عائلة الشهيد: ما جرى جريمة في حقّ كلّ اللبنانيين ولن نسمح للتكفيريين بالتغلغل إلى نسيجنا الوطني

لم تكد تمضي ساعات على مغادرة الوفد القطري بلدة عرسال، وبعدما نقل عن أنّ «داعش» و«جبهة النصرة» تعهدا للوفد بأنهما لن يقدما على قتل أي جندي قبل أن تنتهي المفاوضات، حتى أعلن تنظيم «داعش» إعدام الجندي اللبناني عباس مدلج ذبحاً.

ونشرت حسابات الكترونية تابعة للتنظيم صوراً تظهر الإعدام الوحشي، مشيرة إلى أنّه جاء ردّاًَ على مماطلة الحكومة.

وأعلنت جبهة «النصرة»، عبر «تويتر»، أنه «في حال التعدي على اللاجئين السوريين في لبنان فإنّ الردّ سيكون قاسياً وسنبدأ بقتل العسكريين المحتجزين لدينا».

وأفيد عن اشتباكات عنيفة جرت ليل أول من أمس في وادي الرعيان في جرود عرسال بين عناصر من حزب الله ومسلحي «داعش» و«النصرة»، استخدمت فيها الأسلحة المختلفة. وأشارت معلومات إلى مقتل ستة من مسلحي «داعش» في هذه الاشتباكات.

وقد بدأ عدد كبير من النازحين السوريين ممن يقطنون في مخيم على أوتوستراد رياق بعلبك – حوش الغنم، بالاستعداد للرحيل نحو مناطق البقاع الغربي.

وفور شيوع الخبر، اشتعلت مناطق في البقاع وبيروت غضباً لمقتل مدلج، فأشعلت الإطارات وقطعت الطرق في اللبوة والعين والشويفات وطريق المطار وطرقات الجنوب وحي السلم والعمروسية ومناطق الضاحية الجنوبية، وطلب شبان في حي السلم من جميع السوريين مغادرة الشارع، واتخذ الجيش اللبناني تدابير أمنية مشدّدة تحسّباً لأي تصعيد. وأقدم أهالي بلدة قصرنبا على قطع طريق غرب بعلبك في الاتجاهين، وقطع أهالي العسكريين المخطوفين طريق الشويفات في الاتجاهين.

كما قطعت عائلة الرقيب المخطوف جورج خوري طريق القبيات – الهرمل تضامناً مع الجيش، ومطالبة بإطلاق سراحه ورفاقه العسكريين. وفي صيدا قام عدد من الشبان بقطع الطريق عند تقاطع «إيليا» بالإطارات المشتعلة، ثم أعادت القوى الأمنية فتح الطريق.

وعمدت مجموعة من الشبان تدعى OMEGA TEAM إلى إقفال الطريق المؤدي إلى سجن رومية، تضامناً مع العسكريين.

وأفادت المؤسسة اللبنانية للإرسال «LBC» أنّ «العسكريين المخطوفين بيار جعجع وجورج خزاقة اتصلا صباحاً بأهاليهما وطلبا منهم القيام بتظاهرات وتحركات للإفراج عنهما وعن رفاقهما».

خلية الأزمة

وعلى المستوى السياسي، اجتمعت خلية الأزمة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام في دارته في المصيطبة، في حضور نائبه وزير الدفاع سمير مقبل ووزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير. وغاب عن الاجتماع وزيرا المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل بداعي السفر.

وتمّ التداول في التطورات على أثر استشهاد الجندي في الجيش عباس مدلج، وتوجه المجتمعون بالتعازي إلى والديه والجيش اللبناني واللبنانيين كافة. وثمنوا الموقف الوطني الذي صدر عن والديه وعائلته، وقرروا متابعة التواصل مع القيادات السياسية والأمنية بهدف معالجة ملف العسكريين المخطوفين. وأعلنت خلية الأزمة أنها ستبقى في حالة انعقاد دائم.

عائلة الشهيد مدلج

وفي بلدة أنصار البقاعية، غصّت دارة والد شهيد الجيش عباس مدلج بالمعزين من الأهالي والسياسيين والفاعليات الاجتماعية والنقابية، وفي مقدمهم وزير الصناعة حسين الحاج حسن، رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك الذي أكد «دور المؤسسة العسكرية لأنها صمّام الأمان للوحدة الوطنية والعيش المشترك». وقال: «على رغم الجراحات نشدّ على دور هذه المؤسسة، وعلى رغم أنّ قلوبنا تنزف دماً على ما حصل، نأمل من الدولة أن تستمر في العمل على إطلاق سراح العسكريين الآخرين»، مضيفاً: «إذا كان «داعش» ومن خلفه يخططون لفتنة في هذا الوطن سنطفئ الفتنة ولن نعتدي على أحد من النازحين السوريين الذين نزحوا إلى لبنان واستقبلوا من اللبنانيين، وقدمنا لهم العمل الإنساني، هذه هي قيمنا بأن لا نعتدي على الآخرين، لسنا عاجزين عن مواجهة من يظلمنا لننتقم ممن ليست له حيلة، وأي اعتداء على هؤلاء هو بهدف جلب الفتنة للوطن، ومن يريد أن يعبث نقول صوتنا ضدّ الفتنة وعلى اللبنانيين أن يتوحدوا سنّة وشيعة ومسيحيين ودروزاً، صفاً واحداً لمواجهة الأخطار تحت مظلة الدولة التي يتوجب عليها حماية أبنائها، وأن تأتي بهم سالمين، وإذا ما جدوا فهم قادرون ونحن مع هذه الدولة». وتابع يزبك: «لن نقبل أن نركع أو نذلّ فطريقنا طريق عزّة وكرامة. قاتلنا «إسرائيل» إلى جانب الجيش اللبناني واختلطت دماؤنا وسنبقى نقاتل الظلم والطغيان مهما غلت الأثمان، وسنبقى إلى جانب العيش الواحد والسلم الأهلي في لبنان».

وقدم وفد باسم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان والمجلس، برئاسة الشيخ عباس زغيب التعازي للعائلة، وطالب: «بضبط النفس وعدم التعرض لأهالي عرسال أو السوريين المقيمين في لبنان لأنّ التهديد من المجموعات التكفيرية ليس ضدّ الطائفة الشيعية فقط وإنما ضدّ كل لبنان»، ودعا إلى «تغليب لغة العقل والمنطق لتجنيب لبنان الفتنة التي تحاك ضده».

كما طالب الوفد «جميع الأفرقاء بإعطاء الغطاء الكامل للجيش لإنهاء هذه الظاهرة التكفيرية في لبنان»، ودعا: «تركيا وقطر والسعودية وكل الدول التي تشكل غطاء داعماً لهذه المجموعات التكفيرية إلى التدخل لإعادة العسكريين المخطوفين، لأنّ الفتنة إن حصلت لن يسلم منها لا تركيا ولا قطر ولا بقية الدول الداعمة لهؤلاء الجماعات».

«ولدي شهيد الوطن»

وطرح علي مدلج والد الشهيد الجندي عباس مدلج نفسه بديلاً لأي شهيد من شهداء لبنان، وقال: «لست أفضل من أي شهيد، فالرقيب علي السيد شهيد لبنان وولدي عباس شهيد الوطن، كنا 3 في سلك الدولة فأنا متقاعد لكن لدي الاستعداد اللازم لأكون فداء للدولة والمؤسسة العسكرية وقيادة الجيش، لو خيرت أن أكون مكان ولدي الشهيد عباس».

وكانت عائلة الشهيد مدلج، أكدت بعد أن تردّد نبأ إقدام تنظيم «داعش» على ذبح ابنها، أنّ خيارها «هو لبنان بلد العيش المشترك بين كل مكوناته»، داعية إلى «درء الفتنة وعدم السماح للتكفيريين بالتغلغل إلى نسيجنا الوطني ومنعهم من تحقيق أهدافهم».

وقالت العائلة في بيان: «إنّ الفعل الإرهابي الذي أدى إلى استشهاد ابننا عباس هو جريمة في حقّ كل اللبنانيين، سنة وشيعة ومسيحيين ودروزاً، ونحن ندعو إلى درء الفتنة وعدم السماح للتكفيريين بالتغلغل إلى نسيجنا الوطني ومنعهم من تحقيق أهدافهم التقسيمية والفتنوية. ونعلن أنّ شهيدنا هو شهيد لبنان، ولنا ملء الثقة بالجيش اللبناني الوطني». ودعت إلى «التصرّف في شكل عاجل من أجل وضع حدّ لمأساة العسكريين الباقين، كما ندعو جميع أهلنا إلى ضبط النفس والتصرف في شكل يليق بالشهداء الأبطال».

ريفي من فنيدق: نحن أمام تحدٍّ كبير

وقد واصلت عائلة الشهيد علي السيد تقبل التعازي في منزلها في فنيدق الذي زاره أمس وزير العدل اللواء أشرف ريفي حيث التقى أفراد العائلة في حضور النائب خالد زهرمان ووفد من دار الفتوى ممثلاً لمفتي الجمهورية اللبنانية ومفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا وحشد من فاعليات المنطقة.

والقى ريفي كلمة نقل في مستهلها تعازي طرابلس ولبنان «بشهيد الوطن شهيدنا الكبير الرقيب علي السيد» وقال: «لقد وقفنا دقيقة صمت في مجلس الوزراء حداداً على روحه الطاهرة واثنينا جميعاً على مواقف والد الشهيد في لحظة صعبة جداً بوطنيته الكبيرة، وإننا نسترشد بهذه المواقف الوطنية في الوقت الذي كاد بعضهم أن يفقد البوصلة، وكدنا نقع في صراعات إما طائفية أو مذهبية أو مناطقية، يلقي بعض منا اللوم على الآخر ونسينا خصمنا وعدونا الحقيقي وقضيتنا». وأضاف: «علينا أن نعيد توجيه البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، إنّ ديننا الحنيف دين الرحمة والمودة والتقارب، ولا إكراه في الدين إنها حرية الرأي والتفكير وحرية المعتقد».

وتابع ريفي: «نحن في محنة كبرى وأمام قضية كبيرة وصعبة وإني أتوجه بالتحية إلى أهلنا في عرسال هؤلاء الأبطال الوطنيين الذين لا يمكن لأحد أن يزايد على وطنيتهم ولبنانيتهم، وأتوجه إلى أهلنا في اللبوة أن يعوا بأنّ وحدتنا هي السبيل الوحيد إلى الانتصار وإنّ التفرقة هي السبيل إلى الانحدار والخسارة الكبرى».

ودعا وزير العدل: «الجميع إلى التوحد لتصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح إلى أن نقف كتفاً إلى كتف مع بعضنا بعضاً فلا سبيل إلى الانتصار أمام هذه الهجمة الكبرى إلا بالوحدة والتوحد، مسلمين ومسيحيين سنّة وشيعة ودروزاً، فلنترك صراعاتنا السياسية جانباً، فنحن أمام عاصفة كبيرة وتحدٍّ كبير».

زوجة المخطوف عمر

كما عقدت عقيلة الرقيب أول المخطوف زياد عمر، مؤتمراً صحافياً أول من أمس في منزل عائلته في بلدة عين السوداء. وقالت: «وردني اتصال من زوجي قرابة الساعة العاشرة من صباح اليوم، استمر لمدة 8 دقائق، طلب مني فيه عقد مؤتمر صحافي». وأضافت: «بعدما طمأنني عن صحته وصحة جميع العسكريين، طلب، باسمه وباسم جميع المخطوفين، أن نقف بوجه حزب الله الإيراني وما يقوم به من قتل للأطفال والعجّز. كما طلب مني التوجه إلى الشعب اللبناني لمطالبة الحزب بالانسحاب من سورية واستنكار ما يقوم به من محاولة لقطع الطرق ورفض إطلاق سراح الإسلاميين». وتابعت: «أتوجه إلى السنة والشيعة والموحدين الدروز، ما ذنبنا إن كانت فئة من اللبنانيين لم تسلم سلاحها بعد الطائف؟ وأتوجه إلى الدولة اللبنانية لتعمل على إنقاذ حياة زوجي ورفاقه وتسريع التفاوض وإنقاذ أولادنا من هذه المحنة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى