انفجار العلاقة بين العراق وتركيا يُربك معركة الموصل وواشنطن… فتصفع أنقرة نصرالله: نرحّب وننتظر… وباسيل في جولة على الحلفاء… وفرنجية مرشّح

كتب المحرّر السياسي

الارتباك الأميركي الذي يزداد ويتحوّل بروداً وغياباً عن السمع كلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي مطلع الشهر المقبل، ويصير نوماً عميقاً لستة شهور تلي على الأقلّ، فرض للميدان العسكري الكلمة الفصل في جبهات سورية واليمن والعراق، حيث محور المقاومة يمسك بزمام المبادرة، من دون أن تتخلى حليفته الكبرى روسيا عن مواكبة إنجازاته الميدانية بجسّ نبض مستمرّ لمدى توليدها دينامية العودة للتفاهمات في ايّ لحظة يمكن لاقتراب هزيمة قاسية لحلفاء واشنطن أن يستثير حركة دراماتيكية منها تعيد الاعتبار للتفاهم مع موسكو.

يحاول الفرنسيون والبريطانيون ملء الفراغ الأميركي بحركة تبدو بلا بركة، بعد ما وصفه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالإهانة التي لحقت ببلاده باستخدام روسيا حق الفيتو ضدّ مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن الدولي، وترتّب عليه رعونة فرنسية في التعامل مع الزيارة التي كانت مقرّرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باريس بكلام عصبي لهولاند عن تفكيره بجدوى مقابلة بوتين، ثم عاد وصحّحه بالقول إنه يفضل حصر اللقاء بالبحث في الملف السوري، لكن كان الرئيس الروسي قد اتخذ قراره بإلغاء الزيارة.

كان هولاند قد أعدّ لملاقاة بوتين بتظاهرات في المطار، بينما كان وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون يقدّم جواباً للنواب حول ما يمكن فعله بوجه الموقف الروسي بقوله إنه يقترح تنظيم تظاهرات أمام السفارة الروسية.

الارتباك الأميركي نفسه كان وراء سعي تركيا لملء الفراغ في الجبهتين السورية والعراقية، عبر العمل العسكري البطيء والحذر في سورية بما لا يفجّر العلاقة مع موسكو، والسعي لفرض حضور مباشر في العراق بالرهان على عجز واشنطن عن إغضاب أنقرة على أبواب معركة الموصل التي تنتظرها واشنطن وتستعدّ لها، لكن الكلام الأرعن للرئيس التركي رجب أردوغان على طريقة هولاند وحماقته رتب ردوداً عراقية غاضبة اجتمع فيها الطيف العراقي السياسي وراء رئيس الحكومة حيدر العبادي، بمطالبة الأميركيين بموقف واضح، وتخييرهم بين التعاون مع بغداد أو تغطية التصرفات التركية التي تستخفّ بالعراق وحكومته، ما استدعى موقفاً أميركياً صفع أنقرة بالقول إنّ أيّ دور عسكري في العراق يجب أن يتمّ برضا حكومته، وتحت قيادة قوات التحالف ضدّ داعش الذي تقوده واشنطن، وكانت واشنطن قد قالت إنّ الانتشار التركي في العراق ليس من ضمن ترتيبات هذا التحالف ولا يحظى بتغطيته.

مصادر عراقية مقرّبة من رئيس الحكومة حيدر العبادي قالت لـ»البناء» إنّ الموقف العراقي لن يتوقف عند حدود الذهاب لمجلس الأمن بسرعة طلباً لقرار يلزم تركيا بسحب قواتها ويدين تصريحات رئيسها، وتقيس على التعامل مع هذا الأمر علاقاتها بالدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بل إنّ تنظيم مقاومة شعبية لما وصفته بالاحتلال التركي أمر طبيعي، ولا يمكن للحكومة منع الشعب العراقي وقواه الوطنية من سلوكه كطريق للدفاع عن كرامة بلدهم.

لبنانياً، يحضر الاستحقاق الرئاسي في الزيارات التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر للحلفاء وشملت الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أكد رئيسه الوزير السابق علي قانصو الحاجة لتفاهمات تتسع للجميع، لأنّ الثنائيات والثلاثيات جرّبت ولا جدوى منها، كما شملت زيارات باسيل حزب الطاشناق ورئيسه النائب هاغوب بقرادونيان والحزب الديمقراطي اللبناني ورئيسه النائب طلال أرسلان، بينما كان النائب سليمان فرنجية يزور رئيس المجلس النيابي نبيه بري مؤكداً مواصلة ترشحه الرئاسي «ولو بقي معي نائب واحد»، داعياً الجميع للمشاركة في جلسة نهاية الشهر الحالي لانتخاب رئيس.

الأنظار كانت أمس، تنتظر إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي قدّم صورة للمشهد الدولي والإقليمي عنوانها تصاعد التوتر وتراجع فرص التسويات، من سورية إلى اليمن، مؤكداً على الثبات في الميدان السوري، داعياً السعودية للتنبّه من خطورة المضيّ في التورّط بالدم اليمني «الذي سيجرفها»، وفي الشأن اللبناني كانت كلمة السيد نصرالله دعوة لاستثمار الفرصة الرئاسية بعيداً عن محاولات إثارة الفتن بين حزب الله وحلفائه، بالاستثمار على صناعة التفاهمات، مؤكداً أنّ حزب الله لم يغيّر ولم يبدّل ولا يزال على موقفه وتأييده للمرشح العماد ميشال عون، وجهوزيته للتجاوب مع أيّ فرصة لتأمين وصوله للرئاسة.

هزيمة السعوديين مهما طال الزمن

أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، جرياً على العادة في الليلة العاشرة من محرم بين الجموع، متحدياً الإرهاب الإسرائيلي والتكفيري. تحدّث السيد نصر الله نحو ساعة وعشر دقائق من مجمع سيد الشهداء في الرويس بالضاحية الجنوبية، في الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

أكد السيد نصر الله الصمود والبقاء في سورية واستمرار المعركة لفرض الحل السياسي. فسورية كانت ولا تزال وستبقى العقدة الاساسية في محور المقاومة، ولا أفق سياسي في المدى المنظور بعد تعطيل واشنطن للاتفاق الروسي الاميركي. أما في اليمن، فرأى أن المجزرة التي وقعت في صنعاء فسيرتد خطرها على تماسك المملكة العربية السعودية، وستنتهي معركة اليمن بهزيمة السعوديين مهما طال الزمن، فهناك رهان يتوقف على مزيد من انقلاب في معادلات القوة في الحرب اليمنية، ومزيد من السقوط السعودي ودخول عوامل جديدة الى معادلة الصراع.

وتؤكد مصادر مطلعة لـ»البناء» أن الأمين العام لحزب الله وصف الأمور بقراءة تظهر سوداوية المشهد الدولي والإقليمي وتبعد أي أمل بحل قريب. صحيح أن السيد نصر الله لم يتوقع انفجاراً بين الدول المتناثرة لكنه رسم في العلاقات الدولية مشهداً يظهر فيه التوتر في كل المجالات، وغابت عنه أية فرصة للحوار او للتفاهم او للحل، وبالتالي ومن خلال هذا المشهد لم يتوقع السيد حلولاً سياسية للازمات الراهنة لأي دولة عربية على الإطلاق بسبب التوتر في العلاقات الدولية. ورغم ان السيد لم يلمح الى ذلك صراحة، فإن «مسار الأمور سيكون الميدان في ظل انغلاق المسار السياسي».

لا توظيف لما يجري في المنطقة بلبنان

في الملف المحلي، أظهر السيد نصر الله تفاؤلاً بإمكانية السير بحل لبناني داخلي بمعزل عن التعقيدات في المنطقة. ونفى مفهوم الصفقات التي تعقدها أطراف ثنائية على حسب الاطراف الأخرى. وهو المفهوم الصفقات الذي يعطل الحل، لا بل يضع العراقيل في وجهه. وشجع السيد نصر الله على إجراء التفاهمات بين مختلف الأفرقاء مركزاً على نقطة مركزية وأساسية في ما يتعلق برؤيته في الملفات اللبنانية وارتباطها بالمنطقة، وكان واضحاً قوله إنه لا يريد أن يوظف شيئاً من تطورات المنطقة في لبنان، كما أنه لا يعتزم مطلقاً ان يستجيب لبعض الأصوات التي تريد ربط لبنان بملفات المنطقة. وكان لافتاً تأكيده على شجاعة الرئيس سعد الحريري في ما لو مضى قدماً في ترشيح الجنرال عون رسمياً، لأن في هذا الترشيح انهاء مأزق الرئاسة في لبنان ووضع الامور في نصابها، مطالبًا اللبنانيين بأن يبذلوا خلال الاسابيع القليلة جهودهم الكاملة للتفاهم والتلاقي وحسم خياراتهم لانتخاب الرئيس وبعدها للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، مشدداً على «أننا أهل الصدق والوفاء وأهل الالتزام بالموقف، هكذا كنا وهكذا نبقى».

المحك أن يُظهر الرئيس الحريري نياته

وشددت المصادر المطلعة نفسها لـ «البناء» على «أن السيد نصر الله فصل الملف الرئاسي عن الأحداث في المنطقة، ودعا الى تفويت الفرصة على المتآمرين الذين يحاولون إيقاع الخلافات بين الرئيس نبيه بري والعماد عون من جهة وبين حزب الله والجنرال من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه، بين حزب الله والرئيس بري. ودعا إلى فصل النيات الحسنة عن النيات الخبيثة، فالمحك ان يُظهر الرئيس الحريري نياته. وشددت المصادر على ان «تمسك حزب الله وصموده في دعم خيار ترشيح الجنرال عون على مدى سنتين ونصف هو الذي دفع الرئيس الحريري الى إطلاق هذه المبادرة».

لقاء مرتقب بين بري وباسيل

وإلى أن يعود الرئيس سعد الحريري من جولته الخارجية التي بدأها بالرياض مساء أمس، ويبنى على مشاوراته مقتضاها تجاه ترشيح الجنرال ميشال عون، يتوقع أن تحمل الأيام المقبلة لقاء بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لوضعه في إطار ما يجري على خط بيت الوسط الرابية.

«القومي» في لقائه باسيل: لتفاهمات شاملة تنهي الأزمة

وجال باسيل للغاية نفسها على رأس وفد من التيار على عدد من القيادات الحزبية في إطار المشاورات الرئاسية المستمرة. وزار باسيل على رأس وفد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو، بحضور عضو المجلس الأعلى النائب أسعد حردان وعميد الإعلام معن حمية، وأشار قانصو الى أن وفد قيادة التيار الوطني الحر برئاسة الوزير باسيل وضَعَنا في صورة الحراك الرئاسي ومستجداته، ونحن أعربنا عن تمنياتنا أن تتوصل الجهود المبذولة هذه المرة، إلى تفاهمات تخرج لبنان من أزمته السياسية. ودعا إلى تفعيل التواصل والتفاعل بين جميع القوى السياسية، فالثنائيات، والثلاثيات، وغيرهما من الصيغ المماثلة، هي صيغ جربت في مراحل سابقة وثبت عدم جدواها. وحدها الصيغ المفتوحة التي يشارك فيها الجميع قادرة على صياغة الحل لأزمتنا السياسية.

لا صفقات ثنائية

كما التقى وفد التيار الوطني الحر رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان والأمين العام للطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان. ولفتت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى «أن الجولة حملت تأكيداً أن لا اتفاقيات ثنائية أو صفقات مع الرئيس سعد الحريري، وأن كل ما جرى من تفاهم مبني على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً مقابل تسمية الرئيس الحريري رئيساً للحكومة».

وعلمت «البناء» أن الوزير أرسلان عرض خلال لقائه الوفد أن يلعب دوراً تجاه بنشعي إذا كان لدى التيار الوطني استعداد للتواصل مع الوزير سليمان فرنجية».

وأجرى رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون أمس اتصالاً هاتفياً بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أثنى فيه على مواقف الراعي. وكان الاتصال مناسبة لعرض آخر التطورات بشأن الاستحقاق الرئاسي الذي حضر في لقاء الراعي والسفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد ومنسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ.

فرنجية مستمر بترشحه

وحمل يوم أمس، أيضاً مواقف رئاسية لرئيس تيار المرده من عين التينة، بعد وليمة غداء اقامها الرئيس بري على شرفه ونجله طوني. وأكد فرنجية أنه مستمر بترشيحه ولن يتراجع ولو بقي معه نائب واحد، وقال: «نحن أقوياء بعروبتنا وبوطنيتنا ولست متقوقعاً في طائفتي أو متخلٍ عنها». ودعا رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الجميع للمشاركة في جلسة الانتخاب المقبلة و «ليربح مَن يربح».

بري لا يدخل في لعبة الأسماء

وأكدت مصادر عين التينة لـ «البناء» «أن اللقاء بين الرئيس بري والنائب فرنجية مقرر منذ خمسة أيام وليس وليد لحظته». وأشارت المصادر إلى «أن موعد لقاء الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر لم يحدد بعد، من دون أن تستبعد المصادر عقد الاجتماع قبل سفر رئيس المجلس الى جنيف». وشددت المصادر على «أن الرئيس بري لم يتحدث في اجتماع هيئة مكتب المجلس او سواه من الاجتماعات عن العماد عون لا سلباً أو إيجاباً، ولا يضع فيتو على اسمه ولم يدخل في لعبة الأسماء. فهو يؤكد على التفاهمات الوطنية المعبر لإنهاء الازمة وانتخاب الرئيس».

لا ضوء أخضر سعودي

ورأت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن المناخ العام الذي عبر عنه الوزير بو فاعور بعد عودته من الرياض، يؤكد أن لا ضوء أخضر سعودي للرئيس سعد الحريري، غامزة من تعليق بو فاعور أول أمس من عين التينة على زيارته السعودية بـ «تي تي تي تي» .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى