نصرالله: سنبقى في ساحات الجهاد وأعيننا مفتوحة على «إسرائيل» والتكفيريّين

أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المسار الإيجابي في البلاد، آملاً أن يمضي المسار الرئاسي إلى النتائج المطلوبة، وداعياً الحكومة إلى العمل والاهتمام بالملفات الضاغطة، وأشارإلى أنّ أعين المقاومة ستبقى مفتوحة على «إسرائيل» جنوباً وعلى التكفيريين شرقاً.

وأكّد «أنّنا سنبقى في ساحات الجهاد، ولن نتعب ولن نكلّ ولن نملّ ولن ننهزم ولن ننكسر»، مشيراً إلى أنّ «المجاهدين اليمنيّين مرّغوا أنوف آل سعود في الوحل».

كلام السيد نصرالله جاء في ختام المسيرة العاشورائيّة الحاشدة التي نظّمها حزب الله أول من أمس تحت عنوان «التضامن مع الشعب اليمني» لمناسبة ذكرى العاشر من محرّم، والتي حضرها شخصيّاً في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.

و قال نصر الله: «في البداية يجب أن نتوجّه إلى أرواح الشهداء الذين استشهدوا بالأمس في كابول، عاصمة أفغانستان، وفي أماكن متعدّدة من العراق وفي بغداد. قتلهم التكفيريّون، فقط لأنّهم في موقع المواساة لرسول الله … نسأل الله الرحمة وعلوّ الدرجات لشهداء الوفاء للحسين، ونسأل الله الشفاء العاجل لكلّ الجرحى».

و»سُجّل في هذا العام تراجع حجم الانفجارات والاعتداءات على مواكب الإحياء الحسيني بدرجة كبيرة جداً، إذا ما قيست بالسنوات الماضية، وهذا بفضل جهاد المجاهدين وانتصارات المجاهدين في كلّ الساحات وعلى امتداد الساحات، وهذا بسبب انكسار الكثير من هذه الجماعات التكفيريّة وعجزها عن إلحاق الأذى الشديد، وهي التي تملك كلّ العزم لإلحاق الأذى الشديد».

وتطرّق إلى الشأن اليمني قائلاً: «يبدو للمراقب أنّ حرب اليمن المفروضة سعوديّاً على الشعب اليمني، لم تعدْ، أو لا تبدو أنّها تُخاض على قاعدة تحقيق أهداف سياسيّة، وإنّما باتت معركة تعبّر عن مستوى الحقد والضغينة والانتقام الذي يمارسه النظام السعودي في حق اليمن، أو هذا المستوى من الحرب، هذا الشكل من القتل حيث يطحن البشر والحجر والأطفال والكبار والصغار والشيوخ، ويستهدف كلّ شيء في اليمن.

هذه ليست حرباً لأغراض سياسيّة، هذه حرب الحقد، الحقد الوهابيّ السعوديّ، هذه حرب الضغينة، هذه الحرب التي تريد أن تثأر من إرادة اليمنيّين».

أضاف: «السعودية دائماً كانت تفكّر باليمن أنّه ولاية تابعة للمملكة، وشعبها يجب أن يكون خاضعاً ومستسلماً لإرادة المملكة. أن يخرج شعب اليمن ليعبّر عن إرادته وطلبه للاستقلال وللسيادة وللحرية وللقرار المستقل، ولليمن القويّ، ولليمن العزيز، ولليمن العظيم المعروف تاريخيّاً بالعلم والحضارة عندما كانت نجد غارقة في الصحراء، هذا ينتقم له آل سعود من الشعب اليمني. هذه حرب هذا أفقها، هذه خلفيّتها».

وأكّد أنّ اليمن هذا لم يخضع لهذه الحرب ولم يسقط أمامها، مشيراً إلى «أنّ في اليمن مئات الآلاف من المقاتلين الشجعان، الصابرين، الصامدين، الذين لا تخيفهم لا الجبال ولا الصحاري، قاتلوا أكثر من سنة ونصف وما زالوا يقاتلون، وهؤلاء بشجاعتهم وبصيرتهم وإيمانهم ودفاعهم عن كرامتهم وشعبهم وأعراضهم صنعوا الانتصارات وسيصنعون الانتصار، وكما قال الإمام الخامنئي: «في هذه الحرب سيمرّغ أنف آل سعود في الوحل». وأنا أقول لكم، في بداية الحرب قال القائد هذا الكلام، وأنا أقول لكم الآن على الحدود السعودية في المواقع، في الجبال، في التلال حيث يهرب جنودهم، لقد مرّغ المجاهدون المقاتلون اليمنيّون أنوف آل سعود في وحل السعوديّة».

المقاومة في فلسطين

وفي الموضوع الفلسطينيّ، أكّد السيد نصرالله «أنّ العمل البطوليّ والجهاديّ والاستنزافيّ من خلال عمليّات المقاومة داخل فلسطين المحتلة سيُفهم «الإسرائيليّين» الآتين من كلّ أنحاء العالم ليحتلّوا أرض غيرهم أنّ أرض فلسطين ليست أرض اللبن والعسل، وإنّما هي أرض الموت والخسارة والدم، وأنّ على «الإسرائيليّين» الغزاة أن يعودوا مع عائلاتهم إلى البلدان التي جاؤوا منها، هذا هو هدف المقاومة في فلسطين ورسالتها».

ورأى أنّ «مجاملة «الإسرائيليّين» في مناسبة عزاء أو مناسبة فرح لن تقدّم شيئاً للشعب الفلسطينيّ ولا القضيّة الفلسطينيّة. إنّ مجاملة الأميركيّين لن تقدّم شيئاً سوى أن يحصل المجامل على كلمة مديح، أمّا «إسرائيل» فهي التي تحصل دائماً من الأميركيّين على أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكريّة، وعشرات مليارات الدولارات، والفيتو في مجلس الأمن الدوليّ، والدعم اللامحدود من قِبل الإدارات الأميركيّة المتعاقبة. ومن يتابع الآن هيلاري كلينتون و دونالد ترامب، سيجد أنّهما يتنافسان في الإعلان عن الدعم المطلق لـ«إسرائيل»، أمّا فلسطين وشعب فلسطين ومظلومو فلسطين، فليس لهم مكان في كلّ المناظرات الأميركيّة».

وتابع: «إذاً، ليس هذا هو الطريق، الطريق هو طريق الشهداء والمجاهدين، الطريق الذي أكّده قبل أيام الشهيد مصباح أبو صبيح كمجاهد استشهاديّ، وأكّدته ابنته أيضاً من خلال الوعي والبصيرة والافتخار بجهاد المجاهدين وتضحيات الشهداء. وأكّدت هذه العملية البطوليّة أنّ الشعب الفلسطيني، وبالرغم من كلّ الأوضاع السيّئة في المنطقة والمثبّطات، يعي طريقه ومصيره ويواصل دربه بالأشكال المختلفة».

وأكّد أنّنا «في لبنان مع شعب فلسطين في موقع واحد ومعركة واحدة ومصير واحد، نقف اليوم أيضاً لنجدّد انتماءنا إلى الموقف نفسه، وإلى المصير نفسه وإلى المعركة نفسها».

وفي الشأن العراقي، أكّد السيد نصرالله أنّ «العراقيّين يتّجهون إلى حسم معركتهم المصيريّة مع تنظيم «داعش»، وانتقلوا من نصر إلى نصر، صنعته قوّاتهم المسلّحة وحشدهم الشعبي وعشائرهم من السنّة والشيعة والأكراد والعرب والتركمان»، معتبراً أنّ «ليس لديهم أيّ خيار سوى المضيّ في طريق استئصال هذه الغدّة السرطانيّة التي أذاقت كلّ العراقيّين من شيعة وسنة وإيزديّين ومسيحيّين وأكراد وتركمان العذاب والآلام والمعاناة، وارتكبت بحقّهم المجازر».

وكرّر أنّ الأميركيّين يريدون «تكديس «داعش» في المنقطة الشرقيّة من سورية»، موضحاً للعراقيّين أنّ هذا سيؤدّي إلى «استغلال تواجدها العسكريّ والأمنيّ في المنطقة الشرقيّة، يعني على الحدود الغربيّة للعراق، لتنفيذ عمليّات أمنيّة وإرهابيّة وانتحاريّة حيث تصل أيديها في داخل العراق، وستجدون أنفسكم لتوقفوا هذه العمليات الانتحاريّة والتكفيريّة مجبرين أن تدخلوا إلى المنطقة الشرقيّة من سورية».

أضاف: «سوف تحشد «داعش» لتعود من جديد إلى العراق، أساساً قبل سنوات عندما كانت الأنبار وصلاح الدين ومحافظة نينوى الموصل في يد الحكومة العراقيّة، من أين دخلها «داعش»؟ دخلها من الرقة، من دير الزور، من المنطقة الشرقيّة في سورية. إذاً، هذا الخداع الأميركي سيضيّع انتصاركم في الموصل، الانتصار العراقي الحقيقي هو أن تُضرب «داعش»، وأن يُعتقل قادتها ومقاتلوها ويُزجّ بهم في السجون ويحاكموا محاكمة عادلة، لا أن يُفتح لهم الطريق إلى سورية، لأنّ وجودهم في سورية سيشكّل خطراً كبيراً على العراق قبل كلّ شيء».

فرج البحرين من اليمن

وحيّا في شعب البحرين «وفاءه لقائده و لقضيّته، وصموده وعزمه على مواصلة المسيرة، وعدم التخلّي عن أهدافه وحقوقه المشروعة التي قضى من أجلها الشهداء من رجال ونساء البحرين، وأصيب من أجلها الجرحى، ويقضي من أجلها خيرة علماء ورجال وشباب البحرين زهرة شبابهم في السجون». وتوجّه إليهم بالقول: «اصبروا وصابروا ورابطوا على الحقّ الذي أنتم عليه، لأنّ الذين يقفون خلف ظلمكم وحصاركم يتّجهون إلى الهاوية وإلى السقوط، إن شاء الله، ببركات المجاهدين اليمنيّين الذين سيُسقطون آل سعود في الهاوية، وسيكون فرج شعب البحرين المظلوم».

وقال: «في يوم العاشر، نرفع الصوت لنلفت العالم، وخصوصاً الشعوب الحيّة، إلى هذه القضيّة في البحرين، وإلى هذه المظلوميّة ليتحمّل الجميع مسؤوليّته».

موقفنا ثابت في الملف الرئاسي

وختم بالحديث عن الشؤون اللبنانيّة، فأكّد «المسار السياسي الإيجابي في البلد بمعزل عن صراعات المنطقة وانقسامات اللبنانيّين حولها، وأن يمضي المسار في الملف الرئاسي إلى النتائج المطلوبة، وقد قلت إنّ موقفنا واضح وثابت وحاسم، ولا يحتاج في كلّ يوم إلى إعادة وإلى تكرار».

ودعا «الحكومة، بمعزل عمّا يفصلها عن الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة، إلى العمل الدؤوب والجادّ والاهتمام البالغ بالملفات الضاغطة على اللبنانيّين، من بيئة وصحة ونفايات وليطاني وماء وكهرباء وطرقات وبطالة، ولا يجوز بأيّ شكل من الأشكال تحت ذريعة الترهّل السياسي أن تتوقّف الحكومة عن أداء مسؤوليّتها».

وأكّد أنّ عين المقاومة «ستبقى على «إسرائيل»، عينها على الحدود الجنوبيّة. ونحن في حزب الله نتابع كلّ ما تقوله «إسرائيل»، وما تفعل وما تحضّر وما تتآمر وما تهدّد وما يصيبها من نقاط ضعف وما تُراكم من نقاط قوة». وقال: «المقاومة الإسلاميّة في لبنان لن تُخلي الميدان في مواجهة «إسرائيل»، ونحن ندرك جيداً أنّ الذي يحمي بلدنا في مواجهة «إسرائيل» ليست العوامل السياسيّة، بل قوة لبنان التي تتمثّل في جيشه وشعبه ومقاومته. عندما نغفل عن هذه المقاومة، عن حضورها، عن قوّتها، عن جهوزيّتها، سوف نجد «إسرائيل» تملأ سماءنا وأرضنا، أمّا نحن فلن نغفل».

أضاف: «وكما أنّ عيوننا ستبقى مفتوحة على الحدود الجنوبيّة، هي مفتوحة على الحدود الشرقيّة في البقاع في مواجهة التكفريّين، حيث نتواجد وسوف نبقى نتواجد. سوف نستمر في تحمّل المسؤوليّات الجهاديّة الجِّسام هناك، هناك أبناؤكم ورجالكم وإخوانكم وأزواجكنّ، هناك يدافعون عن الوجود، عن الكرامة، عن المقاومة، عن محور المقاومة، عن شعوب المنطقة، عن فلسطين، عن العرض والشرف والعزّ والتاريخ والماضي والمستقبل».

وتابع: «في هذه المعركة، في هذه الحرب، في هذه السلّة التي فرضها الأميركيّون وآل سعود وحلفاؤهم على سورية وشعبها وعلى المقاومة ومحورها، موقفنا الذي اتّخذناه ونلتزم به ونزداد كلّ يوم بصيرة ووعياً فيه وبه وحوله، هو هذا الموقف الجهاديّ والحضور الجهاديّ في ميادين القتال، لأنّنا نواجه خيارات فرض الحرب التي تذلّنا بمنطق الحسين عليه السلام، الذي بحّت أصواتكم بالأمس ليلاً واليوم منذ الصباح الباكر، ولكن لن تبحّ هذه الأصوات».

وأردف قائلاً: «شهداؤنا من علمائنا وقادتنا ومجاهدينا، جرحانا من رجالنا ونسائنا، دليل على أنّنا لن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، لن نتنازل عن كرامتنا في لحظة من اللحظات، وهذا هو الذي سيبقى موقفنا. هذه رسالة هذه الحشود الآن. أنا إنّما أردت أن أُعيد هذا الشعار عليكم، ليس فقط لنردّد شعاراً، وإنّما لنقول لمن يرانا ويسمعنا في لبنان والمنطقة، بكلّ صراحة، هناك من يراهن على تعبنا وتعبكم، هناك من يراهن على نزيفنا ـ أن يضعفنا الزيف، هناك من يكبّر أعداد شهدائنا، ونحن نفخر بشهدائا مهما كانت أعدادهم كبيرة. هناك من يراهن على محاصرتنا ماليّاً واقتصاديّاً. قبل أسابيع، أحد كبار الصهاينة في الإدارة الأميركيّة السابقة، دينس روس، تعرفونه جميعاً، يقول: «في مواجهة حزب الله بالدرجة الأولى يجب أن نعمل على تشويه سمعة حزب الله كمقدّمة»، هذا الذي كنت أقوله، يريدون أن يجعلوا منّا عصابات مخدرات ومجرمين وقَتَلة ولصوص وحراميّة».

وقال: «هذا غير صحيح، هم يراهنون على تعبنا، يبحثون في الليل وفي النهار على أم شهيد، على زوجة شهيد، على بنت شهيد، لتقول كلاماً يناسبهم ويقومون بتضخيمه، وحتى الآن لم يجدوا أحداً. رسالتكم اليوم التي ستصل من خلال مسيرات عاشوراء أنّنا لن نتعب، ولن نكلّ ولن نملّ ولن ننهزم ولن ننكسر».

وختم السيد نصرالله قائلاً: «عوائل شهدائنا تعتز وتفتخر بشهدائها، لأنّها تعرف حقيقة المعركة التي يقاتل فيها هؤلاء الشهداء، ولا تصغي إلى كلّ أولئك الذين يريدون لنا أن نجلس في بيوتنا، ليأتي «داعش» و«النصرة» والتكفيريّون، ومن خلفهم أميركا، ومن خلفهم آل سعود، ليدمّروا هذه المنطقة ويطحنوا حجرها وبشرها كما يفعلون في اليمن».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى