العودة إلى «الدفاتر العتيقة»

حميدي العبدالله

دعوة كلّ من «الجامعة العربية» ومنظمة «المؤتمر الإسلامي» لعقد اجتماعات استثنائية للنظر بالأوضاع في حلب، يمكن وصفه بالعودة إلى «الدفاتر العتيقة». منذ بداية الحرب التي أعلنت على سورية جرى حرق هذه الأوراق، فالجامعة العربية اتخذت ما يمكن وبمقدورها تسهيل الحرب على سورية وإنجاحها في إسقاط الدولة السورية وتكرار السيناريو الليبي عبر خلق مبرّرات لتدخل عسكري عبر الناتو لإسقاط النظام والدولة. لكن محاولات الجامعة العربية باءت بالفشل وكذلك باءت بالفشل محاولات الاستنجاد بمنظمة «المؤتمر الإسلامي». تجربة ليبيا، وكذلك وضع سورية الذي يختلف عما جرى في ليبيا والعراق وأفغانستان نقل المسألة السورية إلى دوائر الأمم المتحدة، وما لم تستطع الأمم المتحدة القيام به لا تستطيع الجامعة العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي القيام به.

في مجلس الأمن تغيرت العلاقات والتوازنات منذ أن عادت روسيا إلى لعب دورها الذي كانت عليه في العهد السوفياتي، لجهة الإصرار على المشاركة الندية في إدارة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة وعدم السماح للحكومات الغربية بمواصلة سياسة الاعتداء على سيادة الدول، والتنكر لميثاق الأمم المتحدة.

وكما أسقط الفيتو المتكرر الذي اتخذته روسيا والصين جميع محاولات تكرار السيناريو الليبي في سورية، لجهة توفير الغطاء الشرعي والدولي لتدخل عسكري مباشر في سورية فإن مساندة روسيا للجيش السوري في الحرب على الإرهاب، حد من رهانات الحكومات الغربية على الإرهابيين الذين حشدتهم حكومات الغرب وحكومات المنطقة وجاؤوا من أكثر من دولة.

الاستنجاد اليوم بالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للضغط على روسيا لتغيير موقفها السياسي في مجلس الأمن والميداني في تقديم الدعم الفاعل للجيش السوري وحلفائه في مكافحة الإرهاب لم يعد مجدياً وأصبح من الماضي ولا يمكنه أن يحدث أثراً على أي مستوى، بما في ذلك المستوى الإعلامي، لأسباب كثيرة ليس آخرها تغيير المواقف والتوازنات داخل مجلس الأمن، بل وأيضاً بسبب التغيير الحاصل في موازين القوى ميدانياً، فسورية اليوم غير سورية في الأعوام الثلاثة الأولى من عمر الأزمة. اليوم العاصمة السورية ومحيطها تكاد تصبح آمنة بشكل كامل. ومدينة حمص ومحافظتها هي الأخرى شهدت تحولاً هاماً في المعطيات الميدانية، وكبرى المحافظات السورية، وعاصمة سورية الاقتصادية، أي حلب، على وشك التحرر من المسلحين، وبديهي أن هذا الوضع الميداني هو الذي سوف يتحكم بمجريات المقاربات السياسية، الدولية والإقليمية، لحل الأزمة القائمة في سورية وتحديد المواقف العملية منها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى