هل تستعيد واشنطن نفوذها في العراق؟

حميدي العبدالله

بات في حكم المؤكد أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة، لعبوا دوراً كبيراً في تسهيل تمدّد «داعش» داخل العراق للردّ على نتائج الانتخابات البرلمانية، ولقطع الطريق على تشكيل حكومة أكثرية، وهو الشعار الذي رفعه ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي.

مؤشرات تشكيل الحكومة الجديدة، بعد إطاحة المالكي، تشير إلى تشكيل حكومة محاصصة بين الكتل الكبرى الثلاث: التحالف الوطني الأحزاب الشيعية ، الكتل السنية، وكتلة الأحزاب الكردية.

تراهن الولايات المتحدة على احتمال أن تؤدّي العودة القوية للأحزاب الكردية، وتحديداً حزبا البارزاني والطالباني، والأحزاب السنية المرتبطة بتركيا والسعودية وقطر، إلى عودة نفوذها إلى العراق الذي خسرته بعد انسحابها عام 2011، لا سيما في ضوء حاجة العراق إلى الدعم العسكري الأميركي، سواء عن طريق تدخل الطيران الحربي أو وجود مستشارين أميركيين في بغداد وأربيل.

من غير المستبعد أن تستعيد الولايات المتحدة بعض النفوذ الذي خسرته، وتحديداً عبر مشاركة الأكراد والأحزاب السنية في الحكومة الجديدة، والحصول على بعض الحقائب ذات التأثير الأمني والسياسي، ولكن من الصعب الاستنتاج باستعادة النفوذ الأميركي على النحو الذي كان عليه عندما كانت القوات الأميركية تحتلّ العراق. فرئاسة الحكومة هي للتحالف الوطني، وتحديداً لحزب نوري المالكي حزب الدعوة، وبعض الحقائب السيادية، الدفاع أو الداخلية، ستكون أيضاً من حصة هذا لتحالف، ويمكن القول إنّ الحكومة الجديدة ستكون حكومة مساكنة بين «التحالف الوطني» الذي هو حليف لإيران أكثر منه حليف للولايات المتحدة ودول المنطقة المؤيدة لها، وبين القوى المؤيدة للولايات المتحدة، وسيتجاور النفوذان الإيراني والأميركي، ويتصارعان، وربما أقرب صيغة تشبه ما سيؤول إليه حال العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة، هو حال الحكومات التي تتشكل في لبنان منذ عام 2005 وحتى اليوم، حيث من المعروف أنّ الحكومات تكون عادةً موزعة مناصفةً بين الأحزاب والقوى المؤيدة للغرب وحكومات المنطقة المتحالفة مع الغرب، وبين القوى المؤيدة لمنظومة المقاومة والممانعة المتمثلة بسورية وإيران.

راهناً لن تكون هناك مشاكل حادة إذا تمَّ تذليل الخلافات التي تعترض توزيع الحقائب، لأنّ خطر «داعش» حفَّز الأطراف الإقليمية والدولية، وبالتالي الأطراف العراقية، على تنحية خلافاتها جانباً، على الأقلّ موقتاً، ولكن لاحقاً إذا هزم «داعش» وتراجع خطره ستعود الصراعات من جديد، أولاً بين الأكراد والحكومة المركزية، وثانياً بين الأطراف الشيعية، والأحزاب السنية على حجم النفوذ داخل الدولة العراقية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى