مجرزة صنعاء تصفع الأكاذيب السعودية… وتحرج الغرب

كتب المحرر السياسي

حمل الميدان السوري مزيداً من التقدّم للجيش في شمال شرق حلب وجنوب الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون كان أهمّها التقدّم نحو دوار العويجة، والإمساك بالمزيد من الشوارع والكتل السكنية في حي بستان الباشا، ومثلها في حي الشيخ سعيد، بينما كان التطور الأبرز في ريف حماة حيث توزعت الحصيلة بين تحقيق الجيش السوري لإنجازات كبرى استردّ خلالها العديد من القرى والبلدات التي سبق أن خسرها خلال الشهر الماضي، مقابل انفجار العلاقة بين أحرار الشام وجبهة النصرة التي أعلن جند الأقصى البيعة لها، ودارت بين الفريقين اشتباكات امتدّت بين ريف حماة وريف إدلب في حرب إلغاء حصدت وفقاً لمصادر الفريقين وصفحاتهما عشرات القتلى.

مقابل هذا المسار الثابت لصالح تماسك جبهة الجيش السوري وحلفائه وتحقيقهم المزيد من التقدّم وتفكك وارتباك وتضعضع مواقع خصومه، كانت حصيلة الاستعراض السياسي الدبلوماسي الغربي، من زيارة وزير الخارجية الفرنسي لكلّ من موسكو وواشنطن، وتتويجاً بمشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن، والتصعيد الكلامي الأميركي بحق روسيا، فيتو روسي أنهى سيرة المشروع الفرنسي وردّ سوري قاس على لسان السفير بشار الجعفري، فضح الخلفيات التاريخية الاستعمارية للعقل الفرنسي في النظر لسورية، والأهمّ ظهور تباين سرعان ما تحوّل إلى مواجهة علنية، بين مصر والسعودية، على خلفية التغيّر الواضح في مواقف مصر نحو المزيد من الابتعاد عن السعودية في مقاربة الحرب في سورية، والحرص على إظهار القدرة على لعب دور في التسويات وتسويق العلاقة الطيبة بجميع الأطراف كرصيد مناسب لهذه المهمة، وصولاً إلى تصويت مزدوج مع المشروعين الفرنسي والروسي، ما أدّى إلى خروج سعودي عن الأصول واللياقات، فتجرّأ على تصوير الموقف العربي بما تقوله الرياض واضعاً مصر بثقلها ومكانتها خارج الصف العربي، متحدثاً عن الإشفاق على مصر لهذا التدهور الأخلاقي في مكانتها، بما يشير لفيتو سعودي على أيّ دور مصري خارج العباءة السعودية، ويؤشر لتصاعد لا تبدو مصر مع الإفلاس المالي السعودي بوارد التراجع خلاله عن موقفها الراهن.

على خلفية هذه التطورات يصل اليوم إلى تركيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث يفتح ملف الوضع في سورية لتنسيق المواقف، خصوصاً بعد التوغل العسكري التركي وما يلقاه من موقف سوري رافض للعبث بشروط ومعايير السيادة السورية خصوصاً في ظلّ خطاب تركي لا يزال يردّد مقولات سقطت في الحرب مثل المنطقة العازلة، والتدخل في الشؤون الداخلية السورية وفي مقدّمتها مستقبل الحكم، ويحمل بوتين وفقاً لمتابعين في موسكو تصوّراً لتنسيق خماسي روسي سوري تركي عراقي في الحرب على الإرهاب، يمكن على مائدته بلورة حلول لمشاكل تركيا مع كلّ من سورية والعراق وضمان طمأنتها لهواجسها، دون التورّط في تفاصيل التباينات الكردية بين العراق وسورية، كما سيكون للحرب الدائرة بين أحرار الشام وجبهة النصرة حيّز تقول مصادر تركية إنه سيحضر على الطاولة لجهة مساع تركية بالفصل بين تنظيم أحرار الشام عن جبهة النصرة نهائياً، وضمّها للقتال ضدّ النصرة وداعش تحت الجناح التركي مقابل البحث بتسوية معينة في شرق حلب، تعتقد أنقرة أنّ بمستطاعها الدفع بها بالشراكة مع موسكو دون الحاجة لتغطية الغرب.

في قلب كلّ هذه التطورات لا تزال التداعيات الناجمة عن الجريمة السعودية السوداء التي ارتبكها طيران التحالف الذي تقوده الرياض في صنعاء وأسفرت عن سقوط المئات من الضحايا، بين شهداء وجرحى، حدثاً دولياً أول، حيث جاءت الغارة في توقيت الأكاذيب السعودية والغربية عن الحال الإنسانية في شرق حلب ومحاولة ربطها بالدعوة لحظر جوي، لتفضح زيف الادّعاء الإنساني للسعوديين والغرب معاً، وتطرح بإلحاح الحظر الجوي فوق اليمن.

لبنانياً يبدأ أسبوع هدوء رئاسي مع سفر الرئيس سعد الحريري، الذي يتوقف على إعلانه الرسمي بترشيح العماد ميشال عون، انطلاق جولة مشاورات يتولاها العماد ميشال عون كمرشح يحظى بالأغلبية، لتطال الكتل النيابية مبتدئاً بزيارة عين التينة ولقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما تعقد الحكومة جلسة عادية بلا مواضيع لافتة وإثارة تتصل بمقاطعتها وحضور جلستها، بعد مشاركة التيار الوطني الحر في الجلسة الأخيرة لها، بينما يتقدّم قانون الانتخاب نشاط الأسبوع من بوابة اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب لوضع جدول أعمال الجلسة العامة بعد أسبوع، فيما يتصدّر الاهتمام السياسي الداخلي ما سيقوله الأمين العام لحزب الله غداً في إطلالته التقليدية في الليلة التاسعة من ليالي عاشوراء.

«السيد» يقارب الملف الرئاسي بإيجابية غداً الثلاثاء

فيما يُطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأربعاء في اليوم العاشر من ذكرى عاشوراء، أكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن كلمة السيد نصر الله في خطبة اليوم التاسع مساء الثلاثاء ستكون سياسية بامتياز. سيتطرّق خلالها الى الشأن اللبناني والتطورات الإقليمية لا سيما في ملفي اليمن وسورية. وأكدت المصادر أن السيد نصر الله سيقارب الملف الرئاسي بطريقة إيجابية، فهناك فرصة لوصول مرشح قريب من حزب الله الى رئاسة الجمهورية، وسيؤكد موقف حزب الله الثابت لضرورة حلحة الأوضاع لبنانياً. وأكدت المصادر ان «حزب الله هو أول قوة رشحت العماد عون وبقيت معه وستبقى معه ولن تبدل تبديلاً. وهذا ما سيجدد السيد نصر الله التأكيد عليه يوم غد»، لافتةً إلى ان «رئيس تكتل التغيير والإصلاح شدّد في مقابلته التلفزيونية الأسبوع الماضي على ثقته الكبيرة بدعم حزب الله له».

باسيل في عين التينة قريباً

وأكد مصدر مطلع في 8 آذار  لـ «البناء» «أن الكل حزب الله والرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون بانتظار إعلان الرئيس سعد الحريري رسمياً ترشيح الجنرال». وشدّد المصدر على «أن حزب الله يشجّع حليفيه بري وعون على الحوار بين بعضهما البعض، إذ إنه من الطبيعي لمرشح لرئاسة الجمهورية أن يتحاور مع جميع الأطراف، العماد عون أجرى حواراً على مدى عام مع تيار المستقبل ومن الطبيعي أن يُجري حواراً هذا الشهر مع الرئيس بري». وشدّد المصدر على أن «الأمور تحسّنت بينهما، فالحملات الإعلامية خفت»». وتوقع المصدر زيارة سيقوم بها الوزير جبران باسيل الى عين التينة قبل 20 تشرين الاول الحالي، لإجراء نقاش حول الأفكار التي يطرحها الرئيس بري ويقول إنها كانت معروضة على طاولة الحوار وأن الجميع كان موافقاً عليها.

وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مجلس عزاء حسيني أقامه الحزب في صور إلى أن تحالفنا مع حركة «أمل» راسخ وصلب، رسوخ صلابة ومقاومة هذه الأرض، وجهاد المجاهدين، وسنبقى حريصين على قوة هذا التحالف مهما كانت الأعاصير التي تواجهنا من هنا أو هناك. فليخسأ أولئك اللاعبون، ونحن لن نتخلى عن هذا التحالف مهما كلفنا ذلك، فهو الشرف والكرامة اللذان سنتمسك بهما، وأما تحالفنا مع «التيار الوطني الحر»، فهو تحالف وطني ثابت واستراتيجي، وفي بعض المحطات يثيرون بعض الاختلافات، ويتحدثون عنا أولئك الذين يرفضون هذا التحالف بطريقة توحي وكأننا نقف مربَكين، ولكن على الجميع أن يثق بأننا ثابتون على هذا التحالف، وسنبقى إلى النهاية».

باسيل: أجرينا تفاهمات لنستردّ فيها دورنا

واعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «أن مَن اعتاد أن يزحف ليكون رئيساً للجمهورية، لن يرانا زاحفين ولا راكعين بل واقفين ورأسنا الى الأعلى»، مضيفاً «كل من يحاول ان يسوق اننا أجرينا صفقات واتفاقات على حساب احد، نقول له نحن أجرينا تفاهمات لنسترد فيها دورنا وحقنا وموقعنا في الدولة ولنحفظ فيها حق ودور وموقع الجميع في الدولة، فهذا الإطار الذي نعمل فيه لنحصن الجمهورية ونحافظ عليها نحن نجري تفاهمات تطمئن الجميع ومعنيون أن نطمئن جميع اللبنانيين». وشدّد على أن كل ارتباط أقمناه في الداخل هو ارتباط وطني وتفاهم لمصلحة لبنان وليس على أحد، مع طرف من أجل لبنان. التفاهم الذي نقوم به اليوم او أقول إننا استطعنا إجراءه وأنجزناه مع تيار المستقبل هو تفاهم مع الأقوياء في لبنان، ليكون لبنان قوياً.

الحريري يبدأ جولته الخارجية هذا الأسبوع

وأكد النائب أحمد فتفت لـ «البناء» أن «جولة الرئيس سعد الحريري إلى الخارج ستبدأ هذا الاسبوع»، لكنه قال في الوقت نفسه: «إن التسوية في لبنان لا تتم وحدها من دون تسوية في المنطقة، والجو الدولي حولنا وما يجري من تجاذبات في مجلس الامن ليس جواً تسووياً، لذلك أشك في ان نصل الى تسوية في الداخل».

وتابع: «البعض يريد منا أن نوصل العماد عون وندفع ثمنه أيضاً، فحزب الله يريد الجنرال عون ويريد في الوقت نفسه مجموعة من المكاسب السياسية. وهذا نوع من أنواع العرقلة، فهو لا يريد إنهاء الفراغ الرئاسي، وفي ظنّه أن أمامه وقتاً لتحقيق مكاسب إضافية في سورية ليفرض الشروط السياسية التي يريدها في الداخل».

القوات: لا مواعيد محددة

وأملت مصادر قواتية لـ «البناء» أن ينتج حراك الرئيس سعد الحريري شيئاً إيجابياً تجاه انتخاب العماد عون، لكن حتى الساعة لا توجد معطيات مؤكدة ولا مواعيد محددة. ودعت في الوقت نفسه الى «عدم ربط مواعيد سابقة لانتخاب الرئيس لا سلباً ولا إيجاباً، علماً أن نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بشر أن لا حلول قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد بدوره للرئيس الحريري ان الحل في سورية يساعد على الحل في لبنان، وكأنه يقول إن موعد الانتخابات الرئاسية اللبنانية «بكير عليه»، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا إلا ان ننتظر بتفاؤل ما سيتظهر عن مشاورات رئيس تيار المستقبل».

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن كلام الشيخ قاسم الشهر الفائت أتى في سياق تحليل مواقف الفريق الآخر، لا سيما تردد تيار المستقبل الذي بنى حساباته انطلاقاً من الانتخابات الاميركية المقبلة والتطورات في المنطقة»، مشيرة إلى «أن الفرصة ستصبح قائمة لإنهاء الفراغ وانتخاب العماد عون، إذا حسم تيار المستقبل تردده». ودعت المصادر إلى انتظار أن يتبنى الحريري رسمياً ترشيح الجنرال، وليحكم بعد ذلك حزب القوات وغيره على موقف حزب الله المتمسك بدعم ترشيح الجنرال وسيبقى لحين انتخابه».

الراعي: مواضيع الحوار لن تكون ممراً إلزامياً لانتخاب الرئيس

وأمس عاد البطريرك بشارة الراعي ليوجّه سهامه للأسبوع الثاني على التوالي نحو عين التينة، وأكد ان المواضيع التي طرحت على طاولة الحوار لا يمكن ان تكون ممراً إلزامياً لانتخاب الرئيس أو شروطاً او قيوداً على المرشح أو الرئيس المنتخب لكونها تخالف الدستور. وقال الراعي خلال عظته في قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي إنه «يجب أن يترك للرئيس أن يقود عملية طرحها ومعالجتها في المجلس النيابي ومجلس الوزراء وفقاً للدستور، شرط أن يكون هذا الرئيس حكيماً وفطناً وصاحب دراية، وكما جاء في نداء السادة المطارنة، «الرئيس الحَكَم»، لا «الرئيس الطرف»، ولا الرئيس الصوري».

بكركي الرئاسة متعثّرة

ونقل زوار الراعي عنه لـ «البناء» قوله «إن كلامه أمس في قداس الأحد ليس موجهاً الى رئيس المجلس نبيه بري إنما لجميع القوى السياسية الذي يختبئون خلف طاولة الحوار والتسويات لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية». وأكد الراعي أمامهم أنه «يقدر دور الرئيس بري في جميع المراحل الحساسة التي مر بها لبنان، فالحوار الوطني في عين التينة ليس ملكاً لبري، لكي يعتبر أن أي كلام عن الحوار موجّه له أو استهداف لشخصه ولدوره بل موجّه لكل المعنيين بانتخاب رئيس الجمهورية».

وشدد زوار الراعي على أن بكركي ترى أن عملية انتخاب الرئيس لم تنضج بعد ولا زالت متعثرة وتصطدم بعقبات داخلية وخارجية»، لافتين الى ان :البطريرك يحثّ بكلامه الأطراف المعنية أن تكون جدية وتحسم مواقفها بعد أن وصلت الاتصالات في مراحل سابقة الى طريق مسدود، لا سيما ان المواقف اليوم باتت واضحة مع الحراك الرئاسي الحالي وبالتالي يجب أن تتحمّل الأطراف مسؤوليتها في النهاية لإنهاء الشغور».

اجتماع لهيئة مكتب المجلس اليوم

إلى ذلك، يترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم اجتماع هيئة مكتب المجلس في عين التينة، للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها.

وأكد عضو الهيئة النائب انطوان زهرا لـ «البناء» أنه في حال دعا الرئيس بري من بعد بدء الدورة العادية لجلسة عامة، وطلب منا تحديد جدول الأعمال، فسيكون لي مطلب، بصفتي أمثل كتلة القوات، بوضع قانون الانتخاب أولاً على جدول الاعمال والقوانين المالية الملحة تتبعه وليس قبله، فهذه البنود وحدها تنطبق على تشريع الضرورة.

بين التشريع الإلزامي والضروري

وفي السياق نفسه، أكد النائب أحمد فتفت من جهته لـ «البناء» «أن تيار المستقبل على موقفه من إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال، وهذا ما أبلغناه لحزب القوات، لكن اذا كان هناك من اشكالية، لا يمكن لتيار المستقبل ان يعطل البلد من الناحية المالية، فعندما يكون هناك قوانين مطلوبة من المؤسسات الدولية يصبح التشريع إلزامياً وأكثر من ضرورة». ولفت الى أن «هيئة مكتب المجلس ستقرّر اليوم جدول اعمال الجلسة العامة إذا قرر الرئيس بري الدعوة الى جلسة».

الى ذلك، وزع رئيس الحكومة تمام سلام جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، والذي لا يتضمن تعيينات. وتوقعت مصادر وزارية لـ «البناء» أن تكون الجلسة المقبلة شبيهة بالجلسة الماضية من حيث الحضور، معتبرة أن لا سبب لمقاطعة أي طرف، لافتة الى أن حضور وزير واحد من وزراء التيار الوطني الحر يُعتبر مشاركة كاملة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى