حرب قطرية سعودية… والدوحة تلغي زيارة المشنوق
بينما تحتقن ساحة اليمن نحو مواجهة الشارع في صنعاء بقيادة التيار الحوثي المنتمي إلى خيار المقاومة مع السلطة المتحالفة مع السعودية، تتعثر وتتحرك مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية على إيقاع حرارة، موقف سعودي يبلغ القبول للوائح المحسوبة عليه ثمّ لا يلبث أن يرفع سقف الطلبات، حتى تغيّرت التشكيلة ثلاث مرات خلال يومين، أما في سورية فالحرب الدائرة في دمشق تعرف أعنف لحظاتها حول حي جوبر الذي يتقدم فيه الجيش السوري، وهو المعقل الذي يؤدّي إحكام الجيش سيطرته عليه، إلى جعل دوما القلعة التي تتمركز فيها قوات الجبهة الإسلامية وما تبقى من جماعات داعش والنصرة، بمثابة الساقطة بعد تطويقها من جهة القلمون، بينما تسعى المجموعات المسلحة إلى نقل المعركة إلى حي جرمانا الذي يشكل موقعاً مشابهاً لجوبر كعقدة استراتيجية.
بين هذه وتلك من النيران الملتهبة دخل لبنان نار الغضب الشعبي مع ذبح العسكري المخطوف عباس مدلج، واتسع نطاق مأزق الدولة في التعامل مع الملف، بينما بدا أنّ حرباً سعودية قطرية تخاض بالواسطة عبر ملف المخطوفين، وصلت إلى حدّ الحديث عن قيام الحكومة القطرية بإلغاء زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى الدوحة في إطار اجتماع وزاري عربي تكريمي لوزير الداخلية السعودي السابق الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، وعلى رغم عدم صدور موقف من الوزير المشنوق، بدا أنّ التشنج الذي قد يجري امتصاص نتائجه بإعادة ترتيب شأن الزيارة، لن يخفي الحرب المستترة في قضية المخطوفين.
كلّ مطلب للخاطفين ينقله الوسيط القطري أو من يمثله تدخل ضمنه رسالة قطرية للسعودية، وكلّ جواب حكومي تدخل ضمنه رسالة سعودية إلى قطر، واللبنانيون يدفعون الثمن، طالما السعودية وقطر متفقتان على عدم السماح للحكومة بالتنسيق مع الحكومة السورية لإحكام الحصار على الجماعات المسلحة، أو الدفع بأحكام الإعدام بحق عدد من الإرهابيين الموقوفين نحو التنفيذ.
داعش تتجه لنشر الفوضى في لبنان
ويبدو أن المهمة الرئيسية لتنظيم داعش في لبنان بعد الفشل باحتلال منطقة شمال عرسال وطرابلس، نشر الفوضى عبر إشعال نار الفتنة بين الجيش والشعب، وبين السنة والشيعة، وبين اللبنانيين والسوريين، إضافة إلى التحريض على الدولة.
وفيما اجتمعت خلية الأزمة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وحضور وزير الدفاع ووزيري الداخلية والعدل والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، غاب عن الاجتماع وزيرا المال والخارجية بداعي السفر. وقررت خلية الأزمة متابعة التواصل مع القيادات السياسية والأمنية بهدف معالجة ملف العسكريين المخطوفين، واعتبرت نفسها في حال انعقاد دائم.
خلية الأزمة تجتمع غداً
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن اجتماع اللجنة الوزارية لم يكن اجتماعاً عملياً إنما اجتماع لمواكبة الموقف المتدهور والبحث بما يمكن القيام به في الأيام المقبلة، مع العلم أن الاجتماع لم يطرح أي خطوات عملية توازي حجم ما يجري بانتظار الأسبوع المقبل.
وأشارت المصادر إلى أن اللجنة ستعقد اجتماعاً وصف بأنه مهم الثلاثاء المقبل لدرس كل الخطوات الممكنة على ضوء ما سيتخذ، خصوصاً لجهة التواصل مع بعض الدول لا سيما قطر.
المعركة مع الإرهاب طويلة
ومساء أمس خرج رئيس الحكومة بكلمة دعا فيها إلى «الثقة بالحكومة وبإدارتها لملف العسكريين المختطفين بعيداً عن المزايدات»، وإلى «الالتفاف الكامل حول الجيش والقوى الأمنية التي تحظى بتغطية سياسية كاملة في عملها الرامي إلى التصدي للإرهاب وحفظ أمن لبنان واستقرارها إلا أنه نبه إلى أن «المعركة طويلة، ويجب أن لا تكون لدينا أية أوهام في أنها ستنتهي سريعاً»، العدو ليس تقليدياً، لقد تسبب لنا بألم كثير، وقد يتسبب بألم أكثر.
وإذ أيدت مصادر وزارية خطوة رئيس الحكومة، قالت لـ«البناء» إنه لم يقصد بالمعركة الطويلة، التأخر في قضية العسكريين إلى ما لا نهاية، لكنه قصد أن المعركة مع الإرهاب طويلة وهذا أمر يدركه الجميع.
إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الدولة وعلى رغم كل ما جرى لا تزال متريثة في استخدام أوراق القوة والتي طرحت داخل مجلس الوزراء مؤخراً، وفي الاتصالات الجانبية بين المسؤولين، ومنها على سبيل المثال ترجمة قرارات الإعدام التي كانت صدرت بحق العديد من الإرهابيين مرتكبي الجرائم، وإعطاء أوامر للجيش للقيام بمزيد من التضييق في محيط عرسال والمناطق الحساسة، واتباع خطوات جديدة إزاء مخيمات النازحين السوريين، خصوصاً بعد الحوادث التي حصلت وأثبتت أن هذه المجموعات يجري العمل على تحويلها إلى ملاذ آمن للإرهابيين.
وجدد رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط التأكيد أنه مع التفاوض عبر الدول في ملف العسكريين المخطوفين، وضد المقايضة. ولفت جنبلاط خلال جولة في قرى الشحار، إلى ضرورة الإسراع في محاكمة الإسلاميين.
وفي السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الوفد السوري الذي وصل من قطر إلى عرسال للتفاوض مع الإرهابيين لإطلاق سراح العسكريين المختطفين، أتى للضغط على لبنان لمصلحة داعش، إلا أنه اصطدم بحائط مسدود في مجلس الوزراء، لا سيما أن مطالب تنظيم داعش التي نقلها إلى مجلس الوزراء قوبلت بالرفض.
وأشارت المصادر إلى أن قطر ردت على عدم استجابة الحكومة اللبنانية مع المطالب بإبلاغ بوزير الداخلية نهاد المشنوق بأنه لم يعد مرحباً به في الدوحة التي كان سيتوجه إليها للمشاركة في لجنة منبثقة من مؤتمر وزراء الداخلية العرب والتي يحضرها سبعة وزراء من أجل وضع القواعد لجائزة الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز للانجازات الأمنية، مشيرة إلى أن الكلام عن أن الأوضاع الأمنية في عرسال وجرودها حالت دون الزيارة ليس صحيحاً.
ولفتت المصادر إلى أن قطر قرأت في كلام وزير الداخلية «أن لا علم لنا بوجود وفد قطري على الأرض اللبنانية» رسالة ضغط سعودي لعدم التعاون مع الوفد القطري خصوصاً أنه جاء يعمل لمصلحة تنظيم داعش. وليس لمصلحة لبنان.
وكشفت مصادر حكومية لـ«البناء» أن الاتصالات مع الجانب القطري لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، لكنها قالت إن الايجابي فيها استمرار الرغبة في السعي والوساطة غير المباشرة للإفراج عن المخطوفين.
وتحدثت مصادر مطلعة لـ«البناء» عن مراوحة في الاتصالات التي يجريها الوفد القطري مع المجموعات الإرهابية، وأشارت إلى أن شروط داعش لا يمكن للحكومة أو لأي طرف في الدولة أن يقبل بها. وأوضحت أن الحكومة في صدد توسيع دائرة الاتصالات مع بعض الدول الإقليمية المؤثرة في الوساطات التي تتم مع المجموعات الإرهابية.
ذبح الشهيد مدلج يثير موجة من الغضب واتصالات لتهدئة الوضع
إلى ذلك أثار خبر ذبح «داعش» العسكري الشهيد عباس مدلج موجة من الغضب والخوف على مصير باقي العسكريين الأسرى. وعلمت «البناء» أن اتصالات جرت على أرفع المستويات في الساعات الماضية لاستدراك الموقف على الأرض في ضوء موجة الغضب التي عمت لبنان وأنه جرى التواصل على تهدئة الوضع وعدم فتح الباب أمام ردود فعل وعمليات خطف.
الدولة الإسلامية تحذر
وحذرت الدولة الإسلامية قاطع القلمون من المساس بأي نازح سوري وأعلنت بأن الرد سيكون قاسياً وأنها ستحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن ذبح كافة العسكريين لديها.
وفي السياق أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الكلام عن أن تنظيم داعش ذبح الشهيد مدلج لمحاولته الهرب وإطلاق النار على عناصر التنظيم غير مقنع. ولفتت إلى أن «داعش» يسعى إلى تفجير الوضع في لبنان، فقيادات هذا التنظيم أبلغوا هيئة العلماء المسلمين بذلك.
وتحدثت مصادر في هيئة العلماء المسلمين لـ«البناء» عن أن إطلاق العسكريين والمسيحيين والدروز بات يتطلب تنفيذ الحكومة لشروط تنظيم داعش وجبهة النصرة بإطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين من سجن رومية.
وأشارت مصادر الهيئة إلى أن البلد على كف عفريت ويجب أن نكون واعين لإطفاء النار التي تكاد تشعل البلد.
داعش سيعتمد أسلوب القتل المتدرج
وأعربت مصادر مطلعة عن خشيتها أن لا يكون الشهيد مدلج الضحية الأخيرة الذي سيستعمله داعش لإشعال نار الفتنة، ولفتت المصادر إلى أن هذا التنظيم سيعتمد من أجل ذلك أسلوب القتل المتدرج.
وزار وفد من حزب الله على رأسه رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك ووزير الصناعة حسين الحاج حسن، منزل شقيق الشهيد مدلج في بلدة الأنصار بعلبك. ورأى يزبك أن الشهيدين علي السيد وعباس مدلج واحد لأنهما يمثلان نسيج الوطن، وأن المطلوب من الدولة والجيش والشعب الوقوف بوجه العمل البربري الإرهابي، وأكد أن الحزب ليس مع الفتنة.
وأكدت عائلة مدلج «أن خيارها هو لبنان بلد العيش المشترك بين كل مكوناته»، داعية إلى «درء الفتنة وعدم السماح للتكفيريين بالتغلغل إلى نسيجنا الوطني ومنعهم من تحقيق أهدافهم».
الجهات المعنية على معرفة بمكان تواجد العسكريين
وأبدت مصادر مطلعة خشيتها من لجوء المجموعات المسلحة للقيام بعمليات تخريب في بعض المناطق بهدف إحداث فتنة، لا سيما مع الحديث عن تحركات لخلايا إرهابية في غير منطقة، خصوصاً في البقاع.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن بعض من في الدولة يرفضون التعاطي مع داعش على أنها تمثل خطراً على اللبنانيين، كاشفة أن الجهات المعنية باتت على معرفة بالمكان الذي يتواجد فيه العسكريون المخطوفون فيه، متسائلة لماذا لا يصار إلى إعطاء الجيش الضوء الأخضر للقيام بعملية عسكرية لتحريرهم؟
في غضون ذلك، أوقف الجيش في محلة تلة الحمرا رأس بعلبك، سيارة بيك آب نوع شيفروليه يقودها المواطن حيدر عبد الكريم الحجيري من دون أوراق قانونية، وبرفقته المواطنان: كمال عبد الرحمن رايد، زياد عبد الكريم الحجيري، والسوريون: عبد العليم تامر المغيزل، محمد محمود شرف الدين وعبدو سليمان درويش، وقد ضبطت بحوزتهم صواعق عدد 109، وبكرة فتيل إشعال و6 أكياس من المواد الكيماوية بحسب بيان صادر عن قيادة الجيش.
وتمّ تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللازم.
وفي بيان سابق، نفت قيادة الجيش جملةً وتفصيلاً إصدارها أي بيان حول أوضاع النازحين السوريين.» وأحاطت المواطنين علماً بأن جميع البيانات الصادرة عنها تعمّم على موقع الجيش عبر الإنترنت.
بري يعود نهاية الأسبوع
سياسياً، يعود رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى لبنان من زيارته السويسرية نهاية هذا الأسبوع، أي قبل انتهاء مهلة تقديم الترشيحات يوم الثلاثاء في 16 الجاري. وفيما أعلنت كل الكتل السياسية عن نيتها تقديم ترشيحاتها إلى الانتخابات النيابية هذا الأسبوع، أكدت مصادر نيابية في 8 و14 آذار لـ«البناء» أن تقديم الترشيحات لا يلغي حقيقة أن التمديد حاصل لا محالة، فالظروف على الصعيدين الأمني والعملاني صعبة لجهة ضبط الأمن وتأمين مستلزمات إدارة عملية الانتخاب في ظل استمرار هيئة التنسيق النقابية في إضرابها طالما أن سلسلة الرتب والرواتب لم تقر.
اجتماع لـ14 آذار في اليومين المقبلين
وأكد النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» أن تأخر تأليف لجنة الاتصال مع فريق 8 آذار وجود الرئيس فؤاد السنيورة خارج لبنان إضافة إلى سفر الرئيس نبيه بري، مشيراً إلى أن فريق 14 آذار سيجتمع في اليومين المقبلين مع عودة السنيورة لتأليف اللجنة التي ستبدأ اتصالاتها مع الفريق الآخر هذا الأسبوع.
سلام إلى نيويورك منتصف الشهر الجاري
وفيما يتوجه رئيس الحكومة إلى نيويورك منتصف الشهر الجاري حيث يرأس وفد لبنان إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يحضر ملف مساعدة لبنان دولياً في الاجتماع الذي دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دول مجموعة الدعم الدولية للبنان في 26 الجاري من أجل البحث في كيفية رفع مستوى الدعم مع ارتفاع عدد النازحين إلى أكثر من مليون ونصف نازح سوري.
مؤتمر لدعم مسيحيي الشرق غداً في واشنطن
يعقد غداً في العاصمة الأميركية واشنطن مؤتمر دعماً لمسيحيي الشرق بدعوة من جمعية الدفاع عن المسيحيين في الشرق» idc يشارك فيه بطاركة الشرق الكاثوليك وممثلون عن الأحزاب المسيحية المنتشرة في الولايات المتحدة الأميركية، ويستمر حتى يوم الخميس المقبل. وفي السياق، يغادر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اليوم للمشاركة في المؤتمر بعدما توجّه بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام إلى الولايات المتحدة، وانتدب بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي رئيس الأساقفة جوزف زحلاوي متروبوليت نيويورك وسائر أميركا الشمالية لتمثيله في أعمال المؤتمر.