حلف روسيا وإيران وسورية بخير…
تدور في كلّ مرحلة الشكوك المتبادلة، وتسيطر حال القلق في أوساط محبّي اطراف الحلف الثلاثي الذي غيّر معادلات العالم خلال عقد ونصف العقد من القرن الحادي والعشرين، وتوّجها بحروب باردة وحارة من أوكرانيا إلى سورية ولبنان وفلسطين.
محبّو كلّ طرف يقلقون من الاستفراد، به ومحبّو الحلف كمحور يبشر بالخير يقلقون على جوهر المعركة وخطر ضياع المتراكم من تضحيات وانتصارات في لحظة اقتراب القطاف بسبب مساومات تفكك الحلف وتضيّع انتصاره.
كثيراً ما كان يحدث أن يذهب المتحالفون إلى الحرب معاً، سياسية كانت أم عسكرية أم اقتصادية ويقتربون من النصر لكنهم يذهبون إلى السلم منفردين، فيضيع نصرهم، لأنّ الوهم يأكل نفوس كلّ منهم بأنه الأقدر على القطاف فتكون الحصيلة «أُكلنا جميعا يوم أُكل الثور الأبيض».
واشنطن تعلم علم اليقين أنها أعجز من الفوز بحروبها على الحلف الروسي السوري الإيراني، لذلك كان كلّ جهدها ألا يترجم كحلف، وأن يتصرف اطرافه بمواقع مصلحية يمكن التباين بينها، ويمكن للتباين أن يتيح الاستثمار على إضعاف مصادر القوة التي يمنحها كلّ منها للآخرين وإضعاف فرصه بالإفادة من مصادر قوتهم في حربه.
قدمت سورية إلى حليفيها حرباً كاملة منتصرة يستقويان بها في صياغة معادلة جديدة إقليمية ودولية، وقدمت روسيا مظلة ديبلوماسية وعسكرية لحليفيها فمنعت قرارات جائرة بحقهما تستخدم مجلس الأمن غطاء لحرب ضدّهما، ووفرت سلاحاً رادعاً في حروب البرّ والبحر والجوّ، بينما قدمت إيران أسباب القوة في الجغرافيا والقدرة المالية والعسكرية وجعل الخليج كمركز هامّ في المصالح الأميركية بحيرة معرّضة للاشتعال كلما دقت ساعة حرب.
وصل الحلفاء إلى ربع الساعة الأخير، وهو الأصعب، بعدما فازوا بحربين تفاوضيتين خطيرتين، هما حرب النووي الإيراني والكيميائي السوري وأظهروا نضجاً وحكمة وقدرة.
ليس هناك المزيد من الوقت للترف لدى الأميركي يضيّعه في الرهانات، والطريق الوحيد لتفادي ولادة معادلة دولية إقليمية قاتلة لا رجعة عنها تبدو في الأفق إذا استمرت الأمور على حالها، أن يرمي بورقته الرابحة التي يمثلها المشروع التكفيري بنسخته الجديدة «داعش»، ويخاطب كلّ من أطراف الحلف على انفراد، ليست مشكلتي معك بل مع حليفيك فتعال إلى صفقة منفردة، لسورية يقول: نتغاضى عن نصر الجيش الداخلي والأنظار على «داعش» تبرّر تنسيقاً متدرّجاً يصل لاحقاً إلى تطبيع العلاقات، ولإيران يقول: نسهّل ملفك النووي ونرتضي نفوذك في العراق واليمن والخليج، ولروسيا يقول: نحلّ معاً الأزمة الأوكرانية ونحترم مصالحك الحيوية في البلقان والقرم والقوقاز.
الهمّ الأميركي أن تشتغل الشكوك والظنون بين أطراف الحلف بتوظيف كلّ إيحاء تقارب ولو ظرفي مع أحد أطرافه لنشر الأقاويل عن انفراط الحلف وتخلّي أطرافه عن بعضها.
المعلومات التي يؤكدها الحلفاء والأصدقاء ومن يتابع من أصدقاء مشتركين أنّ الحلف لم يكن بمتانة وصلابة ما هو عليه اليوم، وأنّ كلّ عرض يصل إلى أحد أطرافه ترسل نسخة منه مفصلة مع شرح دقيق إلى حليفيه، ويتمّ تقدير موقف مشترك لطبيعة جواب يخدم المصالح العليا للحلفاء من دون التفريط بالمصالح الوطنية الملحّة لكلّ من أطراف الحلف.
لا صفقة إيرانية أميركية من وراء ظهر سورية وروسيا… هذا هو خبر اليوم، كما كان خبر الأمس: لا صفقة أميركية روسية من وراء ظهر وعلى حساب سورية وإيران، كما سيكون خبر الغد: لا صفقة سورية أميركية بالتخلّي عن الحلف مع روسيا وإيران.
العروض الأميركية المنفردة هي فوائد ترتبت عن استثمار رأسمال هو التحالف الثلاثي، والغبي وحده يتخلى عن الرأسمال ويتلهّى بالفوائد.
الحلف الروسي السوري الإيراني بألف خير.
«توب نيوز»