بلديات وصراع: شبه يمين وشبه يسار وشبه سلفي

عادل سماره

منذ أشهر والصراع على مسألة الانتخابات يشاغل ناس السياسة والثقافة في الأرض المحتلة 1967. ومثل غيري، كتبت تصوّراً لدور البلديات، ولكنني حينما رأيت شدة التمترس السياسي وراء انتخابات مدنية خدماتية مجتمعية، اقتنعت أنه من أجل السلم الأهلي، فإنّ هذه الانتخابات يمكن تأجيلها. هل هذا صحيح أم لا، هذا للناس والزمن.

قرّرت السلطة في رام الله إجراء الانتخابات في الضفة والقطاع، ثم اعلنت عنها في الضفة فقط، وكما سمعت ولست متأكداً قرّرت تأجيل حتى انتخابات الضفة.

وهكذا ازداد الانشغال في الموضوع بين ثلاثة كتل/ مواقف هي من الناس ولكنها ليست الناس وليست الأحق بحصر مسالة البلديات بينها:

موقف شبه اليمين وشبه العلماني، ايّ حركة فتح،

وموقف اليمين وشبه السلفي حركة حماس،

وموقف شبه اليسار تحالف اليسار الخماسي،

طبعاً قد يحتج كثيرون على هذا التصنيف. شكراً لهم.

لكن ما دعاني لأكتب هنا هو احتجاج اصدقاء/ رفاق من اليسار على عدم حضوري نقاشاً بشأن البلديات بين التحالف اليساري. وطبعاً اليسار على موقفه سواء حضرت أم لم أحضر.

بداية، لست مع الانتخابات السياسية أبداً. ومع الانتخابات البلدية كمبدأ. بل مع إجرائها بعيداً عن المحكمة العليا ورأي السلطة لأنها شأن أهلي محلي مدني لو كنا في وضع طبيعي لتمّ إجراء هذه الانتخابات بشكل ذاتي، تسيير ذاتي. وفيما لو حصل هذا سيكون مبرّراً للقدس بأن تجري انتخابات بلدية بمعزل عن بلدية الاحتلال، وهذا طبعاً موقف مواجهة مع العدو مشروعة تماماً.

ولكن، كأيّ مواطن من حقي ان لا أصطف/ أتحمّس لليسار فقط لكونه يساراً أو لكونه يقول بانه يسار، وخاصة في البلديات. وهذا مبني على تجربة قبل سبع سنوات.

حينما قرّر مجلس بلدية رام الله إعطاء او تأجير القصر الثقافي للموسيقار الصهيوني الألماني اليهودي الأرجنتيني دانييل بارنباوم بإجراء نشاط تطبيعي في القصر المذكور حيث كانت فرقته من يهود وفلسطينيين وعرب، كما أنه أيد العدوان على غزة 2008 2009، وكتب بعد رحيل ابو عمار: «مات الطاغية، عاش الشعب»… كتبت احتجاجاً بيني وبين المجلس البلدي من مدخل حرصي كمواطن أتمنى عليهم رفض طلب بارنباوم حرصاً على عدم وصم رام الله البلد بالتطبيع. وليتذكر القارئ أنّ كلّ هذه الفصائل تكتب الشهيد ياسر عرفات. فكيف يستقيم موقفها هذا مع تهاونها مع الذي كتب عن نفس الرجل: «مات الطاغية عاش الشعب»؟ ألا يدركون أنه بشخصه أو بعلاقاته بالعدو يتابع هذه التناقضات ويبتسم!

كانت أكثرية المجلس البلدي برام الله من اليسار، فردّ عليّ أحد اليسار بأنني طائفي ورفع دعوى ضدّي أنني أشتم المجلس وطالب بمليون دينار او اعتذار. وهنا أشهد للصديق مراد السوداني موقفه معي تماماً وكذلك لعضو المجلس البلدي حينها كامل جبيل.

في ذلك الموقف، لم يعترض على الدعوى ممثلو حماس في المجلس. أما الفصائل فقد وافق أكثرها على الدعوى ضدّي، ولم يرفض سوى حزب البعث وممثل عن الجبهة الشعبية.

فإذا كان ممثل اليسار في المجلس البلدي مع التطبيع، ولم يوجه له اللوم على ذلك، فما الحكمة من دعم اليسار في انتخابات بلدية مقبلة بنفس اليسار وربما بمن هم مع التطبيع!

طبعاً، فإنّ السلطة في رام الله قد منحت بارنباوم نفسه جنسية فلسطينية فخرية رغم ما كتبه عن ابي عمار!

كما أنّ حكومة غزة ايضاً استقبلته وعزف هناك قبل عامين بينما دماء شهداء غزة لم تجفّ بعد.

فهل لا يزال من حق الفصائل الاستفراد بالانتخابات البلدية إلى جانب استفرادها بالمستوى السياسي؟

أما والحال على ما هي عليه، فلا داع لإجراء الانتخابات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى