«المنار»
إنّها عشيةُ العاشرِ من محرّم، وإنّه الزمنُ الذي ما زالَ بعضُ حكّامِه يُمعِنُ باستباحةِ المحرَّمات.. شهداءُ الصالةِ الكبرى في صنعاءَ اليمنيّةِ آخرُ الأدلّة، وحلبُ وكفريا والفوعةُ السوريّة والقدسُ وغزةُ الفلسطينيّةُ أدلّةٌ على الدوام.
من عمقِ الذكرى ووحيِ المستجدّاتِ التي تُجَدِّدُ معَ كلِّ يومٍ عاشوراء، يُطلُّ الأمينُ العامُّ لحزبِ الله السيد حسن نصر الله، مؤكّداً عهدَ الوفاءِ لنهجٍ لم تُضَيِّعْهُ المصاعب، ولن تَحْرِفَهُ المؤامرات.
يُطلُّ السيدُ راسماً بخطوطِ الواقعِ مآلَ التطوّرات، من اليمنِ الجريحِ إلى سورية الصمودِ وما بينَهما البحرينُ والعراق، ومن فلسطينَ البطولةِ إلى لبنانَ ومطوَّلاتِه المعهودة، وما بينَهما الكثيرُ من القراءات.
ما قرأَه اللبنانيّون اليومَ أمس من حركيّةِ المشهدِ السياسي، مساعٍ جِديّةٌ تسابقُ المهلَ الزمنيّة، ومواقفُ ومشاوراتٌ لو تمّت مواءمتُها لعجَّلَت بالوصولِ إلى البرِّ الرئاسيِّ وامتداداتِه إلى كلِّ الملفات.
أمّا ملفاتُ المنطقةِ فعلى أعلى درجاتِ التعقيد المتداخلِ من الاشتباكِ السياسي الأميركي الروسي حولَ سورية إلى التصعيدِ الروسي الفرنسي، وإلغاءِ زيارةِ فلاديمير بوتن التي كانت مقرّرةً إلى باريس.. وبقرارِ تركيّا المصِرِّ على التدخّلِ العسكريِّ في العراقِ ارتفعَ التراشقُ بينَ أنقرة وبغداد إلى أعلى المستويات، وصولاً إلى تحذيراتٍ بقطعِ العلاقاتِ ووَصفِ القواتِ التركيةِ بقواتِ احتلال.
«أن بي أن»
مستمرٌ بترشيحه وحتى لو بقي معه نائبٌ واحد لن يتراجع، هو ملّخص الموقف الرئاسي للمرشّح سليمان فرنجيّة الذي دعا من عين التينة إلى النزول للبرلمان للاحتكام إلى التصويت و«صحتين على قلب لي بيربح».
فرنجيّة القوي في طائفته والمنفتح على الجميع، يرفع رأسه بدعم الرئيسين برّي والحريري، كما بدعم طائفته كما قال، من دون أن يعني ذلك التقوقع داخل الطائفة واستعمالها قدّاساً عند الحاجة، أو التخلّي عن الطائفة والسّعي لرضى الآخرين في الاستحقاق نفسه.
وعلى الخط الرئاسي، نفى المكتب الإعلامي للرئيس برّي ما نشرته صحيفتا «المستقبل» و«اللواء» اليوم أمس على صفحاتهما الأولى بكلام منسوب للرئيس نبيه برّي حول انتخابات رئاسة الجمهوريّة، وأشار في التوضيح إلى أنّه بغضّ النظر عن موقف الرئيس برّي ما يعلنه هو يوم الانتخاب، وأكّد المكتب الاعلامي لرئيس المجلس أنّ مكتب المجلس ناقش الأمور المدعو إليها ولم يناقش موضوع رئاسة الجمهوريّة من مع أو من ضدّ عون، آملاً أن لا يحاول أحد أن يتغطّى بموقف الرئيس برّي.
وبين بكركي والرابية خطّ تلفوني بحرارة رئاسيّة خُصّص لعرض آخر التطوّرات، فيما كان الوزير جبران باسيل يبدأ جولة على القيادات السياسيّة تحت شعار توضيح الصورة والحؤول دون التخريب، على حدّ وصفه.
في المنطقة التي تعيش حرارة إحياء ذكرى عاشوراء غداً اليوم بمسيرات حاشدة، تلفّ الحماوة التطوّرات السورية التي وصلت حدّ الرقص على حافة الهاوية في ظلّ تصعيد سياسي وميداني، أمّا في السياسة فكان ضغط واشنطن وحلفائها يتواصل على موسكو، وجديده دعوة وزير الخارجيّة البريطاني إلى التظاهر امام السفارة الروسيّة احتجاجاً على الدور الروسي في سورية.
أمّا في الميدان، فقذائف المسلّحين التي سقطت قرب الجامع الأموي في قلب دمشق، فشكّلت تخطّياً لكلّ الخطوط الحمر.
«او تي في»
في انتظار كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هذا المساء مساء أمس ، توزّعت الأنظارُ نهاراً بين جولة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على قياداتٍ حزبيةٍ من جهة، والحركة التي شَهِدها الصرحُ البطريركي في بكركي من جهةٍ أخرى. ففي إطار المشاورات المستمرّة على الخط الرئاسي، تنقّل باسيل بين خلدة والروشة وبرج حمود، ساعياً خلال لقاءاتٍ مع «الديمقراطي اللبناني» و«السوري القومي» والطاشناق، إلى تحصين الموقف، بما يؤدّي إلى إجهاضِ محاولات التخريب على التفاهم بين اللبنانيّين. وفي المقابل، حطَّ رئيس تيار المرَدة النائب سليمان فرنجيّة في عين التينة، شاكراً لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي مواقفَه الرئاسيّة، وداعياً إلى النزول إلى ساحة النجمة لانتخاب رئيس. أمّا في بكركي، فإطلالةٌ علنيّةٌ أولى للسفيرة الأميركيّة على الحَراك الرئاسي الجديد من نافذة الصرح البطريركي، الذي تلقّى سيِّدُه اتصالاً من العماد ميشال عون الذي أثنى على مواقفه الأخيرة، في مقابل ثَناءٍ بطريركيٍ على أداء رئيس تكتّل التغيير والإصلاح وعملِه في سبيل مصلحة لبنان… لكن، في أسبوع الثالث عشر تشرين، الـ»أو تي في» تواصل تقاريرَها اليومية من وحي الذكرى… فماذا يقول مدير مكتب العماد ميشال عون العميد بول مطر؟ وكيف يتوجّه راهبُ بعبدا الأب سيمون عسّاف إلى اللبنانيّين على مسافة أسبوع من تظاهرة الأحد المقبل؟
«الجديد»
بحلولِ المساء مساء أمس ، تحوّلت الضاحيةُ الجَنوبيةُ إلى حلْقةٍ مغلقة لتنتشرَ مِن الليلةِ إلى صبحيةِّ العاشرِ مِن محرّم صفوفٌ يخترقُ جموعها الأمينُ العامُّ لحِزبِ الله السيد حسن نصرالله بخِطابٍ ذي تصنيفٍ عالٍ بحسَبِ تقديراتِ الحزب. اليمنُ هو الطبَقُ الأساسيُّ لكلامِ الأمينِ العامِّ، ليتوزّعَ الكلامُ الرئاسيُّ بين الليلةِ ليلة أمس وختامِ مسيرةِ الغد اليوم . لكنْ قبلَ أن يتعشّى السيد نصرالله بالرئيس تغدّاهُ الرئيس نبيه برّي على مائدةٍ جمعتْه والمرشّحَ سليمان فرنجية. الأطباقُ الافتراضيةُ لغداءِ عين التينة مكوّناتُها تشجيعٌ مِن رئيسِ المجلسِ لزعيمِ تيارِ المرَدة على الاستمرارِ في الترشّح وعدَمِ تركِ برّي معارِضاً شبهَ وحيدٍ لانتخاب ِميشال عون رئيساً، وهذا ما ظَهَرَ تصريحاً في كلامِ فرنجيّة عندما شَكرَ لرئيسِ المجلسِ موقفَه الداعم، وقال إنّ المواقفَ كانت متقاربةً بينَنا، وقدِ اتّفقنا أن نكونَ معَ بعضِنا في السرّاءِ والضّراء، معلناً أنّه مستمرٌّ في ترشيحِه حتى ولو بقِيَ معه نائبٌ واحد، ولن يتراجع. داعياً العماد عون إلى نزولِ جلسةِ الحاديِ والثلاثينَ مِن تِشرين وانتخابِ رئيسٍ تحقيقاً لمبدأِ الديمقراطيّةِ الوارد في كلامِ عون أخيراً، وبتراشقٍ عن بُعدٍ بينَ المرَدة والتيار تحدّث فرنجيّة بوصفِه قوياً في طائفتِه وعروبيّتِه، فيما قال الوزير جبران باسيل إنّ بعضَ الضعفاءِ يتضرّرون مِن تفاهمِ الأقوياء، لكنّ تغريدةً واحدةً مِن قائمٍ بالأعمال كانت أقوى من الجميع قبل أن تُحذَفَ وتوضِعَ في إطارِها التاريخيّ وتَترُكَ اللبنانيّينَ في تساؤلٍ مِن أمرِ رئيسِهم غامضِ الملامحِ العربيّةِ إلى اليوم الآن . وإذا كانت المملكةُ لم تقلْ كلمتَها في الرئيس وتَرَكَتِ اللبنانيّين وشأنَهم، فإنها أيضاً لم تُعلن مسؤوليّتَها بعدُ عن قصفِ القاعةِ الكبرى في صنعاء، لكنْ في بيانِ الأسفِ المرسَلِ إلى مجلسِ الأمن أكثرُ مِن اعترافٍ ضِمنيّ، والاعترافُ الموثّقُ أمميّاً حملَه تصريحُ الأمينِ العامّ للأممِ المتحدةِ بان كي مون الذي تحدّث عن هجَماتٍ جويةٍ مِن قِبل التحالف بقيادةِ السُّعوديةِ مطالباً بمحاسبةٍ سريعةٍ على كلِّ الأفعالِ المروّعةِ في اليمن، والمحاسبةُ هي طرَفُ الخيطِ الذي سيقودُنا إلى دورٍ «إسرائيليٍّ» قاد التحالفَ إلى ضرَباتٍ جويةٍ بعد إغرائه بصيدٍ ثمين في مجلس العَزاء. زوّدت «إسرائيلُ» قواتِ التحالف الذي تقودُه السعودية معلوماتٍ عن وجود ِالرئيس السابق علي عبدالله صالح بين المعزّين في القاعةِ الكبرى، إضافةً إلى مسؤولين حوثيّين، لتقعَ المجزرةُ ويَتِمَّ تصنيفُها غداً اليوم على أنّها جريمةُ حربٍ تُحالُ إلى المحكمةِ الجنائيّةِ الدوليّة، عندئذٍ يصبحُ لـ«إسرائيلَ» زملاءُ في المهنة ولن تكونَ وحدَها في عالمِ الجرائم ضِدَّ الإنسانيّة، وفي هذه المرحلةِ فقط تبدأُ المساوماتُ الدَّوليةُ والعربية.
«ال بي سي»
الجمهورية في حالها الراهنة اليوم الآن تشبه حادث الدهس الذي وقع فجر اليوم أمس على أوتوستراد الكرنتينا، الرجل الستيني يحيى الحجيري الذي كان عائداً من مستشفى الكارنتينا بعدما وفّر دواءً لولديه المعوّقين ربما كان بإمكانه أن يعبر الأتوستراد عبر جسر المشاة، لكن آثر المخاطرة فصدمته سيارة، ثمّ تلاحقت الصدمات ليتحوّل إلى أشلاء. هكذا الجمهوريّة هناك جسر اسمه الدستور لكن لا أحد يريد عبوره، بل يريدون العبور إمّا من تحته وإمّا القفز من فوقه. وهذا ما يتسبّب في تحوّل الوطن إلى أشلاء. حادثة الاصطدام وتأخّر سيارة الإسعاف وإجراءات قوى الأمن الداخلي بقطع الأوتوستراد على عرضه، حوّل الأوتوستراد من الكرانتينا إلى نهر الكلب إلى سجن كبير علّق الناس في سياراته.
المسافرون تأخّروا عن مواعيد رحلاتهم، المرضى تأخّروا عن المستشفيات، الموظفون تأخّروا عن دواماتهم. هكذا الجمهورية منذ أن تعثّر انتخاب رئيس منذ سنتين و4 أشهر، وقعت مؤسّسات الدولة في سجن كبير، تأخّر الجميع عن اللحاق بما يجب أن يكونوا عليه.
الأوتوستراد معبر إلزامي في غياب البدائل، تماماً كما الدستور معبر إلزامي في الجمهورية في غياب البدائل، وما لم يتمّ اعتماد جسر المشاة، سيبقى العابرون يسقطون ضحايا، تماماً إذا لم يتمّ اعتماد الدستور ستبقى المؤسّسات تسقط ضحايا الواحدة تلو الأخرى.
أفاق اللبنانيّون على صدمة توقّف السير بسبب حادثة الكارنتينا، ونهاراً انشغلوا بالحدث السياسي المتمثّل في ما أعلنه رئيس تيار المرَدة سليمان فرنجيّة بعد زيارته للرئيس برّي، إذ قال: نؤكّد الاستمرار في ترشيحنا حتى لو بقيَ معنا نائب واحد، ولينزل العماد عون والجميع إلى جلسة 31 من الجاري، وليربح من يربح والخاسر يهنّئ الرابح.
هذا الكلام سُمع في الرابية التي تتحضّر للأحد الكبير.
«ام تي في»
ثلاثة أمور ميّزت المشهد الرئاسي، الأول الزيارة المفاجئة للنائب سليمان فرنجيّة إلى عين التينة والمواقف الناريّة التي أطلقها بعدها، ففرنجيّة أعلن بعدما تغدّى مع الرئيس نبيه برّي أنّه لن يتراجع عن ترشّحه ولو بقيَ معه نائب واحد، داعياً العماد عون للنزول إلى جلسة 31 تشرين وليفز من يحظى بالأكثرية. الإيمان المتجدّد لفرنجيّة باللعبة الديمقراطيّة ولو أتى متأخراً أفضل من أن لا يأتي أبداً، وهو يطرح تحدّياً على العماد عون، فهل يقبل عون التحدّي الديمقراطي؟
الأمر الثاني الذي ميّز النهار جولة الوزير باسيل على عدد من القيادات السياسيّة، وقد شدّد باسيل في هذه اللقاءات على عدم وجود اتفاقات تحت الطاولة، معتبراً أنّ هناك فرصة جديّة لإحداث خرق في الملف الرئاسي.
يبقى الأمر الثالث، ويتعلّق بالتداعيات الناتجة من تغريدة القائم بالأعمال السعودي أمس أمس الأول ، حيث تبيّن أنّ ما كتبه الدبلوماسي السعودي يعبّر عن رأيه الشخصي فقط، علماً أنّ أطرافاً كثيرة دخلت على الخط لتوحي أنّه موقف المملكة، وبالتالي لتحمّل المملكة مسؤوليّة تعثّر وصول عون إلى قصر بعبدا.