هل تشكل أحكام الإعدام توازن رعب؟
ناصر قنديل
– لا يملك خاطفو العسكريين من وسيلة ضغط لإجبار الدولة اللبنانية على تحقيق شروطهم، سوى التهديد بقتل العسكريين الذين بحوزتهم، ومنح هذا التهديد صفة الجدية والدفع به لإثارة وتسخين مناخات ضاغطة، من الرأي العام وأهالي العسكريين المخطوفين، لجعل الثمن المطلوب للإفراج عنهم أعلى ما هو ممكن.
– لقد نجح تنظيم «داعش» في حربه في عرسال والخروج سليماً منها، والتمركز في منطقة لبنانية هي جرود عرسال يمسك عبرها عنق عرسال ويهدّد ساعة يشاء مواقع الجيش خارجها وداخلها، وبيده ورقة قوة هي العسكريون المخطوفون، وقد نجح في عمليات الذبح المصوّر والمتتابع بالتحوّل إلى لاعب أول على الساحة اللبنانية، واستحضار قضية الإفراج عن موقوفين بجرائم إرهابية موصوفة كاحتمال لا بدّ منه لاسترداد العسكريين، ومنع مواصلة عمليات الذبح، وتجنّد أهالي المخطوفين لصالح فكرة مفاوضة الخاطفين وإنجاز التبادل معهم، وهم في حالة ذعر مشروع ومفهوم على أولادهم، بعدما بدا أنّ كلّ الإدارة الرسمية السياسية والعسكرية للملف دون مستوى الآمال والطموحات.
– القضية الآن ليست قضية عادية، وما لم تضع الحكومة سياسة واضحة للتعاطي معها فبقاء الأمر بلا رؤيا سيعني وصول فيديو ثالث لعملية ذبح لأحد الرهائن، وبعدها قد تتحوّل الحالة لأحد اتجاهين، إما انفلات الشارع نحو خطف وذبح مقابلين، وربما بعدها متقابلين، وما يعنيه ذلك من خطر الوقوع على خطوط الفتنة، وإلا الضغط لقبول مطالب الخاطفين.
– الخط التركي القطري الذي راهنت عليه الحكومة يبدو بلا فائدة، لأنّ المسلحين في وضع مرتاح وليسوا تحت ضغط البحث عن مخرج.
– ماذا بيد الدولة من أوراق قوة هو السؤال الذي يطرح نفسه في وجه هذا الاستعصاء؟
– بيد الدولة في السياسة أن تقول للذين يريدونها في حلف لا يتعاطى مع الدولة السورية، لقد منحتكم وقتاً كافياً لتحلّوا المشكلة، والحكومة ستعطي الضوء الأخضر لقيادة الجيش لاتصال رسمي وعلني مع قيادة الجيش السوري، وسيسافر وفد برئاسة وزير الدفاع اللبناني، بعد اتصال من رئيس الحكومة اللبنانية برئيس الحكومة السورية، إلى دمشق لتنسيق عمل عسكري مشترك يكمل الحصار على الجماعات المسلحة، ليجبرها على الاستسلام وإطلاق العسكريين المخطوفين، ولهذا الموقف تأثير سياسي كبير من جهة، وللسير فيه عملياً تأثير ميداني لا يقلّ أهمية من جهة أخرى، ما لم تفلح السياسة بتحريك التفاوض بقوة التهديد بورقة شرعنة علاقة عالية المستوى مع الحكومة السورية وجيشها.
– بيد الدولة ما هم أهمّ، وهو التمييز بين العناصر القانونية التي يشكل التفاوض عليها مساساً بالقضاء والسيادة، وتلك التي تملك السلطة السياسية حق التصرف بها، ويحضر هنا مصير أحكام الإعدام التي صدرت بقوة القانون وتحت تأثيره وحده وبحساب العدالة فقط، ويمكن للحكومة أن تحيلها إلى التنفيذ وتطرح قرار تنفيذها تفاوضياً، وهذه صلاحياتها وتندرج في السياسة، خلافاً للإفراج عن إرهابيين محكومين أو موقوفين قيد التحقيق.