الأسد: إذا كان الحوار مع الإرهابيين كأفراد يحقن الدماء فنحن سنحاور كيري: وقف إطلاق النار يجب أن يشمل حظر الطيران السوري والروسي
أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أن الحوار مع الارهابيين ممكن. وقال: «صحيح أنه لا يجب التعاطي مع الإرهابيين، لكن إذا كان الحوار معهم سيحول دون سيلان الدماء، فيجب القيام بذلك. كل من قرر أن يلقي السلاح قدمنا له عفوا كاملا».
أضاف: «نحن كنا مرنين مع المسلحين لدرجة أننا تجاوزنا حتى القانون. القانون لا يعفي الإرهابيين من أعمالهم. ومع ذلك ولمصلحة الشعب ولحقن الدماء، قمنا بتقديم العفو». وأكد أن ذلك «على مستوى أفراد، نحن لا نتحاور مع منظمات إرهابية وإنما نتحاور مع أفراد».
الأسد شدد على أن الحرب على سورية، هدفها حفظ الهيمنة الأميركية على العالم. مشيراً إلى أن واشنطن «ضغطت على سورية، في إطار مشروع السلام، لتجبرها على غضّ النظر عن حقوق شعبها وحقوق الشعب الفلسطيني». وكرر بإن سورية ثابتة في مواقفها وتدعم القضية الفلسطينية.
وأوضح، أنه لا يمكن للجيش السوري محاربة المجموعات الإرهابية من دون الوعي والدعم الشعبي. مذكّراً بأن وعي الشعب السوري يحول دون تحقيق البيت الأبيض لأهدافه الاستراتيجية من مهاجمة سورية. وهو استهداف الهوية والمعتقدات والتاريخ.
وجزم الأسد بأن انتصار سورية، سيؤدي إلى انتشار الاستقلال بين مختلف الدول. معتبراً أن انتصار سورية وصمودها في وجه أميركا، سيثبت للعالم أن الإرادة الأميركية ليست قضاءً وقدراً إلهياً. وأن هزيمتها ممكنة.
ولفت الرئيس السوري إلى أن ما يحدث في سورية اليوم، سيؤثر على الخارطة السياسية للعالم، معتبراً أن سورية حالياً «المركز الأساسي لمحاربة الإرهاب في العالم. وإذا فشلت سورية في المعركة الدائرة حالياً، فلن يكون هناك ما يردع سلطة وهيمنة الغرب على المنطقة». مضيفاً: «لو أن الله قدَّر لسورية أن تسقط، لكانت سقطت».
وقال الأسد في سياق تصريحاته لصحيفة «طهران للدراسات السياسة الخارجية» الإيرانية: إن أميركا نجحت، منذ الحرب العالمية الثانية، فقط في خلق الأزمات وتدمير الدول. مذكراً بأن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قال في بداية ولايته الرئاسية، إنه لن يدخل أيّة حرب، لكنه دخل جميع الحروب.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن بلاده ستواصل جهودها الرامية إلى تسوية الأزمة في سورية، رغم تعليق التعاون مع موسكو. مؤكداً أن واشنطن لم توقف الاتصالات مع العسكريين الروس في مجال مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي. وأضاف، إنها ستواصل مكافحة «داعش» وكذلك «جبهة النصرة». وستبذل جهوداً لإيجاد حل سلمي للأزمة.
كيري، أضاف: لن نتخلى عن الشعب السوري وعن السعي لتحقيق السلام. ولن نتوقف عن العمل مع أطراف متعددة. وسنستمر في محاولتنا لإيجاد طريقة لننهي هذه الحرب. وسنفعل كل شيء ممكن، مع مجموعة الدعم الدولي، من خلال الأمم المتحدة، أو حتى عبر لقاءات مصغرة أخرى، لنجد طريقة للتقدم. ونحن ملتزمون بالتوصل إلى سورية سالمة ومستقرة وموحدة وغير مقسمة طائفيا. وسنبقى فاعلين حتى نحقق هذا السلام.
وأكد أن روسيا اتخذت قراراً غير حكيم وغير مسؤول، بدعمها للأسد في سورية. واتهم موسكو بتجاهل استخدام النظام السوري غاز الكلور والبراميل المتفجرة. كما اتهمها ودمشق، بالتخلي عن الدبلوماسية في حل الأزمة والسعي إلى حل الأزمة باستخدام القوة.
كيري، أشار إلى أن وقف إطلاق النار في سورية، يجب أن يشمل حظر الطيران السوري والروسي، في مناطق محددة. مؤكداً أن الجانب الأميركي سيعمل على تهيئة الظروف التي ستسمح باستئناف المفاوضات بين الجانبين.
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده لن تتخلى عن مسؤوليتها في سورية، لا سيما في حلب. لكنه حثّ على إيجاد حلٍّ جماعيٍّ للأزمة. وقال: فيما يتعلق بأن العالم كله ينظر إلى روسيا، بناءً على الوضع في حلب، فإنني آمل في أن ينظر العالم، أيضاً، إلى الأطراف الأخرى. وإلا، فمن الممكن التغاضي عن تصرفات أولئك الذين ما زالوا يغذّون الإرهابيين وليسوا قادرين على فصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة. في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
الوزير الروسي، أشار إلى أنّ موسكو لا تتهرب من مسؤولياتها وتعتقد بأن تسوية الأزمة السورية ممكنة، فقط، بشكل جماعي، مع الولايات المتحدة وأوروبا ومع جميع الدول الرئيسية في المنطقة. ورأى أنّ أي طرحٍ يأتي خلافاً لذلك، ترى فيه موسكو محاولة لتهيئة الظروف لـ»السيناريو» العسكري وهذا «ما لا تحتمله دول المنطقة».
وأعاد لافروف إلى الأذهان، أن الولايات المتحدة، بسبب خلافاتها الداخلية، أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في إطار الاتفاقات مع موسكو، فيما يخص الفصل بين المعارضة المعتدلة و»جبهة النصرة»، وفتح طريق «الكاستيلو» لحل قضايا حلب الإنسانية.
في غضون ذلك، اعتبرت الخارجية الروسية أن قرار واشنطن تعليق قنوات الإتصال مع موسكو، بشأن سورية، يدل على سعي الأميركيين لعقد «صفقة مع الشيطان» أي الإرهابيين، من أجل إسقاط حكومة الرئيس الأسد.
وأعربت عن أسفها العميق وخيبتها، من قرار واشنطن. معتبرة أن تقاعس واشنطن يظهر إمّا إهمالها لاحتياجات السوريين، من المساعدات الإنسانية وتفضيلها استخدام، هذا الموضوع، لتحقيق أهداف سياسية بحتة، أو عجزها عن التأثير على فصائل المعارضة.
بدوره، دحض مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، تصريحات للمتحدث باسم البيت الأبيض، اتهم فيها روسيا بـ»سرقة» نجاحات واشنطن في الحرب ضد الإرهابيين، في سورية.
وقال تشوركين، أمس، في معرض تعليقه على التصريحات: إذا وصفت ذلك بعبارة ملطفة، فهي تصريحات تفتقر إلى اللباقة»، داعياً في الوقت نفسه، إلى عدم تصوير الخلافات بين موسكو وواشنطن على الساحة الدولية، كأنها «كارثية».
وأعرب عن أمله في عدم تكرار «الحرب الباردة». ولم يستبعد عودة الطرفين للتعاون بشأن سورية. معتبراً أنه ما زالت هناك إمكانية لاستئناف الحوار بشأن سورية، في إطار الأمم المتحدة، لا سيما بين مندوبي روسيا والولايات المتحدة والأعضاء الآخرين، في مجلس الأمن.
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، استمرار مساعدة بلاده للقوات المسلحة السورية، في مجال مكافحة الإرهاب، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية. وقال: أنا لا أرغب في التحدث عن مثل هذا الخطر. في أي حال، فإن انسحاب الولايات المتحدة من نظام الحوار معنا، في الشؤون السورية، من حيث الحفاظ على وقف إطلاق النار، طبعا، يعقد إلى حد كبير، الوضع هناك. هذا الخروج، للأسف، يؤكد عمليا العجز عن فصل الإرهابيين وما يسمى المعارضة المعتدلة.
أضاف: نأمل في أن العقل السياسي لا يزال موجودا. كما نأمل في استمرار الاتصالات الضرورية للحفاظ على السلام والأمن، خصوصا في المناطق الحساسة.
إلى ذلك، أعرب الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، عن قناعته بضرورة مواصلة المفاوضات لتسوية الأزمة في سورية. وقال: لا تزال توجد لدينا عناصر لمواصلة المفاوضات. ويجب علينا أن نركز على الجانب الإنساني بشكل رئيسي. لا يمكننا ترك الشعب السوري.
ورأى دي ميستورا، أن الأطراف كافة، بما في ذلك الرئيس بشار الأسد، تتفهم أنه لا يمكن الانتصار في حلب. لكن حتى لو تم تحقيق ذلك، فمن الصعب الاحتفاظ بالمدينة، لأنها ستكون حرب عصابات لا نهاية لها.
وأعرب عن قناعته بأنه «يجب على الأكراد أن ينضموا إلى المفاوضات ويشاركوا في مناقشة مستقبل بلدهم. لكن يجب تجنب الحديث عن الدولة الفيدرالية من جانبهم. ويجب أن يجري الحديث عن حقوقهم الإدارية».
وأكد أنه لا يثق بفعالية العقوبات التي تتسبب بمعاناة للشعب فقط. وهي لا تمس النخبة الحاكمة بتاتا. لكنه قال: إن العقوبات يمكن، في بعض الحالات، أن تحفز على البحث عن حلول. منوهاً بأنه لا داع لتعليق آمال كبيرة على حدوث قفزة في سورية، بعد الانتخابات الأميركية يوم 8 تشرين الثاني.
على صعيد أخر، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال ايغور كوناشنكوف، عن نقل بطارية من منظومة الدفاع الجوي «إس-300» إلى سورية. مشيراً إلى أن هذه البطارية، ستكون مخصصة لتأمين القاعدة البحرية في طرطوس، التي تقع في المنطقة الساحلية القريبة من سفن مجموعة العمل البحرية الروسية.
وأكد الجنرال الروسي، أن على واشنطن الاعتراف، بأن أغلبية الجماعات التي تدعمها في سورية، هي جزء من «جبهة النصرة». ولفت إلى أن الولايات المتحدة أفشلت كل اتفاقات وقف إطلاق النار في سورية، بعجزها عن فصل ما يسمى «المعارضة» عن «جبهة النصرة» والسماح للإرهابيين بإجراء إعادة التموضع والتموين.