هل يؤدي إعلان الحريري ترشيحه عون إلى نسف ترشيحَي «عون فرنجية»؟
روزانا رمَّال
بجدول اعمال محلي ودولي مكثف يتحرك الرئيس سعد الحريري في جولاته المتعلقة بمبادرته التي لم تبصر النور حتى الساعة رسمياً نحو العماد ميشال عون بترشيحه لرئاسة الجمهورية. والحريري الذي عاد من الرياض ليطرح عون للرئاسة يدرك تماماً انها الفرصة الاخيرة امام هذا الخيار، ويدرك معها أنها ربما تكون فرصته الاخيرة ايضا نحو التوافق حول اسمه كرئيس سني «قطب» قادر على بلورة معادلة التمثيل الأكثري للطوائف. وعلى هذا الأساس يتطلّع لبنان لأول مرة الى إشراك الطرف المسيحي بالمعادلة التي تخلت عنهم لفترة كبيرة فلم تحظَ بعبدا بفرصة ان يكون الرئيس ممثلاً أقوى شعبياً ومسيحياً.
يوضع على عاتق الفريق المسلم «السني الشيعي» في البلاد إنجاح هذه المعادلة، وإيصال الرئيس المسيحي الأقوى شعبياً الى سدة الرئاسة، وهذا يتطلب أجوبة على اسئلة وجودية واساسية حول النيات والقدرة على هذا. واذا كان هذا الامر ممكناً اليوم لماذا لم يكن ممكناً سابقاً؟ واذا كان هناك من يريد تقوية الحضور المسيحي بالمنطقة عبر زعامة رئاسية لماذا مثلاً لم يكن هذا قبل سنوات او أبعد في زمن الانتداب الفرنسي، حيث كانت هناك فرص اكبر، واذا كان الوجود السوري في لبنان سبباً في هذا الأمر لماذا لم يثبت العكس من بعد الانسحاب السوري من لبنان، حيث عيّن الرئيس ميشال سليمان الذي لا يحظى بأيّ تمثيل مسيحي شعبي رئيساً للجمهورية؟
ما هي الاسباب التي تؤكد امكانية وقوع هذا اليوم وهل هذا وارد إقليمياً بعد الذي حلّ بالمنطقة من اصطفافات وتهجير للمسيحيين؟
بلا شك في انّ كلّ حريص على هذا الأمر هو حريص على الامتداد المسيحي في الشرق الاوسط ليس بشخص العماد ميشال عون الذي حصل على ترشيح فريق مسيحي كبير أيضاً، وهو القوات اللبنانية، إنما ايّ شخص كان ممكناً ان يكون مكانه، وهنا فانّ مسعى الحريري اليوم إيجابي ويسجل بخانة النيات الطيبة تجاه طائفة برمتها، فربما تحتاج هذه اللحظة ليبقى القلق من مفاجأة تعيد عقارب الساعة الى الوراء وتبقي على التمثيل المسيحي بشكله التسووي السابق.
بمجرد نجاح العماد عون بالوصول الى رئاسة الجمهورية، فانّ هذا يعني انّ حلفاءه المحليين مثل حزب الله والاقليميين وهم حلفاء حزب الله هم الأقوى والاقدر على فرضه رئيساً للجمهورية، وهذا يعني أيضاً انّ الغرب وأوروبا وفرنسا تحديداً لم تعمل يوماً لمصلحة المسيحيين في لبنان، ولا لمصلحة المسيحيين في المشرق، ولم تستطع خلق زعامة شعبية بحجم العماد عون أو غير العماد عون الى رئاسة الجمهورية ما خلا بعض الحالات القليلة من التمثيل الكتائبي الذي لم يصبح تعميماً في الصف المسيحي، والذي بات بعد الطائف تحصيلاً حاصلاً فلا يهمّ اسم وحيثية الرئيس فيه.
اتفاق الطائف يعني السعودية ويعني ايضاً ان في ذلك الوقت طغت الرغبة السعودية بإضعاف موقع الرئاسة اللبنانية بوجه رئاسة مجلس الوزراء، ليبقى السؤال اليوم هل السعودية اعادت النظر بادارة المواقع في لبنان فقرّرت تعزيز حضورها عبر رئاسة الجمهورية بعدما فقدت نفوذها الاكبر في رئاسة مجلس الوزراء؟ اذا كان هذا صحيحاً، فانّ هذا يعني انّ السعودية ستوعز قريباً للرئيس سعد الحريري بإعلان ترشيح عون رسمياً كمنطق طبيعي لسير الامور.
لا يحسد الرئيس سعد الحريري على مهمة إعلان ترشيح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية رسمياً، وتبدو مهمة الإعلان حساسة جداً، وهي إعلانان في اعلان واحد، فاولاً اذا اراد الرئيس سعد الحريري الاعلان عن تبنيه ترشيح العماد ميشال عون فإنّ هذا يعني تلقائياً سحب ترشيحه للوزير سليمان فرنجية، وهذا ما ليس مؤكداً حتى الساعة، ليس فقط عند الحريري بل عند السعودية والولايات المتحدة، حيث تخشى المصادر ان يكون الحريري احدى أدوات المناورة التي تطلب إعلان ترشيح عون للتخلص من ترشيح فرنجية ايضاً، وبهذا الاطار يكون قد نسف ترشيحَي عون وفرنجية الى حيث اللاعودة. وهنا فانّ البلاد ستكون امام طرح اسم مرشح غير «عون وفرنجية». ونجحت الإدارة هذه بإقناع المعنيين بانّ الفرصة استنفدت أمام المرشحين، وانّ الظروف لم تسمح بنجاح المبادرة نحوهما، وبهذه الحالة يعود النقاش حول مصير الرئيس سعد الحريري.
ويتابع المصدر: «يبدو انّ الحريري مرتبك فهو لا يريد الاعلان عن ترشيح العماد عون رسمياً لسببين الاول انه غير واثق من الدعم السعودي له كممثل أساسي وأوحد في لبنان. فهو لم يتلق حتى الساعة اي اشارة تعيد إحياء حضوره. ولم يتلق حتى الساعة ما يفيد انّ الرياض تودّ مساعدته في ضائقته المالية، خصوصاً في مسألة شركة «سعودي اوجيه» اضافة الى رغبته بالقيام بجولة دولية بين تركيا وفرنسا بعد روسيا لمعرفة مدى التشجيع لمبادرته التي تتضمن عودته رئيساً لمجلس الوزراء. وثانياً «لم ينته الحريري بعد من كلّ مشاوراته حول طرحه بين الافرقاء المحليين وبالتالي فانّ ايّ إعلان رسمي لا يأخذ الحريري فقط نحو الحائط المسدود بحال عدم وصول عون للرئاسة بعد الاعلان، انما يأخذ البلاد كلها نحو مرحلة من التوتر الخطير القادر على ايصال البلاد الى ما لا تحمد عقباه.