أديسيات
أديسيات
الجملة التي تقضي على حلم طفل يطلب شيئاً من أهله.
ـ أبي، أنا نجحت في صفّي بعلامات كاملة، هل ستثحضر لي الدراجة التي وعدتني بها؟
ـ إن شاء الله…
لا درّاجة!
ـ هل ستأخذنا إلى البحر في العطلة الصيفية؟
ـ إن شاء الله…
لا بحر ولا حتى نهر في الخطة الخمسية القادمة!
قبل أيام من موعد زفاف أخي، اتصل بي صديق للعائلة من حلب يطلب منّي تأمين غرفة في أحد فنادق دمشق، كي ينزل فيها مع عائلته الصغيرة لليلة واحدة ليلة الزفاف ، وذلك كي لا يُحرج أحداً من أقاربه ومعارفه، «أشعر براحة أكبر في الفندق»، هذا ما قاله لي.
لم أعتمد على الهاتف، جلت على كلّ الفنادق الجيدة والمتوسطة الجودة التي أعرفها لأحجز غرفة لليلة واحدة، ولكن عبثاً. لم أجد غرفة شاغرة واحدة. والسبب، تزامن موعد الزفاف مع الموعد السنوي لمعرض دمشق الدولي.
وقبل أن أفقد الأمل في إيجاد ضالّتي، دخلت هذا الفندق في منطقة جسر فيكتوريا الذي أعرف من بعض الأصدقاء أنه ذو مستوى محترم ونظيف وجيد الخدمة.
وبعد التحية، وردّ التحية بأحسن منها، دار الحوار التالي مع موظف مكتب الاستقبال:
ـ أريد غرفة ليوم واحد بتاريخ كذا لعائلة مكوّنة من ثلاثة أشخاص.
بعد مراجعة الحاسوب والتقليب في الدفتر الذي يحتلّ نصف الطاولة، قال لي:
ـ إن شاء الله…
ـ أرجوك أريد تأكيد الحجز، الجماعة قادمون من حلب.
ـ إن شاء الله…
ـ هل أنت متأكد؟ هل أدفع لك الأجرة كي أطمئنّ أنّني حجزت الغرفة؟
بنبرة لئيمة هذه المرّة من سماحته أشعرتني بضعف إيماني:
ـ قلت لك إن شاء الله…
خرجت من الفندق بعدما سجّل رقم جوّالي وتاريخ اليوم المطلوب، واتصلت بصديقي لأخبره أنني لم أجد إلّا غرفة واحدة، ولكنّني لست متأكداً إن حجزتها أم لا. فالرجل قال لي «إن شاء الله»… أنت وحظك، لربما لا يشاء لحكمةٍ لا يعلمها إلّا هو.
في ليلة الزفاف وتحديداً أثناء الحفلة المقامة بعد المراسم الكنسية، وتحديداً أكثر في الساعة العاشرة ليلاً، رنّ جوّالي باتصال من رقم غريب:
ـ ألو
ـ السلام عليكم، السيد أديس؟
ـ وعليكم السلام، نعم.
ـ هنا فندق ….. وقد حجزتم غرفة لهذه الليلة.
ـ نعم؟ أيّ غرفة؟ آه تذكّرت تذكّرت…
ـ هل سيأتون ضيوفك لاستلام الغرفة؟
أنا: إن شاء الله!
أديس ديرمنجيان