد: لو كنت أعلم أن موتي سوف يدفع إلى هذه الهرولة الفلسطينية والعربية لكنتُ أقمتُ محرقة لشعب فلسطين بكامله!
هو «أبو رغال» أحد رموز الخيانة في الجزيرة العربية، بل إن العرب كانت تنعت كل خائن بـ «أبي رغال» حتى أصبح اسمه مرادفًا للخيانة.. عندما قرّر أبرهة غزو الكعبة وهدمها، بحث عن دليل عربي يدله على طريق مكة، جميع مَن عرض عليهم هذا الأمر من العرب رفضوا رغم الإغراءات والتهديدات، إلى أن وصل إلى «أبي رغال» الذي وافق مقابل أجر معلوم ليكون دليلاً لجيوش أبرهة.
انتهى «الخائن» التقليدي.. الآن هنالك مؤسسات ودول ومنابر تستطيع أن تصنع لك «الخائن» الأكثر حداثة.. الخائن اللامع الأنيق الذي يأتيك بمسميات مختلفة وأنشطة إنسانية.. وبربطة عنق من أسواق باريس!
غريب أمر ذاكرة هؤلاء وما تعانيه من ضعف عندما يتعلق الأمر بما اقترفه العدو بحق شعبنا، ولكنهم مهما تذللوا له فلن يكسبهم ذلك إلا استصغاراً في نظره، وسيكونون وقود ناره في فلسطين المحتلة ومحيطها القومي.
أي عار نحن فيه الآن حين يقول أمير عربي «مستقبل العرب إسرائيل».. غداً قد نقرأ في الصحف حملات بـ «خمس نجوم» الى اداء مناسك الحج في هيكل سليمان، كما حدث في وداع المقبور.. كل الطرقات تفضي، في نهاية المطاف، الى … «اورشليم»!
هو وجع أمتنا، وجرح نزيفها، وكرامتها المستباحة على قبر مجرم، ونفاق وتملق عربي لا ينتهي، لعدو لا يرحم.
كان على عباس أن يستفيق ليس من أجله.. بل من أجل الأمل في أن يحيا في الأجيال المقبلة من أطفالنا حياة كريمة آمنة يظللها العز والفخر بأمة لم تغب الشمس عنها!
في نزف القول وعلى مقربة من دم الكلام تبقى المقاومة ابنة الحياة والطمأنينة التي ستبقى شمسها تشرق كل صباح.. ففي طريق الشهادة كانَ اللهُ يرى مواكبَكم حتى أنهُ أحصاكم وأنتم تتعثّرون بأجنحتكم المقدسة وبصدى حناجركم وهي تدندن عتابات سومرية.. كما الفلسطينية.
يقول الشاعر العراقي علي مولود الطالبي في قصيدة « كفٌ تخون الأرض»:
«قاتمةٌ ذاكرتُنا
تنمو في الرّيحِ …..
وأنتَ حيثُ الفضاء المشبّعُ بالخياناتِ
النكباتُ… والوطنُ المباعُ
كيفَ تستديرُ حولَ بكاءِ الفقراءِ وتبتسمُ؟
كيف تبيعُ الحلمَ وألفَ أغنيةٍ
وتراباً يعلو في سلالتِكَ
أنتَ يا هذا …..».